جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 114)

قال: نعم ، قال: من يأتيك؟ قال: رحمن ، قال: أفي نور أو في ظلمة؟ فقال: في ظلمة ، فقال: أشهد أنّك كذّاب ، وأ نّ محمّداً صادق ، ولكن كذّاب ربيعة أحبّ إليّ من صادق مُضَر ، فقتل معه يوم عقرباء(1) .

ومن جملة قرآنه: «والمبذّرات زرعاً ، والحاصدات حصداً ، والذاريات قمحاً ، والطاحنات طحناً ، والخابزات خُبزاً ، والثاردات ثرداً ، واللاقمات لقماً ، إهالةً وسمناً ، لقد فُضّلتم على أهل الوبر ، وما سبقكم أهل المدر ، ريفكم فامنعوه ، والمعترّ فآووه ، والباغي فناوئوه»(2) .

وكان يقول: يا ضفدع ابنة ضفدع ، نُقِّي ما تُنقِّين ، أعلاك في الماء ، وأسفلك في الطين ، لا الشارب تمنعين ، ولا الماء تكدّرين(3) .

وحكي عن كتاب «الحيوان» للجاحظ أ نّه قال: ولا أدري ما هيّج مسيلمة على ذكرها (أي الضفدع) ولم ساءرأيه فيها، حيث جعل بزعمه فيمانزل عليه من قرآنه...(4).

وكان يقول: «والشاء وألوانها ، وأعجُبها السود وألبانها ، والشاة السوداء ، واللبن الأبيض ، إنّه لعجب محض ، وقد حرِّم المذق(5) فما لكم لا تمجعون»(6) .

وكان يقول: «الفيل وما الفيل ، وما أدريك ما الفيل ، له ذنبٌ وبيل ، وخرطومٌ طويل»(7) .

وأيضاً يقول: «لقد أنعم الله على الحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين

  • (1) تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 286 ، البداية والنهاية  6 : 320 . (2 ، 3) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 284 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير: 2 / 215 ، البداية والنهاية 6 : / 319 ، آثار البلاد وأخبار العباد: 136 .
    (4) كتاب الحيوان ، لأبي عثمان الجاحظ: 5 / 530 ، إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة: 122 .
    (5) المذق: مزج اللبن بالماء . والمَجع: اللبن يشرب على التمر . هامش إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة للرافعي: 122 .
    (6) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 284 ، أحداث سنة 11 .
    (7) البداية والنهاية 6 : 320 ، آثار البلاد وأخبار العباد : 136 .

(الصفحة 115)

صفاق وحشى»(1) ،(2) .

وغير ذلك من الكلمات التي دلالتها على قصور صاحبها أقوى من دلالتها على معنى مقصود ، وحكايتها عن صدورها عن المبتلى بمرض حبّ الجاه والرئاسة أوضح من حكايتها عن صدورها عمّن يريد كشف الحقيقة ، وبيان الواقعيّة ، كما هو ظاهر لمن يطلب الهداية ، ويجتنب طريق الضلالة .

وبالجملة: فقد حكي عن ابن عبّاس أ نّه قال: «كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد ضرب بعث اُسامة ، فلم يستتبّ لوجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولخلع مسيلمة والأسود ، وقد أكثر المنافقون في تأمير اُسامة حتّى بلغه ، فخرج النبي (صلى الله عليه وآله) على الناس عاصباً رأسه من الصُّداع لذلك الشأن وانتشاره ، لرؤيا رآها في بيت عائشة ، فقال: إنّي رأيت البارحة ـ فيما يرى النائم ـ أنّ في عضديّ سوارين من ذهب ، فكرهُتهما فنفختُهما فطارا ، فأوّلتُهما هذين الكذّابين: صاحب اليمامة ، وصاحب اليمن ، وقد بلغني أنّ أقواماً يقولون في إمارة اُسامة ، ولعمري لئن قالوا في إمارته ، لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله ! وإن كان أبوه لخليقاً للإمارة ، وإنّه لخليق لها ، فأنفذوا بعث اُسامة»(3) إلى آخر الحكاية .

