جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 111)

لسُحُق ، وإنّ آبارَنا لجُزُر (1)، فادع الله لمائنا ولنخلنا ، كما دعا محمّد لأهل هَزمان ، فقال: يا نَهار ما تقول هذه؟ فقال: إنّ أهل هزمان أتوا محمّداً (صلى الله عليه وآله) فشكوا بُعد مائهم ، وكانت آبارهم جُزراً(2) ، ونخلهم أ نّها سُحق ، فدعا لهم فجاشت آبارهم ، وانحَنَت كلّ نخلة قد انتهت حتّى وضعت جرانها لانتهائها ، فحكّت به الأرض حتّى أنشبت عروقاً ، ثمّ قُطعت من دون ذلك ، فعادت فسيلاً مكمّماً ينمى صاعداً .

قال: وكيف صنع بالآبار ؟ قال: دعا بسجل، فدعا لهم فيه ، ثمّ تمضمض بفمه منه ، ثمّ مجّه فيه ، فانطلقوا به حتّى فرّغوه في تلك الآبار ، ثمّ سَقَوه نخلهم ، ففعل النبيّ ما حدّثتك ، وبقي الآخر إلى انتهائه .

فدعا مسيلمة بدلو من ماء ، فدعا لهم فيه ، ثمّ تمضمض منه ، ثمّ مجّ فيه ، فنقلوه فأفرغوه في آبارهم ، فغارت مياه تلك الآبار ، وخوَى نخلُهم ، وإنّما استبان ذلك بعد مهلكه(3) .

ومن جملة ذلك أ نّه قال له نهار: برِّك على مولودي بني حنيفة ، فقال له: وما التبريك؟ قال: كان أهل الحجاز إذا ولد فيهم المولود أتوا به محمّداً (صلى الله عليه وآله) فحنّكه ، ومسح رأسه ، فلم يؤتَ مسيلمة بصبيّ فحنّكه ومسح رأسه إلاّ قَرع ولَثِغ ، واستبان ذلك بعد مهلكة(4) .

ومنها: أ نّه دخل يوماً حائطاً من حوائط اليمامة فتوضّأ ، فقال نهار لصاحب الحائط: ما يمنعك من وضوء الرحمن فتسقي به حائطك حتّى يَروى ويبتل ، كما صنع بنو المهريّة ; أهل بيت من بني حنيفة ـ وكان رجل من المهريّة قدم على النبيّ (صلى الله عليه وآله) فأخذ وضوءه ، فنقله معه إلى اليمامة ، فأفرغه في بئره ، ثمّ نزع وسقى ، وكانت أرضه تهوم ، فرويت وجَزَأت ، فلم تُلفَ إلاّ خضراء مهتزّة  ـ ففعل فعادت

  • (1 ، 2) كذا فى الأصل، وفي تاريخ الطبرى والكامل: لجُرُز، وجُرُزاً. (3 و 4) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 284 ـ 285 ، الكامل فى التاريخ 2 / 215 ـ 216 .

(الصفحة 112)

يباباً لا ينبت مرعاها(1) .

ومنها: ما في كتاب «آثار البلاد وأخبار العباد» من أنّهم طلبوا منه المعجزة ، فأخرج قارورة ضيّقة الرأس فيها بيضة ، فآمن به بعضهم ، وهم بنو حنيفة أقلّ الناس عقلاً ، فاستخفّ قومه فأطاعوه ! وبنو حنيفة اتّخذوا في الجاهلية صنماً من العسل والسمن يعبدونه ، فأصابتهم في بعض السنين مجاعة فأكلوه ، فضحك على عقولهم الناس وقالوا فيهم:

أكلت حنيفةُ ربَّها *** زمنَ التقحّم والمجاعه

لم يحذروا من ربّهم *** سوء العواقب والتباعه(2)

وحكي أ نّه رأى حمامة مقصوصة الجناح ، فقال: لِمَ تُعذِّبون خلق الله ؟ لو  أراد الله من الطير غير الطيران ما خلق لها جناحاً ، وإنّي حرّمت عليكم قصّ جناح الطائر ، فقال بعضهم: سلِ الله الذي أعطاك آية البيض أن ينبت له جناحاً ، فقال: إن سألت فأنبت له جناحاً فطار تؤمنون بي؟ قالوا: نعم ، فقال: إنّي اُريد أن   اُناجي ربِّي ، فأدخلوه معي هذا البيت حتّى أخرجه وافي الجناح حتّى يطير ، فلمّا خلا بالطائر أخرج ريشاً كان معه ، وأدخل في قصبة كلّ ريشة مقطوعة ريشة ممّا كان معه ، فأخرجه وأرسله فطار وآمن به جمع كثير(3) .

