(الصفحة 253)
وإخراجهم من ظلمات الريب والشكّ إلى عالم النور واليقين .
وربما كان المدّعي للتحريف ممّن له التفات إلى هذه الجهات ، وكان الغرض من دعواه ما ذكرنا من إيجاد الثلمة في الإسلام والمسلمين نعوذ بالله من كلا الأمرين ، ونسأل منه التوفيق للتمسّك بالثقلين ، وأن لا نتعصّى من حكم العقل في كلّ ما يقع في البين .
وحيث إنّه يمكن أن يتخيّل الباحث الطالب للحقيقة صحّة ما يقول به القائل بالتحريف من الشبهة ، أو يقع في الارتياب بعض الطلبة ، فلابدّ لنا من التعرّض للجميع والجواب الصحيح ، فنقول : الشبهات التي تشبّث بها القائلون بالتحريف متعدّدة .
(الصفحة 254)
(الصفحة 255)
شبهات القائلين بالتحريف
* شبهة كلّ ما وقع في التوراة والإنجيل من التحريف يقع في القرآن .
* شبهة وقوع التحريف فيما يتصدّى غير المعصوم إلى جمعه .
* شبهة اختلاف مصحف عليّ (عليه السلام) مع غيره من المصاحف .
* شبهة دعوى التواتر في القول بتحريف القرآن .
* شبهة عدم ارتباط الآيات بعضها ببعض .
(الصفحة 256)
(الصفحة 257)شبهات القائلين بالتحريف
الشبهة الاُولى
ما جعله المحدّث المعاصر في كتابه الموضوع في هذا الباب أوّل الأدلّة ، واعتمد عليه غاية الاعتماد ، وفصّل القول فيه(1) .
وملخّصه : وقوع التحريف في التوراة والإنجيل ، وقيام الدليل على أنّ كلّ ماوقع في الاُمم السالفة يقع في هذه الاُمّة مثله .
أ مّا وقوع التحريف في الكتابين ، فمن الاُمور المسلّمة التي لا ينبغي الارتياب فيه أصلاً ، وتعدّد الأناجيل مع وجود الاختلاف فيها والتناقض ، حتّى في صفات المسيح ، وأيّام دعوته ، ونسبه ، ووقت صلبه بزعمهم ، كاف في إثبات وقوع التغيير والتحريف فيه ، وإن جعل كلّها في مصحف واحد يعرف بالأناجيل الأربعة .
وأ مّا الدليل على أنّ كلّ ما وقع في الاُمم السالفة يقع في هذه الاُمّة مثله ـ مضافاً إلى دلالة بعض الآيات عليه ، كقوله ـ تعالى ـ : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَق) (2); حيث صرّح جمع من المفسّرين بأنّ المراد : لتتّبعنّ سنن من كان قبلكم من الأوّلين وأحوالهم ، ونقله في مجمع البيان عن الصادق (عليه السلام) قال : «والمعنى: أ نّه
- (1) فصل الخطاب: 35 ـ 73 ، الباب الأوّل ، الدليل الأوّل .
(2) سورة الانشقاق 84 : 19 .