جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 239)

(وَمَنْ أَظْـلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِىَ إِلَىَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَىْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ) (1) .

رواية مرويّة في الكافي بإسناده عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته عن قول ـ الله عزّوجلّ  ـ : ( وَمَنْ أَظْـلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِىَ إِلَىَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَىْءٌ)  .

قال : نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر ، وهو ممّن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هدر دمه  يوم فتح مكّة، وكان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وآله)  ، فإذا أنزل الله ـ عزّوجلّ ـ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (2) كتب : «إنّ الله عليم حكيم» ، فيقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : دعها فإنّ الله عليم حكيم . وكان ابن أبي سرح يقول للمنافقين : إنّي لأقول من نفسي مثل ما يجيء به فما يغيّر عليّ ، فأنزل الله ـ تبارك وتعالىـ فيه الذي أُنزل(3) .

إلاّ أنّها لا تدلّ على وقوع التحريف ، وشيوع الكتاب المحرّف بين المسلمين ; فإنّ هذا الرجل كان واحداً من الكتّاب المتعدّدين المتكثّرين ، مع أنّ مناسبة الآية مع هذه القصّة غير واضحة ، كما أنّ صدق القصّة بنفسها كذلك .

وكيف كان ، فدلالة ما ورد منها عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) إنّما هي لأجل وضوح عدم كون العرض على الكتاب المأمور به في هذه الأخبار مقصوراً على خصوص زمان حياته (صلى الله عليه وآله)  ، وليس المراد أ نّه يكون هذا الحكم موقّتاً ومحدوداً بوقت مخصوص وحدّ

  • (1) سورة الأنعام 6 : 92 .
    (2) سورة البقرة 2: 220، وسورة الأنفال 8: 10، وسورة التوبة 9: 71، وسورة لقمان 31: 27 .
    (3) الكافي: 8 / 201 ح242 ، تفسير العيّاشي: 1 / 369 ح60 ، وعنهما تفسير الصافي: 2 / 139، والبرهان في تفسير القرآن: 2 / 452 و 453 ح3569 و 3571، وبحار الأنوار: 92 / 37 ـ 38 ح3 و4 . وفي شرح اُصول الكافي والروضة للمولى محمد صالح المازندراني: 12 / 252 ح242 وتفسير نور الثقلين: 1 / 745 ح179 عن الكافي .

(الصفحة 240)

معيّن ، بل ظاهره دوام هذا الحكم بدوام الدين ، واستمراره باستمرار شريعة سيِّد المرسلين صلوات الله عليه وعلى أولاده الطاهرين .

وحينئذ فلا يبقى مجال لما ذكره المحدِّث المعاصر من عدم منافاة ما ورد عنه (صلى الله عليه وآله) ثبوت التغيير بعده ، وورود الرواية به ، نظراً إلى عدم حصول التغيير في عصره (1) .

وقد عرفت أنّ الحكم دائميّ غير محدود ، فيجري في هذه الأخبار ما يجري في الأخبار الواردة عن العترة الطاهرة (عليهم السلام)  ، الدالّة على عرض أخبارهم على الكتاب ، وتشخيص الحقّ عن الباطل بسببه .

وأمّا ما ورد عنهم (عليهم السلام) في ذلك ، فدلالته على عدم وقوع التحريف والتبديل في الكتاب ، وكونه حجّة مستقلّة مبتنية على ملاحظة أ نّ الغرض من هذه الأخبار هو بيان الميزان الذي به يتحقّق تمييز الحقّ عن الباطل من الروايات الصادرة المنقولة عنهم  (عليهم السلام)  ، وأ نّ الملاك والمناط في ذلك هو موافقة الكتاب ، وعدم مخالفته ، ففي الحقيقة تكون الموافقة قرينة على الصدق ، وأمارة على الصدور منهم (عليهم السلام)  ، ولايتحقّق ذلك إلاّ بكون الكتاب حجّة مستقلّة غير متوقّفة على شيء ; ضرورة أنّ الكتاب الذي يحتاج إلى التصويب والإمضاء كيف يكون ميزاناً لتمييز الحقّ عن الباطل ، ممّا ورد عنهم ، ونسب إليهم (عليه السلام) ؟! .

