جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 143)

حينئذٍ لكلمة «من» معنى الابتدائيّة يلزم التجوّز في الاستعمال، وهو كما ترى،فانحصر أن يكون الدال عليها هي الحروف، ومعلوم أنّ دلالتها عليها ليستإلاّ من جهة وضعها بإزائها، فبطلان هذا القول من الواضحات الأوّليّة.

القول الثالث: ما اختاره المحقّق النائيني قدس‏سره (1) وهو: أنّ المعاني الحرفيّةوالمفاهيم الاسميّة متباينان بالذات والحقيقة؛ إذ المفاهيم الاسميّة مفاهيمإخطاريّة لها تقرّر وثبوت في عالم المفهوميّة، ولها استقلال ذاتاً في ذلك العالم،وأمّا المعاني الحرفيّة فهي معان إيجاديّة حين الاستعمال، ولا تقرّر لها في عالمالمفهوميّة ولا الاستقلال.

بيان ذلك: أنّه كما أنّ الموجودات في عالم العين على نوعين ـ أحدهما: ميكون له وجود مستقلّ بحدّ ذاته كالجواهر بأنواعها، فإنّ وجودها لا يحتاجإلى موضوع محقّق في الخارج. وثانيهما: ما يكون له وجود غير مستقلّ ومتقوّمبالموضوع كالمقولات التسع العرضيّة؛ إذ لا يعقل تحقّق عرض بدون موضوعيتقوّم به ـ فكذلك الموجودات في عالم الذهن على نوعين:

أحدهما: ما يكون له استقلال بالوجود في عالم المفهوميّة والذهن كمفاهيمالأسماء بجواهرها وأعراضها، فإنّ مثل مفهوم الإنسان والسواد والبياضيحضر في الذهن بلا حاجة إلى معونة خارجيّة.

وثانيهما: ما لا استقلال له، بل هو متقوّم بالغير في ذلك العالم كمعانيالحروف؛ إذ لا استقلال لها في أيّ وعاء من الأوعيّة التي فرض وجودها فيهلنقصانها في حدّ ذاتها، ولذا إن أطلقت كلمة «من» وأمثال ذلك وحدها مندون ذكر متعلّقاتها لا يحضر منها شيء في الذهن.


  • (1) فوائد الاُصول 1: 37.
(صفحه144)

وأشار قدس‏سره إلى نكتة في آخر كلامه والأجود ذكرها ههنا لتوضيح مراده،ومحصّل كلامه فيها: ولقد أجاد أهل العربيّة عندما عبّروا في مقام التفسير عنالمفاهيم الحرفيّة بأنّ كلمة «في» للظرفيّة، ولم يقولوا أنّ «في» هي الظرفيّة، كمهو ديدنهم في مقام التعبير عن المفاهيم الاسميّة، وهذا دليل على أنّه لا يكونللحروف معنى مع قطع النظر عن متعلّقاتها. فظهر أنّ المعاني الاسميّة تخطر فيالذهن عند التكلّم بها، سواء كانت مفردة أم في ضمن تركيب كلامي، ولكن لمّلم يكن بينها رابطة ذاتيّة توجب ربط بعضها ببعض دعت الحاجة في مقامالإفادة والاستفادة إلى روابط تربط بعضها مع البعض الآخر، وليست تلكالروابط إلاّ الحروف وتوابعها، فإنّها موضوعة لإيجاد المعنى الربطي بينالمفاهيم الاسميّة في التراكيب الكلاميّة، فلولا وضع الحروف لم توجد رابطة بينأجزاء الكلام أبداً، بداهة أنّه لا رابطة بين مفهوم «زيد» ومفهوم «الدار» فيأنفسهما؛ لأنّهما مفهومان متباينان بالذات، ولابدّ من رابط يربط أحدهمبالآخر، وليس إلاّ كلمة «في»، كما أنّ كلمة «من» رابط بين المبتدأ به والمبتدمنه، وهكذا، فتبيّن أنّ المعاني الحرفيّة معان إيجاديّة، وليس لها واقع في وعاءالذهن والخارج وعالم الاعتبار ما عدا عالم الاستعمال.

