جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 103)

بذلك.

أقول: للتأمّل في هذا المقال مجالٌ من جهات مختلفة:

الأوّل: أنّه لو قلنا بأنّ الواضع هو اللّه‏ تعالى وينتقل هذا إلى الناس بواسطةوحي إلى الأنبياء فإنّه كاشف عن أهمّيّة مسألة الوضع، فلابدّ من تصدّيالتواريخ أو أحد الكتب السماويّة لضبطه ولو بصورة قصّة من قصص الأنبياءالسالفة، مع أنّه لم تذكر هذه المسألة في أيّ عصر وزمان ولم يرد في من تصدّىلها خبرٌ ولا أثر.

الثاني: أنّ دعوى انتقال الوضع من اللّه‏ تعالى إلى الناس بصورة الإلهام أوإيداع ذلك في طباعهم مدفوعٌ، بأنّ المراد من الإلهام أو الإيداع هل هو الإلهامأو الإيداع إلى كلّ النفوس إلى يوم القيامة، أو إلى عدّة من الناس في أوّلالخلقة؟ فلو كان المراد هو الأوّل فلا يناسب هذا جهلنا باللّغات، ولو كانالمراد هو الثاني فلا يناسب هذا تكثّر اللغات.

وإن قلنا: إنّ مسألة تكثّر اللغات أيضاً منتسب إلى اللّه‏ تعالى، بأنّ نبيّاً منالأنبياء بلّغ أحكام اللّه‏ باللسان العربي، والآخر بلسان سّرياني، وهكذا فيجميع اللغات والألسنة، أو أنّ اللّه‏ تعالى ألهم أو أودع إلى عدّة من الناس اللغةالعربيّة، وإلى عدّة اُخرى اللغة الفارسيّة، وهكذا في جميع اللغات.

ولكنّه لا يناسب غاية الوضع وغرضه الذي كان عبارة عن السهولة فيالتفهيم والتفهّم والسهولة في انتقال الأغراض والمقاصد، ومعلوم أنّ أصل تكثّراللّغات مبعّد عن هذا الغرض، ولا يخفى على أحد أولويّة وحدة اللغة واللّسانفي العالم، وأنّ تكثّر اللغات أوجب التعب والألم الشديد للمحقّقين والتلامذة.

وأمّا قوله تعالى: «وَ مِنْ ءَايَـتِهِى خَلْقُ السَّمَـوَ تِ وَ الاْءَرْضِ وَاخْتِلَـفُ

(صفحه104)

أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوَ نِكُمْ»(1) فلا يستفاد منه أنّ كلّ الآياتِ تكون نافعة للإنسان،بل رُبّ آيةٍ من آيات اللّه‏ تكون ضرر على الإنسان، كالمعصية التي كانتحاكيّة عن إعطاء القدرة لنا وهي من آياته تعالى، فلاشكّ ولاريب في أنّمسألة تكثر اللغات مبعّدٌ عن غاية الوضع، فكيف ترتبط هذه باللّه‏ تعالى شأنهوجلّ جلاله؟!

والحاصل: أنّ الواضع لا يكون سوى البشر، ولكنّه لا ينحصر بشخصواحد أو جماعة معيّنة، بل كلّ مستعمل من أهل تلك اللغة واضع تدريجاً، فإنّنرى بالوجدان أنّ المعاني الحادثة والمكتشفة التي يبتلى بها في ذلك العصر فيالتعبير عنها يكون الواضع فيها هو البشر، ومن الواضح أنّ الغرض منه ليسإلاّ أن يتفاهم بها وقت الحاجة، ومن الظاهر أنّ حجم الغرض الداعي إليهيختلف سعة وضيقاً بمرور الأيّام والعصور، ففي العصر الأوّل كانت الحاجة إلىوضع ألفاظ قليلة بإزاء معان كذلك؛ لقلّة الحوائج في ذلك العصر، ثمّ ازدادتالحوائج مرّة بعد مرّة وقرناً بعد قرن، بل وقتاً بعد وقتٍ.

