جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 158)

ومرجع هذا الاحتمال ـ وإن كان بعيداً في الغاية ; لأنّ مسألة تواتر القراءات من المسائل المهمّة المبحوث عنها عند العامّة ، ويبعد أن يكون مرادهم التواتر عن الأ ئـمّة التي يختصّ اعتقاد حجّية أقوالهم بالفرقة المحقّة ـ إلى تواتر مجرّد جواز القراءة بتلك القراءات ، والعمل على مقتضاها من الأئمّـة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين .

وسيأتي البحث عن ذلك بعد ذكر أدلّة القائلين بالتواتر في المقام الثالث ـ الممهّد للبحث عن جواز القراءة بتلك القراءات السبع المختلفة ـ بعد عدم ثبوت تواترها بوجه ، وعدم جواز الاستدلال بها ، والاستناد إليها في مقام الاستنباط ، واستكشاف أحكام الله ـ تبارك وتعالى ـ إن شاء الله ، فانتظر .

وأ مّا القائلون بالتواتر، فمستندهم في ذلك وجوه :

الأوّل : دعوى قيام الإجماع عليه من السلف إلى الخلف .

والجواب : أنّ ملاك حجّية الإجماع عند المستدلّ يتقوّم باتّفاق كلّ من يتّصف بأنّه من الاُمّة المحمّدية ، وبدون ذلك لا يتحقّق الإجماع الواجد لوصف الحجّية والاعتبار عنده .

وقد مرّ(1) عدم تحقّق هذا الاتّفاق بوجه ; فإنّه كما تحقّق إنكار تواتر القراءات من الطائفة المحقّة الإماميّة ـ وهم جماعة غير قليلة من الاُمّة النبويّة ـ كذلك أنكره كثير من المحقّقين من علماء أهل السنّة ، وقد تقدّم(2) نقل بعض كلماتهم ، فدعوى قيام الإجماع ـ والحال هذه ـ ممّا لا يصدر ادّعاؤها من العاقل غير المتعصّب .

الثاني : أنّ اهتمام الصحابة والتابعين بالقرآن يقضي بتواتر قراءاته ، وهذا واضح لمن سلك سبيل الإنصاف ، ومشى طريق العدالة .

  • (1) في ص143 ـ 144 .
    (2) في ص155 ـ 156 .

(الصفحة 159)

والجواب أوّلاً : أ نّ هذا الدليل لا ينطبق على المدّعى بوجه ; فإنّ المدّعى هو تواتر القراءات السبع أو العشر ، والدليل يقتضي تواتر قراءة القرآن ، ومن الواضح أنّ تواتر القراءة ـ على تقديره ـ لا يثبت تواتر القراءات السبع أو العشر .

وثانياً : أ نّ مقتضى هذا الدليل تواتر نفس القرآن ، لا تواتر كيفيّة قراءته ، خصوصاً مع ما نعلم من كون مستند بعض المشايخ والقرّاء هو الاجتهاد والنظر ، أو السماع ولو من الواحد .

مع أنّ حصر القراءات في السبع إنّما حدث في القرن الثالث من الهجرة ، ولم يكن له قبل هذا الزمان عين ولا أثر .

وحكي أنّ مسبّعها هو أبو بكر أحمد بن موسى بن العبّاس بن مجاهد ، كان على رأس الثلاثمائة ببغداد ، فجمع قراءات سبعة من مشهوري أئمّة الحرمين والعراقين والشام . . . وحكي أنّه قد لامه كثير من العلماء لما فيه من الإيهام ، وإشكال الأمر على العامّة بإيهامه كلّ من قلّ نظره أنّ هذه القراءات هي المذكورة في الخبر ، يعني رواية نزول القرآن على سبعة أحرف (1) .

