جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الاجاره
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 477)

بما يتوقّف على ثبوت القدرة التي لا ثبوت لها إلاّ مع فرض زوال القدرة بقاءً(1) .
أقول : لم يعلم الفرق بين المقام وبين ما تقدّم ، فإنّ الغرض في المقامين الحكم ببطلان الإجارة الثانية ، إمّا من طريق الأمر بالوفاء بالعقد الثاني فوراً ; لعدم اجتماعه مع الأمر بالوفاء بالعقد الأوّل كذلك كما هناك ، وإمّا من طريق عدم القدرة على التسليم شرعاً كما هنا . وكما اُجيب عن الأوّل بأنّه لا مانع من اجتماع الأمرين . ـ غاية الأمر ثبوت التخيير ـ يمكن الجواب هنا بعدم المانع من ثبوت كون الأمرين على الفوريّة والحكم بأنّ المكلّف مخيّر في الامتثال ، ضرورة أنّ مجرّد وجوب الوفاء بالأوّل فوراً لا يسلب القدرة عن الثاني إلاّ مع فرض وجوب الوفاء به أيضاً كذلك ، وإلاّ فلا منافاة بينهما ، و حينئذ نقول : إنّ مجرّد وجوب الوفاء بالثاني فوراً أيضاً لا يمنع إلاّ بعد كونه على نحو التعيين وكون الأوّل أيضاً كذلك ، فلا مانع حينئذ من الجمع بنحو التخيير وإن كان كلاهما بنحو الفور ، ضرورة أنّ الجمع بين التكليفين كذلك ليس كالجمع بين الوضعيّين بنحو التخيير ، فإنّه لا يعقل الحكم بصحّة أحد العقدين على سبيل التخيير ، وأمّا الحكم بوجوب الوفاء بأحدهما تخييراً فلا مانع منه أصلاً ، وإن كان الوجوب فوريّاً فلا فرق بين المقامين .
ثمّ إنّ الجواب عن أصل الوجه بطلان المبنى ، سواء كان هي مسألة الضدّ أو فورية الأمر بالوفاء ، فإنّه مع كون الوقت موسّعاً لا دليل عى الفورية إلاّ أن يفرض ضيق الوقت ، كما هو إحدى صور المسألة . هذا ، مضافاً إلى أنّ ماهو الشرط في صحّة الإجارة هي القدرة الخارجية على ذات العمل الواقع متعلّقاً للعقد ، وهي حاصلة في المقام ، والأمر بالوفاء وإن كان فوريّاً لا يوجب سلب هذه القدرة أصلاً .
  • (1) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 154 ـ 155 .

(الصفحة 478)

ودعوى أنّ القدرة الشرعية على التسليم منتفية ، مدفوعة بأنّ المراد من القدرة الشرعية المنتفية في المقام إن كان هو حكم الشارع بثبوت القدرة ; بمعنى أنّ الشارع حكم في المقام بعدم ثبوت القدرة له في عالم التشريع ، فيرد عليه أنّ مجرّد إيجاب الوفاء فوراً إذا لم يكن دليلاً على ثبوت القدرة لا شتراط التكليف بها لا يكون دليلاً على عدم ثبوتها ، كما لا يخفى .
وإن كان المراد أنّ إيجاب الوفاء بالعقد فوراً ، حيث إنّه يمنع عن صرف القدرة فيما عداه فكأنّه مسلوب القدرة في عالم التشريع ، فيرد عليه أنّه لا دليل على اعتبار القدرة بهذا المعنى في صحّة الإجارة ، إذ الدليل على اعتبار القدرة على التسليم هو حديث النهي عن الغرر(1) ، ومع ثبوت القدرة التكوينية لايلزم غرر أصلاً .
وقد ظهر من جميع ما ذكرنا أنّه لم ينهض شيء من الوجوه الخمسة لإثبات بطلان الإجارة الثانية إذا كانت خاصّة بالمعنى الأوّل أو الثاني ، فعدم نهوضها لإثبات البطلان فيما إذا كانت خاصّة بالمعنى الثالث أو الرابع إن كان ، أو كانت عامّة كالإجارة الاُولى بطريق أولى .
ويمكن أن يقال : إنّه كما لا دليل على بطلان الإجارة الثانية كذلك لا دليل على صحّتها ، بناءً على عدم جواز التمسّك بعموم «أوفوا بالعقود»(2) لإثبات صحّة العقد المشكوك ، لا من حيث النوع بل من حيث الصنف أو مطلقاً كما أشرنا إليها مراراً ، وذلك لعدم ثبوت إطلاق أو عموم في خصوص باب الإجارة حتّى يتمسك به في المورد المشكوك ، وليس المورد من الموارد التي كان الابتلاء بها كثيراً عند العقلاء
  • (1) تقدّم في ص22 .(2) سورة المائدة 5 : 1 .

