( الصفحه 661 )
له ساتر آخر غير اللحاف وعدمه . وامّا إذا لم يلبس اللحاف ولم يلفّه على بدنه كما إذا ألقاه على رأسه أو منكبيه على ما هو المتعارف في مثله فلا تعتبر فيه الطهارة بوجه لعدم كونه لباساً للمصلّي على الفرض إلاّ انّه لو صلّى معه ولم يكن له ساتر آخر بطلت صلاته لأنّه صلّى عارياً كما لا يخفى .
تتمّة
قد عرفت انّ اعتبار الطهارة في الصلاة ممّا قام عليه الإجماع وتدلّ عليه الروايات الكثيرة ولكن ذلك إنّما هو بالنسبة إلى ما تتمّ الصلاة فيه وحده ، وامّا في غيره ممّا لا تجوز الصلاة فيه منفرداً فالظاهر عدم اعتبار طهارته والنصوص والفتاوى متطابقتان على ذلك وقد جمع نصوصها في الوسائل في الباب الواحد والثلاثين من أبواب النجاسات وهي كثيرة :
منها : موثقة زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) قال : كلّ ما كان لا تجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس بأن يكون عليه الشيء مثل القلنسوة والتكة والجورب .
ومنها : مرسلة حمّاد بن عثمان عمّن رواه عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يصلّي في الخفّ الذي قد أصابه القذر فقال : إذا كان ممّا لا تتمّ فيه الصلاة فلا بأس .
ومنها : رواية زرارة قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : إنّ قلنسوتي وقعت في بول فأخذتها فوضعتها على رأسي ثمّ صلّيت فقال : لا بأس .
ومنها : مرسلة إبراهيم بن أبي البلاد عمّن حدّثهم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا بأس بالصلاة في الشيء الذي لا تجوز الصلاة فيه وحده يصيب القذر مثل القلنسوة والتكة والجورب .
ومنها : مرسلة عبدالله بن سنان المتقدّمة في بحث المحمول .
( الصفحه 662 )
فأصل الحكم ممّا لا إشكال فيه وإنّما الكلام في المراد ممّا لا تتمّ فيه الصلاة وحده ويجري فيه احتمالات :
الأوّل : أن يكون المراد منه هو عدم تمامية الصلاة فيه لأجل عدم كونه ساتراً للعورة بوجه ولو مع تغيّر هيئة وتبديل مكانه بل ولو مع الاستعانة بخيط ونحوه .
الثاني : أن يكون المراد هو عدم تمامية الصلاة فيه من دون تصرّف فيه بتغيير الهيئة وتبديل المكان أصلا .
الثالث : أن يكون المراد ذلك من دون تغيير للهيئة ولو مع تبديل المكان الذي جعل ذلك لباساً له .
والاحتمال الأوّل مستلزم لعدم كون كثير من الاُمور المذكورة في الروايات مثالا لما لا تتمّ مصداقاً له أصلا كالخف والجورب بل التكة في بعض الموارد والقلنسوة ضرورة أن تغيير الهيئة في مثلها وتبديل مكانه يوجب أن يصير ساتراً للعورة .
كما انّ الاحتمال الثاني مستلزم لعدم كون القميص القصير المتداول بين الأعاجم الذي لا يكون ساتراً للعورة داخلا فيما تعتبر طهارته لعدم كونه ممّا تتمّ الصلاة فيه وحده بناء على هذا الاحتمال كما انّه يوجب أن يكون الخفّ ممّا لا يتمّ دائماً مع أنّ مرسلة حمّاد المتقدّمة تدلّ على أنّ الخفّ على قسمين قسم تتمّ فيه الصلاة وقسم لا تتمّ مع أنّ الظاهر انّ الخف لا يستر أزيد من الساق .
