(الصفحة 135)
الاولى: ان الوجوب كان ثابتا على الموصي و لم يعلم حاله حال الوصية، و انه هل كان شاكّا في بقاء الوجوب او عالما باحد الامرين، من الفعل او الترك، و شك الوصي او الوارث لا يكفي في جريان الاستصحاب، فان المتيقن هو الوجوب الثابت على الموصي، و الشاك هو الوصي او الوارث.
و يدفع هذه المناقشة: انه لو كان بقاء المتيقن في زمان الشك موضوعا للاثربالاضافة الى الشاك، لا مانع من جريان الاستصحاب، كما في المقام، فان بقاء الوجوب يترتب عليه لزوم الاخراج من الاصل على الوصي او الوارث، و ليس.
ذلك. مثل ما إذا شككنا في بقاء دين زيد على عمرو، مع عدم ترتب اثر على البقاء بالنسبة الينا، فلا مجال لهذه المناقشة.
الثانية: ان استصحاب بقاء الوجوب لا يثبت كون الحج الموصى به هو الحج الواجب، لانه لازم عقلي، لبقاء الوجوب حال الوصية.
و يدفعهاان الاثر لا يكون مترتّبا على الوصية الحج الواجب حتى لا يثبت ذلك باستصحاب بقاء الوجوب، بل نفس بقاء الوجوب يكفي في لزوم الاخراج من الاصل، من دون فرق بين صورة الوصية و صورة عدمها، فلا حاجة الى اثبات كون الحج الموصى به هو الحج الواجب.
ثم ان السّيد (قدس سره) في العروة، بعد الحكم بلزوم الاخراج في مورد الاستثناءالمذكور، قال: «و لكنه يشكل ذلك في كثير من الموارد، لحصول العلم غالبا بان الميت كان مشغول الذّمة بدين او خمس او زكاة او حج او نحو ذلك، الاّ ان يدفع بالحمل على الصّحة، فان ظاهر حال المسلم الاتيان بما وجب عليه، لكنه مشكل في الواجبات الموسّعة، بل في غيرها ايضا في غير الموقتة، فالاحوط في هذه الصورة الاخراج من الاصل».
و مراده من الواجبات غير الموسعة و غير الموقّتة، هي الواجبات التي لا تكون
(الصفحة 136)
موقتة بوقت خاص، و لكن قام الدليل على لزوم الاتيان بها فورا، كحجة الاسلام، حيث انه يجب الاتيان بها فورا، و لا تكون موقتة بحيث تصير قضاء بعد خروج وقتها. و يرد عليه حينئذ: انه لو كان ظاهر حال المسلم من جهة الاتيان بما وجب عليه، و عدم مخالفة التكليف معتبرا، لما كان فرق بين الواجبات الموقتة و بين مثل حجة الاسلام، التي يجب الاتيان بها فورا، لعدم الفرق في رعاية التكليف بين اصل الواجب و بين الفورية، التي تجب رعايتها فيه.
و لكن البحث في اعتبار ظاهر حال المسلم، فانه لم ينهض دليل عليه و لم يقم ما يدل على حجيّته، فلا مجال للاعتماد عليه. نعم، في خصوص الواجبات الموقتة تجري قاعدة الشك بعد الوقت، التي يكون دليلها مخصّصا لعموم دليل الاستصحاب. و الظاهر عدم اختصاص جريانها بخصوص المكلف، بل تجري بالاضافة الى من كانت وظيفته الاتيان بما وجب عليه قضاء عند فوته في الوقت، كالولد الاكبر او مطلق الوارث او الوصيّ. و عليه، ففي خصوص الواجبات الموقتة تجري هذه القاعدة، فلا يجب قضائها على الغير، كما لا يجب قضائها على المكلف نفسه في صورة الشك، و امّا في غيرها فالاشكال المذكور في كلام السيّد (قدس سره) بحاله.