ونظيرها صيغ العقود والإيقاعات بناء على ما ذهب إليه المشهور من أنّهآلات وأسباب لإيجاد مسبّباتها كالملكيّة والزوجيّة والرقّيّة ونحوها، ولكنّالفرق بينها وبين المقام من ناحية اُخرى، وهي: أنّ المعاني الإنشائيّة كالزوجيّةـ مثلاً ـ مستقلّة في عالم المفهوم دون المعاني الحرفيّة هذا أوّلاً.

وثانياً: أنّ المعاني الإنشائيّة موجودة في عالم الاعتبار دون المعاني الحرفيّة،فإنّ وعاءها عالم الاستعمال فقط، بل كان حال المعاني الحرفيّة في قبال المعاني

(صفحه 145)

الاسميّة حال الألفاظ في قبال المعاني حين الاستعمال، في أنّ اللّحاظ في كليهمآليٌّ غير استقلالي.

وإلى ما ذكرناه ـ أي إيجاديّة المعنى الحرفي ـ أشارت الرواية المنسوبة إلىأمير المؤمنين عليه‏السلام (1) وهي: «أنّ الحرف ما أوجد معنى في غيره». ثمّ قال قدس‏سره : «إنّهذا التعريف أجود تعريفات الباب من حيث اشتماله على أركان المعانيالحرفيّة كلّها».

ويتلخّص ما أفاده قدس‏سره في اُمور:

الأوّل: أنّ المعنى الحرفي والاسمي متباينان بالذات والحقيقة.

الثاني: أنّ المفاهيم الاسمّية مفاهيم استقلاليّة بحدّ ذاتها وأنفسها، والمفاهيمالحرفيّة متقوّمة بغيرها ذاتاً.

الثالث: أنّ معاني الأسماء جميعاً معان إخطاريّة، ومعاني الحروف معانإيجاديّة.

الرابع: أنّ حال المعاني الحرفيّة حال الألفاظ في مرحلة الاستعمال.

الخامس: أنّ جميع ما يكون النظر إليه آليّاً يشبه المعاني الحرفيّة، كالعناوينالكلّيّة المأخوذة معرّفات وآليّات لموضوعات الأحكام أو متعلّقاتها.

ولكنّه مخدوشٌ من جهات متعدّدة ويرد عليه إشكالات مهمّة، ونحن نكتفيههنا بأحدها، وهو الأهمّ، وبه ينهدم أساس كلامه إن شاء اللّه‏.

فنقول: أمّا ما أفاده قدس‏سره من «أنّ المعاني الحرفيّة معان إيجاديّة، وليس لهواقع في أي وعاء إلاّ عالم الاستعمال» ثمّ تنظيره لها بصيغ العقودوالإيقاعات... ، ففي غاية الفساد.


  • (1) بحار الأنوار 40: 162.
(صفحه146)

توضيحه: أنّا نبحث ابتداء في مرحلة ما قبل الاستعمال، وثانياً: في مرحلةما بعد الاستعمال.

وأمّا الأوّل: فإنّه إذا كان «زيد» قبل الإخبار والاستعمال موجوداً فيالمدرسة، وكانت المدرسة بعنوان ظرف مكاني له، فلا نشكّ في تحقّق واقعيّةثالثة سوى واقعيّة «زيد» والمدرسة، وهي عبارة عن واقعيّة كونه في المدرسة.ويؤيّدها شكّ السامع أحياناً بعد إخبار مخبر بأنّ «زيداً» في المدرسة، فإنّواقعيّة «زيد» والمدرسة ليست قابلة للشكّ والإنكار، واتّصاف هذا الخبربالصدق والكذب حاكية عن واقعيّة ثالثة مشكوكة عند السامع.

