جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 123)

المسلمون ـ وهم على ذلك ـ بخبر موت نبيّهم (صلى الله عليه وآله)  ، وقال ناس من الناس لتلك الضربة : إنّ السلاح لا يحيك(1) في طليحة ، فما أمسى المسلمون من ذلك اليوم حتّى عرفوا النقصان ، وارفضّ الناس إلى طليحة واستطار أمره .

فلمّا مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام عيينة بن حِصن في غطفان ، فقال: ما أعرف حدود غطفان منذ انقطع ما بيننا وبين بني أسد ، وإنّي لمجدّد الحلف الذي كان بيننا في القديم ، ومتابع طليحة ، والله لأن نتّبع نبيّاً من الحليفين أحبّ إلينا من أن نتّبع نبيّاً من قريش ، وقد مات محمّد وبقي طليحة ، فطابقوه على رأيه ، ففعل وفعلوا(2) .

ثمّ إنّ أبا بكر لمّا رجع إليه اُسامة ومن كان معه من الجيش ، أمر خالداً أن يصمد لطليحة وعيينة بن حصن ، وهما على بُزاحة ماء من مياه بني أسد(3) ، وخرج إليه عيينة مع طليحة في سبعمائة من بني فزارة ، ووقع بينهم قتال شديد ، وطليحة متلفّف في كساء له بفناء بيت له من شَعر ، يتنبّأ لهم والناس يقتتلون ، فلمّا هزّت عيينة الحرب ، وضرس القتال ، كرّ على طليحة فقال: أجاءك جبريل بعد؟ قال: لا ، فرجع فقاتل حتّى إذا ضرس القتال وهزّته الحرب ، كرّ عليه فقال: لا أبا لك  ! أجاءك جبريل بعد؟ قال: لا والله ، ثمّ رجع فقاتل حتّى إذا بلغ كرّ عليه ، فقال: هل جاءك جبريل بعد؟ قال: نعم ، قال: فماذا قال لك؟ قال: قال لي: إنّ لك رحاً كرحاه ، وحديثاً لا تنساه .

قال: يقول عيينة : أظنّ أن قد علم الله أ نّه سيكون حديث لا تنساه ، يابني فزارة هكذا فانصرفوا ، فهذا والله كذّاب ، فانصرفوا وانهزم الناس ، فغشوا طليحة يقولون: ماذا تأمرنا ؟ وقد كان أعدَّ فرسه عنده ، فلمّا أن غشوه يقولون : ماذا

  • (1) يقال: ضربه بالسيف فما حاك فيه وما أحاك إذا لم يعمل فيه ، أساس البلاغة: 150 (حيك) .
    (2) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 256 ـ 257 .
    (3) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 254 .

(الصفحة 124)

تأمرنا ؟ قام فوثب على فرسه وحمل امرأته ثمّ نجا بها ، وقال : من استطاع منكم أن  يفعل مثل ما فعلت ، وينجو بأهله فليفعل ، فلمّا أوقع الله بطليحة وفزارة ما أوقع ، أقبل أولئك يقولون: ندخل فيما خرجنا منه ، ونؤمن بالله ورسوله ، ونسلّم لحكمه في أموالنا وأنفسنا(1) .

وقد أسلم طليحة بعد ذلك حين بلغه أنّ أسداً وغطفان وعامراً قد أسلموا ، ثمّ خرج نحو مكّة معتمراً في إمارة أبي بكر ، ومرّ بجنبات المدينة ، فقيل لأبي بكر: هذا طليحة ، فقال: ما أصنع به ؟ خلّوا عنه ، فقد هداه الله للإسلام ، ومضى طليحة نحو مكّة فقضى عمرته ، ثمّ أتى عمر إلى البيعة حين استخلف ، فقال له عمر: أنت قاتلُ عُكاشة وثابت ، والله لا أحبّك أبداً ، فقال: ما تهمّ من رجلين أكرمهما الله بيدي ، ولم يهنّئ بأيديهما ، فبايعه عمر ثمّ قال له: يا خدع ما بقي من كهانتك؟ قال: نفخة أو نفختان بالكير ، ثمّ رجع إلى دار قومه ، فأقام بها حتّى خرج إلى العراق(2) .

وبالجملة: فيزعم في زمان ادّعائه للنبوّة أ نّ ملكاً ينزل الوحي عليه واسمه «ذوالنون» أو «جبرائيل» ولكنّه لم يدّع كتاباً لنفسه ، وكان من جملة ما يدّعي الوحي عليه ما حكاه عنه في معجم البلدان من قوله: «إنّ الله لا يصنع بتعفير وجوهكم وقبح أدباركم شيئاً ، فاذكروا الله قُيّاماً ، فإنّ الرغوة فوق الصريح»(3) .

