(الصفحة 331)
قوله ـ عزّوجلّ ـ : (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الاَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَـ بظلمه وسوء سريرته ـ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ ) (1) (2) .
وما رواه السيّد الأجلّ عليّ بن طاوس في «فلاح السائل»: رويت عن محمّد ابن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كتبت امرأة الحسن (عليهما السلام) مصحفاً ، فقال الحسن (عليه السلام) للكاتب لمّا بلغ هذه الآية (حَـفِظُوا عَلَى الصَّلَوَ تِ وَالصَّلَوةِ الْوُسْطَى ـ : وصلاة العصر ـ وَقُومُوا لِلَّهِ قَـنِتِينَ ) (3) .
وما رواه الشيخ الطوسي(قدس سره) في «التهذيب» بإسناده عن يونس بن عبدالرحمن ، عن عبدالله بن سنان قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام) :
الرجم في القرآن قوله ـ تعالى ـ : إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة ; فإنّهما قضيا الشهوة (4) .
وما ذكره الراغب الأصبهاني في «المحاضرات» من أنّه روي أنّ عمر قال: لولا أن يقال: زاد عمر في كتاب الله ـ تعالى ـ لأثبتّ في المصحف ، فقد نزلت : الشيخ
- (1) سورة البقرة 2: 205 .
(2) تفسير العياشي: 1 / 101 ح 390 ، وعنه بحار الأنوار: 9 / 189 ، الاحتجاج ب 1 ح 24 ، وج75: 315 ح37 . وفي تفسير الصافي 1: 220 ، والبرهان في تفسير القرآن 1: 440ـ 441 ح1063 و 1067 عنه وعن الكافي 8 : 289 ح435 . وفي تفسير كنز الدقائق 1: 498 عن الكافي .
(3) فلاح السائل: 186 فصل 15 ح 93 ، وعنه بحار الأنوار: 82 / 289 ، كتاب الصلاة ب 9 ملحق ح 17 ، والآية في سورة البقرة 2: 238 .
(4) تهذيب الأحكام: 10 / 3 ، كتاب الحدود ب 1 ح 3 ، وعنه ملاذ الأخيار 16: 10 ح7 . وفي الوافي 15: 238 ح14959 ، ووسائل الشيعة 28: 62 ، كتاب الحدود والتعزيرات ، أبواب حدّ الزنا ب1 ح4 عنه وعن الكافي 7: 177 ح3 . وفي الوافي 15: 238 ح14961 ، ووسائل الشيعة 28: 67 ب1 ح18 عن الفقيه 4: 17 ح32 .
(الصفحة 332)
والشيخة إذا زنيا فارجمُوُهما البتّة نكالاً من الله والله شديد العذاب (1) .
وغير ذلك من الروايات الكثيرة الواردة في هذا القسم .
مناقشة الطائفة الخامسة
أوّلاً: أ نّها بجميع أقسامها مخالفة للكتاب ، وقد اُمرنا بالإعراض عنها وضربها على الجدار ; لأ نّها زخرفة وباطلة(2) ، وقد تقدّم تقريب ذلك في الجواب عن الاستدلال بالطائفة الثانية ، فراجع .
مضافاً إلى ما ذكرنا(3) في الجواب عن الاستدلال بالروايات الدالّة على اشتمال الكتاب على اسم عليّ والأ ئـمّة من ولده ـ صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ـ من وجود قرائن قطعيّة كثيرة على عدم وقوع التصريح بأسمائهم المقدّسة في ألفاظ القرآن الكريم وآياته العزيزة وكلماته الشريفة .
وإلى ما ذكرناه في أوائل بحث التحريف(4) في مقام الجواب عن توهّم كون حكم الرجم مذكوراً في الكتاب ، وأ نّه كانت هناك آية معروفة بآية الرجم رواها من لاحجّية لقوله ولا اعتبار لفعله إلاّ من جهة دلالتها على كون الحقّ في جانب الخلاف ، وفقدان الرشد والصواب في ناحية الوفاق .