وحكي عن أبي محمّد مكّي قوله : «قد ذكر الناس من الأ ئـمّة في كتبهم أكثر من سبعين ممّن هو أعلى رتبة ً وأجلّ قدراً من هؤلاء السبعة . . . فكيف يجوز أن  يظنّ ظانّ أنّ هؤلاء السبعة المتأخّرين ، قراءة كلّ واحد منهم أحد الحروف السبعة المنصوص عليها ؟ هذا تخلّف عظيم ، أكان ذلك بنصّ من النبيّ (صلى الله عليه وآله) أم كيف ذلك؟! وكيف يكون ذلك؟! والكسائي إنّما أُلحق بالسبعة بالأمس في أيّام المأمون وغيره ، وكان السابع يعقوب الحضرمي ، فأثبت ابن مجاهد في سنة ثلاثمائة ونحوها

  • (1) البرهان في علوم القرآن للزركشي 1 : 327 ، النوع العشرون ، واُنظر التبيان لبعض المباحث المتعلّقة بالقرآن:112 .

(الصفحة 160)

الكسائي موضع يعقوب»(1) .

ومع هذا الشأن ، فهل يكون اهتمام الصحابة والتابعين موجباً لتواتر هذه القراءات السبع خاصّة؟! فاللاّزم إمّا القول بتواتر جميع القراءات من دون تبعيض ، وإمّا القول بعدم تواتر شيء منها في مورد الاختلاف ، وحيث إنّه لا سبيل إلى الأوّل فلا محيص عن الثاني ، كما لا يخفى .

الثالث : دعوى الملازمة بين تواتر أصل القرآن ، وبين تواتر القراءات المختلفة ، نظراً إلى أنّ القرآن إنّما وصل إلينا بتوسّط حفّاظه والقرّاء المعروفين ، ولم تكن القراءة منفكّة عن القرآن ، بحيث كان أصل القرآن واصلاً مستقلاًّ ، والقراءة واصلة مرّة اُخرى كذلك ، بل كانتا واصلتين معاً بتوسّط الحفّاظ والقرّاء ، وحينئذ فتواتر القرآن الذي لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه ملازم لتواتر القراءات ; لما عرفت .

والجواب أوّلاً : منع الملازمة بين تواتر أصل شيء ، وبين تواتر خصوصيّاته وكيفيّاته ; ضرورة أنّ الاختلاف فيها لا ينافي الاتّفاق على أصله ، وهذا واضح جدّاً ; فإنّ غالبيّة الحوادث والوقائع والمسائل والاُمور ، أصلها مسلّم متّفق عليه ، وخصوصيّاتها مشكوكة مختلف فيها ، وذلك كواقعة الطفّ الكبرى ; فإنّ حدوثها ووقوعها من الواضحات البديهيّة ، وكيفيّتها مختلف فيها ، وكهجرة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله)  ; فإنّ تواتر أصلها لا يستلزم تواتر خصوصيّاتها .

وبالجملة : فدعوى الملازمة بين اتّصاف أصل الشيء بالتواتر ، وبين اتّصاف خصوصيّاته به أيضاً ممنوعة جدّاً .

وثانياً : منع كون أصل القرآن واصلاً إلينا بتوسّط خصوص أولئك الحفّاظ والقرّاء ، بحيث لو لم يكونوا لما كان القرآن واصلاً إلى الخَلف ; فإنّ ذلك مستلزم لعدم اتّصاف الأصل بالتواتر أيضاً ، بل من الواضح أ نّ وصول القرآن إلينا كان

  • (1) التبيان لبعض المباحث المتعلّقة بالقرآن: 113 ـ 114 .

(الصفحة 161)

بالتواتر بين المسلمين ، ونقل الخلف عن السلف ، والتحفّظ على ذلك في صدورهم وكتاباتهم ، وذكرها في اُمورهم وشؤونهم ، ولم يكن للقرّاء بأجمعهم ـ فضلاً عن السبعة أو العشرة ـ دخل في ذلك أصلاً ، وحينئذ فتواتر القرآن الثابت بنقل المسلمين بهذا النحو كيف يكون ملازماً لتواتر القراءات السبع أو العشر ؟ وكيف يقاس أصل القرآن بخصوصيّات القراءات؟! .