وحكي أ نّه قال في ليلة منكرة الرياح مظلمة: إنّ الملك ينزل إليَّ الليلة ، ولأجنحة الملائكة صلصلة وخشخشة ، فلا يخرجن أحدكم ; فإنّ من تأمّلهم اختطف بصره ، ثمّ اتّخذ صورة من الكاغذ لها جناحان وذنب ، وشدّ فيها الجلاجل والخيوط الطوال ، فأرسل تلك الصورة وحملتها الريح ، والناس بالليل يرون

  • (1) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 285 ، أحداث سنة 11هـ . (2 ، 3) آثار البلاد وأخبار العباد : 134 ـ 135 .

(الصفحة 113)

الصورة ويستمعون صوت الجلاجل ولا يرون الخيط ، فلمّا رأوا ذلك دخلوا منازلهم خوفاً من أن تختطف أبصارهم ، فصاح بهم صائح : من دخل منزله فهو آمن ! فأصبحوا مطبقين على تصديقه(1) .

ومنها: غير ذلك ممّا هو مذكور في كتب التواريخ كالطبري وغيره .

وقد ورد في شأن الرجّال بن عُنفُوة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ما رواه أبو هريرة : أ نّه قال: جلست مع النبيّ (صلى الله عليه وآله) يوماً في رهط معنا الرَّجَّال بن عنفوة ، فقال: «إنّ فيكم لرجلاً ضرسه في النار أعظم من اُحد » فهلك القوم ، وبقيت أنا والرّجال . فكنت متخوّفاً لها حتّى خرج الرّجال مع مسيلمة ، فشهد له بالنبوّة ، فكانت فتنة الرّجال أعظم من فتنة مسيلمة(2) .

وبالجملة : كان مسيلمة يزعم أنّ له قرآناً ينزل عليه بسبب ملك اسمه «الرحمن» وكان كتابه مشتملاً على فصول وجملات ، بعضها مرتّب ، وبعضها مشتمل على الحوادث الواقعة له ، والقضايا المتضمّنة لأحواله وأوضاعه ، وبعضها جواب عن الأسئلة ، ولكنّ الجميع مشترك في أمر واحد ; وهو الدلالة على قصور عقل صاحبه ، وضعف مرتبته العلميّة ، وجهله بحقيقة النبوّة ، وعدم اعتقاده بعالم الآخرة وما وراء الطبيعة . ولذا ورد فى حقّه: أنّه قيل للأحنف ـ وكان من زفّ سجاح بنت الحارث الى مسيلمة الكذّاب ـ : كيف وجدته؟ قال: ما هو بنبيّ صادق ولابمتنبّئ حاذق(3).

وحكي عن عمير بن طلحة النمري ، عن أبيه ، أنّه جاء اليمامة ، فقال: أين مسيلمة؟ فقالوا: مه رسول الله ! فقال: لا ، حتّى أراه ، فلمّا جاءه قال: أنت مسيلمة؟

  • (1) آثار البلاد وأخبار العباد: 135 ـ 136 .
    (2) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 287 ، أحداث سنة 11 ، البداية والنهاية: 6 / 317 .
    (3) محاضرات الاُدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء: 4 / 162 .

(الصفحة 114)

قال: نعم ، قال: من يأتيك؟ قال: رحمن ، قال: أفي نور أو في ظلمة؟ فقال: في ظلمة ، فقال: أشهد أنّك كذّاب ، وأ نّ محمّداً صادق ، ولكن كذّاب ربيعة أحبّ إليّ من صادق مُضَر ، فقتل معه يوم عقرباء(1) .

ومن جملة قرآنه: «والمبذّرات زرعاً ، والحاصدات حصداً ، والذاريات قمحاً ، والطاحنات طحناً ، والخابزات خُبزاً ، والثاردات ثرداً ، واللاقمات لقماً ، إهالةً وسمناً ، لقد فُضّلتم على أهل الوبر ، وما سبقكم أهل المدر ، ريفكم فامنعوه ، والمعترّ فآووه ، والباغي فناوئوه»(2) .