وإلى معارضة ما دلّ منها على كون آيات الكتاب زائدة على المقدار الذي هو الآن ـ وهو القسم الأوّل من الأقسام الثلاثة من هذه الطائفة ـ بما رواه الطبرسي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أ نّه قال: سألت النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن ثواب القرآن ؟ فأخبرني
- (1) محاضرات الاُدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء 4: 168 ، ممّا جاء في مبدأ القرآن ونزوله وفضيلته .
(2) يراجع ص173، 237 و 325.
(3) في ص318 ـ 323.
(4) في ص210 ـ 212.
(الصفحة 333)
بثواب سورة سورة على نحو ما نزلت من السماء ـ إلى أن قال ـ : ثمّ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : جميع سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة ، وجميع آيات القرآن ستّة آلاف آية ومائتا آية وست وثلاثون آية ، وجميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف حرف وواحد وعشرون ألف حرف ومائتان وخمسون حرفاً (1) .
وثانياً: اشتمال سند كثير من روايات هذه الطائفة على أحمد بن محمّد بن السيّار، الذي اتّفق على فساد مذهبه وكونه كاذباً جاعلاً ، وقد ادّعى بعض المتتبّعين(2) أ نّه تتبّع روايات التحريف ، التي جمعها المحدّث المعاصر في كتابه الموضوع في هذا الباب ، فوجد اشتمال سند مائة وثماني وثمانين منها على هذا الرجل الفاسد .
ومنه يمكن أن يقال بحصول الاطمئنان للإنسان بكون الرجل معانداً منافقاً ، أو مأموراً من قبل المعاندين على أن يجعل روايات كاذبة ، ويفتري على كتاب الله الذي هو المعجزة الوحيدة الخالدة ; لغرض تنقيصه وإسقاطه عن الاعتبار ، وإردافه بالإنجيل والتوراة المحرّفين لئلاّ يبقى للمسلمين امتياز وخصوصيّة ، ولم يكن لهم لسان على اليهود والنصارى بكون كتابيهم غير معتبرين ، سيّما مع ملاحظة قلّة روايات الرجل في غير هذه المسألة من المسائل الفقهيّة والأحكام العمليّة ، ولابأس بنقل عبارة بعض أئمّة علم الرجال في حقّ الرجل ، فنقول:
قال الشيخ(قدس سره) في محكيّ «الفهرست»: أحمد بن محمّد بن سيّار أبو عبدالله الكاتب ، بصريّ ، كان من كتّاب آل طاهر في زمن أبي محمّد (عليه السلام) ، ويعرف بالسيّاري ، ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، مجفوّ الرواية ، كثير المراسيل ، وصنّف
- (1) مجمع البيان في تفسير القرآن: 10 / 188 ـ 189 تفسير سورة الإنسان ، وعنه بحار الأنوار: 35 / 256 ب 6 .
(2) وهو الشيخ ميرزا مهدي البروجردي ، مؤلّف كتاب (برهان روشن): 70 .
(الصفحة 334)
كتباً كثيرة .
منها : كتاب ثواب القرآن ، كتاب الطبّ ، كتاب القراءة ، كتاب النوادر ، أخبرنا بالنوادر خاصّة الحسين بن عبيدالله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى قال : حدّثنا أبي قال: حدّثنا السيّاري ، إلاّ بما كان فيه من غلوّ أو تخليط .
وأخبرنا بالنوادر وغيرها جماعة من أصحابنا ، منهم: الثلاثة الذين ذكرناهم ، عن محمد بن أحمد بن داود قال: حدّثنا سلامة بن محمّد قال: حدّثنا عليّ بن محمّد الجبائي قال : حدّثنا السيّاري(1) .
وقال النجاشي : أحمد بن محمّد بن سيّار أبو عبدالله الكاتب ، بصريّ ، كان من كتّاب آل طاهر في زمن أبي محمّد (عليه السلام) ، ويعرف بالسيّاري ، ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، ذكر ذلك لنا الحسين بن عبيدالله ، مجفوّ الرواية ، كثير المراسيل .
