جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 145)

القرآن حكماً لا علماً بخبر الواحد دون الاستفاضة، وكره ذلك أهل الحقّ وامتنعوامنه»(1).

وهذا الأصل الذي مرجعه إلى عدم ثبوت وصف القرآنيّة إلاّ بالتواتر كان مسلّماً عندهم ، بحيث «بني المالكيّة وغيرهم ممّن قال بإنكار البسملة قولَهم على هذا الأصل ، وقرّروه بأ نّها لم تتواتر في أوائل السور ، وما لم يتواتر فليس بقرآن .

واُجيب من قبلنا بمنع كونها لم تتواتر . . . ويكفي في تواترها إثباتها في مصاحف الصحابة ، فمن بعدهم بخطّ المصحف ، مع منعهم أن يكتب في المصحف ما ليس منه ، كأسماء السور ، وآمين ، والأعشار ، فلو لم تكن قرآناً لما استجازوا إثباتها بخطّه من غير تمييز ; لأنّ ذلك يُحمل على اعتقادها ، فيكونون مغرّرين بالمسلمين ، حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآناً ، وهذا ممّا لا يجوز اعتقاده في الصحابة» (2) .

ونقلوا في إثبات كون البسملة قرآناً روايات كثيرة : أخرجها أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم ، كلّها تدلّ على كونها من الآيات القرآنيّة ، بل في بعضها : «أعظم آية من القرآن بسم الله الرحمن الرحيم»(3) . وفي بعضها عن ابن عبّاس قال : «أغفل الناس آية من كتاب الله وما اُنزلت على أحد سوى النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلاّ أن يكون سليمان بن داود : بسم الله الرحمن الرحيم»(4) . وفي بعضها : «إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) والمسلمين لا يعلمون فصل السورة وانقضاءها حتّى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا نزلت علموا أنّ السورة قد انقضت»(5) ،(6) .

  • (1 ، 2) الإتقان في علوم القرآن : 1 / 267 ، النوع 22 ـ 27 ، التنبيه الأوّل .
    (3) السنن الكبرى للبيهقي: 2 / 348 ح2465  عن ابن عبّاس.
    (4) شعب الإيمان: 4 / 20 ح2124 .
    (5) سنن أبي داود: 128 ب125 ح788 . المستدرك على الصحيحين: 1 / 355 ـ 356 ح844 ـ 846 ، شعب الإيمان: 4 / 21 ـ 23 ح2125 ـ 2129  عن ابن عبّاس .
    (6) الإتقان فى علوم القرآن: 1/268 ـ 269 .

(الصفحة 146)

ولأجل أن يسلم هذا الأصل قال السيوطي في الإتقان : «ومن المشكل على هذا الأصل ما ذكره الإمام فخر الدين ، قال : نُقل في بعض الكتب القديمة: أ نّ ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوّذتين من القرآن . وهو في غاية الصعوبة ; لأنّا إن قلنا : إنّ النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة بكون سورة الفاتحة من القرآن ، فإنكاره يوجب الكفر ، وإن قلنا : لم يكن حاصلاً في ذلك الزمان ، فيلزم أنّ القرآن ليس بمتواتر في الأصل . قال : وإلاّ غلب على الظنّ أنّ نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل باطل ، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة»(1) .

ثمّ نقل السيوطي أقوالاً مختلفة في هذه الحكاية راجعة إلى تكذيبها ، وأ نّه موضوع على ابن مسعود ، أو إلى بطلان ما ذكره وعدم صحّته بوجه ، أو إلى تأويله بحيث لا ينافي كونها من القرآن بنحو التواتر (2) .

وبالجملة : ثبوت هذا الأصل بينهم ممّا لا ينبغي الارتياب فيه ، وهو يكفي في مقام الجواب عن ذلك التوهّم ، والفرق بين القرآن وغيره ، مضافاً إلى أنّه لا محيص عن انحصار ثبوت القرآن بالتواتر ; وذلك لتوفّر الدواعي على نقله ; ضرورة أنّه من أوّل نزوله لم ينزل بعنوان بيان الأحكام فقط ، بل بعنوان المعجزة الخالدة ، الذي يعجز الإنس والجنّ إلى يوم القيامة عن الإتيان بمثل سورة منه ، وقد مرّ(3) في بحث الإعجاز دلالة القرآن بنفسه على كونه معجزة خالدة ، وفي مثل ذلك تتوفّر الدواعي على نقله وضبطه ; ليحفظ ويبقى ببقائه الدين الحنيف الذي هو أكمل الأديان ، وأتمّ الشرائع .

