جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 228)

كقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَـفِظُونَ) (1)»(2) . انتهى ما أفاده ملخّصاً .

وهو وإن كان غير خال عن المناقشة ; ضرورة أنّ ما أفاده إنّما يجدي لنفي الزيادة الكثيرة، أو النقيصة المتعدّدة في مواضع متكثّرة، كما يدّعيه القائل بالتحريف، المستند إلى الروايات الكثيرة الدالّة عليه . وأ مّا احتمال زيادة يسيرة أو نقيصة يسيرة كما فرضه في أوّل البحث ، فالدليل لا يثبت نفيه ، ولا يجدي لدفعه أصلاً .

أفيكفي هذا الدليل لإثبات أ نّه لم تسقط كلمة «في عليٍّ» بعد قوله : (بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) (3) ؟ فإنّه على كلا التقديرين ـ سواء كانت هذه الكلمة موجودة أم لم تكن ـ لا يختلّ شيء من أوصاف القرآن ، ولا يوجب نقصاً في التحدّي ، ولا خللاً في الجهات المتعدّدة التي يدلّ عليها القرآن من اُصول المعارف وكلّيات الشرائع ، وتفاصيل الفضائل ، ونقل القصص والإخبار بالملاحم ، وبالتالي كونه ذكراً ، الذي هو ـ كما اعترف به ـ أجمع الصفات في الدلالة على شؤون القرآن ، إلاّ أ نّ له مع ذلك صلاحيّة للتأييد ممّا لا ينبغي الارتياب فيه .

ثمّ إنّ هذه الاُمور الثلاثة الدالّة على عدم التحريف ، ممّا يمكن التمسّك بها من نفس الكتاب العزيز .

الدليل الرابع : الحديث المعروف المتواتر بين الفريقين ، الدالّ على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) خلّف الثقلين : كتاب الله والعترة ، وأخبر أ نّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض ، وأ نّ التمسّك بهما موجب لعدم تحقّق الضلالة أبداً إلى يوم القيامة(4) .

  • (1) سورة الحجر 15: 9 .
    (2) الميزان في تفسير القرآن: 12 / 104 ـ 106 .
    (3) سورة المائدة 5: 67 .
    (4) نصّ الحديث كما في بعض المصادر هكذا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن   تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرّقا حتّى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟ ». سنن الترمذي: 5 / 663 ح3797 ، ورواه مسلم في صحيحه: 4 / 1492 ح2408 والحاكم في المستدرك على الصحيحين: 3 / 160 ح4711 وغيرهما، فليراجع كتاب الله وأهل البيت (عليهم السلام) في حديث الثقلين . وانظر بعض مصادر حديث الثقلين عند الإماميّة: كالكافي: 1 / 294 قطعة من ح3، وإرشاد المفيد: 1 / 233، وأمالي الصدوق: 500 ح686، وأمالي المفيد: 135 ح3، وأمالي الطوسي : 162 قطعة من ح268، ووسائل الشيعة: 27 / 33 ـ 34 ح9، وبحار الأنوار: 23/ 104ـ 166 ب7، وغيرها من كتب العامّة والخاصّة ، وقد تقدّمت الإشارة إلى هذا الحديث في ص172، وتأتي في ص248 و 288 .

(الصفحة 229)

وتقريب الاستدلال بهذا الحديث الشريف على عدم تحريف القرآن المجيد من وجهين :

الوجه الأوّل : أنّ القول بالتحريف يستلزم عدم إمكان التمسّك بالكتاب ، مع أنّ الحديث يدلّ على ثبوت هذا الإمكان إلى يوم القيامة ، فيكون القول بالتحريف الملازم لعدم الإمكان باطلاً; لمخالفته لما يدلّ عليه الحديث ، وعدم إمكان الجمع بينه وبينه .

فهاهنا دعويان لابدّ من إثباتهما :

الدعوى الاُولى : استلزام القول بالتحريف ; لعدم إمكان التمسّك بالكتاب العزيز ، ولتوضيح الاستلزام وثبوت الملازمة نقول : إنّ الكتاب العزيز ـ كما تقدّم(1)سابقاً في بعض مباحث الإعجاز ـ ليس الغرض من إنزاله ، والغاية المترتّبة على نزوله ، ناحيةً خاصّةً وشأناً مخصوصاً ، وليس التعرّض فيه لخصوص فنّ من الفنون التي يختصّ كلّ منها بكتاب ، وكلّ كتاب بواحد منها ، بل هو جامع لفنون شتّى ، وجهات كثيرة ، فتراه متعرّضاً لما يرجع إلى المبدإ من وجوده وتوحيده ، وصفاته العليا ، وأسمائه الحسنى ، وأفعاله وآثاره ، ولما يرتبط بالمعاد من ثبوته

  • (1) في ص106 .

