جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 107)

شبهة احتقار المعارضة وعدم الإعلان عنها

إنّه قد مرّ(1) في بيان حقيقة المعجزة والاُمور المعتبرة في تحقّقها : أنّ من جملتها السلامة من المعارضة ، وهذا الأمر لم يحرز في القرآن ; فإنّه من الممكن أنّه كان مبتلى بالمعارضة ، وأ نّه قد أُتي بما يماثل القرآن ، وقد اختفى علينا ذلك المماثل ، ولعلَّ سيطرة المسلمين واقتدارهم اقتضت خفاءه وفناءه ، ولولا ذلك لكان إلى الآن ظاهراً .

والجواب عنه أمّا أوّلاً : فقد أثبتنا في مقام الجواب عن بعض الشبهات السابقة(2) عجزهم وعدم اقتدارهم على الإتيان بمثل القرآن ، ومعلوم أ نّه مع ثبوت عجزهم لا يبقى موقع لهذا الوهم ; لأنّه يتفرّع على عدم الثبوت ، كما هو واضح .

وأمّا ثانياً : فالدليل على عدم الإتيان بالمعارض ، أ نّ المعارضة لو كانت حاصلة ، لكانت واضحة ظاهرة ، غير قابلة للاختفاء ولو طال الزمان كثيراً; ضرورة أ نّ المخالفين لهذا الدين القويم ، والمعاندين لهذه الشريعة المستقيمة ، كانوا من أوّل اليوم كثيرين ـ كثرة عظيمة ـ وكانوا مترصّدين لما يوجب ضعف الدين ، وسلب القوّة عن المسلمين ، فلو كانت المعارضة ولو بسورة واحدة مثل القرآن موجودة ، لكانت تلك لهم حجّةً قويّةً ليس فوقها حجّة ، وسلاحاً مؤثّراً ليس فوقه سلاح ، وسيفاً قاطعاً لا يتصوّر أقطع منه ، فكيف يمكن أن يرفعوا أيديهم عن مثل ذلك ؟ بل المناسبة تقتضي شهرتها وظهورها بحيث لا يخفى على أحد .

مع أنّه لم يكن حينئذ وجه لبقاء المسلمين على إسلامهم ; فإنّهم لم يكونوا ليتديّنوا بالدين الحنيف تعبّداً ، ولم يخضعوا دون النبيّ الصادع للشرع تعصّباً ، بل كان ذلك لاجتماع شروط المعجزة في القرآن الكريم ، وعدم اقتدار أحد على

  • (1) في ص 18 .
    (2) في ص101 ـ 105 .

(الصفحة 108)

معارضة الكتاب المجيد ، كما هو ظاهر .

فانقدح أ نّ المعارض لو كان لبان ، ولم يبقَ تحت سترة الخفاء والكمون ، فاحتمال وجود المانع عن تحقّق الإعجاز ممّا لا يتحقّق من الباحث غير المتعصّب ، والطالب غير العنود أصلاً .

شبهة وقوع المعارضة وتعداد من عارض بلاغة القرآن

إنّ التاريخ قد ضبط جماعة تصدّوا إلى الإتيان بما يماثل القرآن ، وأتوا بسورة أو أزيد ، بل بكتاب يزعمون أنّه لا فرق بينه وبين الفرقان ، ولعلّ ملاحظة ظاهره تقضي بصحّة ما يقولون . إذن فلا يبقى موقع لاتّصاف القرآن بالإعجاز ; لوجود المعارض ، بل المعارضات المتعدّدة . وقد مرّ(1) أنّ من شروط الإعجاز سلامة المعجزة عن المعارضة .

والجواب: أنّه لابدّ من ملاحظة حالات تلك الجماعة ، وخصوصيّات حياتهم ، والنظر فيما أتوا به ـ بعنوان المماثلة ـ ليظهر الحال ، وأ نّ ما أُتي به هل كان لائقاً بأن يتّصف بهذا العنوان ، وصالحاً لأن تنطبق عليه المعارضة للقرآن ، أو أنّ ذلك مجرّد تخيّل وحسبان ؟

فنقول: ـ وعلى الله التكلان ـ إنّ هذه الجماعة القليلة ، والطائفة اليسيرة بين من كانت له داعية النبوّة والسفارة ، وكان كتابه الذي جاء به بعنوان المعجزة ، وبين من لم يكن له تلك الداعية ، بل كان يزعم أ نّه يقدر على الإتيان بالمعارض من جهة اطّلاعه على الجهات الراجعة إلى البلاغة ، والمميّزات الأدبيّة ، وبين من لم يكن له هذه العقيدة أيضاً ، بل كان له كتاب قد استفاد منه المعاندون ، زعماً منهم أ نّه في رتبة

  • (1) في ص 18 .