له كتب وقع إلينا منها: كتاب ثواب القرآن ، كتاب الطبّ ، كتاب القراءات ، كتاب النوادر ، كتاب الغارات . أخبرنا الحسين بن عبيدالله قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى . وأخبرنا أبو عبدالله القزويني قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه قال: حدّثنا السيّاري ، إلاّ ما كان من غلوّ وتخليط(2) .
ومع ذلك فقد رام المحدّث المعاصر إصلاح حاله واعتبار مقاله وحجّية روايته ; نظراً:
إلى أنّ مستند التضعيف هو تضعيف ابن الغضائري (3) ، والمعروف ضعف تضعيفاته .
وإلى رواية شيخ القمّيين محمّد بن يحيى العطّار الثقة الجليل عنه .
- (1) الفهرست ، للشيخ الطوسي: 66 ، الرقم 70 .
(2) رجال النجاشي: 80 ، الرقم 192 .
(3) مجمع الرجال للقهبائي: 1 / 149 .
(الصفحة 335)
وإلى اعتماد الكليني عليه ، حيث عبّر عنه ببعض أصحابنا (1) ، الظاهر في مشايخ الإماميّة ، أو مشايخ أرباب الرواية والحديث ، المعتبرة رواياتهم .
وإلى ماذكره الشيخ محمّدبن إدريس في آخركتاب السرائرممّالفظه:باب الزيادات وهو آخر أبواب هذا الكتاب ، ممّا استنزعته واستطرفته من كتب المشيخة المصنّفين والرواة المحصّلين ، وستقف على أسمائهم إن شاء الله تعالى ـ إلى أن قال ـ : ومن ذلك مااستطرفناه من كتاب السيّاري ،واسمه أبوعبدالله صاحب موسى والرضا (عليهما السلام) (2) ،(3).
أقول: أ مّا كون مستند التضعيف هو قول ابن الغضائري فقط ، فيردّه ما قاله المتتبّع الخبير في كتابه «قاموس الرجال» : من أنّ هذا الرجل قد طعن فيه ـ غير الكشّي(4) وابن الغضائري والنجاشي والشيخ في الفهرست ورجاله(5) ـ الشيخ في استبصاره (6) ، ومحمّد بن عليّ بن محبوب على نقل ابن الغضائري (7)، والحسين بن عبيدالله ، وأحمد بن محمّد بن يحيى ، ومحمّد بن يحيى على نقل الفهرست والنجاشي عنهم ، ونصر بن الصباح على نقل الكشّي ، وكذا باقي من في إسناده : من طاهر الورّاق ، وجعفر بن أيّوب ، والشجاعي ، وإبراهيم بن حاجب ، وكذا القميّون ; وهم :ابن الوليد ، وابن بابويه ، وابن نوح على نقل ابن الغضائري هنا(8) ، ونقل النجاشي والفهرست في محمّد بن أحمد بن يحيى(9) (10) .
- (1) الكافي 1 : 543 ، كتاب الحجة ، باب الفي والأنفال ح 5 .
(2) السرائر 3 : 549 و 568 ، المستطرفات .
(3) خاتمة مستدرك الوسائل 1: 112 ـ 113 ، الفائدة الثانية ، الرقم 23 ، فصل الخطاب: 228ـ 229 ، الدليل الثاني عشر .
(4) اختيار معرفة الرجال، المعروف بـ «رجال الكشي» 606، الرق
م 1128
(5) رجال الشيخ: 384، الرقم 5650 و ص398، الرقم 5819
(6) الاستبصار: 1 / 237 ب 138 ذ ح 846 .
(7، 8) مجمع الرجال 1: 149 ـ 150، وكذا نقل العلاّمة في الخلاصة: 321 ذيل الرقم 1259.
(9) رجال النجاشي: 348، الرقم 939، الفهرست للطوسي: 222، الرقم 622
(10) قاموس الرجال: 1 / 611 ، ترجمة أحمد بن محمد بن سيّار السيّاري الرقم 549 .