(الصفحة 230)

وخصوصيّاته ، والسعادة والشقاوة ، والجنّة والنار ، وأوصافهما ، وأوصاف الداخلين فيهما وخصوصيّاتهم ، ولما يتعلّق بالأنبياء ، وعلوّ مقامهم ، ونزاهة ساحتهم ، وشموخ مقامهم ، وما وقع بينهم وبين اُممهم ، ولما يرجع إلى الفضائل الخلقيّة ، والمَلَكات النفسانيّة ، ولما يعود إلى بيان الأحكام العمليّة ، والشرائع الفطريّة ، ولغير ذلك من الجهات والشؤون .

والغرض الأقصى الذي بيّنه الكتاب هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وإيصالهم إلى المرتبة الكاملة من الإنسانيّة ، والدرجة العالية : المادّية والمعنويّة .

وعليه: فمعنى التمسّك بمثل هذا الكتاب ـ الذي ليس كمثله كتاب ـ هو الاستفادة من جميع الشؤون التي وقع التعرّض فيه لها ، والاستضاءة بنوره الذي لاتبقى معه ظلمة ، والاهتداء بهدايته التي لا موقع معها للضلالة ، ولا يخاف عندها الجهالة ، فلو لم يكن ما بأيدينا من الكتاب عين ما نزل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ونفس ما خلّفه في اُمّته ، وحرّضهم على التمسّك به ، والخروج بسببه عن الضلالة .

فكيف يمكن التمسّك به إلى يوم القيامة ؟ وكيف يمكن أ نّ الضلالة منفيّة مؤبّدة ؟ فإنّ الكتاب الضائع على الاُمّة بسبب التحريف ، ودسّ المعاندين ـ ولا محالة كان الغرض من التحريف إخفاء بعض حقائقه وإطفاء بعض أنواره ـ لا يصلح أن يكون نوراً في جميع الاُمور ، وسراجاً مضيئاً في الظلمات كلّها ، ضرورة أنّه يلزم أن يكون التحريف حينئذ لغواً ، مع أنّه كان لغرض راجع إلى إخفاء مقام الولاية أو غيره من الاُمور المهمّة ، التي كان تعرّض الكتاب لها منافياً لغرض المحرّفين ، ومخالفاً لنظر المعاندين ، فلا يبقى حينئذ مجال لبقاء إمكان التمسّك بالكتاب مع وجود التحريف .

الدعوى الثانية : دلالة الحديث الشريف على إمكان التمسّك بالكتاب العزيز ، ولا يخفى وضوح هذه الدلالة لو كان الحديث دالاًّ على الأمر بالتمسّك ، وإيجاب الرجوع إليه ; ضرورة اعتبار القدرة في متعلّق التكليف مطلقاً ، أمراً كان أو نهياً ،

(الصفحة 231)

فمع عدم إمكان التمسّك لا يبقى مجال لإيجابه والحكم بلزومه .

وأمّا لو لم يكن الحديث بصدد الإلزام وجعل الحكم الإنشائي التكليفي ، ولم تكن الجملة الخبريّة مسوقة لإفادة التكليف والإيجاب ، بل كانت في مقام مجرّد الإخبار والحكاية عن الواقع ، وأ نّ الأثر المترتّب على التمسّك بالثقلين هو رفع خوف الضلالة وارتفاع خطر الجهالة ، وعدم الابتلاء بها إلى يوم القيامة ، فدلالته حينئذ على إمكان التمسّك به لأجل الانفهام العرفي ، والانسباق العقلائي ; فإنّ المتفاهم من مثل هذا التعبير في المحاورات العرفيّة ثبوت الإمكان في الشرط في القضيّة الشرطيّة الخبريّة .

مثال ذلك : أ نّك إذا قلت مخاطباً لصديقك : «إذا اشتريت الدار الفلاني يترتّب عليه كذا وكذا» لا يفهم منه إلاّ إمكان الاشتراء ، ولا يعبّر بمثل هذه العبارة إلاّ في مورد ثبوت الإمكان ، ومع عدمه يكون التعبير هكذا : «إن أمكن لك الاشتراء» .