ويؤيّدها أيضاً أنّه لو ألقى هذه الجملة بصورة اسميّة نقول: المدرسة ظرف«زيد»، ومعلوم أنّ الظرف اسمٌ له واقعيّة من حيث المعنى، واستعمال الحرف ليوجب انعدام الواقعيّة الموجودة، فلا نشكّ في أنّه يحكي عن واقعيّة ثالثة فيالمثال.

فتبيّن أنّ للمعاني الحرفيّة حقيقة وواقعيّة، ولكنّ الواقعيّة قد تكون واقعيّةجوهريّة لا تحتاج في وجودها الذهني والخارجي إلى موضوع، وقد تكونواقعيّة عرضيّة تحتاج في وجودها الخارجي إلى موضوع، وقد تكون واقعيّةغير مستقلّة محتاجة إلى الواقعيّتين، كواقعيّة كون «زيد» في المدرسة وواقعيّةالعلم، فإنّ احتياجه في وجوده إلى العالم والمعلوم لا يوجب سلب الواقعيّة عنالعلم، بل هذا التشبيه يقتضي التزامه قدس‏سره بعكس مطلوبه؛ لأنّ كلمة «بعت» قدتستعمل في مقام الإخبار ويحكى عن الأمر المحقّق في السابق، والحرف أيضقد يستعمل في مقام الإخبار، مثل: «سرت من البصرة إلى الكوفة»، ولابدّ منالالتزام ههنا بأنّ المعاني الحرفيّة تحكي عن واقعيّة محقّقة في السابق، فالمعاني

(صفحه 147)

الحرفيّة معان إخطاريّة لها واقعيّة غير مستقلّة.

وأمّا الثاني: فلأنّ استعمال لفظ «الإيجاد» في باب العقود والإيقاعات ليخلو عن مسامحة؛ إذ العقد لا يكون علّة موجدة للزوجيّة، بل الشارع والعقلاءبعد إتمام العقد يعتبرون الزوجيّة للزوجين.

ولو سلّمنا ههنا أنّ العقد يوجد واقعيّة اعتباريّة بينهما، ولكن لا نعلم كيفيّةإيجاد الارتباط بواسطة الحروف بين المعاني الاسميّة، فهل الاستعمال يوجبانتقال «زيد» إلى المدرسة ولو كان في داره نائماً؟ فهو غير معقول، مع أنّكتقول: لا يكون بينهما ارتباط قبل الاستعمال وإن كان «زيد» موجوداً فيالمدرسة، وليست واقعيّة اُخرى سوى واقعيّة «زيد» والمدرسة.

فلابدّ من توجيه كلامه قدس‏سره بأنّ الأسماء لها معان متحقّقة، سواء استعملتمفردة أو في ضمن كلام تركيبي، والحروف لا معنى لها إلاّ في ضمن جملاتتركيبيّة، وهي توجب الارتباط بين الأسماء في مقام اللفظ فقط، ولازم ذلك أنّالحروف لا معنى لها أصلاً، فلا دليل لتشبيهها بباب العقود والإيقاعات، مع أنّهأيضاً قول مردودٌ كما مرّ بيانه.

القول الرابع: ما اختاره بعض مشايخنا المحقّقين على ما في كتابالمحاضرات(1) في مقام جواب المحقّق الخراساني قدس‏سره وهو: أنّ المعاني الحرفيّةتباين الاسميّة ذاتاً بدون الاشتراك في طبيعي معنى واحد، فإنّ الفرق بينالاسم والحرف لو كان بمجرّد اللحاظ الآلي والاستقلالي وكانا متّحدين فيالمعنى لكانا قابلين لأن يوجدا في الخارج على نحوين، كما يوجدا في الذهنكذلك، مع أنّ المعاني الحرفيّة كأنحاء النسب والروابط لا توجد في الخارج إل


  • (1) محاضرات في اُصول الفقه 1: 67.