(الصفحة 244)
المفردة فقط، و امّا العمرة المتمتع بها، التي يجب ان تكون في اشهر الحج، و مع اعمال الحج و مناسكه، فهي خارجة عن الروايات، لانّها تبعا لاصل الحج لا يؤتي بها في السنّة الاّ مرة واحدة. و عليه، فلا مانع من الجمع بينها و بين العمرة المفردة في شهر واحد، سواء وقعت قبلها ام بعدها و بعد الحج. نعم، قام الدليل على عدم جواز تخلل العمرة بين عمرة التمتّع و حجه، و سيأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.
الثاني: ان ظاهر الروّايات عدم جواز وقوع عمرتين في شهر واحد بالاضافة الى مكلف واحد، لا بالاضافة الى مجموع المكلفين. و هذا مما لا ينبغي الارتياب فيه، كما ان الظاهر الذي منشأه الانصراف، عدم جوازه من شخص واحد إذا ارادايقاعهما لنفسه، و امّا إذا كانت واحدة منهما لنفسه و الاخرى لغيره نيابة، بالتبرع او الاستيجار، فلا دلالة للروايات على المنع عنه في شهر واحد. و عليه، فيجوز ان ينوب عن غيره و الاتيان بها في كل يوم، فضلا عن الشهر، كما لا يخفى.
(الصفحة 245)في اقسام الحجّ
(الصفحة 246)
(الصفحة 247)
القول في اقسام الحج
و هي ثلاثة: تمتع و قران و افراد: و الاوّل فرض من كان بعيدا عن مكّة، و الاخران فرض من كان حاضرا، اي غير بعيد، و حدّ البعد ثمانية و اربعون ميلا من كل جانب ـ على الاقوى ـ من مكّة، و من كان على نفس الحدّ، فالظاهر انّ وظيفته التمتع، و لو شك في ان منزله في الحدّ او الخارج وجب عليه الفحص، و مع عدم تمكنه يراعى الاحتياط. ثم انّ ما مرّ انّما هو بالنسبة الى حجة الاسلام، و امّا الحج النذري و شبهه، فله نذر أيّ قسم شاء، و كذا حال شقيقيه، و امّا الافسادي فتابع لما افسده1 .
1 - يقع الكلام في المتن في مقامات:
المقام الاوّل: في اصل انقسام الحج الى ثلاثة، و كون التمتع احد الاقسام: قال في الجواهر: بلا خلاف اجده فيه بين علماء الاسلام، بل اجماعهم بقسميه عليه، مضافا الى النصوص المتواترة فيه او القطعية، بل قيل: انه من الضروريات.
و من المناسب نقل شطر من الرواية المفصلة، الواردة في هذا الباب، الدالة على كيفية تشريع التمتع و زمانه، و من اعترض عليه و دوام التشريع، ففي الحقيقة
(الصفحة 248)
يكون دليلا على حكم فقهي اصلي، و بيانا لقصة تاريخية، و مشتملا على مسألة مهمة كلامية: و هي صحيحة معاوية بن عمّار، عن ابي عبد الله (عليه السلام): انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) اقام بالمدينة عشر سنين لم يحجّ، ثم انزل الله عليه: «و اذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا و على كل ضامر يأتين من كل فجّ عميق» فامر المؤذنين ان يؤذّنوا بأعلى صوتهم: بان رسول الله ـ ص ـ يحج من عامه هذا. فعلم به من حضر المدينة و اهل العوالي و الاعراب، فاجتمعوا، فحج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، و انما كانوا تابعين ينتظرون ما يؤمرون به فيتبعونه، او يصنع شيئا فيصنعونه، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في اربع بقين من ذي القعدة، فلما انتهى الى ذي الحليفة، فزالت الشمس، اغتسل، ثم خرج حتى اتى المسجد، الذي عند الشجرة، فصلى فيه الظهرو عزم (احرم) بالحج مفردا، و خرج حتى انتهى الى البيداء، عند الميل الاوّل، فصف الناس له سماطين، فلبى بالحج مفردا، و ساق الهدي ستّا و ستين بدنة او اربعا و ستين، حتى انتهى الى مكة في سلخ اربع من ذي الحجة، فطاف بالبيت سبعة اشواط و صلّى ركعتين خلف مقام ابراهيم، ثم عاد الى الحجر فاستلمه، و قد كان استلمه في أوّل طوافه، ثم قال: انّ الصّفا و المروة من شعائر الله فابدؤا بما بدأ الله به. و ان المسلمين كانوا يظنّون ان السعي بين الصفا و المروة شيء صنعه المشركون، فانزل الله تعالى: ان الصفا و المروة من شعائر الله فمن حج البيت اواعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما ثم اتى الصفا فصعد عليه، فاستقبل الركن اليماني، فحمد الله و اثنى عليه، و دعا مقدار ما تقرء سورة البقرة مترسّلا، ثم انحدر الى المروة فوقف عليها، كما وقف على الصّفا، ثم انحدر و عاد الى الصفا فوقف عليها، ثم انحدر الى المروة، حتى فرغ من سعيه، ثم اتى جبرئيل و هو على المروة، فأمره ان يأمر الناس ان يحلّوا الاّ سائق هدي، فقال رجل: أنحلّ و لم نفرغ من مناسكنا؟
|