مضافاً إلى ثبوت خصوصيّة في المقام ; وهو كون الكتاب ميراثاً للنبيّ الذي يكون خاتم النبيّين ، ويكون حلاله وحرامه باقيين إلى يوم القيامة ، فهل يمكن أن   يكون مع ذلك غير ممكن للتمسّك ؟ وهل يتّصف حينئذ بأ نّه خلّفه النبيّ (صلى الله عليه وآله)  ، وكان غرضه من ذلك إرشاد الاُمّة وهداية الناس إلى طريق الهداية ، والخروج من الضلالة ؟ فعلى تقدير عدم دلالة مثل هذا التعبير على ثبوت وصف الإمكان في غير المقام ، لا محيص عن الالتزام بدلالته عليه في خصوص المقام; للقرائن والخصوصيّات الموجودة فيه .

فانقدح من جميع ذلك تماميّة الاستدلال بالحديث الشريف من الوجه الأوّل ، الذي عرفت ابتناءه على الدعويين الثابتتين .

نعم ، يمكن أن يورد على الاستدلال به من هذا الوجه شبهات (1) لا بأس

  • (1) أشار إلى بعضها في فصل الخطاب ، الباب الثاني، الأمر الخامس: 340ـ 341 .

(الصفحة 232)

بإيرادها والجواب عنها ، فنقول :
الشبهة الاُولى :
أنّه لا يعتبر في التمسّك بشيء أن يكون المتمسّك به موجوداً حاضراً ، وكان تحت اختيار المكلّف ، وهذا كما في التمسّك بالعترة التي هي إحدى الحجّتين ، وواحد من الثقلين; فإنّه لا يعتبر في تحقّقه حياتهم ، فضلاً عن حضورهم ، وعدم غيابهم ; ضرورة ثبوت هذا الوصف لنا بالإضافة إلى أئمّتنا المعصومين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ مع عدم إمكان تشرّفنا إلى محضرهم في أعصارنا هذه ، وعدم الحضور أيضاً لخاتمهم عجّل الله تعالى فرجه ، فلا يعتبر في تحقّق التمسّك وجودهم ، فضلاً عن حضورهم ، ومثل ذلك يجري في التمسّك بالكتاب من دون فرق ، فالتحريف الموجب لضياعه على الاُمّة لا يستلزم عدم إمكان التمسّك به .

والجواب : وضوح الفرق بين التمسّك بالعترة ، والتمسّك بالكتاب ; فإنّ التمسّك بالشخص ـ ولو مع حياته وحضوره ـ معناه اتّباعه والموالاة له ، والإطاعة لأوامره ونواهيه ، والأخذ بقوله ، والسير على وفقه وعلى سيرته ، ولا حاجة في ذلك إلى الاتّصال به ، والتشرّف بمحضره ، والمخاطبة معه ، بل يمكن ذلك مع موته ، فضلاً عن غيبته ، ومن هذه الجهة نحن متمسِّكون بهم جميعاً في زمن الغيبة ، وأيّ تمسّك أعظم من تعظيم الفقهاء الراوين للحديث ، والأخذ بقولهم ، اتّباعاً لما ورد في التوقيع الوارد في جواب مسائل إسحاق بن يعقوب ، الدالّ على وجوب الرجوع في الحوادث الواقعة إلى رواة الحديث ، معلّلاً بكونهم حجّته وهو حجّة الله على الناس (1) .

  • (1) نصّ الحديث هكذا : وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، كمال الدين: 484 قطعة من ح4، الغيبة للطوسي: 291 قطعة من ح247 ، الاحتجاج: 2 / 543 قطعة من الرقم 344 ، وعنها وسائل الشيعة: 27/140 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب11 ح9، وبحار الأنوار: 53/181 قطعة من ح10. وفي منتخب الأنوار المضيئة: 228 ، والخرائج والجرائح: 3 / 1114 قطعة من ح30 عن ابن بابويه . وفي كشف الغمّة: 2 / 531 عن إعلام الورى: 2 / 271 . وفي بحار الأنوار: 2 / 90 ح13 وعوالم العلوم: 3 / 410 ح10 عن الاحتجاج . وفي ج78 / 380 ح1 عن الدرّة الباهرة: 47 .