وفي تاريخ الطبري نقلاً عن أبي هريرة : «أ نّه بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) بعث إلى أهل اليمامة أبو بكر خالداً ، فسار حتّى إذا بلغ ثنيّة اليمامة ، استقبل مَجَّاعة بن مرارة ـ وكان سيِّد بني حنيفة ـ في جِبلّ من قومه ، يريد الغارة على بني عامر ،

  • (1) الصِفاق: جلد البطن الأسفل الذي إذا سُلخت الشاة فنُزع منها مَسَكُها الأعلى بقي منه ما يمسك البطن ، فإذا انشقّ الصِفاق كان منه الفتق . الحشى: ما دون الحجاب ممّا في البطن من كبد وطحال وكرش وما تبعه . الإفصاح في فقه اللغة ، حسين يوسف موسى وعبد الفتاح الصعيدي 1 : 85 ، 86 .
    (2) تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 138 ، أحداث سنة 10 .
    (3) تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 186 ، أحداث سنة 11 .

(الصفحة 116)

ويطلب دماً ، وهم ثلاثة وعشرون فارساً ركباناً قد عرّسوا ، فبيّتهم خالد في معرَّسهم ، فقال: متى سمعتم بنا؟ فقالوا: ما سمعنا بكم ، إنّما خرجنا لنَثَّئِرَ بدم لنا في بني عامر ، فأمر بهم خالد فضربت أعناقهم ، واستحيا مجّاعة ، ثمّ سار إلى اليمامة ، فخرج مسيلمة وبنو حنيفة حين سمعوا بخالد ، فنزلوا بعقرباء ، فحلّ بها عليهم ـ وهي طرف اليمامة دون الأموال ـ وريف اليمامة وراء ظهورهم .

وقال شرحبيل بن مسيلمة: يا بني حنيفة ، اليوم يوم الغَيرة ، اليوم إن هزمتم تستردف النساء سبيَّات ، ويُنكحن غير خطيبات ، فقاتلوا عن أحسابكم ، وامنعوا نساءكم ، فاقتتلوا بعقرباء ، وكانت راية المهاجرين مع سالم مولى أبي حذيفة ، فقالوا : تخشى علينا من نفسك شيئاً ! فقال: بئس حامل القرآن أنا إذاً ، وكانت راية الأنصار مع ثابت بن قيس بن شمَّـاس ، وكانت العرب على راياتها ، ومجَّاعة أسير مع اُمّ تميم ـ امرأة خالد ـ في فسطاطها ، فجال المسلمون جولة ، ودخل اُناس من بني حنيفة على اُمّ تميم ، فأرادوا قتلها ، فمنعها مجَّاعة . قال: أنا لها جارٌ ، فنعمت الحرّة هي ! فدفعهم عنها ، وترادّ المسلمون ، فكرّوا عليهم ، فانهزمت بنو حنيفة .

فقال المحكّم بن الطفيل: يا بني حنيفة ادخلوا الحديقة ; فإنّي سأمنع أدباركم ، فقاتل دونهم ساعة ثمّ قتله الله ، قتله عبد الرحمن بن أبي بكر ، ودخل الكفّار الحديقة ، وقتل وحشيّ مسيلمة ، وضربه رجل من الأنصار فشاركه فيه(1) .

إذا عرفت ما حكيناه من قصّة مسيلمة ، وما جاء به مضاهياً للقرآن بزعمه ، يظهر لك أنّ النكات الواردة في تلك القصّة ، الماسّة بما نحن بصدده من إبطال ما يدّعيه ، وعدم لياقة ما أتى به بذلك العنوان; بأن يتّصف بالمعارضة والمماثلة للقرآن ، وإن كان وضوح ذلك بمكان لا يفتقر معه إلى التوضيح والبيان لاُمور تالية :

  • (1) تاريخ الاُمم والملوك للطبري : 3 / 287 ـ 288 ، أحداث سنة 11 هـ  .

(الصفحة 117)

أحدها : أ نّه كان يزعم أ نّ النبوّة متقوّمة بالادّعاء ، وأ نّه ليس لها حقيقة وواقعيّة ، راجعة إلى الارتباط الخاصّ بمبدإ الوحي والبعث من قبله ، وذلك لاستدعاء مسيلمة التشريك من النبيّ (صلى الله عليه وآله)  ، وجعله دخيلاً في نبوّته سهيماً فيها ، ويدلّ عليه أيضاً خلوّ كتابه عن التحدّي الذي هو الركن في باب تحقّق المعجزة .

