(الصفحة 8)
وأفضل صلواته وتسليماته على رسوله الذي أرسله (بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِوَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (1)، النبيّ الذي ترك في اُمّته الثقلين ، وحصر النجاة في التمسّك بالأمرين ، وأخبر بانتفاء أيّ افتراق في البين ، حتّى يردا عليه الحوض .
وعلى آله الأخيار ، المصطفين الأبرار ، الّذين هم قرناء الكتاب ، والشارحون لآياته ، المفسِّرون لمحكماته ومتشابهاته ، العالمون بتنزيله وتأويله ، ولا يُغني الرجوع إليه من دون مراجعتهم .
واللّعنة الدائمة الأبديّة على الذين:
(يُرِيدُونَ لِيُطْفِـُوانُورَ اللَّهِ بِأَفْوَ هِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكَـفِرُونَ) (2) (أُولَـئـِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاالضَّلَــلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَـرَتُهُمْ وَ مَا كَانُوامُهْتَدِينَ) (3)، (أُولَـئـِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّـعِنُونَ) (4) .
وبعد: يقول العبد المفتاق إلى رحمة ربّه الغنيّ ، محمّد الموحّدي اللنكراني، الشهير بـ «الفاضل» ابن العلاّمة الفقيه الفقيد آية الله المرحوم الحاجّ الشيخ فاضل اللنكراني(قدس سره) ، وحشر مع من يحبّه من النبيّ والأ ئـمّة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين :
إنّ من منن الله تعالى العظيمة ، وتوفيقاته الربّانيّة أن وفّقني برهة من الزمن ، وقطعة من الوقت للبحث حول كتابه العزيز من عدّة جهات ترجع إلى أصل إعجازه ، ووجوه الإعجاز فيه ، والقراءات المختلفة الطارءة عليه ، والتحريف الذي
- (1) سورة التوبة 9 : 33 ، سورة الصف 61 : 9 .
(2) سورة الصف 61 : 8 .
(3) سورة البقرة 2: 16 .
(4) سورة البقرة 2 : 159 .
(الصفحة 9)
هو مصون منه ، وكان ذلك بمحضر جماعة من الأفاضل لايقلّ عددُهم ، وعدّة من الأعلام يعتنى بشأنهم ، وكنت أكتب خلاصة البحث ; ليكون لي تذكرةً ، ولغيري بعد مرور الأيّام تبصرةً ، وقد بقي المكتوب في السواد سنين متعدّدة إلى أن ساعدني التوفيق ثانياً لإخراجه إلى البياض .
وأقرّ ـ ولا محيص عن الإقرار ـ بأنّ الإنسان يقصر باعه ـ وإن بلغ ما بلغ ـ ويقلّ اطّلاعه ـ وإن أحاط بجميع الفنون ـ عن البحث التامّ حول كلام الكامل ، وكيف يصحّ في العقول أن يحيط الناقصُ بالكامل ; سواء أراد الوصول إلى معناه ، والبلوغ إلى مراده ، أم أراد الوصول إلى مرتبة عظيمة ، واستكشاف شؤونه من إعجازه وسائر ما يتعلّق به ؟!
ولكن لا ينبغي ترك كلّ ما لا يدرك كلّه ، ولا يصحّ الإعراض عمّا لا سبيل إلى فهم حقيقته ، خصوصاً مع ابتناء الدين الخالد على أساسه وإعجازه ، وتوقّف الشريعة السامية على نظامه الرفيع ; فإنّه ـ في هذه الحالة ـ لابدّ من الورود في بحر عميق بمقدار ميسور ، والاستفادة منه على قدر الظرف المقدور .
ومع أنّ الكتاب ـ سيّما في هذه الأعصار التي تسير قافلة البشر إلى أهداف مادّية ، وتبتني حياتهم التي لا يرون إلاّ إيّاها على أساس اقتصاديّ ، وأصبحت الشؤون المعنويّة كأنّه لا يحتاج إليها ، والقوانين الإلهيّة غير معمول بها ـ قد صار هدفاً للمعاندين والمخالفين ; لأنّهم يرون أنّ الاقتفاء بنوره ، والخروج عن جميع الظلمات بسببه يسدّ باب السيادة المادّية ، ويمنع عن تحقّق السلطة ، ويوجب رقاء الفكر ، وحصول الاستضاءة ، فلابدّ لهم للوصول إلى أغراضهم الفاسدة من إطفاء نوره ، وإدناء مرتبته ، وتنقيص مقامه الشامخ ، فتارةً: يشكّكون في إعجازه ، ويوردون على الناس شبهات في ذلك ، واُخرى: يتمسّكون بتحريفه ويثبتون تنقيصه .
(الصفحة 10)
ومن العجب: أنّ بعض من لا يطّلع على حقيقة الأمر ، ويتخيّل أنّ البحث في هذه المباحث إنّما يجري مجرى المباحث العلميّة ، التي لا تتجاوز عن البحث العلمي ، قد وافقهم في هذه العقيدة الفاسدة ، غفلة عن أنّ الأيادي الخفيّة ناشرة لهذه الفكرة الخبيثة ، وباعثة على رواجها بين العوام والجهلة ، وهدفها سلب الاعتصام بحبل الله المتين ، وترك الاقتداء بكلام الله المبين ، ونفي وصف الإعجاز والحجّية عن القرآن العظيم .
فمثل هذه الجهات أوجب البحث حول الكتاب المجيد بالبحوث التي أشرت إليها ، وأظنّ أنّه لا يبقى موقع للشبهة ـ مع المراجعة إلى هذه الرسالة ـ لمن يريد استكشاف الحقيقة ، ويترك طريق الغيّ والجهالة ، فقد بالغت على أن أجمع فيها ما يكون دليلاً على المقصود ، وأجبت عن الشبهات الواردة بما هو مقبول العقول ، ومع ذلك فالنقص والخطأ فيه لو كان ، فمنشؤه قصور الباع ، وعدم سعة الاطّلاع ، وأرجو من القارئ الكريم أن ينظر إليها بعين الإنصاف ، وأن يذكّرني إذا أشرف على نقص أو اشتباه .
وأبتهل إليه تعالى أن يمدّني بالتوفيق ، ويلحظ عملي بعين القبول ; فإنّه الوليّ الحميد المجيد .
قم ، الحوزة العلميّة ، جمادى الاُولى 1396هـ
محمّد الفاضل اللنكراني
(الصفحة 11)
حقيقة المعجزة
* المعجزة اصطلاحاً وشروطها .
* إنكار المعجزة .
* عدم لزوم المعجزة .
* وجه دلالة الإعجاز على الصدق .
(الصفحة 12)