(الصفحة 140)
بالله من متابعة الشيطان ، والقيام في مقابل الرحمن ، مع وضوح الحقّ ، وهداية البرهان .
وهنا نختم البحث في إعجاز القرآن ، ونستمدّ منه الخروج من الظلمات إلى النور .
(الصفحة 141)
حول القُرّاء والقراءات
* دعوى تواتر القراءات .
* حجّية القراءات .
* جواز القراءة بها في الصلاة .
(الصفحة 142)
(الصفحة 143)حول القرّاء والقراءات
والكلام يقع في مقامات :
المقام الأوّل : دعوى تواتر القراءات
نسب إلى المشهور بين علماء أهل السنّة أ نّ القراءات السبع المعروفة بين الناس متواترة (1) ، ومقصودهم ظاهراً هو التواتر عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) ; بمعنى أنّه قد ثبت بالتواتر عنه (صلى الله عليه وآله) أ نّه قرأ على وفق هذه القراءات ، وحكي عن بعضهم القول بتواتر القراءات العشر (2) ، بل عن بعضهم أنّ من قال : إنّ القراءات السبع لايلزم فيها التواتر ، فقوله كفر (3) .
والمعروف بين الشيعة الإماميّة أ نّها غير متواترة ، بل هي بين ما هو اجتهاد من
- (1) يقول السيوطي: وبالجملة، فالقراءات السبع متواترة عند الجمهور، وقيل: بل مشهورة فيما قال الزركشي: والتحقيق أنّها متواترة عن الأ ئـمّة السبعة ، أمّا تواترها عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ففيه نظر ; فإنّ إسناد الأ ئـمّة السبعة بهذه القراءات السبعة موجود في كتب القراءات ، وهي نقل الواحد عن الواحد . . . معترك الأقران في إعجازالقرآن للسيوطي1:121 ـ 122،البرهان في علوم القرآن للزركشي1:318 ـ 319.
(2) وهو ما نقل عن السبكي وابن الجزري والنويري ، في مناهل العرفان للزرقاني 1 : 357 .
(3) وقد نسب هذا إلى مفتي البلاد الأندلسية أبي سعيد فرج بن لب ، مناهل العرفان للزرقاني 1 : 353 .
(الصفحة 144)
القارئ، وبين ما هو منقول بخبر الواحد ، واختار هذا القول جماعة من المحقّقين من العامّة، ولا يبعد دعوى كونه هو المشهور بينهم (1) ، وسيأتي(2) نقل بعض كلماتهم في هذا المقام .
وقبل الخوض في المقصود لابدّ من تقديم مقدّمة تنفع لغير المقام أيضاً; وهي : أ نّ ثبوت القرآن واتّصاف كلام بكونه كذلك ـ أي قرآناً ـ ينحصر طريقه بالتواتر ، كما أطبق عليه المسلمون بجميع نحلهم المختلفة ومذاهبهم المتفرّقة (3) .
بيان ذلك : أ نّه ربما يمكن أن يتوهّم في بادئ النظر أ نّه ما الفرق بين كلام الله الذي ادّعي عدم ثبوته إلاّ بالتواتر ، وبين كلام المعصوم (عليه السلام) نبيّاً كان أو إماماً ، حيث لاينحصر طريق ثبوته به ، بل يثبت بخبر الواحد الجامع لشرائط الاعتبار والحجّية ، فكما أنّ خبر زرارة وحكايته يثبت صدور القول الدالّ على وجوب صلاة الجمعة مثلاً من الإمام (عليه السلام) ، فما المانع من أن يكون خبر الواحد مثبتاً أيضاً لكلام الله تبارك وتعالى ؟ بل ربما يمكن أن يزاد بأنّ ثبوت القرآنيّة لا طريق له إلاّ قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وإخباره بأنّه قرآن وكلام إلهيّ .
وعليه يتوجّه سؤال الفرق بين كلام النبيّ المتضمّن لثبوت حكم من الأحكام الشرعيّة ، وبين إخباره بأنّ الآية الفلانية من القرآن ، فكما أنّه يثبت الأوّل بخبر الواحد، كذلك لا مجال للمناقشة في ثبوت الثاني به أيضاً ، وعدم انحصاره بالتواتر ، هذا غاية ما يمكن أن يتوهّم في المقام .
ويدفعه ما عرفت من إطباق المسلمين بأجمعهم على ذلك ، حتّى ذكر السيوطي أ نّ القاضي أبا بكر قال في الانتصار : «ذهب قوم من الفقهاء والمتكلِّمين إلى إثبات
- (1) البيان في تفسير القرآن . أضواء على القرّاء : 123 .
(2) في ص 155 ـ 156 .
(3) البيان في تفسير القران، اُضواء على القرّاء: 123 .