جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 43)

التحدّي بمن اُنزل عليه القرآن

ممّا وقع التحدّي به في الكتاب العزيز هو الرسول الاُمّي ، الذي أُنزل عليه القرآن ، قال الله ـ تعالى ـ :

(وَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـت قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ائْتِ بِقُرْءَان غَيْرِ هَـذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أُبَدِّلَهُو مِن تِلْقَآىِ نَفْسِى إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ إِنِّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْم عَظِيم * قُل لَّوْ شَآءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُو عَلَيْكُمْ وَ لاَ أَدْرَلـكُم بِهِفَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِأَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) (1) .

فإنّ قوله ـ تعالى ـ : ( أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) يرجع إلى أ نّ من كان له حظّ من نعمة العقل ، التي هي عمدة النعم الإلهيّة ، إذا رجع إلى عقله واستقضاه يعرف أنّ الكتاب الذي أتى به النبيّ الذي كان فيهم مدّة أربعين سنة ، وفي تلك المدّة مع وضوح حاله واطّلاع الناس على وضعه لم ينطق بعلم ، حتّى أنّه مع تداول الشعر وشيوعه بينهم ، بحيث لا يرون القدر إلاّ له ، ولا يرتّبون الأجر إلاّ عليه ، وكان هو السبب الوحيد في الامتياز والفضيلة ، لم يصدر منه شعر ، بل ولم يأتِ بنثر ما ، لا محالة يكون من عند الله ; فإنّه كيف يمكن أن يأتي الاُمّي بكتاب جامع لجميع الكمالات اللفظيّة والمعنويّة ، والقوانين والحدود الدينيّة والدنيويّة؟!

نعم ، حيث عجزوا عن معارضته ، وكلّت ألسنة البُلغاء دونه ، لم يجدوا بدّاً من الافتراء الظاهر ، والبهتان الواضح ، فقالوا فيه: إنّه سافر إلى الشام للتجارة ، فتعلّم القصص هناك من الرهبان ، ولم يتعقّلوا أنّه لو فرض ـ محالاً ـ صحّة ذلك ، فما هذه المعارف والعلوم ؟ ومن أين هذه القوانين والأحكام ، وهذه الحِكم والحقائق ؟ وممّن هذه البلاغة في جميع الكتاب ؟

كما أنّه أخذوا عليه أنّه كان يقف على قين بمكّة من أهل الروم كان يعمل

  • (1) سورة يونس 10 : 15 ـ 16 .

(الصفحة 44)

السيوف ويبيعها (1) ، ولقد أجابهم عن ذلك الكتاب بقوله ـ عزّوجلّ ـ :

(وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُو بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِىٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِىٌّ مُّبِينٌ ) (2) .

كما أنّه قالوا فيه: إنّه أخذ من سلمان الفارسي ، وهو من علماء الفرس ، وكان عالماً بالمذاهب والأديان ، مع أنّ سلمان إنّما آمن به في المدينة بعد نزول أكثر القرآن بمكّة(3) ، مضافاً إلى اختلاف الكتاب مع العهدين في القصص وفي غيرها اختلافاً كثيراً ، مع أنّه لم يكن حينئذ وجه لإيمان سلمان به ، مع كونه هو الأصل في الفضيلة على هذا القول ، ولعمري أنّ مثل ذلك ممّـا لا مساغ للتفوّه به .

فانقدح أ نّ اُميّة الرسول (صلى الله عليه وآله) من وجوه الإعجاز التي قد وقع التحدّي بها في الكتاب ، كما عرفت .