(الصفحة 109)

القرآن من حيث البلاغة والفصاحة ، أو إغراءً وإضلالاً من دون زعم واعتقاد .

ولابدّ من النظر في حالاتهم وإن كانت نفس مخالفة مثل هؤلاء ، وقيامهم في مقام المعارضة ممّا يؤيّد إعجاز القرآن ، ويثبت تفوّقه ووقوعه في المرتبة التي لاتكاد تصل إليها أيدي البشر ، بداهة أنّ الكتاب الذي اعترف بالعجز في مقابله البلغاء المشهورون ، والفصحاء المعروفون ، والاُدباء الممتازون ، وخضع دونه المحقّقون والمتبحِّرون ، تكون مخالفة أمثال تلك الجماعة له دليلاً على قصور باعهم ، أو انحرافهم وضلالهم ، وهذا شأن كلّ حقيقة وآية كلّ واقعيّة ; فإنّ عدم خضوع أفراد قليلة غير ممتازة في مقابلها ، وعدم تسليمهم لها يؤيّد صدقها ، ويدلّ على النقص فيهم ، ولكن مع ذلك لا بأس بالنظر في حالات تلك الجماعة ، وفيما أتوا به بعنوان المعارضة . فنقول:
1 ـ مسيلمة بن حبيب، المعروف بالكذّاب

كان من أهل اليمامة ، وقد ادّعى النبوّة في عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله) في اليمامة في طائفة بني حنيفة ، وكان ذلك بعد تشرّفه بمحضر النبيّ (صلى الله عليه وآله) وقبوله للإسلام(1) ، وكان يصانع كلّ أحد ويتألّفه ، ولا يبالي أن يطّلع الناس منه على قبيح ; لأنّه لم يكن له غرض إلاّ الزعامة والرئاسة ، وكان يرى أ نّ ادّعاء النبوّة طريق إلى الوصول إليها ، وإلاّ فليس لها حقيقة وواقعيّة ، بل هي نوع من الكهانة الرائجة في تلك الأعصار ; ولذا طلب من النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يشركه في النبوّة ، أو يجعله خليفة له بعده ، وقد كتب إليه (صلى الله عليه وآله) في العام العاشر من الهجرة : «من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك ، أمّا بعد ; فإنّي قد أُشركت في الأمر معك ، وإنّ لنا نصف الأرض ، ولقريش

  • (1) السيرة النبويّة لابن هشام 4: 222 ـ 223 ، تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 137ـ 138 ، السنة 10 ، الكامل في التأريخ لابن الأثير 2 : 162 .

(الصفحة 110)

نصف الأرض ، ولكنّ قريشاً قوم يعتدون» .

فقدم عليه رسولان له بهذا الكتاب ، فقال لهما حين قرأ كتاب مسيلمة: فما تقولان أنتما؟

قالا : نقول كما قال . فقال: أما والله لولا أ نّ الرسل لا تُقتل لضربت أعناقكما .

ثمّ كتب إلى مسيلمة : «بسم الله الرحمن الرحيم ; من محمّد رسول الله إلى مسيلمة الكذّاب ، السلام على من اتّبع الهدى . أ مّا بعد ; فإنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين»(1) .