(الصفحة 479)

حتّى يكون عدم الردع كاشفاً عن الإمضاء ، فتدبّر .
ثمّ إنّه ذكر المحقّق الإصفهاني (قدس سره) في حكم ما إذا صار الأجير المشترك أجيراً خاصّاً في الإجارة الثانية أنّه إذا كان مورد الإجارة الاُولى كليّاً ذمّياً ، فلا مانع من صحّة الإجارة الثانية بنحو الأجير الخاصّ في تمام المدّة إلاّ من حيث كونها مفوّتة بنفسها للعمل على طبق الاُولى ، حيث لا يعقل تطبيق الكلّي الذمّي على المنفعة المملوكة بالإجارة الثانية للغير ، وغايته حرمة الإجارة الثانية ، وحرمة المعاملة مولوياً لا توجب الفساد ، بل لو عمل للأوّل كان الأجير ضامناً للثاني ; لأنّه سلّم ماله إلى الغير ، والأوّل أيضاً ضامن للثاني لاستيفاء ماله ، وأمّا إذا كان مورد الإجارة الاُولى بنحو الكلّي في المعيّن فالإجارة الثانية لتضمّنها تمليك مال الغير غير صحيحة ، فإنّه نظير بيع تمام الصبرة بعد بيع صاع كلّي منها ، وعليه فإذا عمل للثاني في تمام المدّة كان من تسليم مال الغير المعدود إتلافاً ، ومن تسلّم الثاني لمال الغير المعدود استيفاءً منه ، فللأوّل الرجوع على من شاء من الأجير والمستأجر الثاني(1) .
أقول : ويمكن أن يورد عليه بوجوه :
أحدها : أنّ الإجارة الثانية في الفرض الأوّل لا تكون مفوّتة بنفسها للعمل على طبق الاُولى ، فإنّ مجرّد إيقاع العقد مع المستأجر الثاني بالنحو المفروض لا يوجب اتّصافه بوصف التفويت ، ضرورة أنّه يمكن الاستئذان منه للعمل على طبق الاُولى أو المعاوضة معه بالنسبة إلى هذا المقدار أو الإقالة ونظائرها ، فالإجارة الثانية لا تكون بنفسها مفوّتة ، والمفروض عدم ثبوت المنافاة بين الإجارتين ; لأنّ مورد
  • (1) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 157 .

(الصفحة 480)

