( الصفحه 359 )
( الصفحه 360 )
مسألة 15 ـ الذي يحرم على الرجال خصوص لبس الحرير فلا بأس بالافتراش والركوب عليه والتدثّر به ـ أي التغطّي به عند النوم ـ ولا بزر الثياب واعلامها والسفائف والقياطين الموضوعة عليها ، كما لا بأس بعصابة الجروح والقروح وحفيظة المسلوس ، بل ولا بأس بأن يرقع الثوب به ولا الكفّ به لو لم يكونا بمقدار يصدق معه لبس الحرير ، وإن كان الأحوط في الكفّ أن لا يزيد على مقدار أربع أصابع مضمومة ، بل الأحوط ملاحظة التقدير المزبور في الرقاع أيضاً 1 .
1 ـ امّا جواز الافتراش وكذا الركوب فلاختصاص أدلّة المنع باللبس وهو مغاير لهما فلا دليل على المنع بالإضافة إليه مضافاً إلى صحيح علي بن جعفر قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الفراش الحرير ومثله من الديباج والمصلّى الحرير هل يصلح للرجل النوم عليه والتكأة والصلاة؟ قال : يفترشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه .
ورواية مسمع بن عبد الملك البصري عن أبي عبدالله (عليه السلام) انّه قال : لا بأس أن يأخذ من ديباج الكعبة فيجعله غلاف مصحف أو يجعله مصلّى يصلّي عليه .
وامّا التدثّر به فإن كان المراد به ما في المتن من التغطي به عند النوم فالوجه في جوازه عدم صدق اللبس عليه وإن كان المراد به التغطّي به في سائر الأحوال من جلوس وقيام ومشي فالظاهر صدق اللبس عليه ويكون ـ حينئذ ـ محرّماً ولعلّ ذلك منشأ اختلافهم في صدق اللبس عليه وعدمه .
وامّا زرّ الثياب واعلامها وما عطف عليه فالوجه في الجواز في الجميع ما ذكر من عدم صدق اللبس عليه ، نعم في خصوص الكفّ حكى المنع عن السيّد في بعض رئاسله والميل إليه عند الأردبيلي وكاشف اللثام والتردّد فيه عن المدارك والكفاية
( الصفحه 361 )
والمفاتيح ولعلّ منشأه موثقة عمّار بن موسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : وعن الثوب يكون علمه ديباجاً قال : لا يصلّى فيه . وخبر جراح المدائني عن أبي عبدالله (عليه السلام) انّه كان يكره أن يلبس القميص المكفوف بالديباج ويكره لباس الحرير ولباس الوشي (القسي) ويكره المثيرة الحمراء فإنّه مثيرة إبليس .
وفي مقابلهما خبر يوسف بن إبراهيم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا بأس بالثوب أن يكون سداه وزره وعلمه حريراً ، وإنّما كره الحرير المبهم للرجال . فإنّ إطلاق نفي البأس فيه يشمل الصلاة وغيرها ، كما انّ الملازمة المستفادة من الروايات بين الحكم الوضعي والتكليفي مؤيّدة للإطلاق .
وخبر أبي داود بن يوسف بن إبراهيم عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : قلت له : طيلساني هذا خز قال : وما بال الخزّ؟ قلت : وسداه ابريسم ، قال : وما بال الابريسم؟ قال : لا تكره أن يكون سد الثوب ابريسم ولا زره ولا علمه إنّما يكره المصمت من الابريسم للرجال ولا يكره للنساء .
ورواية صفوان عن يوسف من دون واسطة وعن ابنه مع الواسطة تكفي في جبر الضعف بعد النص عليه بأنّه لا يروي إلاّ عن ثقة ، بل هو من أصحاب الإجماع .
والجمع يقتضي حمل النهي على الكراهة وإن أبيت إلاّ عن اختصاص الموثقة بالصلاة فهي مقيّدة للإطلاق في هاتين الروايتين فنقول : إنّ إعراض المشهور عن ظاهرها يكفي في وهنها مضافاً إلى لزوم التفكيك المنافي للملازمة التي أشرنا إليها كما لايخفى .
وامّا ما في المتن من الاحتياط به ترك ما زاد على أربع أصابع مضمومة فالظاهر خلوّ كلام الأكثر عن هذا التقييد ولا يكون له مستند في رواياتنا ، نعم روى العامّة عن عمر انّ النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن الحرير إلاّ في موضع اصبعين أو ثلاث أو أربع
( الصفحه 362 )
والظاهر انّه لا يجوز الاعتماد عليها لعدم الجابر لها .
نعم يمكن أن يقال بأنّ منشأ الاحتياط الاقتصار على القدر المتيقّن في الخروج عن دليل المنع فتدبّر .
( الصفحه 363 )
مسألة 16 ـ قد عرفت انّ المحرّم لبس الحرير المحض أي الخالص الذي لم يمتزج بغيره فلا بأس بالممتزج ، والمدار على صدق مسمّى الامتزاج الذي يخرج به عن المحوضة ولو كان الخليط بقدر العشر ، ويشترط في الخليط من جهة صحّة الصلاة فيه كونه من جنس ما تصحّ الصلاة فيه فلا يكفي مزجه بصوف أو وبر ما لا يؤكل لحمه وإن كان كافياً في رفع حرمة اللبس ، نعم الثوب المنسوج من الابريسم المفتول بالذهب يحرم لبسه كما لا تصحّ الصلاة فيه 1 .
1 ـ قد عرفت انّ المأخوذ في الروايات المتعرّضة لحكم الحرير ـ تكليفاً أو وضعاً ـ هو الحرير المحض أو المبهم أو المصمت أو شبهها ومرجع ذلك إلى مدخلية قيد المحوضة والخلوص في متعلّق الحكم وقد وقع الإشكال في أنّه هل يخرج بهذا التقييد خصوص ما إذا كان الثوب منسوجاً من الابريسم مخلوطاً بغيره كأن يكون سداه منه ولحمته من غيره أو يخرج بسببه صور اُخرى أيضاً .
لا إشكال في خروج صورة الامتزاج المذكورة لكن لابدّ من ملاحظة انّ المدار على صدق مسمّى الامتزاج ولو كان الخليط بقدر العشر أو أقلّ ما لم يبلغ حدّ الاستهلاك الذي لا يكون ملحوظاً بنظر العرف بوجه ولا يكون محكوماً عنده إلاّ بالمحوضة والخلوص أو انّ المدار على أمر آخر ربّما يقال بأنّه يمكن أن يستفاد من بعض الروايات انّه لابدّ أن يكون سدّ الثوب بتمامه أو لحمته بتمامها من غير الحرير كرواية عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا بأس بلباس القز إذا كان سداه أو لحمته من قطن أو كتان . فإنّ القطن والكتان وإن لم يكن لهما خصوصية بشهادة الفتاوى وبعض الروايات إلاّ انّ ظهور الرواية في اعتبار كون مجموع السدا أو اللحمة من غير الحرير لا مناقشة فيه لأنّ مفهومها ثبوت البأس مع عدم كونه كذلك .