( الصفحه 324 )
مسألة 12 ـ استثنى ممّا لا يؤكل الخز وكذا السنجاب على الأقوى ، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط في الثاني ، وما يسمّونه الآن بالخز ولم يعلم انّه منه واشتبه حاله لا بأس به ، وإن كان الأحوط الاجتناب عنه 1 .
1 ـ امّا الكلام في الخز فنقول : قد تطابقت الفتاوى والنصوص على استثنائه عن عموم الأدلّة المانعة عن الصلاة في أجزاء غير المأكول وعلى صحّة الصلاة فيه ولكن مورد تطابقهما هو وبر الخز الخالص ، ولفظ الوبر وإن لم يكن مذكوراً في عبارات القدماء من الأصحاب ، بل المذكور فيها هو الخز الخالص إلاّ انّ ما يتصوّر فيه هذا الوصف ومقابله إنّما هو الوبر دون الجلد ضرورة انّه لا يتصوّر فيه المغشوشية بوجه فهذا الوصف راجع إلى خصوص الوبر والغرض منه الاحتراز عمّا إذا كان له خليط مثل وبر الأرانب والثعالب ، واحتمال كون المستثنى شاملاً للجلد أيضاً والوصف راجعاً إلى خصوص الوبر في كمال البعد .
وكيف كان فاستثناء الوبر ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف ، وامّا الجلد فالمعروف خصوصاً بين المتأخّرين استثنائه أيضاً لكن المحكي عن ابن إدريس والعلاّمة في كتابي التحرير والمنتهى التفصيل بين الوبر والجلد .
ولابدّ أوّلاً من بيان الموضوع وتنقيح معنى الخز لكثرة الاختلاف في ذلك بين الفقهاء ـ رض ـ فنقول :
قال في لسان العرب : «الخزز : ولد الأرانب ، وقيل : هو الذكر من الأرانب والجمع أخزة وخزان مثل صرد وصردان ، وأرض مخزّة كثيرة الخزان . والخز معروف من الثياب مشتق منه عربي صحيح وهو من الجواهر الموصوف بها ، حكى سيبويه : مررت بسرج خز صفته قال والرفع الوجه ، يذهب إلى أنّ كونه جوهراً هو الأصل ، قال ابن جنّي : وهذا ممّا سمّى فيه البعض باسم الجملة كما ذهب إليه في
( الصفحه 325 )
قولهم : هذا خاتم حديد ونحوه . والجمع خزوز ومنه قول بعضهم : فإذا اعرابي يرفل في الخزوز وبايعه خزاز . وفي حديث علي (عليه السلام) نهى عن ركوب الخز والجلوس عليه . قال ابنالأثير : الخز المعروف أوّلاً ثياب تنسج من صوف وابريسم وهي مباحة قال : وقد لبسها الصحابة والتابعون فيكون النهي عنها لأجل التشبّه بالعجم وزيّ المترفين ، قال : وإن اُريد بالخز النوع الآخر وهو المعروف الآن فهو حرام; لأنّه كلّه معمول من الابريسم قال : وعليه يحمل الحديث الآخر ، قوم يستحلّون الخز والحرير» .
وليس في كلامه وكذا كلام ابن الأثير ـ الذي حكاه ـ إشعار بكون الخزّ حيواناً أو انّه الثوب المأخوذ من حيوان خاصّ أصلاً ونظيره كلام «المنجد» حيث قال : «الخز ، الحرير ، ما نسج من صوف وحرير جمع خزوز» والخزز ذكر الأرانب جمع خزان وأخزة ، والخزاز بايع الخز ، والمنخزة موضع الأرانب .
نعم ذكر في معنى «القندس» الذي حكى المحقّق في المعتبر عن جماعة من التجّارانّه هو الخزّ وإن لم يثبت عنده ، انّه نوع من الحيوانات المائية له ذنب مفلطح قوي ولون أحمر قاتم يتّخذ منه الفراء .
وقال الفيومي في المصباح; «الخز اسم دابة ثم أطلق على الثوب المتّخذ من وبرها والجمع خزوز مثل فلس وفلوس ، والخزز الذكر من الأرانب والجمع خزان كصرد وصردان» .
وقال في ترجمة قاموس : «خزاز جامه ها بفتح اول معروف است و جمع آن خزوز بر وزن سرور مى آيد ـ مترجم گويد كه خز جانوريست مانند سمور كه از پوست آن پوستين وغير آن ساخته مى شود و ممكن است كه مراد از جامه خز همين باشد يا آنكه از موى آن جامه مى بافند يا آنكه خز جامه ابريشمين را
( الصفحه 326 )
مى گويند ـ إلى أن قال : وخزز بر وزن صرد يعنى نر خزگوشان و جمع آن خزان و اخزة مى آيد و جاى خرگوشها مخزه است ، و از اين اشتقاق شده است خز و آن حيوانى شبيه به نر خرگوش است كه از پوست آن پوستين مى بافند كه مذكور شد» .
وقال في منتهى الارب : «خز بالفتح جانوريست و جامه از پشم آن جمع خزوز ، و خزز كصرد خرگوش نر جمع خزان و اخزه ومنه اشتق الخز» .
وقال في برهان قاطع : «خز با تشديد ثانى در عربى جانوريست معروف كه از پوست آن پوستين سازند و جامه ابريشمى را نيز گفته اند» .
والمستفاد من المصباح ومن بعده انّه حيوان يؤخذ من صوفه أو وبره أو شعره الثوب وإنّ إطلاقه على الثوب إنّما هو بلحاظه ولكن ليس في شيء منها إشعار بكونه من الحيوانات المائية ، بل ظاهرها عدم كونه منها ، نعم قد عرفت من «المنجد» في تفسير «القندس» انّه نوع من الحيوانات المائية .