ثمّ على تقدير كون مراد المستدلّ تواتر خصوص القراءات السبع أو العشر ـ كما هو الظاهر ـ يكون بطلان الدليل أوضح ; لأنّ دعوى الملازمة بين تواتر أصل القرآن ، وبين تواتر خصوص هذه القراءات ـ مع وضوح عدم كون القرآن واصلاً إلى الخلف ، بتوسّط خصوص هؤلاء القرّاء المعدودين والنفر المحصورين ـ ممّا لايكاد يصدر ادّعاؤها ممّن له أدنى حظّ من العلم ، وأقلّ نصيب من الإنصاف والعدالة ، كما لا يخفى على اُولي النّهى والدراية .

الرابع : أ نّ اختلاف القراءات قد يرجع إلى الاختلاف في أصل الكلمة كالاختلاف الواقع بينهم في قراءة «ملك» و«مالك» ، وحينئذ لو لم تكن القراءات متواترة فيلزم أن يكون بعض القرآن غير متواتر ; فإنّ الاختلاف في إعراب مثل كلمة «والأرحام» وإن لم يكن مستلزماً لعدم تواتر القرآن على فرض عدم تواتر القراءات ، إلاّ أنّ الاختلاف في مثل كلمة «مالك» و«ملك» يستلزم ذلك على التقدير المذكور وفرض عدم تواتر القراءات ; ضرورة أنّ تخصيص أحدهما بالاتّصاف بوصف القرآنيّة تحكّم ، فلا محيص عن الالتزام بتواتر كليهما ، حذراً عن خروج بعض القرآن عن كونه غير متواتر .

وهذا الدليل محكيّ عن ابن الحاجب ، وارتضاه جماعة ممّن تأخّر عنه (1) .

  • (1) لم نجده عاجلاً .

(الصفحة 162)

والجواب: أنّه إن كان المدّعى هو تواتر خصوص القراءات السبع كما هو الظاهر ، فيرد عليه عدم اقتضاء الدليل ذلك ; فإنّ مقتضاه ـ على فرض تماميّته ـ تواتر جميع القراءات ، خصوصاً مع ما عرفت(1) من تصريح بعض المحقّقين من علماء أهل السنّة ، بأ نّ فيمن عدا القرّاء السبعة من هو أعلى رتبة وأجلّ قدراً من السبعة ، بل قد عرفت في كلام أبي محمّد مكّي المتقدّم أ نّه قد ذكر الناس من الأ ئـمّة في كتبهم أكثر من سبعين ، ممّن هو أعلى رتبة وأجلّ قدراً من هؤلاء السبعة . ومن الواضح أ نّه لا دخل للأوثقيّة والأرجحيّة في ذلك .

وبالجملة : الدليل ـ على فرض صحّته ـ يقتضي تواتر جميع القراءات ; من دون رجحان ومزيّة لبعضها على البعض الآخر .

وإن كان المراد هو تواتر جميع القراءات ، فيرد عليه ـ مضافاً إلى وضوح بطلان هذه الدعوى ، بحيث لم يصرّح بها أحد من القائلين بتواتر القراءات ، بل ولم يظهر من أحد منهم ـ : منع الملازمة ; فإنّ الاختلاف إن كان في الكلمة مطلقاً ـ مادّة وهيئة ـ لكان لها سبيل .

وأ مّا في مثل المثال ممّا يكون الاختلاف راجعاً إلى الكيفيّة والهيئة فقط ، فتواتر القرآن إنّما تتّصف به المادّة فقط ، والاختلاف لا ينافي تواترها . نعم ، يكون موجباً لالتباس ما هو القرآن بغيره ، وعدم تميّزه من حيث الهيئة ، كعدم التميّز من حيث الإعراب في مثل كلمة «والأرحام» .

وقد انقدح من جميع ما ذكرنا عدم اتّصاف شيء من القراءات السبع أو العشر بالتواتر ، فضلاً عن غيرها ، هذا تمام الكلام في المقام الأوّل .

  • (1) في ص 155 و 159 .