( الصفحه 646 )
مسألة 3 ـ عورة الرجل في الصلاة عورته في حرمة النظر وهي الدبر والقضيب والانثيان ، والأحوط ستر الشبح الذي يرى من خلف الثوب من غير تميز للونه . وعورة المرأة في الصلاة جميع بدنها حتى الرأس والشعر ما عدا الوجه الذي يجب غسله في الوضوء واليدين إلى الزندين ، والقدمين إلى الساقين ، ويجب عليها ستر شيء من أطراف المستثنيات مقدّمة 1 .
مسألة 4 ـ يجب عل يالمرأة ستر رقبتها وتحت ذقنها حتى المقدار الذي يرى منه عند اختمارها على الأحوط 2 .
مسألة 5 ـ الأمَة والصبية كالحرّة والبالغة إلاّ انّه لا يجب عليها ستر الرأس والشعر والعنق 3 .
1 ـ 2 ـ 3 ـ تقدّم الكلام في هذه المسائل مفصّلا في شرح المسألة الاُولى المتقدّمة من مسائل الستر والساتر فراجع .
( الصفحه 647 )
مسألة 6 ـ لا يجب التستّر من جهة التحت ، نعم لو وقف على طرف سطح أو شبّاك يتوقّع وجود ناظر تحتها بحيث ترى عورته لو كان هنا ناظر فالأحوط بل الأقوى التستّر من جهته أيضاً وإن لم يكن ناظر فعلا ، وامّا الشبّاك الذي لا يتوقّع وجود الناظر تحتها كالشبّاك على البئر فلا يجب على الأقوى إلاّ مع وجود ناظر فيه 1 .
1 ـ عن غير واحد منهم العلاّمة في التذكرة والنهاية والوحيد في حاشية المدارك وجوب التستّر من جهة التحت فيما لو كان في معرض النظر كالإمام والخلف بأن وقف على مخرم أو على طرف سطح فلابدّ من التستّر من تحت بالسراويل مثلا وإلاّ بطلت الصلاة . وعن الذكرى التردّد في الحكم فيما لو وقف على طرف سطح والجزم بالصحّة فيما لو قام على مخرم وفي المتن ـ كما في العروة ـ التفصيل بين ما إذا كان هناك توقّع وجود الناظر فيما لو وقف على طرف سطح أو شبّاك بحيث ترى عورته لو كان هنا ناظر فيجب التستّر من جهة التحت وإن لم يكن ناظر فعلا وبين الشبّاك الذي لا يتوقّع وجود الناظر تحتها كالشبّاك على البئر فلا يجب إلاّ مع وجود الناظر بالفعل .
أقول : مقتضى الجمود على ما تقتضيه عبارة النصوص عدم وجوب التستّر من جهة التحت أصلا لأنّ مفادها جواز اكتفاء الرجل في صلاته بثوب واحد أو قميص واحد ، ومن المعلوم انّ القميص المتعارف بين الأعراب كما هو المتداول بينهم في هذا الزمان لا يكون ساتراً للعورة من جهة التحت فالجمود على ما تحت عبارة الروايات ينفي اعتبار الستر من هذه الجهة رأساً . وامّا لو قلنا بأنّ مناسبة الحكم والموضوع تهدى إلى انّ موضوع الشرطية أن لا يكون المكلّف على حالة ذميمة غير مناسبة فمقتضاه انّه لا فرق في اعتبار الستر بين الجهات والاكتفاء في النصوص بالقميص إنّما هو لوقوع الصلاة على الأرض غالباً ولا يكون معه المصلّي في معرض
( الصفحه 648 )
النظر من تحت نوعاً .
وعلى هذا الفرض ينبغي تعميم الحكم لما إذا كان هناك ناظر وما إذا لم يكن بل لما إذا كان في معرض النظر وما إذا لم يكن لأنّه على هذا التقدير ليس تمام الملاك مجرّد مستورية العورة وإلاّ لكان اللاّزم جواز الصلاة عارياً في ظلمة شديدة مانعة من الرؤية وكذا في مثلها ممّا إذا كانت الرؤية ممتنعة مع عدم وجود الساتر .
وبالجملة ملاك وجوب الستر الصلوتي يغاير ملاك وجوب الستر النفسي الذي يكون هو حفظ العورة من أن ينظر إليها ، وعليه فالمناسبة المذكورة وإن كانت مقتضية لعمومية الحكم واعتبار الستر من جهة التحت أيضاً إلاّ انّ التفصيل المذكور في المتن ممّا لا دليل عليه; لأنّ الفرق من حيث عدم تعارف وجود الناظر في البئر فيصدق الستر عرفاً ، وامّا الواقف على طرف السطح فلا يصدق عليه الستر إذا كان بحيث يرى فصلاته باطلة وإن لم يكن هناك ناظر إنّما يناسب الستر النفسي ولا شاهد عليه في الستر الشرطي فتدبّر جيّداً .