وكان معه نهار الرَّجَّال بن عُنفُوَة ، وكان قد هاجر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وقرأ القرآن وفقِّه في الدين ، فبعثه معلِّماً لأهل اليمامة ، وليشغب على مسيلمة ، وليَشدد من أمر المسلمين ، فكان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة ، شهد له أ نّه سمع محمّداً (صلى الله عليه وآله) يقول: إنّه قد أشرك معه ، فصدَّقوه واستجابوا له ، وأمروه بمكاتبة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ووعدوه إن هو لم يقبل أن يُعينوه عليه ، فكان نهار الرّجَّال بن عنفوة لايقول شيئاً إلاّ تابعه عليه ، وكان ينتهي إلى أمره ، وكان يؤذّن للنبيّ (صلى الله عليه وآله) ويشهد في الأذان أ نّ محمّداً رسول الله ، وكان الذي يؤذِّن له عبدالله بن النَّوّاحة ، وكان الذي يقيم له حُجَير بن عمير ويشهد له ، وكان مسيلمة إذا دنا حجير من الشهادة قال : صَرّح حجير ، فيزيد في صوته ، ويبالغ لتصديق نفسه وتصديق نهار ، وتضليل من كان قد أسلم ، فعظم وَقاره في أنفسهم(2) .

وكان له باعتقاده معجزات وخوارق عادات شبيهة بمعجزات النبيّ (صلى الله عليه وآله) وكراماته.

ومن جملة ذلك أ نّه أتته امرأة من بني حنيفة تكنّى باُمّ الهيثم ، فقالت: إنّ نخلنا

  • (1) السيرة النبويّة لابن هشام : 4 / 247 ، تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 146 ، أحداث سنة 10 هـ .
    (2) تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 282 ـ 283 ، أحداث سنة 11 هـ .

(الصفحة 111)

لسُحُق ، وإنّ آبارَنا لجُزُر (1)، فادع الله لمائنا ولنخلنا ، كما دعا محمّد لأهل هَزمان ، فقال: يا نَهار ما تقول هذه؟ فقال: إنّ أهل هزمان أتوا محمّداً (صلى الله عليه وآله) فشكوا بُعد مائهم ، وكانت آبارهم جُزراً(2) ، ونخلهم أ نّها سُحق ، فدعا لهم فجاشت آبارهم ، وانحَنَت كلّ نخلة قد انتهت حتّى وضعت جرانها لانتهائها ، فحكّت به الأرض حتّى أنشبت عروقاً ، ثمّ قُطعت من دون ذلك ، فعادت فسيلاً مكمّماً ينمى صاعداً .

قال: وكيف صنع بالآبار ؟ قال: دعا بسجل، فدعا لهم فيه ، ثمّ تمضمض بفمه منه ، ثمّ مجّه فيه ، فانطلقوا به حتّى فرّغوه في تلك الآبار ، ثمّ سَقَوه نخلهم ، ففعل النبيّ ما حدّثتك ، وبقي الآخر إلى انتهائه .

فدعا مسيلمة بدلو من ماء ، فدعا لهم فيه ، ثمّ تمضمض منه ، ثمّ مجّ فيه ، فنقلوه فأفرغوه في آبارهم ، فغارت مياه تلك الآبار ، وخوَى نخلُهم ، وإنّما استبان ذلك بعد مهلكه(3) .

ومن جملة ذلك أ نّه قال له نهار: برِّك على مولودي بني حنيفة ، فقال له: وما التبريك؟ قال: كان أهل الحجاز إذا ولد فيهم المولود أتوا به محمّداً (صلى الله عليه وآله) فحنّكه ، ومسح رأسه ، فلم يؤتَ مسيلمة بصبيّ فحنّكه ومسح رأسه إلاّ قَرع ولَثِغ ، واستبان ذلك بعد مهلكة(4) .

ومنها: أ نّه دخل يوماً حائطاً من حوائط اليمامة فتوضّأ ، فقال نهار لصاحب الحائط: ما يمنعك من وضوء الرحمن فتسقي به حائطك حتّى يَروى ويبتل ، كما صنع بنو المهريّة ; أهل بيت من بني حنيفة ـ وكان رجل من المهريّة قدم على النبيّ (صلى الله عليه وآله) فأخذ وضوءه ، فنقله معه إلى اليمامة ، فأفرغه في بئره ، ثمّ نزع وسقى ، وكانت أرضه تهوم ، فرويت وجَزَأت ، فلم تُلفَ إلاّ خضراء مهتزّة  ـ ففعل فعادت

  • (1 ، 2) كذا فى الأصل، وفي تاريخ الطبرى والكامل: لجُرُز، وجُرُزاً. (3 و 4) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 284 ـ 285 ، الكامل فى التاريخ 2 / 215 ـ 216 .