وكان يقول: يا ضفدع ابنة ضفدع ، نُقِّي ما تُنقِّين ، أعلاك في الماء ، وأسفلك في الطين ، لا الشارب تمنعين ، ولا الماء تكدّرين(3) .

وحكي عن كتاب «الحيوان» للجاحظ أ نّه قال: ولا أدري ما هيّج مسيلمة على ذكرها (أي الضفدع) ولم ساءرأيه فيها، حيث جعل بزعمه فيمانزل عليه من قرآنه...(4).

وكان يقول: «والشاء وألوانها ، وأعجُبها السود وألبانها ، والشاة السوداء ، واللبن الأبيض ، إنّه لعجب محض ، وقد حرِّم المذق(5) فما لكم لا تمجعون»(6) .

وكان يقول: «الفيل وما الفيل ، وما أدريك ما الفيل ، له ذنبٌ وبيل ، وخرطومٌ طويل»(7) .

وأيضاً يقول: «لقد أنعم الله على الحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين

  • (1) تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 286 ، البداية والنهاية  6 : 320 . (2 ، 3) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 284 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير: 2 / 215 ، البداية والنهاية 6 : / 319 ، آثار البلاد وأخبار العباد: 136 .
    (4) كتاب الحيوان ، لأبي عثمان الجاحظ: 5 / 530 ، إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة: 122 .
    (5) المذق: مزج اللبن بالماء . والمَجع: اللبن يشرب على التمر . هامش إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة للرافعي: 122 .
    (6) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 284 ، أحداث سنة 11 .
    (7) البداية والنهاية 6 : 320 ، آثار البلاد وأخبار العباد : 136 .

(الصفحة 115)

صفاق وحشى»(1) ،(2) .

وغير ذلك من الكلمات التي دلالتها على قصور صاحبها أقوى من دلالتها على معنى مقصود ، وحكايتها عن صدورها عن المبتلى بمرض حبّ الجاه والرئاسة أوضح من حكايتها عن صدورها عمّن يريد كشف الحقيقة ، وبيان الواقعيّة ، كما هو ظاهر لمن يطلب الهداية ، ويجتنب طريق الضلالة .

وبالجملة: فقد حكي عن ابن عبّاس أ نّه قال: «كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد ضرب بعث اُسامة ، فلم يستتبّ لوجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولخلع مسيلمة والأسود ، وقد أكثر المنافقون في تأمير اُسامة حتّى بلغه ، فخرج النبي (صلى الله عليه وآله) على الناس عاصباً رأسه من الصُّداع لذلك الشأن وانتشاره ، لرؤيا رآها في بيت عائشة ، فقال: إنّي رأيت البارحة ـ فيما يرى النائم ـ أنّ في عضديّ سوارين من ذهب ، فكرهُتهما فنفختُهما فطارا ، فأوّلتُهما هذين الكذّابين: صاحب اليمامة ، وصاحب اليمن ، وقد بلغني أنّ أقواماً يقولون في إمارة اُسامة ، ولعمري لئن قالوا في إمارته ، لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله ! وإن كان أبوه لخليقاً للإمارة ، وإنّه لخليق لها ، فأنفذوا بعث اُسامة»(3) إلى آخر الحكاية .

وفي تاريخ الطبري نقلاً عن أبي هريرة : «أ نّه بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) بعث إلى أهل اليمامة أبو بكر خالداً ، فسار حتّى إذا بلغ ثنيّة اليمامة ، استقبل مَجَّاعة بن مرارة ـ وكان سيِّد بني حنيفة ـ في جِبلّ من قومه ، يريد الغارة على بني عامر ،

  • (1) الصِفاق: جلد البطن الأسفل الذي إذا سُلخت الشاة فنُزع منها مَسَكُها الأعلى بقي منه ما يمسك البطن ، فإذا انشقّ الصِفاق كان منه الفتق . الحشى: ما دون الحجاب ممّا في البطن من كبد وطحال وكرش وما تبعه . الإفصاح في فقه اللغة ، حسين يوسف موسى وعبد الفتاح الصعيدي 1 : 85 ، 86 .
    (2) تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 138 ، أحداث سنة 10 .
    (3) تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 186 ، أحداث سنة 11 .