وأمّا كيفيّة الوضع فقد تكون المعاني جزئيّة وقد تكون كلّيّة، وإن كانالمعنى جزئيّاً ـ كالأعلام الشخصيّة ـ فلا شكّ في أنّ الشخص إذا أراد أن يضعاسماً لولده ـ مثلاً ـ يتصوّر أوّلاً ذات ولده وثانياً لفظاً يناسبه، ثمّ يتعهّد في نفسهبأنّه متى قصد تفهيمه يخاطبه بذلك اللفظ. وأمّا إن كان المعنى كلّيّاً يستعمل بعدالتعهّد في فرد منه أوّلاً، وفي فرد آخر منه في استعمال آخر، وهكذا، فهذيكشف أنّ مثل لفظ «الماء» ـ مثلاً ـ وضع لجسم سيّال بارد بالطبع لا لفرد منأفراده، بل لمفهوم كلّي، فمسألة الوضع ومسألة تكثّر اللغات منوطةٌ بالبشر.


  • (1) الروم: 22.
(صفحه 105)

في حقيقة الوضع

وفيه أقوال:في حقيقة الوضع

الأوّل: قال صاحب الكفاية قدس‏سره (1): «الوضع نحو اختصاص اللفظ بالمعنىوارتباط خاصّ بينهما ناشٍ من تخصيصه به تارة ومن كثرة استعماله فيهاُخرى، وبهذا المعنى صحّ تقسيمه إلى التعييني والتعيّني كما لا يخفى».

أقول: جملة «بهذا المعنى» تكون بمنزلة التعليل؛ لعموميّة تعريف الوضع،ومراده أنّ ماهيّة الوضع منقسمة إلى قسمين: تعييني وتعيّني، والمقسم عبارةعن حقيقة وماهيّة الوضع، مع أنّه ليس في الوضع التعيّني واضع في البين، بلهو نتيجة قهريّة حاصلة من كثرة الاستعمال، فإذا كان الوضع التعيّني مثلالوضع التعييني مشتركاً في حقيقة الوضع فلابدّ له من تعريف يشملهما معاً،وهو التعريف الذي ذكره قدس‏سره .

ولكن يرد عليه إشكالان:

الأوّل: أنّ بهذا التعريف لا تعرف ماهيّة الوضع وحقيقته، بل هو إشارةإجماليّة ومعنى مبهم، كقولنا في تحديد الإنسان ـ مثلاً ـ : أنّه نحو موجود فيالخارج.

الثاني: أنّ الاختصاص والارتباط المذكور من قبيل معاني أسماء المصادر،فيعتبر كونه أمراً باقياً بين اللفظ والمعنى، ولا محالة يكون لتحقّق هذا الارتباطمنشأ وهو الوضع، فليس الارتباط عين الوضع، بل هو أمرٌ مترتّب علىالوضع ومتحصّلٌ بسببه.

وبعبارة اُخرى: المُعرَّف هو الوضع بمعنى المصدر وعمل الواضع، والمعرِّف


  • (1) كفاية الاُصول 1: 10.
(صفحه106)

توصيفٌ للوضع بمعنى اسم المصدر، والنتيجة الحاصلة من عمل الواضع.

إن قلت: إنّه لو كانت ماهيّة الوضع بمعنى المصدر معرَّفاً فلا معنى لهذالتقسيم أصلاً وأبداً.

قلت: هذا التقسيم ظاهري، ومعلوم أنّ كلّ ظاهر مأخوذ به ما لم تكنقرينة على خلافه، ولنا قرينة على أنّ إطلاق كلمة الوضع على الوضع التعيّنيمجازٌ، وكثرة الاستعمال فيه يوجب صدق عنوان المعنى الحقيقي، ومن البديهيأنّ كلّ معنى حقيقي لايكون موضوعاً له، فلا تكون حقيقة الوضع في الوضعالتعيّني موجودة.