ويدلّ على ذلك أيضاً روايات :
منها : ما رواه الكليني عن علي بن محمد عن عبدالله بن إسحاق العلوي عن الحسن بن علي عن محمد بن سليمان الديلمي عن قريب (غريب ـ خ ل) عن ابن أبي يعفور قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من الخزازين فقال له : جعلت فداك ما تقول في الصلاة في الخز؟ فقال : لا بأس بالصلاة فيه ، فقال له الرجل : جعلت فداك انّه ميّت وهو علاجي وأنا أعرفه فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : أنا أعرَف به منك ، فقال له الرجل : إنّه علاجي وليس أحد أعرف به منّي ، فتبسّم أبو عبدالله (عليه السلام) ثمّ قال له : أتقول انّه دابة تخرج من الماء أو تصاد من الماء فتخرج فإذا فقد الماء مات؟ فقال الرجل : صدقت جعلت فداك هكذا هو ، فقال له أبو
( الصفحه 327 )
عبدالله (عليه السلام) : فإنّك تقول : انّه دابة تمشي على أربع وليس هو في حدّ الحيتان فتكون ذكاته خروجه من الماء؟ فقال له الرجل : أي والله هكذا أقول ، فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : فإنّ الله تعالى أحلّه وجعل ذكاته موته كما أحلّ الحيتان وجعل ذكاتها موتها .
والظاهر انّ المراد من قوله (عليه السلام) في الذيل : فإنّ الله تعالى أحلّه هي ـ حلّية استعمال جلده ووبره والانتفاع بهما في الصلاة واللبس لا حلّية أكل لحمه كحلّية لحم الحيتان وذلك مضافاً إلى تحقّق الإجماع على حرمة الحيوانات المائية عدى السمك الذي له فلس يكون نفس استثناء الخز في الفتاوى عن عموم الأدلّة المانعة عن الصلاة في أجزاء غير المأكول دليلاً على كون الخز محرم الأكل وإلاّ يصير الاستثناء منقطعاً ولا مجال له في مثل المقام ممّا كان المقصود بيان الأحكام كما لايخفى .
هذا ولكن الرواية ضعيفة السند جدّاً ; لأنّه مضافاً إلى انحصار النقل عن قريب بهذه الرواية وعدم وجوده في شيء من روايات العامّة والخاصّة يكون بعض رواتها مجهولاً وبعضها غير موثق والبعض الثالث مرمياً بالغلو فلا مجال للاعتماد عليها بوجه .
ومنها : صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سأل أبا عبدالله (عليه السلام) رجل وأنا عنده عن جلود الخز فقال : ليس بها بأس ، فقال الرجل : جعلت فداك انّها علاجي (في بلادي) وإنّما هي كلاب تخرج من الماء فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : إذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل : لا ، قال : ليس به بأس .
فإنّ ظهورهما في كونه حيواناً مائياً يكون خروجه من الماء موجباً لانقطاع حياته وزوال تعيّشه كالحيتان لا خفاء فيه ، كما انّ ظاهرهما انحصار الخز بذلك وعدم وجود مصداق آخر له غير مائي ، وعليه فيشكل الأمر في الخز المشهور في
( الصفحه 328 )
هذا الزمان لشهادة التجّار بأنّه حيوان برّي يقع عليه الذبح . قال العلاّمة المجلسي (قدس سره)في محكي البحار : «اعلم انّ في جواز الصلاة في الجلد المشهور في هذا الزمان بالخز وشعره ووبره إشكالاً للشكّ في أنّه هل هو الخز المحكوم عليه بالجواز مثل عصر الأئمّة (عليهم السلام) أم لا ، بل الظاهر انّه غيره لأنّه يظهر من الأخبار انّه مثل السمك يموت بخروجه من الماء وذكاته إخراجه منه ، والمعروف بين التجّار انّ المسمّى بالخز الآن دابة تعيش في البرّ ولا يموت بالخروج من الماء ، إلاّ أن يقال : إنّهما صنفان بري وبحري وكلاهما تجوز الصلاة فيه وهو بعيد ، ويشكل التمسّك بعدم النقل واتصال العرف من زماننا إلى زمانهم (عليهم السلام) إذ اتصال العرف غير معلوم إذ وقع الخلاف في حقيقته في أعصار علمائنا السالفين أيضاً (رض) وكون أصل عدم النقل في مثل ذلك حجّة غير معلوم» .
هذا والظاهر انّ أصالة عدم النقل على تقدير حجّيتها لا تجدي في المقام بعد ظهور الروايات في بيان موضوع الخز المستثنى ودلالتها على أنّه حيوان مائي كالحوت فإنّ هذا التعريف لو لم يكن تعريفاً للخزّ مطلقاً فلا أقلّ من دلالته على أنّه الموضوع للحكم بجواز الصلاة كما هو ظاهر مع أنّ اختصاص الخز في هذا الزمان بالحيوان البرّي ممنوع لشهادة بعض الفضلاء من البحث بأنّه الآن حيوان بحري يصطاد من الماء ويؤخذ من جلده الثوب الثمين الذي يرغب فيه المتنعّمون وقد ادّعى انّه بنفسه قد باشر لصيده وانّ خصوصياته هي المذكورة في رواية ابن أبي يعفور المتقدّمة ، نعم ذكر انّ وبره بمجرّده لا يمكن أخذ الثوب منه; لأنّ لصوقه بالجلد وقصره مانع عن قطعه وهذا لا ينافي ما يدلّ عليه بعض الروايات من إمكان أخذ الثوب من وبره أيضاً كرواية سعد بن سعد عن الرضا (عليه السلام) قال : سألته عن جلود الخز فقال : هوذا نحن نلبس فقلت : ذاك الوبر جعلت فداك ، قال : إذا حل