(الصفحة 303)
الدليل. فالثمرة بالاضافة اليه، تظهر في ثمن الهدي، لوجوب التمتع عليه، كما هو المفروض.
الثالث: فيما لو حصلت الاستطاعة قبل تمامية السنتين، و يظهر من المتن ان فيهاصورتين:
احديهما: ما لو حصلت الاستطاعة قبلها، و لكن الحج الواجب بها لا يكاد يمكن ان يقع الاّ بعد تماميتهما: و الظاهر ان حكمها حكم ما لو حصلت بعدهما، من تحقق الانقلاب و ثبوت حج القران او الافراد، و الوجه فيه واضح.
ثانيتها: ما لو حصلت قبلها، و لكن يمكن وقوع الحج الواجب بها على تقديرالمبادرة اليه قبل التجاوز عن السنتين، و لكنّه لم يأت به، بل اخّره الى بعدهما، فهل يتحقق الانقلاب في هذه الصورة ام لا؟ اختار في المتن الثاني.
و المنشأ لدعوى عدم الانقلاب: امّا الاجماع الذي تقدّم في صدر المسألة بالاضافة الى من استطاع في وطنه، ثم اختار مجاورة مكة.
و امّا دعوى عدم ثبوت الاطلاق فيما يدل على الانقلاب من الصحيحتين المتقدمتين.
فان كان الاوّل: فيرد عليه، مضافا الى ما مرّ هناك، من: انه لا اصل للاجماعو لا اصالة له على تقديره انه على فرض صحة الاستدلال به في ذلك المقام، فالقدرالمتيقن هو ثبوت الاستطاعة قبل المجاورة، و امّا بعدها فلا يشمله الاجماع.
و ان كان الثاني: فالوجه في الدعوى المزبورة: ان كان هو الانصراف، فالظاهركونه ممنوعا، لانه لا ينسبق الى الذهن من ملاحظتهما الاّ كون نفس الاقامة و المجاورة دخيلة في الانقلاب، و امّا لزوم تحقق الاستطاعة بعد السنتين فلا ينتقل الذهن اليه بوجه، بل لا يلتفت الى مسألة الاستطاعة اصلا.
و ان كان هو عدم كونهما في مقام البيان، من هذه الجهة، فيدفعه: ان
(الصفحة 304)
المتفاهم منهما عرفا، مدخلية نفس المجاورة المذكورة في تبدل الفرض و انتقال الحكم، و لو كان تحقق الاستطاعة بعد السنتين دخيلا، لكان مدخلية المجاورة المذكورة انّما هو بنحو الجزئية و بعض المؤثر، و هو خلاف ظاهر الروايتين جدّا.
فالانصاف: ثبوت الاطلاق لهما، كما اعترف به صاحب الحدائق على ما تقدّمت الاشارة اليه في صدر المسألة و قد مرّ: انه لا مجال للتمسك بالاستصحاب ايضا.
نعم، لو وصلت النوبة الى الترديد و الاجمال في الروايتين، لكان اللازم الاقتصار على القدر المتيقن، و هو ما لو حصلت الاستطاعة بعد السنتين، لعدم الفرق في لزوم الاقتصار على المتيقن بين كون لسان الدليل بنحو التخصيص او بنحو الحكومة، كما لا يخفى. و على ما ذكرنا، فلا فرق بين الصورتين في هذا الامر. هذا تمام الكلام في المقام الاوّل.
المقام الثاني: في المكيّ إذا صار مقيما في سائر الامصار بالمقدار المذكور في المقام الاوّل، و هي تمامية سنتين و الدخول في الثالثة: و الظاهر انه لم ينهض دليل على التبدل و الانقلاب فيه بوجه، و لا دلالة لادلة الانقلاب في ذلك المقام، على انّ المجاورة بالمقدار المذكور موجبة له مطلقا، سواء كانت لغير المكي في مكة او العكس، كماإذا جاور المكي المدينة ـ مثلا ـ، بل لولا ظهور كلمات الاصحاب و صراحة كلام صاحب الجواهر في: انّ المراد بمكة في الروايتين ما هو داخل الحدّ مطلقا، لكان يحتمل ان يكون الحكم من خصائص نفس تلك البلدة المقدسة، و لا يشمل غيرها، المشترك معها في الفرض.
و كيف كان، لم يقم دليل على ان المجاورة في المدينة ـ مثلا ـ موجبة للانقلاب و تبدل الفرض. نعم، قد تقدم البحث في المكّي الذي خرج الى بعض الامصار
(الصفحة 305)مسألة 4 ـ المقيم في مكة لو وجب عليه التمتع كما إذا كانت استطاعته في بلده، او استطاع في مكّة قبل انقلاب فرضه، يجب عليه الخروج الى الميقات لاحرام عمرة التمتع، و الاحوط ان يخرج الى مهلّ ارضه فيحرم منه، بل لا يخلو من قوة. و ان لم يتمكن فيكفي الرجوع الى ادني الحلّ، و الاحوط الرجوع الى ما يتمكن من خارج الحرم، ممّا هو دون الميقات، و ان لم يتمكّن من الخروج الى ادنى الحلّ احرم من موضعه، و الاحوط الخروج الى ما يتمكّن1 .