القول الثاني: نسب إلى بعض الأعاظم ـ على ما في كتاب المحاضرات(1) القول بأنّ حقيقة الوضع من الاُمور الواقعيّة، لا بمعنى أنّها من إحدىالمقولات؛ ضرورة وضوح عدم كونها من مقولة الجوهر؛ لانحصارها في خمسةأقسام: العقل والنفس والصورة والمادّة والجسم، وهي ليست من إحداها،وكذا عدم كونها من المقولات التسع العرضيّة أيضاً؛ لأنّها متقوّمة بالغير فيالخارج؛ لاستحالة تحقّقها في العين بدون موضوع توجد فيه، فإنّ وجودها فينفسها عين وجودها لغيرها، وهذا بخلاف حقيقة العُلقة الوضعيّة، فإنّها قائمةبطبيعي اللفظ والمعنى ومتقوّمة بهما، فلا يتوقّف ثبوتها وتحقّقها على وجودهمفي الخارج، وهذا واضحٌ.

ولذا يصحّ وضع اللفظ لمعنى معدوم، بل مستحيل، بل بمعنى أنّها عبارة عنملازمة خاصّة وربط مخصوص بين طبيعي اللفظ والمعنى الموضوع له، نظيرسائر الملازمات الثابتة في الواقع بين أمرين من الاُمور التكوينيّة، مثل: قولنا:


  • (1) محاضرات في اُصول الفقه 1: 38 ـ 39.
(صفحه 107)

إن كان هذا العدد زوجاً فهو منقسمٌ إلى المتساويين، وإن كان فرداً فهو غيرمنقسم كذلك، فالملازمة بين زوجيّة العدد وانقسامه إلى متساويين وبينفرديّته وعدم انقسامه كذلك ثابتةٌ في نفس الأمر والواقع أزلاً، غاية الأمر أنّتلك الملازمة ذاتيّة أزليّة، وهذه الملازمة جعليّة اعتباريّة، لا بمعنى أنّ الجعلوالاعتبار مقوّم لذاتها وحقيقتها، بل بمعنى أنّه علّة وسبب لحدوثها وبعدهتصير من الاُمور الواقعيّة. وكونها جعليّة بهذا المعنى لا ينافي تحقّقها وتقرّرهفي لوح الواقع ونفس الأمر، وكم له من نظير.

وقد حققنا في محلّه أنّ هذه الملازمات ليست من سنخ المقولات في شيءكالجواهر والأعراض، فإنّها وإن كانت ثابتة في الواقع في مقابل اعتبار أيّمعتبر وفرض أي فارض كقوله تعالى: «لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُلَفَسَدَتَا»(1)، فإنّ الملازمة بين تعدّد الآلهة وفساد العالم ثابتةٌ واقعاً وحقيقة، إلأنّها غير داخلة تحت شيء منها، فإنّ سنخ ثبوتها في الخارج غير سنخ ثبوتالمقولات فيه، كما هو واضح.

وأشكل عليه بعض الأعلام بأنّه قدس‏سره إن أراد بوجود الملازمة بين طبيعياللفظ والمعنى الموضوع له وجودها مطلقاً حتّى للجاهل بالوضع فبطلانه منالواضحات التي لا تخفى على أحد، فإنّ هذا يستلزم أن يكون سماع اللفظوتصوّره علّة تامّة لانتقال الذهن إلى معناه، ولازمه استحالة الجهل باللغات،مع أنّ إمكانه ووقوعه من أوضح البديهيّات.

وإن أراد قدس‏سره به ثبوتها للعالم بالوضع فقط دون غيره فيرد عليه: أنّ الأمروإن كان كذلك ـ يعني: أنّ هذه الملازمة ثابتةٌ له دون غيره ـ إلاّ أنّها ليست


  • (1) الأنبياء: 22.