وعليه: فما نقل بطريق الآحاد لا يكون قرآناً قطعاً ، وإلاّ لكانت الدواعي على

  • (1) التفسير الكبير للفخر الرازي: 1 / 190 .
    (2) الإتقان في علوم القرآن: 1 / 270 ـ 272 .
    (3) في ص 38 ـ 40 .

(الصفحة 147)

نقله متوفّرة ، وبذلك يخرج عن الآحاد ، فالمشكوك كونه قرآناً يقطع بعدم كونه منه ، وخروجه عن هذا الوصف الشريف ، نظير ما ذكروه في الاُصول من أنّ الشكّ في حجّية أمارة مساوق للقطع بعدم الحجّية ، وعدم ترتّب شيء من آثار الحجّة عليه (1) .

والمقام نظير ما إذا أخبر واحد بدخول ملك عظيم في البلد ، مع كون دخوله فيه ممّا لا يخفى على أكثر أهله ; لاستلزامه عادة اطّلاعهم وتهيّئهم للاستقبال ونحوه من سائر الاُمور الملازمة لدخوله كذلك ، ففي مثل ذلك يكون إخبار واحد فقط موجباً للقطع بكذبه أو اشتباهه ; لاستحالة اطّلاعه فقط عادةً ، فكيف يكون الكتاب الذي هو الأساس للدين الإسلامي ، ولابدّ من أن يرجع إليه إلى يوم القيامة كلّ من يريد الأخذ بالعقائد الصحيحة ، والملكات الفاضلة ، والأعمال الصالحة ، والدساتير العالية ، والاطّلاع على القصص الماضية ، وحالات الاُمم السالفة ، وغير ذلك من الشؤون والجهات التي يشتمل عليها الكتاب العزيز ، ممّا لايكفي في ثبوته النقل بخبر الواحد ؟

وليس ذلك لأجل مجرّد كونه كلام الله تبارك وتعالى ، بل لأجل كونه كلام الله المتضمّن للتحدّي والإعجاز ، والهداية والإرشاد ، وإخراج جميع الناس من الظلمات إلى النور إلى يوم القيامة ، وإلاّ فمجرّد كلام الله تعالى إذا لم يكن متضمّناً لما ذكر ، كالحديث القدسي لا يلزم أن يكون متواتراً .

فقد ظهر الفرق بين مثل الكتاب الذي ليس كمثله كتاب ، وبين كلام المعصوم (عليه السلام)  ـ نبيّاً كان أو إماماً ـ الذي لا ينحصر طريق ثبوته بالتواتر ; فإنّ دليل حجّية خبر الواحد الحاكي لكلام المعصوم (عليه السلام) إنّما هو ناظر إلى لزوم ترتيب الآثار

  • (1) كفاية الاُصول: 279 ـ 280 ، مجمع الأفكار: 2 / 169 وج4 / 443 ، محاضرات في اُصول الفقه: 3/266 ، 276 ، مباحث الاُصول: 1 / 568 و ج2 / 71 ، 78 ، سيرى كامل در اصول فقه: 10 / 187 ـ 192 .

(الصفحة 148)

عليه ، والأخذ به في مقام العمل ، ولا يلزم فيه الاعتقاد بصدوره عنه ، وأ نّه كلامه ; لأنّ الغرض مجرّد تطبيق العمل في الخارج عليه ، لا صدوره وإسناده إليه ، وهذا بخلاف كلام الله المنزل المقرون بالتحدّي والإعجاز ، ويكون هو الأساس للدين والأصل للهداية ، والميزان للخروج من ظلمات الجهل والانحراف إلى عالم نور العلم والمعرفة ; فإنّه لابدّ في مثل ذلك من وضوح كونه كلام الله ، وظهور صدوره عنه تبارك وتعالى .