فيتعيّن الاحتمال الثالث الذي مرجعه إلى أنّ المراد بما لا تتمّ الصلاة فيه وحده هو ما لا يكون ساتراً للعورة مع هيئته الفعلية ولو مع تبديل موضعه الذي جعل ذلك لباساً له إنّما الإشكال في مثل العمامة الملفوفة التي تستر العورة إذا فلّت فقد صرّح الصدوق (قدس سره) في محكي كلامه بجواز الصلاة في العمامة المتنجّسة معلّلا بأنّه ممّا لا تتمّ فيه الصلاة ونقله عن أبيه ويدلّ عليه صريحاً رواية الفقه الرضوي ولكن في العروة
( الصفحه 663 )
التصريح بعدم العفو إلاّ إذا خيطت بعد اللفّ بحيث تصير مثل القلنسوة ووجهه بعد عدم حجّية الفقه الرضوي عدم دلالة الروايات المتقدّمة على جواز الصلاة في العمامة المتنجّسة لعدم كونها ممّا لا تتمّ لأنّ العمامة المتعارفة في حدّ ذاتها ثوب تجوز فيه الصلاة سواء لفّت على الرأس ليصدق عليه العمامة أم لم تلفّ بل شدّ على الوسط ليصدق عليه اسم الازار والمئزر والفل والفك لا تخرجان العمامة عن موضوع اللباس وبهذا تفترق عن التكة والجورب ونحوهما حيث لا تتمّ فيه الصلاة إلاّ بالعلاج بالخياطة أو غيرها ممّا يخرجهما عن عنوان التكة والجورب .
هذا ولا يبعد أن يقال بناء على الاحتمال الثالث المتقدّم في معنى ما لا تتمّ بأنّ العمامة أيضاً من مصاديق ما لا تتمّ لأنّها عنوان للثوب الملفوف بالكيفية الخاصة ضرورة انّ الثوب قبل اللف لا يصدق عليه العمامة أصلا فهي عبارة عن الهيئة المخصوصة وهي مع عدم تغيّرها لا تكون ساترة للعورة نوعاً ، وسهولة تغيير الهيئة وكذا إيجادها لا توجب الفرق بينها وبين القلنسوة أو العمامة فيما إذا كانت مخيّطة كما انّه لا استبعاد في الفرق بينها وبين الثوب قبل اللف في جواز الصلاة فيها متنجّسة وعدمه كما لا يخفى ولكن الاحتياط لا ينبغي تركه .
ثمّ إنّ التفصيل بين ما تتمّ وما لا تتمّ بعدم اعتبار طهارة الثاني في صحّة الصلاة لا يختص بالثوب بل يجري في المحمول أيضاً بناء على اعتبار طهارته سواء كان المستند فيه مرسلة عبدالله بن سنان المتقدّمة المصرّحة بالتفصيل في كلّ ما كان على الإنسان أو معه أو كان المستند صحيحة زرارة المتقدّمة باعتبار إسناد الإمام (عليه السلام)الطهارة إلى نفس المصلّي أو كان المستند إلغاء العرف خصوصية الثوبية أو كان المستند صدق عنوان الصلاة في النجس لعدم الفرق في شيء من ذلك بين الثوب والمحمول أصلا ، هذا مضافاً إلى أنّ موثقة زرارة المتقدّمة الدالّة على أنّ كلّ ما كان
( الصفحه 664 )
لا تجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس بأن يكون عليه الشيء عامّة تدلّ بعمومها على حكم المحمول أيضاً بعد صدق الصلاة فيه عليه أيضاً كما عرفت فالتفصيل لا يختص بالثوب .
نعم يظهر من الحلّي في السرائر الاختصاص وانّ المحمول لا تجوز الصلاة فيه مطلقاً إذا كان متنجّساً مستدلاًّ بعدم ثبوت إجماع الفرقة على التفصيل فيه ، ولكن هذا إنّما يتمّ على مبناه من عدم حجّية خبر الواحد مطلقاً ، وامّا بناءً على ما هو المشهور من الحجّية فلا ، فالمحمول أيضاً على قسمين ، نعم لو قلنا بالاحتمال الثاني من الاحتمالات الثلاثة الجارية في معنى ما لا تتمّ لكان المحمول مطلقاً ممّا لا تتمّ فيه الصلاة لأنّ صفة المحمولية لا تجتمع مع التمامية كما لا يخفى ولكن عرفت عدم تمامية هذا الاحتمال .