وما حكاه الطبري عن رجل من بني أسد حين أُتي به خالداً ، وسأله عمّا يقول

  • (1) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 256 .
    (2) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 261 ، حوادث سنة 11 هـ ، ويلاحظ شرح حاله مختصر تاريخ دمشق: 11 / 214 ـ 219 ، ترجمة 122 وغيره .
    (3) معجم البلدان: 1 / 485 ، الرقم 1851، إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة ، مصطفى صادق الرافعي: 122 ، عن معجم البلدان . الرغوة (مثلثة الراء): زبد اللبن ، رغا اللبن يرغو رغواً وأرغى: صارت له رَغوة . وارتغى فلان: أخذ الرغوة بيده، فأهوى بها إلى فمه. الإفصاح في فقه اللغة، حسين يوسف موسى وعبدالفتاح الصعيدي 1: 457.

(الصفحة 125)

طليحة لهم : «والحمام واليمام ، والصرد الصوّام ، قد صمُن قبلكم بأعوام ، ليبلغنّ ملكُنا العراق والشام»(1) واليمام الحمام البرّي .

5 ـ النضر بن الحارث بن كلدة

هو ، وعقبة بن أبي معيط ، وعاص بن وائل السهمي ; هم الذين بعثتهم قريش إلى نجران ; ليتعلّموا مسائل يسألونها رسول الله (صلى الله عليه وآله)  .

وعن المناقب ، عن الكلبي: كان النضر بن الحارث يتّجر فيخرج إلى فارس ، ويشتري أخبار الأعاجم ، فيرويها ويحدِّث بها قريشاً ، ويقول لهم: «إنّ محمّداً عليه الصلاة والسلام يحدّثكم بحديث عاد وثمود ، وأنا اُحدّثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة» فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن ، فنزلت فيه هذه الآية (وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْم وَ يَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَـئـِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) (2) .

ونقل أ نّ في أيّام الشعب كان من دخل من العرب مكّة لا يجسر أن يبيع من بني هاشم شيئاً ، ومن ابتاع منهم شيئاً انتهبوا ماله ، وكان النضر ورفيقاه وأبو جهل يخرجون من مكّة إلى الطرقات التي تدخل مكّة ، فمن رأوه معه ميرة نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئاً ، ويحذِّروه إن باع شيئاً منهم أن ينهبوا ماله(3) .

هذا ، ولكنّ الرجل لم يكن له داعية النبوّة ، ولكنّه يزعم إمكان معارضته للقرآن ، وبسبب حماقته لم يعتن به المؤرِّخون والاُدباء ، ولم يقع شيء ممّا أتى به بهذا العنوان مورداً لتوجّه من له أدنى خبرة بالبلاغة والفصاحة ، فضلاً عن غيرهما

  • (1) تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 260 ، حوادث سنة 11 هـ ، الكامل في التاريخ: 2 / 205 ـ 206 .
    (2) أسباب النزول: 200 ، مناقب آل أبي طالب (عليهم السلام) لابن شهرآشوب : 1 / 52 . والآية في سورة لقمان 31: 6 .
    (3) إعلام الورى: 1 / 125 .

(الصفحة 126)

من الشؤون المختلفة الموجودة في القرآن المثبتة لإعجازه ، كما عرفت شطراً منها فيما تقدّم (1).

6 ـ أبو الحسن عبدالله بن المقفّع الفارسي

الفاضل المشهور الماهر في صنعة الإنشاء والأدب ، كان مجوسيّاً أسلم على يد عيسى بن عليّ عمّ المنصور بحسب الظاهر ، وكان كابن أبي العوجاء ، وابن طالوت ، وابن الأعمى على طريق الزندقة ، وهو الذي عرّب كتاب «كليلة ودمنة» وصنّف الدرّة اليتيمة ، وكان كاتباً لعيسى المذكور(2) .

وقد زعم بعض أ نّه عارض القرآن مدّة ، ثمّ ندم على ذلك ومزّق ما كتبه في هذه الجهة ، ونقل أ نّ السبب في ندامته ، ورجوعه عن عزيمته أ نّه حينما كان يعارض القرآن وصل إلى هذه الآية الشريفة: (وَ قِيلَ يَـأَرْضُ ابْلَعِى مَآءَكِ وَ يَـسَمَآءُ أَقْلِعِى) (3) إلخ فقال: إنّ المعارضة مع هذه الآية خارجة عن الاستطاعة البشريّة ، فرفع اليد عنها ومزّق ما كتبه في ذلك(4) .