أضف إلى ذلك أنّ القرآن ـ كما مرّ(1) في بحث الإعجاز مفصّلاً ـ نزل في محيط البلاغة والفصاحة ، وكان واقعاً في المرتبة التي عجز البلغاء عن النيل إليها ، والفصحاء عن الوصول إلى مثلها ، ولأجله خضع دونه البعض ، ونسب البعض الآخر إليه السحر ، ومن هذه الجهة كان موضعاً لعناية المتخصّصين في هذا الفنّ ، الذي كان هو السبب الوحيد عندهم للفضيلة والشرف ، وبه يقع التفاخر بينهم .

ومن الواضح أنّه مع هذه الموقعيّة يكون كلّ جزء من أجزائه ملحوظاً لهم ، منظوراً عندهم ، من دون فرق في ذلك بين من آمن به ، ومن لم يؤمن ، فكيف يمكن أن ينحصر نقل مثل ذلك بخبر الواحد ، كما هو غير خفيّ على من كان بعيداً عن التعصّب والعناد ، متّبعاً لحكم العقل والنظر السَّداد ؟!

ثمّ إنّه ظهر ممّا ذكرنا : أنّ اتّصاف نقل القرآن بالتواتر ، وانحصاره به إنّما هو على سبيل الوجوب واللزوم ، بمعنى أنّ تواتره لا يكون مجرّد أمر واقع في الخارج ، من دون أن يكون وقوعه لازماً ، والاتّصاف بذلك واجباً ، بل الظاهر لزوم اتّصافه به ، وكون وقوعه في الخارج إنّما هو لأجل لزوم وقوعه فيه كذلك ; لعين ما تقدّم من أصل الدليل على تواتره .

  • (1) في ص 90 .

(الصفحة 149)

ومناقشة المحقّق القمّي(قدس سره) في هذه الجهة ، حيث قال : «إنّه ـ يعني وجوب التواتر ـ إنّما يتمّ لو انحصر طريق المعجزة وإثبات النبوّة لمن سلف وغبر فيه ، ألا ترى أنّ بعض المعجزات ممّا لم يثبت تواتره ؟ وأيضاً يتمّ لو لم يمنع المكلّفون على أنفسهم اللطف ، كما صنعوه في شهود الإمام (عليه السلام) »(1) ليس في محلّها ، فإنّك عرفت(2)أنّ الكتاب هي المعجزة الخالدة الوحيدة ، وأنّ نفسه يدلّ على اتّصافه بهذا الوصف ، وأ نّه الذي لو اجتمع الإنس والجنّ إلى يوم القيامة على الإتيان بمثله لا  يأتون به ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً(3) ، وهو الذي يخرج به جميع الناس إلى ذلك اليوم من الظلمات إلى النور(4) ، وأ نّه الذي يكون نذيراً للعالمين(5) .

فمثل ذلك لو لم يلزم تواتره يلزم عدم حصول الغرض المقصود ، وهو السرّ في عدم ثبوت بعض المعجزات بالتواتر ; لأنّ تواتر القرآن ولزومه كذلك يغني عن اتّصاف غيره من المعجزات بالتواتر ، ومقايسة الكتاب الذي يتّصف بما وصف بمثل شهود الإمام (عليه السلام)  ، الذي منع المكلّفون على أنفسهم اللطف فيه غير صحيحة جدّاً ، فهل يمكن أن يصير منع اللطف سبباً لأن تخلو الاُمّة من الإمام رأساً ؟ فكيف يمكن أن يصير سبباً لعدم لزوم اتّصاف القرآن بالتواتر ، مع إيجابه نقض الغرض ، واستلزامه عدم تحقّق المعنى المقصود من إنزاله ؟

وممّا ذكرنا انقدح أ نّه كما لا تثبت القرآنيّة واتّصاف كلام بكونه كلام الله المنزل على الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله) بعنوان الإعجاز إلاّ بالتواتر ، كذلك اتّصافه بكونه آية لسورة فلانية دون السور الاُخرى ، فمثل اتّصاف قوله ـ تعالى ـ : (فَبِأَىِّ ءَالاَءِ

  • (1) قوانين الاُصول : 1 / 403 ، الباب السادس في الكتاب .
    (2) في ص 38 ـ 40 .
    (3) اقتباس من سورة الإسراء 17: 88  .
    (4) اقتباس من سورة إبراهيم 14: 1 ، وسورة الحديد 57: 9 ، وسورة الطلاق 65: 11 .
    (5) اقتباس من سورة الفرقان 25: 1 .