و اراد ان يحج حجة الاسلام في المراجعة الى بلده و وطنه، و ان المشهور المنصور هو جواز التمتع له، خلافا لابن ابي عقيل، حيث ذهب الى تعين حكم المكّي، و اختاره السيد و الماتن ـ قدس سرهما ـ، و لكن التبدل المبحوث عنه هنا هو التبدل بنحو التعين، كالتبدل في المقام الاوّل، و لا دليل عليه بوجه.
ثم انه استثنى في المتن: ما لو توطن المكي في سائر الامصار، و حصلت الاستطاعة بعده، و انه يتعين عليه التمتع، و لو في السنة الاولى.
و يرد عليه: مضافا الى ان استثناء التوطن من المجاورة، مع كونها في مقابله، يوجب ان يكون منقطعا، انه على فرض التوطن و قصد الاقامة الدائمية، لا دليل على اعتبار كون الاستطاعة حاصلة بعده في الانتقال و التبدل، لانه لم يقم دليل على انّ الملاك في تعين النوع هو زمان الاستطاعة، بل الظاهر ان الاستطاعة شرط لأصل تحقق الوجوب و ثبوت التكليف، و امّا تعين النوع فهو تابع لزمان العمل و ارادة الامتثال، فاذا كان في حال الامتثال متوطنا في مدينة ـ مثلا ـ يكون اللازم عليه حج التمتع، و ان كانت استطاعته حاصلة، في مكة، فتدبر.
1 - في اصل المسألة اقوال ثلاثة:
القول الاوّل: انه ميقات اهله، المعبرّ عنه تبعا للرواية بمهلّ ارضه بضم الميم: اسم مكان من الاهلال، بمعنى الشروع. حكي هذا القول عن الشيخ و ابي الصلاح و يحيى بن
(الصفحة 306)
سعيد، و المحقق في النافع، و الفاضل في جملة من كتبه، و نسبه في الحدائق الى المشهور.
القول الثاني: انه احد المواقيت المخصوصة مخيّرا بينها، و هو ظاهر اطلاق الشرايع و النهايةو المقنع و المبسوط و الارشاد و القواعد، و صريح الشهيدين في الدروس و المسالك و الرّوضة.
القول الثالث: انه ادنى الحلّ حكي عن الحلبي او الحلّى كما هو ظاهر، لان كنيته هوابو الصلاح، و هو من القائلين بالقول الاوّل، كما مرّ) و استحسنه صاحب الكفاية، و استظهره الاردبيلي، و احتمله قويا تلميذه صاحب المدارك.
و الحكم في المسألة، تارة: مع قطع النظر عن الروايات الخاصة المختلفة الواردة فيها، و اخرى: مع ملاحظتها، فنقول:.
امّا من الجهة الاولى: فلا بدّ من ملاحظة الروايات العامّة الدالة على توقيت النبي (صلى الله عليه وآله) مواقيت للافاق، و ان لكل قطر ميقاتا مخصوصا، و انه لا يجوز لاحد ان يحرم الاّ من ميقاته الذي عين له، بضميمة الروايات الدالة على التوسعة بهذه الكيفية، و هي: انه يجوز الاحرام من كل ميقات لمن يمرّ به، و ان كان من غير اهله، ففي بعضها: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله)وقت المواقيت لاهلها و من اتى عليها من غير اهلها.
و قد وقع الكلام في: ان الروايات الاخيرة هل تختص بمن يأتي على الميقات من الخارج، او تشمل المقام الذي يريد الحج من مكة؟ و الظاهر هو الانصراف
(الصفحة 307)
عن المقام، و الاختصاص بمن يريد الحج من الخارج و يأتي على الميقات، و لا مجال لدعوى استظهار العموم، كما ادّعى.
و امّا من الجهة الثانية: فالرواية الوحيدة التي تدل على القول الاوّل: ما رواه الكليني عن الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمد عن الحسن بن على عن ابان بن عثمان عن سماعة، عن ابي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن المجاور، أله ان يتمتّع بالعمرة الى الحج؟ قال: نعم، يخرج الى مهلّ ارضه فيلبيّ ان شاء.(1) و لا بدّ اما من تقييد المجاور في السؤال، بقرينة الحكم في الجواب بجواز التمتع له بالمجاور، الذي لم يمض عليه سنتان، بقرينة الصحيحتين المتقدمتين الواردتين في المسألة السابقة. و امّا من حمل السؤال على الحج المندوب، و على كلا النقديرين يصح الاستدلال بها لهذا القول. لكنه قد نوقش فيها سندا و دلالة، امّا من جهة السند: فلأجل معلّى بن محمد، الذي ذكر النجاشي في ترجمته: انه مضطرب الحدث و المذهب و اجيب عنه ـ مضافا الى عدم دلالة عبارة النجاشي على ضعفه، لان مرجع اضطراب الحديث الى انه يروي الغرائب، و الاضطراب في المذهب لا يقدح في وثاقة الرجل ـ بانه من رجال كامل الزيارات لابن قولويه شيخ المفيد (قدس سره)، الذي التزم في ديباحته: بانه لا يروي الاّ عن الثقات. و عليه، فهو موثق بتوثيقه، غاية الامر، بالتوثيق العام.
و امّا من جهة الدلالة: فلان التعليق على المشيّة لا يكاد يجتمع مع الوجوب، فانه لا معنى لقوله: اقيمو الصلاة ان شئتم، فهو ـ اي التعليق ـ يدل على عدم الوجوب.
و لكنه اجاب عن هذه المناقشة في المستمسك، بقوله: «و قوله (عليه السلام): ان شاء.
- 1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثامن ح ـ 1.