قال الرافعي صاحب كتاب «إعجاز القرآن» في تعريف الرجل: «زعموا أ نّه اشتغل بمعارضة القرآن مدّة ، ثمّ مزّق ما جمع واستحيا لنفسه من إظهاره» ثمّ قال: «وهذا عندنا إنّما هو تصحيح من بعض العلماء ، ولما تزعمه الملحدة من أنّ كتاب «الدرّة اليتيمة»(5) لابن المقفّع ، هو في معارضة القرآن ، فكأنّ الكذب لا يدفع إلاّ

  • (1) فى ص 27 ـ 86 .
    (2) الأعلام للزركلي: 4 / 140 .
    (3) سورة هود 11 : 44 .
    (4) راجع البرهان في علوم القرآن: 2 / 95 ، وإعجاز القرآن والبلاغة النبويّة: 124 والاحتجاج: 2 / 307 .
    (5) كتب في هامش إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة: 124 في شأن الكتاب: «طبع هذا الكتاب مراراً، وهو من الرسائل الممتعة ، يعدّ طبقة من طبقات البلاغة العربيّة ، ولكنّه في المعارضة ليس هناك لا قصداً ولا مقاربة ، ونحن لا نرى فيه شيئاً لا يمكن أن يؤتى بأحسن منه ، وما كلّ ممتع ممتنع . وقال الباقلاني: إنّه منسوخ من كتاب بزرجمهر في الحكمة ، وهذا هو الرأي ; فإنّ ابن المقفّع لم يكن إلاّ مترجماً ، وكان ينحط إذا كتب ، ويعلو إذا ترجم ; لأنّ له في الاُولى عقله ، وفي الثانية كلّ العقول ، وفي «اليتيمة» عبارات وأساليب مسروقة من كلام الإمام علي(عليه السلام)  .

(الصفحة 127)

بالكذب ، وإذا قال هؤلاء : إنّ الرجل قد عارض وأظهر كلامه ثقة منه بقوّته وفصاحته ، وإنّه في ذلك من وزن القرآن وطبقته ، وابن المقفّع هو من هو في هذا الأمر ، قال أولئك: بل عارض ومزّق واستحيا لنفسه . . .!

أ مّا نحن فنقول: إنّ الروايتين مكذوبتان جميعاً ، وإنّ ابن المقفّع من أبصر الناس باستحالة المعارضة ; لا لشيء من الأشياء ، إلاّ لأنّه من أبلغ الناس ، وإذا قيل لك: إنّ فلاناً يزعم إمكان المعارضة ، ويحتجّ لذلك ، وينازع فيه ، فاعلم أنّ فلاناً هذا في الصناعة أحد رجلين اثنين : إمّا جاهل يصدق في نفسه ، وإمّا عالم يكذب على الناس ، ولن يكون (فلان) ثالث ثلاثة !

وإنّما نسبت المعارضة لابن المقفّع دون غيره من بلغاء الناس ; لأنّ فتنة الفرق الملحدة إنّما كانت بعده ، وكان البلغاء كافّة لا يمترون في إعجاز القرآن وإن اختلفوا في وجه إعجازه ، ثمّ كان ابن المقفّع متّهماً عند الناس في دينه ، فدفع بعض ذلك إلى بعض ، وتهيّأت النسبة من الجملة .

ولو كانت الزندقة فاشية أيّام عبد الحميد الكاتب (1) ، وكان متّهماً بها ، أو كان له عرق في المجوسيّة ، لما أخلته إحدى الروايات من زعم المعارضة ، لا لأ نّه زنديق ، ولكن لأنّه بليغ يصلح دليلاً للزنادقة .

  • (1) عبد الحميد بن يحيى بن سعد العامري ، المعروف بالكاتب ، توفّي سنة 132 هـ عالم كاتب أديب بليغ ، له رسائل تقع في نحو ألف ورقة ، فهو أوّل من أطال الرسائل ، واستعمل التحميدات في فصول الكتب ، كان كاتباً في ديوان مروان بن محمد آخر ملوك بني اُميّة في المشرق ، وأبى مفارقته حتى قتل معه بمصر من قبل العباسيّين (الأعلام للزركلي 3: 289 ـ 290 ) .