التحدّي بعدم الاختلاف وبالسلامة والاستقامة

قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ

  • (1) مجمع البيان في تفسير القرآن: 6 / 188 . وغيره من التفاسير .
    (2) سورة النحل 16: 103 .
    (3) سلمان الفارسي ، صحابي جليل ، ولد برامُهرْمُز ، مدينة مشهورة بنواحي خوزستان . أبوه من أهل أصبهان من قرية يقال لها جَيّ . . . وبعد أن قدم النبيُّ (صلى الله عليه وآله) المدينة مهاجراً ، لقيه سلمان بقباء فأسلم . فكان مؤمناً صادقاً ، نال حظوة عظيمة عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد قال عنه: «سلمان منّا أهل البيت» حينما اختلف عليه المهاجرون والأنصار وكلّ منهم يقول: «سلمان منّا» [  المستدرك على الصحيحين: 3 / 691 ح6541 ، سير أعلام النبلاء: 3 / 341 ، مجمع البيان في تفسير القرآن: 2 / 268 وج8 / 112 ، وعنه بحار الأنوار: 17 / 170 وج20 / 189 و 198]  . ولمّا سئل عنه عليُّ (عليه السلام) قال: «هو منّا أهل البيت (عليهم السلام) » . الاحتجاج: 1 / 616، الرقم 139، وعنه بحارالأنوار: 22 / 330 ح 38 . توفّي سنة 36 هـ ، وقبره يُزار بالمدائن التي كان والياً عليها ، وتبعد عن بغداد ستِّ فراسخ . من مصادر ترجمته اُسد الغابة في معرفة الصحابة: 2 / 283 ، الرقم 2149 ، سير أعلام النبلاء: 3 / 317 ـ 353 ، الرقم 96 ، الإصابة في تمييز الصحابة: 3 / 141 ـ 142 ، الرقم 3359 .

(الصفحة 45)

لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَـفًا كَثِيرًا ) (1) .

دلّ على ثبوت الملازمة بين كون القرآن من عند غير الله ووجدان الاختلاف الكثير فيه وجداناً حقيقيّاً ، فلابدّ من استكشاف بطلان المقدّم من بطلان التالي . وحيث إنّ الموضوع هو القرآن المعهود بتمام خصوصيّاته ، وجميع شؤونه ومزاياه ، فلا يكاد يتوهّم أ نّ كلّ كتاب لو كان من عند غير الله لكان ذلك مستلزماً لوجدان الاختلاف الكثير فيه ، حتّى يرد عليه منع الملازمة في بعض الموارد ، بل في كثيرها . وضرورة أنّ الموضوع الذي يدور حوله اختلاف الأنظار من جهة كونه نازلاً من عند غيره هو شخص القرآن الكريم ، الذي هو كتاب خاصّ ، فالملازمة إنّما هي بالإضافة إليه .

وحينئذ فلابدّ من ملاحظة الجهات الكثيرة التي يشتمل عليها ، والخصوصيّات المتنوّعة التي يحيط بها ، والمزايا الحقيقيّة التي يمتاز بها ، وكلّ جهة ينبغي أن تلحظ ، وكلّ أمر يناسب أن يراعى .

فنقول: تارةً: يلاحظ نفس القرآن ويجعل موضوعاً للملازمة ، مع قطع النظر عن كون الآتي به مدّعياً لكونه من عند الله ، وأ نّه أُنزل عليه من مبدإ الوحي ، واُخرى: مع ملاحظة الاقتران بدعوى كونه من عند غير الممكن .

فعلى الأوّل: يكون الوجه في الملازمة الخصوصيّات التي يشتمل عليها القرآن من جهة اشتماله على فنون المعارف ، وشتّى العلوم ، كالاُصول الاعتقاديّة ، والقوانين الشرعيّة العلميّة ، والفضائل الكاملة الأخلاقيّة ، والقصص والحكايات التاريخيّة ، والحوادث الكائنة في الآتية ، والعلوم الراجعة إلى الفلكيات ، وبعض الموجودات غير المرئيّة ، وغير ذلك من الجهات التي لا تحيط بها يد الإحصاء ، ولا تنالها

  • (1) سورة النساء 4 : 82 .

(الصفحة 46)

أفكار  العقلاء .

ضرورة أنّ مثل هذا الكتاب المشتمل على هذه الخصوصيّات لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ، بداهة أ نّ نشأة المادّة تلازم التحوّل والتكامل ، والموجودات التي هي أجزاء هذا العالم لا تزال تتحوّل وتتكامل ، وتتوجّه من النقص إلى الكمال ومن الضعف إلى القوّة ، والإنسان الذي هو من جملة هذه الموجودات محكوم أيضاً لهذا القانون الطبيعي ، ومعرض للتغيّر والتبدّل ، والتحوّل والتكامل في ذاته وأفعاله وآثاره وأفكاره وإدراكاته ، ولا يكاد ينقضي عليه أزمان وهو غير متغيّر، ولا يتصرّم عليه أحيان وهو غير متبدّل .

