الأمر الأوّل
في أنّ النزاع في باب المشتقّ عقلي أو لغوي؟
فإنّه إذا كان عقليّاً فيدور النزاع مدار حكم العقل، مثل: النزاع في مقدّمةالواجب بأنّه هل يلازم عقلاً وجوب ذي المقدّمة وجوب المقدّمة أم لا؟ وإذكان لغويّاً يدور النزاع مدار حكم الوضع والواضع بأنّه حين وضع هيئةالفاعل ـ مثلاً ـ لاحظ معنى مشتركاً بحيث يعمّ حال النسبة وحال انقضاءالمبدأ عن الذات ثمّ وضعها له، أم لاحظ خصوص حال التلبّس ووضعها له؟
والحقّ أنّ النزاع لغويٌ، ولكن يستفاد من كلمات المحقّق النائيني قدسسره (1) أنّهعقليّ على ما في تقريراته، حيث إنّه قال: والسرّ في اتّفاقهم على المجازيّة فيالمستقبل والاختلاف فيما انقضى هو: أنّ المشتقّ لمّا كان عنواناً من قيام العرضبموضوعه، من دون أن يكون الزمان مأخوذاً في حقيقته وقع الاختلافبالنسبة إلى ما انقضى عنه المبدأ، حيث إنّه قد تولّد عنوان المشتقّ لمكانقيام العرض بمحلّه في زمان الماضي، وهذا بخلاف مالم يتلبّس بالمبدأ بعد،فإنّه لم يتولّد عنوان المشتقّ؛ لعدم قيام العرض بمحلّه، فكان للنزاع في ذلك
- (1) فوائد الاُصول 1: 82 .
(صفحه 367)
مجال دون هذا.
فيستفاد من تعليله أنّه قائل بعقليّة النزاع في المقام، وإلاّ لابدّ أن يقيمالدليل على أنّ الواضع وضع لفظ المشتقّ للمعنى الأعمّ من المتلبّس ومانقضى عنه المبدأ، ولكنّ أصل كلامه ليس بتامّ، فإنّ العقل ناظر إلىالحقائق والواقعيّات ولا يكون من أهل المسامحة، فحينئذٍ بعد القولبأنّ المشتقّ عنوان يتحقّق من قيام العرض بالمعروض يحكم العقل بأنّ«زيداً» اليوم لا يكون متلبّساً بالعرض حقيقة؛ إذ لا فرق عقلاً بين المتلبّسبالمبدأ في ما مضى والتلبّس به في المستقبل، ويصدق الفاقديّة للعرض علىالذات في كلتا الصورتين بلا فرق بينهما أصلاً، وهذا بعينه دليل على أنّ المسألةلغويّة لا عقليّة، وحينئذٍ لابدّ لنا من تبعيّة الوضع متعبّداً وملاحظة أنّالموضوع عنده عبارة عن خصوص المتلبّس بالمبدأ أو الأعمّ من المتلبّسبالفعل ومن قضى.
ويستفاد أيضاً عقليّة المسألة عنده من تعليله لخروج العناوين الذاتيّة عنمحلّ النزاع بأنّ شيئيّة الشيء بصورته لا بمادّته، وإنسانيّة الإنسان ليستبالصورة الترابيّة، بل إنّما تكون بالصورة النوعيّة التي بها يمتاز الإنسان عنغيره. وإقامة هذا الدليل الفلسفي دليل على أنّه قائل بأنّ المسألة عقليّة، مع أنّالمسألة لغويّة ولا ربط لها بالعقل أصلاً، كما لا يخفى على المتأمّل.
الأمر الثاني: في أنّ أيّ العناوين داخلة في محلّ الكلام، وأيّ العناوينخارجة عنه، ولا يخفى أنّ هنا حيثيّتين، ولابدّ من انفكاك كلّ منهما عنالاُخرى وإن اخلطتا في تقريرات(1) الإمام قدسسره على المقرّر، وهكذا خلط بينهم