ثمّ ان بعض الاعلام فصّل في شرح العروة في موارد الحقوق الماليّة تفصيلا، لا يكون ذكره بنحو الاجمال خاليا عن الفائدة، و ظاهره تسليم ما افاده السيّد (قدس سره) في غير هذه الموارد، مع انّك عرفت ما فيه، فنقول: قد ذكر: ان موارد الاشتغال بالحقوق المالية على ثلاثة اقسام:
الاوّل: ما إذا تعلّق الحق، كالخمس و الزكاة، بعين المال الشخصي، و المال موجود بعينه، و يشك في ان المالك ادّي ما عليه من الحق ام لا.
الثاني: ما إذا تعلق بالعين، و لكن المال غير موجود بعينه، و يشك في ان المالك
(الصفحة 137)
هل ادى خمسه او زكاته قبل تلف المال، او انه تلف قبل اداء الحق، و اشتغلت ذمته به؟
الثالث: ما لو علم بان المالك اتلف المال قبل اداء الحق و انتقل الى ذمته، و يشك في انه هل ادى ما على ذمته ام لا؟
امّا الاوّل: فلا ينبغي الريب في جريان الاستصحاب فيه، لان هذا المال بعينه قد تعلق به الخمس و شك الوصي او الوارث في الاداء، و الاصل العدم، و لا يكفي اجراء اصالة الصحة في اثبات اداء الميت، لان اصالة الصحة تقتضي عدم ارتكاب المالك الحرام، و لا يترتب عليه أيّ اثر اخر، و لذا لا يترتب عليه الاثارالشرعية في العقود و الايقاعات، فلو شك في انه باع داره او كان كلامه باطلا محرّما، لا يحكم عليه بيع داره لحمل فعله على الصّحة، بل غايته انه لم يرتكب محرّما، و من ذلك ما ذكره الشيخ الانصاري (قدس سره) من: انه لو تردد الامر بين ان سلّم او سبّ، لا يجب علينا ردّ السلام، لحمل فعله على الصّحة، و انما يحكم بانه لم يصدر منه السبّ، فاستصحاب عدم الاداء محكّم.
و امّا الثاني: فالظاهر ان استصحاب عدم اداء الخمس لا يؤثر في الضمان، لان المفروض ان المال تلف حينما كان المالك وليّا عليه، و كان جائزا له ان يتلف الخمس و يبدله من مال اخر، و الضمان انما يترتب على التفريط، و هو غير محرز، و استصحاب عدم الاداء لا يثبته.
و امّا الثالث: فالحكم ببقاء اشتغال ذمة الميت و عدمه يبتني بعد انّ اثبات الدين على الميت يحتاج الى ضم اليمين الى البينة، كما انه لا خلاف فيه ظاهرا، على ان اليمين هل تكون جزء متمما للبينة في اصل اثبات الدعوى على الميت، اوان البينة انما تؤثر في الاثبات، و البقاء يحتاج الى ضم اليمين، و مرجعه حينئذ الى الغاء الاستصحاب في البقاء، بل لا بد من اليمين؟ فان قلنا: بأنها جزء متمّم،
(الصفحة 138)مسألة 2 ـ يكفي الميقاتي، سواء كان الموصى به واجبا او منذوبا لكن الاوّل من الاصل و الثاني من الثلث، و لو اوصي بالبلدية، فالزائد على اجرة الميقاتية من الثلث في الاوّل، و تمامها منه في الثاني1 .
مسألة 3 ـ لو لم يعين الاجرة، فاللازم على الوصي ـ مع عدم رضا الورثة او وجود قاصر فيهم ـ الاقتصار على اجرة المثل. نعم، لغير القاصران يؤدّي لها من سهمه بما شاء، و لو كان هناك من يرضى بالاقل منها وجب على الوصيّ استيجاره مع الشرط المذكور، و يجب الفحص عنه ـ على الاحوط ـ مع عدم رضا الورثة او وجود قاصر فيهم، بل وجوبه لا يخلو من قوة، خصوصا مع الظن بوجوده. نعم، الظاهر عدم وجوب الفحص البليغ.