أضف إلى ذلك: أ نّ عروض الأحوال الخارجيّة ، وتبدّل العوارض الحادثة يؤثّر في الإنسان أثراً عجيباً ، ويغيّره تغيّراً عظيماً ، فحالة الأمن تغاير الخوف من جهة التأثير ، والسفر والحضر متفاوتان كذلك ، والفقر والغنى والسلامة والمرض ، كلّ ذلك على هذا المنوال . وعليه: فكيف يمكن أن يكون الكتاب النازل في مدّة زائدة على عشرين سنة ، الجامع للخصوصيّات المذكورة وغيرها من عند غير الله ، ومع ذلك لم يوجد فيه اختلاف ، فضلاً عن أن يكون كثيراً ، ولم يرَ فيه تناقض ، فضلاً عن أن يكون عديداً؟!

وعلى الثاني: يكون الوجه في الملازمة ـ مضافاً إلى الخصوصيّات المشتمل عليها الكتاب ـ الاقتران بدعوى كونه من عند الله ، نظراً إلى أنّ الذي يبني أمره على الكذب والافتراء لا محيص له عن الواقع في الاختلاف والتناقض ، ولاسيّما إذا تعرّض لجميع الشؤون البشريّة والاُمور المهمّة الدنيويّة والاُخرويّة ، وخصوصاً إذا كانت المدّة كثيرة زائدة على عشرين سنة ، وفي المثل المعروف: «لا حافظة لكذوب» .

ثمّ إنّ في هذا المقام إشكالين:

(الصفحة 47)

أحدهما: منع بطلان التالي المستلزم لبطلان المقدّم ; لأ نّه قد اُخذ على القرآن مناقضات واختلافات ، وقد بلغت من الكثرة إلى حدٍّ ربما ألّفت فيها التأليفات ، وكتبت فيها الرسالات .

والجواب عنه: أ نّ المناقضات المذكورة كلّها مذكورة في كتب المفسِّرين ، ومأخوذة منها ، وقد أوردوها مع أجوبتها في تفاسيرهم ، وغرضهم من ذلك إزالة كلّ شبهة يمكن أن تورد ، ودفع كلّ توهّم يمكن أن يتخيّل ، لكنّ الأيادي الخائنة ، والعناصر الضالّة المضلّة المرصدة لاستفادة السوء من كلّ قضيّة وحادثة قد جمعوا  تلك الشبهات في كتب وتأليفات ، من دون التعرّض للأجوبة الكافية ، ونعم ما قيل:

«لو كانت عين الرضا متّهمة فعين السخط أولى بالتّهمة» .

ثانيهما: اعتراف القرآن بوقوع النسخ فيه ، في قوله ـ تعالى ـ : (مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَة أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْر مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ) (1) .

وفي قوله ـ تعالى ـ : (وَ إِذَا بَدَّلْنَآ ءَايَةً مَّكَانَ ءَايَة وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ) (2) .

والنسخ من أظهر مصاديق الاختلاف .

والجواب عنه أوّلاً: منع كون النسخ اختلافاً ، فضلاً عن أن يكون من أظهر مصاديقه ; فإنّه ـ بحسب الاصطلاح ـ يرجع إلى رفع أمر ثابت في الشريعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه ، ومن الواضح: أ نّ ارتفاع الحكم لأجل ارتفاع زمانه لا يعدّ تناقضاً ، ولا يوجب اختلافاً .

وثانياً: فإنّ النسخ إن كان بنحو تكون الآية الناسخة ناظرة بالدلالة اللفظيّة إلى الحكم المنسوخ ، ومبيّنة لرفعه ، كما في آية النجوي : (يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا

  • (1) سورة البقرة 2 : 106 .
    (2) سورة النحل 16 : 101 .