( الصفحه 649 )
مسألة 7 ـ الستر عن النظر يحصل بكلّ ما يمنع عن النظر ولو باليد أو الطلي بالطين أو الولوج في الماء حتّى انّه يكفي الاليتان في ستر الدبر ، وامتا الستر في الصلاة فلا يكفي فيه ما ذكر حتّى حال الاضطرار . وامّا الستر بالورق والحشيش والقطن والصوف غير المنسوجين فالأقوى جوازه مطلقاً وان لا ينبغي ترك الاحتياط في تركه في الأولين ، والأقوى لمن لا يجد شيئاً يصلّي فيه حتى مثل الحشيش والورق جوز إتيان صلاة فاقد الساتر وإن كان الأحوط لمن يجد ما يطلي به الجمع بينه وبين واجده 1 .
1 ـ لا إشكال في حصول الستر النفسي بكلّ ما كان مانعاً عن تحقّق الرؤية والنظر لما عرفت من وضوح مناط الحكم فيه فيتحقّق حتّى بمثل الطلي بالطين والولوج في الماء الكدر والدخول في الحفيرة والستر بأجزاء البدن كما لو كان بيده أو يد زوجته أو أمَته بل ولو كانت يد أجنبي أو أجنبية وقد ورد في النصّ ـ كما مرّ ـ انّ الدبر مستور بالاليتين فلا إشكال فيه أصلا .
وامّا الستر الصلوتي فقد اختلفت كلماتهم في تعيينه اختياراً واضطراراً ، قال الشيخ (قدس سره) في المبسوط بعد الحكم بأنّه لا بأس بأن يصلّي الإنسان في ثوب فيه خرق لا يواري العورة وانّه إن حاذى العورة لم يجز : «وصفة الثوب أن يكون صفيقاً لا ترى ما تحته فإن ظهر البشرة من تحته لم يجز لأنّه لا يستر العورة فإن لم يجد ثوباً يستر العورة ووجد جلداً طاهراً أو ورقاً أو قرطاساً أو شيئاً يمكنه أن يستر عورته وجب عليه ذلك على ما بيّناه فإن وجد طيناً وجب أن يطيّن عورته به فإن لم يجد ووجد نقباً دخل فيه وصتلّى فيه قائماً فإن لم يجد صلّى من قعود على ما فصّلناه» وحكى نحوه عن السرائر والمنتهى والتحرير والنهاية والبيان .
وهل ظاهر مثل هذه العبارة بلحاظ تعليق إيجاب الستر بمثل الجلد والورق
( الصفحه 650 )
والقرطاس على ما إذا لم يجد الثوب ولم يتمكّن من التستّر به هو الترتيب بين الثوب وبين الاُمور المذكورة وانّه لا يجوز التستّر بها إلاّ عند الضرورة وفقد الثوب أو انّ التعليق إنّما هو بلحاظ انّه مع وجود الثوب والتمكّن منه لا داعي إلى التستّر بغيره عند العرف لا بلحاظ عدم جواز الانتقال إليه؟ فيه وجهان ، فعن المحقّق الثاني وجماعة استظهار الوجه الأوّل وعن البحار استظهار الوجه الثاني ، وتبعه عليه في مفتاح الكرامة والجواهر بقرينة ذكر الجلد والخرق في جملة منها وهو الأقرب .
ولا يرد عليه انّ لازمه كون الطين أيضاً في رديف المذكورات في عبارة المبسوط لوجود التعبير بمثل هذا التعليق فيه أيضاً وذلك لأنّ الطين لا يكون ساتراً عنده أصلا حتّى يقع في عداد المذكورات والشاهد عليه قوله : أو شيئاً يمكنه أن يستر عورته ، فإنّ الطين لو كان داخلا في الساتر لشمله عموم الشيء المذكور ولم يحتج إلى ذكره بعده وكذا قوله : وجب أن يطين . . . فإنّ عدم التعبير بالستر فيه يؤيّد ما ذكرنا .
وكيف كان فعن الدروس وغاية المرام وحاشية الارشاد وحاشية الميسي والروض والمسالك التصريح بأنّه لا يجوز التستّر بالحشيش والورق إلاّ عند تعذّر الثوب وانّه إذا تعذّر الحشيش تعين الطين . ونحوه ما عن المدارك إلاّ انّه قال : إذا تعذّر الحشيش انتقل إلى الايماء ، ولم يجعل الطين ساتراً أصلا في جميع المراتب ، وعن المهذب البارع والموجز : انّ الحفيرة مقدّمة على الماء الكدر وهو على الطين . وعن السمالك وغيرها : تقدّم الماء الكدر على الحفيرة . وعن جامع المقاصد : احتمال التخيير واحتمال تقدّم كلّ على الآخر . وحكى غير ذلك أيضاً .
أقول : التحقيق يقتضي التكلّم في مقامين :
المقام الأوّل : فيما يستفاد من النصوص الواردة في الساتر والظاهر انّ الروايات