ثانيها : اعترافه في مكتوبه الذي أرسله إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) في العام العاشر من الهجرة ; بأ نّه أيضاً مثله نبيّ ورسول ، حيث يقول فيه: «من مسيلمة رسول الله إلى محمّد رسول الله ، أمّا بعد; فإنّي قد اُشركت إلخ»(1) مع أنّ من الواضح أنّ رسالة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم تكن محدودة من حيث الزمان والمكان ، بل كانت رسالة مطلقة عامّة ثابتة إلى يوم القيامة ; ولذا أخبر بأنّه مع اجتماع الإنس والجنّ على الإتيان بمثل القرآن لا يكاد يتحقّق ذلك ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً(2) .

وحينئذ فإمّا أن يكون مسيلمة مصدّقاً لهذه الداعية ومعتقداً لها ، فلازمه التصديق بعدم وجود رسول آخر ، وبعجزه عن الإتيان بما يماثل القرآن ، وأ نّ ما أتى به لا ينطبق عليه هذا العنوان ، فكيف يدّعي النبوّة لنفسه أيضاً مع اعترافه بالقصور والعجز ؟

وإ مّا أن يكون مكذِّباً لتلك الداعية ، ومعتقداً بجواز الإتيان بمثله وأ نّه قد أتى به ، فلِمَ صدّق النبيّ (صلى الله عليه وآله) بالرسالة ، ووصفه بأنّه أيضاً نبيّ مثله في مكتوبه الذي أرسل إليه ؟

ولعمري ، أنّ هذا أيضاً دليل واضح على أنّه كان يزعم أنّ النبوّة نوع من السلطنة الظاهريّة ، والزعامة الدنيويّة ، وليس لها حقيقة وواقعيّة .

ثالثها : أ نّ ما أتى به بعنوان الوحي ـ الذي قد اُوحي به إليه بزعمه من الله

  • (1) تقدّم في ص109 .
    (2) اقتباس من سورة الإسراء 17: 88 .

(الصفحة 118)

السبحان ، بواسطة ملك اسمه الرّحمن ، وقد تقدّم نقل جملة منه ـ إن كان الباحث الناظر قادراً على مقايسته مع القرآن ، وتشخيص عدم كونه في مرتبته بوجه ، كما هو الظاهر لمن له أدنى اطّلاع من فنون الأدب واللغة العربيّة ، وإلاّ فالدليل على عدم اتّصافه بوصف المماثلة والمعارضة ما يستفاد ممّا ذكرنا سابقاً ; وهو أنّه لو كانت تلك الجملات المضحكة والكلمات السخيفة قابلةً لمعارضة القرآن ; لاستند بها المعاندون ـ على كثرتهم ـ وفيهم البلغاء ، والمخالفون ـ مع عدم قلّتهم ـ ، وفيهم الفصحاء ، ولما كان وجه لبقاء المسلمين على عقيدتهم ; لوضوح عدم كونها ناشئة عن التعصّب القومي ، بل كانت مستندة إلى الدليل والبرهان ، ومن المعلوم أ نّ قوام الدليل بعدم وجود المعارض ، فمع وجوده لا يبقى له مجال .

فإذن: الدليل الواضح على نقصان مرتبة تلك الكلمات عدم اعتناء المخالف والمؤالف بها ، مع أنّ المعاندين كانوا يتشبّثون بكلّ حشيش لإطفاء نور النبوّه ، وسلب وصف الإعجاز عن المعجزة الباقية الوحيدة، وتضعيف الاُمّة الإسلاميّة بكلّ حيلة ، وترويج الملّة الباطلة بكلّ طريقة ، كما هو غير خفيّ على من له أدنى بصيرة .

2 ـ سجاح بنت الحارث بن سويد

تنبّأت بعد موت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجزيرة في بني تغلب ، فاستجاب لها الهذيل ، وترك التنصّر ، وهؤلاء الرؤساء الذين أقبلوا معها لتغزو بهم أبا بكر ، فلمّا انتهت إلى الحزن راسلت مالك بن نويرة ودعته إلى الموادعة ، فأجابها ، وفثأها عن غزوها ، وحملها على أحياء من بني تميم . قالت: نعم ، فشأنك بمن رأيت ; فإنّي إنّما أنا امرأة من بني يربوع ، وإن كان ملك فالملك ملككم(1) .

  • (1) تاريخ الاُمم والملوك للطبري: 3 / 269 ، أحداث سنة 11 هـ ، الكامل في التاريخ لابن الأثير: 2 / 210 .