و لو وجد متبرع عنه يجوز الاكتفاء به، بمعنى عدم وجوب المبادرة الى الاستيجار، بل هوالاحوط مع وجود قاصر في الورثة، فان اتى به صحيحا كفى، و الاّ وجب الاستيجار.
و لو لم يوجد من يرضى باجرة المثل، فالظاهر وجوب دفع الازيد، لو كان الحج واجبا، و لا يجوز التأخير الى العام القابل، و لو مع العلم بوجود من يرضى باجرة المثل او الاقل،
فاللازم التمسك في البقاء بالاستصحاب، و امّا ان قلنا: بان الاحتياج الى اليمين انّما هو في البقاء، فاللازم هو الالتزام بعدم جريان الاستصحاب و الغائه في هذاالمورد. و المسألة محررة في كتاب القضاء.
اقول: قد وقع البحث في محلّه ايضا، في: ان الاحتياج الى اليمين هل يختص بمورد تحقق الدعوى على الميت و ثبوت المدّعى، او يعم صورة عدم المدعى؟ بل كان الوارث عالما بثبوت الدين على مورّثه و شاكّا في بقائه، او قامت بينة على ذلك من دون ان يكون هناك مدع اصلا.
و قد ظهر مما ذكرنا: ان الاولى في بيان المورد الثالث، ان يقال: هو عبارة عن صورة اشتغال ذمة الميت، سواء كان منشأه هو الدين او انتقال الحق من العين الى الذمّة، و لا وجه لتخصيص العبارة بالثاني.
1 - تقدم البحث في هذه المسألة في المباحث السّابقة، خصوصا في المسألة الخامسة و الخمسين من فصل شرائط وجوب حجة الاسلام، فراجع.
(الصفحة 139)و كذا لو اوصى بالمبادرة في الحج الواجب.
و لو عيّن الموصي مقدارا للاجرة، تعيّن، و خرج من الاصل في الواجب ان لم يزد على اجرة المثل، و الاّ فالزيادة من الثلث، و في المندوب كله من الثلث، فلو لم يكف ما عيّنه للحج، فالواجب التتميم من الاصل في الحج الواجب، و في المندوب تفصيل1 .
1 - الكلام في هذه المسألة يقع في مقامين:
المقام الاوّل: ما إذا لم يتعرض الموصي بالحج للاجرة، و لم يعيّنها بوجه، و فيه فروع:
الاوّل: ما إذا دار الامر بين الاستيجار باجرة المثل و بين الاستيجار بالاكثر، بمعنى انه لم يوجد من يرضى بالاقل منها، و لا اشكال في تعين الاستيجار باجرة المثل في هذه الصورة، و الاقتصار عليها، امّا للانصراف اليها، كما استدل بها السيّد (قدس سره)في العروة و امّا للزوم رعاية المصلحة في الوصي كالوكيل، بل تجري الوكالة في باب الحج ايضا، كما إذا و كلّ الحيّ، الذي لا يستطيع ان يحج ـ لهرم او مرض لا يرجى زواله ـ من يستأجر له اجيرا ليحج عنه.
الثاني: ما إذا وجد من يرضى بالاقلّ من الاجرة، و اللازم على الوصي استيجاره مع عدم رضا الورثة او وجود قاصر فيهم، و الانصراف الذي ذكرنا انّما هو في مقابل الزائد على اجرة المثل، لا في مقابل الزائد و الاقل كليهما، فلا مجال للاشكال المحكيّ عن مستند النراقي، و هو: انه كيف يجمع بين دعوى الانصراف الى اجرة المثل و بين الحكم بلزوم استيجار من يرضى بالاقل منها، كما لا يخفى.
ثمّ انه، هل يجب الفحص عن وجوده مع احتماله، فيما كان يتعين استيجاره مع وجوده؟ و هي صورة عدم رضا الورثة او وجود قاصر فيهم. احتاط الماتن (قدس سره) وجوبا، تبعا للسيد (قدس سره) في العروة، رعايته، و لكن قال السيّد بعده: و ان كان فيوجوبه اشكال، خصوصا مع الظن بالعدم. و قال في المتن بعده: بل وجوبه لا يخلو
|