(الصفحة 192)
أو الاطمئنان الذي هو علم عرفيّ ; وذلك لعدم الدليل على حجّية قولهما أصلاً ، فالرجوع إلى التفسير لا يكاد يترتّب عليه فائدة إلاّ إذا حصل منه اليقين ، أو ما يقوم مقامه بظهور اللفظ في المعنى الفلاني ، وكونه مراداً بالإرادة الاستعماليّة ، كما هو غير خفيّ .
(الصفحة 193)
عدم تحريف الكتاب
* عرض لمعاني التحريف والردّ عليه .
* مذهب الإماميّة في عدم التحريف المتسالم عليه .
* أدلّة عدم التحريف ، ومناقشة القائلين به .
(الصفحة 194)
(الصفحة 195)عدم تحريف الكتاب
تمهيد
حيث إنّ مسألة التحريف من المسائل المهمّة المتعلّقة بالكتاب ، لابدّ من التعرّض لها والورود فيها مفصّلاً ليزول الشكّ والارتياب فيها إن شاء الله تعالى ، وتنقدح صيانة الكتاب في أنّه المعجزة الخالدة الوحيدة للنبوّة والرسالة ، والبرنامج الفذّ لهداية الناس إلى صلاح اُمورهم الدنيويّة والدينيّة ، وخروجهم من الظلمات إلى النور إلى يوم القيامة ، وإرشادهم إلى الطريق المستقيم ، والشريعة السمحة السهلة ، وإراءتهم لما يتضمّن سعادة الدارين التي هي السعادة المطلوبة والغاية المنشودة لكلّ عاقل .
ويظهر بطلان ما زعمه القائل بالتحريف ، جهلاً منه بما يترتّب على هذا القول السخيف من التوالي الفاسدة ، والآثار السيّئة ، ونقض الغرض ، وتطاول المخالفين المعاندين للإسلام والمسلمين من اليهود والنصارى ، وغيرهما من الذين لا يطيقون عظمة هذا الدين القويم ، وشوكة المسلمين ، ويتشبّثون بكلّ ما يمكن أن ينتهي إلى خذلانهم وضعف عقيدتهم .
ومن العجب إصرار بعض من ينتحل العلم ، ويظهر التعصّب في الدين ، ويرى لنفسه الفضيلة والمزيّة على غيره ، على القول بالتحريف الذي يتبرّأ منه من له أدنى
(الصفحة 196)
حظّ ونصيب من الشعور والعقل ، الذي هو الرسول الباطني والحجّة الداخليّة .
والظاهر أنّ الأيادي الخفيّة المشبوهة والسياسات المعادية للإسلام هي التي تؤيّد هذه العقيدة الباطلة لاُمور غير خفيّة على أهلها ، فاللاّزم على الواعي ـ ولابدّ أن تكون له هذه المسؤوليّة ـ الواقف على هذه الخصوصيّات أن لا يقع من حيث لا يشعر فيما يعود نفعه على المغرضين ، ويرجع إلى ضعف الدين ، ويستلزم خذلان المسلمين ، ويستوجب أن تكون الفرقة المحقّة الإماميّة الاثنا عشريّة مورداً للتهمة والافتراء عليهم; بأنّ من خصائص عقائدهم ومبتدعاتهم القول بتحريف الكتاب ، ووقوع النقص فيه ، حتّى أ نّ من كان منهم أشدّ إصراراً على هذا القول يكون تعظيمه أكثر من غيره ، وإكرامه أوجب .
وقد نشرت في هذه الأزمنة قبل سنين رسالة(1) ـ عذّب الله كاتبها ـ في موسم الحجّ في الردّ على الشيعة والنقض عليهم ، وكان عمدة ما اعتمد عليه كاتبها في إثبات غرضه الفاسد هو القول بالتحريف الذي ذهب إليه بعض العلماء منهم ، قائلاً : إنّه قول جميعهم ، وإنّه من امتيازاتهم ، وإنّ غرضهم من ذلك الفرار من التمسّك بالكتاب الذي هو الثقل الأكبر ، ويجب التمسّك به إلى يوم القيامة .
فهل مع مثل ذلك يسوغ للعاقل التفوّه بهذا الأمر الباطل ، فضلاً عن أن يؤلّف فيه الكتاب ، ويستند فيه إلى الآيات غير الدالّة والروايات الموضوعة ؟ عصمنا الله من الزلل والعثرة .
وكيف كان ، فنقول ـ وبالله الاستعانة ـ : إنّه لابدّ قبل الورود في أدلّة محلّ البحث وموضع النزاع من تقديم أمرين :
- (1) (الشيعة والقرآن) ، إحسان إلهي ظهير من الهند ، إدارة ترجمان السنة ، لاهور ، باكستان ، الطبعة الاُولى سنة 1403 هـ . وقد توسّع في ذكر هذه المسألة في كتابه هذا أكثر من الذي ذكره في كتابه الأوّل (الشيعة والسنة) . وعلى منواله «الشيعة وتحريف القرآن» المطبوع سنة 1405 هـ ، محمد مال الله .