وبالجملة : غرض الأ ئـمّة (عليهم السلام) من هذه الأخبار نفي كون أقوالهم ، وما ورد عنهم (عليهم السلام) من أحكام مخالفة الكتاب الذي هو الثقل الأكبر ، والميزان الذي لا يرتاب فيه مسلم ، ولا يلائم ذلك أصلاً مع توقّف حجّيته على تصويبهم وإمضائهم ، فأخبار العرض على الكتاب من أعظم الشواهد على عدم وقوع التحريف في الكتاب ، وبقائه على الحجّية المستقلّة إلى يوم القيامة .

  • (1) فصل الخطاب ، الباب الثاني ، الأمر الرابع : 340 .

(الصفحة 241)

وممّا ذكرنا ينقدح النظر فيما ذكره المحدّث المعاصر من أنّ ما جاء عنهم (عليهم السلام) فهو قرينة على أنّ الساقط لم يضرّ بالموجود ، وتمامه من المنزل للإعجاز ، فلا مانع من العرض عليه (1); فإنّك عرفت أ نّ العرض على الكتاب لتمييز الحقّ عن الباطل ، وتشخيص السقيم عن الصحيح ، ولا يلائم ذلك مع توقّف حجّية الكتاب على إمضائهم (عليهم السلام) أصلاً .

كما أنّ دعوى اختصاص ذلك بخصوص آيات الأحكام ، فلا يعارض ما ورد في النقص فيما يتعلّق بالفضائل والمثالب ، بل صريح المحدّث البحراني (رحمه الله) في الدرر النجفيّة : «أ نّه لم يقع فيها (آيات الأحكام) شيء من ذلك ; لعدم دخول النقص عليهم (على الخلفاء) من جهتها»(2) .

مدفوعة ـ مضافاً إلى عدم ثبوت ذلك في خصوص تلك الآيات ـ بأنّ الاختصاص بها لا وجه له ، بعد ملاحظة أنّ الكتاب كما مرّ(3) مراراً ليس كتاباً فقهيّاً يتعرّض لخصوص القوانين التشريعيّة ، والأحكام العمليّة ، وبعد ملاحظة عدم اختصاص تلك الأخبار الدالّة على العرض بخصوص الروايات المتعرّضة للأحكام ، كما هو واضح .

فقد ظهر من جميع ما ذكرنا : تماميّة الاستدلال بأخبار العرض على الكتاب ; لعدم تحريفه وعدم وقوع النقص فيه . كما أنّ الاستدلال بالروايات الحاكية لاستشهاد الأ ئـمّة (عليهم السلام) في موارد متعدّدة بالكتاب لذلك ممّا لا تنبغي المناقشة فيه أصلاً ; ضرورة أنّه لو لم يكن الكتاب حجّة مستقلّة ، ودليلاً تامّاً غير متوقّف على

  • (1) فصل الخطاب ، الباب الثاني ، الأمر الرابع: 340 .
    (2) الدرر النجفيّة ، للعلاّمة المحدّث الشيخ يوسف البحراني : 4 / 69 ، وعنه فصل الخطاب ، الباب الثاني ، الأمر الرابع: 340 .
    (3) في ص106 و 229 ـ 230 .

(الصفحة 242)

الإمضاء والتصويب ; لما كان وجه للاستشهاد ، وليس الاستشهاد منحصراً بالموارد التي يكون محلّ الخلاف بينهم وبين علماء العامّة .

فقد عرفت سابقاً(1) بعض الموارد التي استدلّ (عليه السلام) بالكتاب في مقابل زرارة ، وإفهام بعض السائلين من الشيعة ، بل يستفاد من رواية زرارة المتقدّمة(2) الواردة في المسح ببعض الرأس : أ نّ الكتاب من طرق علم الإمام (عليه السلام)  ، فكيف يكون مع ذلك متوقّفاً على إمضائه (عليه السلام) ؟ .

فانقدح أ نّ المتأمِّل المنصف ، الخالي عن العناد والتعصّب ، لا يكاد يرتاب في دلالة هذه الأخبار أيضاً على خلوّ القرآن عن النقص والتحريف ، والتغيير والتبديل.