الاُولى الكلّي في الذمة ، ومورد الثانية المنافع الخارجية كلاًّ أو بعضاً ، فلا مساس لإحداهما بالاُخرى . هذا ، ولو سلّم كون الإجارة الثانية مفوّتة لكن المتعلّق للنهي التحريمي إنّما هو التفويت بعنوانه ، ولا تسري الحرمة إلى الإجارة حتّى يقال : إنّ الحرمة المولوية المتعلّقة بالمعاملة لا توجب الفساد .
ثانيها : أنّ الحكم بضمان المستأجر الأوّل لأجل الاستيفاء مبنيّ على كون مجرّد الاستيفاء كافياً في الحكم بالضمان وهو غير معلوم ، والتحقيق في محلّه .
ثالثها : أنّ الحكم ببطلان الإجارة الثانية في الفرض الثاني تنظيراً ببيع تمام الصبرة بعد بيع صاع كلّي منها لا يستقيم لا في المقيس ولا في المقيس عليه ، فإنّ غاية الأمر كون بعض المبيع أو مورد الإجارة ملكاً للغير ، فهو من قبيل بيع ما يملك وما لا يملك ولا يكون محكوماً بالبطلان ، بل صحيح بالإضافة إلى البعض المملوك ومتوقّف على الإجازة بالنسبة إلى البعض الآخر ، إلاّ أن يوجّه كلامه بأنّ مراده بالصحّة المنفية هي الصحّة بالإضافة إلى المجموع بنحو لاتكون متوقّفة على الإجازة . وكيف كان ، فالحكم في مثل ذلك هي الصحّة . غاية الأمر ثبوت الخيار لأجل تبعّض الصفقة .
ثمّ إنّه على تقدير الحكم بصحّة الإجارة الثانية في مفروض المسألة ، فإن عمل الأجير للمستأجر الثاني ، فالظاهر ضمانه للمستأجر الأوّل اُجرة المثل من جهة التفويت ، فكأنّه أتلف ماله بالعمل لغيره ، ويحتمل ضمان اُجرة المسمّى من حيث إنّ ترك العمل على طبق الإجارة الاُولى في المدّة المعيّنة بمنزلة خلوّ الاُجرة عن العوض رأساً فتبطل الإجارة ، واللاّزم حينئذ الرجوع إلى اُجرة المسمّى وإن عمل للمستأجر الأوّل ، فالظاهر أنّه يضمن للثاني اُجرة المثل من جهة صرف المنفعة المملوكة له في الغير ، ويمكن أن يقال بضمان الأوّل له أيضاً من جهة الاستيفاء ، بناءً
(الصفحة 481)

على كون مجرّده كافياً في ثبوت الضمان ، فيتخيّر الثاني حينئذ في الرجوع إلى الأجير أو إلى المستأجر الأوّل .
ثمّ إنّه تبيّن من جميع ما ذكرنا في الصورة المفروضة حكم باقي الصور المتصوّرة ، وأنّه لا مجال للحكم ببطلان الإجارة الثانية في شيء منها ، وأمّا من جهة الحكم بالضمان ففي مثل ما إذا كانت الإجارتان عامّتين خاليتين عن قيد المباشرة أو المدّة المضيّقة ، ولكن أهمل بحيث لم يكن في وسعه إلاّ العمل لأحدهما بنفسه يكون ضامناً لمن لم يعمل له إن كانت المدّة المأخوذة في العقد ملحوظة بنحو القيدية ، لصدق عنوان التفويت الموجب لثبوت اُجرة المثل عليه ، ولا مجال لأن يقال : إنّ مرجع إيجاب الوفاء عليه بنحو التخيير لفرض عدم القدرة على الوفاء بكلا العقدين إلى تجويز ترك العمل لأحدهما على سبيل التخيير ، والحكم بالضمان لا يجتمع مع حكم الشارع بجواز الترك الذي هو لازم كون الوجوب بنحو التخيير ، وذلك لأنّا نقول ـ مضافاً إلى ما عرفت من عدم خروج التكليف عن التعيين بمجرّد العجز وعدم القدرة ; لأنّه عذر في مخالفة التكليف الفعلي لا أنّ وجودها شرط في فعلية التكليف ـ أنّه لو سلّم تبدّل وصف التعيين بالتخيير في صورة العجز عن الوفاء بكلا العقدين كما هو المشهور نقول :
لا مجال لاستظهار نفي الضمان من الحكم بجواز الترك بعد وضوح كون السبب إهمال المكلّف ، وعدم الإتيان بمتعلّق الإجارتين بسوء الاختيار كما هو أوضح ، ومن المعلوم أنّه لا ملازمة بين الجواز وعدم الضمان ثبوتاً ، لوجود بعض الموارد التي سوّغ الشارع فيها الارتكاب مع ثبوت الضمان كأكل مال الغير عند الاضطرار ، وبالجملة فدعوى عدم ثبوت الضمان في مثل المقام ممنوعة جدّاً . هذا مع أخذ الزمان بنحو القيدية .