الأمر الثاني من الاُمور المعتبرة في لباس المصلّي الإباحة بأن يكون اللباس مملوكاً للمصلّي عيناً أو منفعة أو كان مأذوناً من قبل المالك في التصرّف فيه وقد فرع عليه في المتن ككثير من العبارات عدم جواز الصلاة في المغصوب وظاهره انحصار مورد عدم ثبوت الإباحة بصورة الغصب مع أنّه قد تتحقّق الحرمة من دون غصب لأنّ الغصب عبارة عن الاستيلاء على مال الغير عدواناً ولو لم يكن هناك تصرّف والتصرّف في مال الغير بدون إذنه حرام ولو لم يكن هناك غصب واستيلاء لأجل عدم التسلّط عليه ، بل يمكن أن يقال : إنّ حرمة تصرّف الغاصب إنّما هي لأجل ذلك وهي حرمة التصرّف بدون إذن المالك لا لأجل كونه تصرّف الغاصب ، وعليه فالغاصب المتصرّف يستحقّ عقوبتين إحداهما للاستيلاء والتسلّط على مال الغير عدواناً والاُخرى للتصرّف في مال الغير بدون إذن المالك ، ومن ذلك يظهر انّ تفريع الغصب غير صحيح بل اللاّزم تفريع عدم جواز الصلاة في
( الصفحه 665 )
الثوب الذي يحرم التصرّف فيه وثبوت الغصب وعدمه لا مدخل له في ذلك أصلا .
وكيف كان فالظاهر انّ اعتبار هذا الأمر في لباس المصلّي لا يكون مستنداً إلى نص لعدم وجود النص في المسألة وعدم كونها مذكورة في الجوامع الأوّلية المعدّة لنقل الفتاوى المأثورة بعين الألفاظ الصادرة عن العترة الطاهرة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ كما انّ ظاهر الشيخ (قدس سره) في كتاب الخلاف ذلك أيضاً حيث استدلّ لاعتبار الاباحة في قبال العامّة القائلين بأجمعهم بجواز الصلاة في الثوب المغصوب بغير الإجماع والاخبار كما سيأتي دليله .
نعم ربّما استدلّ ببعض الروايات الضعيفة أو غير الدالّة ولعلّه يأتي التعرّض له ، وممّا ذكرنا يظهر انّه لا يجوز الاستناد إلى الإجماع في المقام وإن ادّعاه في الجملة في محكي الناصريات والغنية ونهاية الاحكام والتذكرة والذكرى وكشف الالتباس وغيرها لأنّه مضافاً إلى عدم تمسّك الشيخ (قدس سره) به في كتاب الخلاف مع كون دأبه فيه في أكثر المسائل التمسّك بإجماع الفرقة وأخبارهم نقول : إنّه من المحتمل بل المعلوم استناد المجمعين إلى الوجوه الآتية فلابدّ من ملاحظتها وانّها هل تصلح لإثبات اعتبار هذا الأمر أم لا؟ فنقول :
الأوّل : قاعدة الاشتغال وقد استند إليها الشيخ (قدس سره) في الكتاب المزبور قال : «طريقة براءة الذمّة تقتضي وجوب إعادتها لأنّ الصلاة في ذمّته واجبة بيقين ولا يجوز أن يبرئها إلاّ بيقين ولا دليل على برائتها إذا صلّى في الدار والثوب المغصوبين» .
والجواب انّ المقام من موارد جريان أصالة البراءة لأنّه قد شكّ فيه في شرطية أمر زائد وهي إباحة اللباس والمرجع في مثله أصالة البراءة الجارية في جميع موارد دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين سواء كان المشكوك هي الجزئية أو