الدليل السادس : من الاُمور الدالّة على عدم التحريف ، الأخبار الكثيرة الواردة في بيان أحكام أو فضائل لختم القرآن أو سوره ، قال الصدوق (رحمه الله) فيما حكي عنه :

«وما روي من ثواب قراءة كلّ سورة من القرآن ، وثواب من ختم القرآن كلّه(3) ، وجواز قراءة سورتين في ركعة نافلة ، والنهي عن القِران بين سورتين في ركعة فريضة(4) ، تصديق لما قلناه في أمر القرآن ، وأ نّ مبلغه ما في أيدي الناس . وكذلك ما روي من النهي عن قراءة القرآن كلّه في ليلة واحدة ، وأ نّه لا يجوز أن  يختم في أقلّ من ثلاثة أيّام(5); تصديق لما قلناه أيضاً» (6) .

  • (1 ، 2) في ص174 ـ 177 .
    (3) ثواب الأعمال: 125 ـ 158 ، بحار الأنوار: 92 / 223ـ 369 .
    (4) وسائل الشيعة: 6 / 440 ، كتاب الصلاة ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب4 ح2 و 3 ، وص50 ـ 53 ب8 ، وبحار الأنوار: 85 / 53 ـ 54 ح45 وملحقه، ومستدرك الوسائل: 4 / 162ـ 163 ب6 .
    (5) الكافي: 2 / 617ـ 619 ، باب في كم يقرأ القرآن ويختم ، وسائل الشيعة: 6 / 215ـ 218 ، كتاب الصلاة ، أبواب قراءة القرآن ب27 .
    (6) الاعتقادات للشيخ الصدوق ، المطبوع مع سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد: 5 / 84 ب 33 .

(الصفحة 243)

وأدلّ من ذلك وجوب قراءة سورة كاملة في كلّ ركعة من الصلوات المفروضة ، وجواز تقسيمها في صلاة الآيات ; فإنّه من الواضح أنّ هذا الحكم كان ثابتاً في أصل الشريعة بتشريع الصلاة ، وأ نّ الصلاة التي كان المسلمون في الصدر الأوّل يصلّونها مشتملة على حكاية سورة من القرآن زائدة على فاتحة الكتاب ، التي لا صلاة إلاّ بها ، كما في الرواية (1) .

وحينئذ لا يبقى خفاء في أنّ المراد بها هي السورة الكاملة من الكتاب الواقعي الذي كان بأيدي المسلمين في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله)  ، ولم يقع فيه تحريف ولا تغيير على فرض وقوعه بعده .

وحينئذ فالقائل بالتحريف يلزم عليه ـ في قبال هذا الحكم الذي موضوعه هو الكتاب الواقعي ـ الالتزام بأحد اُمور لا ينبغي الالتزام بشيء منها ، ولا يصحّ ادّعاؤه أصلاً :

الأوّل : عدم جوب قراءة السورة بعد عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ; لعدم التمكّن من إحرازها ، فلا وجه لوجوبها ; لأنّ الأحكام إنّما تتوجّه في خصوص صورة التمكّن ، والمفروض عدمه بعد ذلك العصر الشريف .

ويردّه ـ مضافاً إلى عدم التزامه به لا قولاً ولا عملاً ; لعدم خلوّ صلاته عن قراءة السورة ، وإلى وضوح ظهور تشريعها ، وإيجابها في الدوام والاستمرار ، وعدم الاختصاص بزمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ولو من جهة عدم التمكّن بعده ـ ورود الروايات الكثيرة من الأ ئـمّة الطاهرين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ الدالّة على وجوب

  • (1) وسائل الشيعة: 6 / 37 ، كتاب الصلاة ، أبواب القراءة في الصلاة ب1 ، مستدرك الوسائل: 4/ 158 ب1 ح4367ـ 4369 . ورواه أبو عوانة في مسنده: 1 / 450 ـ 451 ب48، والدارقطني في سننه: 1 / 316ـ 319 ح1200ـ 1203 ، 1205 و 1208ـ 1213 ، حلية الأولياء: 7 / 124 .