جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر مدخل التفسير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 89)

شبهات حول إعجاز القرآن

شبهة غموض الإعجاز

إنّ المعجز لابدّ وأن يعرف إعجازه جميع من يراد بالإعجاز إقناعه ، وكلّ من كان المهمّ اعتقاده بصدق مدّعي النبوّة ; ليخضع في مقابل التكاليف التي يأتي بها ، والوظائف التي هو الواسطة في تبليغها وإعلامها ; ضرورة أنّ كلّ فرد منهم مكلّف بتصديق مدّعي النبوّة ، فلابدّ أن تتحقّق المعرفة ـ معرفة الإعجاز ـ بالإضافة إلى كلّ واحد منهم ، مع أنّه من المعلوم أنّ معرفة بلاغة القرآن تختصّ ببعض البشر ولاتعمّ الجميع ، من دون فرق في ذلك بين زمان النزول وسائر الأزمنة إلى يوم القيامة ، فكيف يكون القرآن معجزاً بالإضافة إلى جميع البشر ، ويكون الغرض منه هداية الناس من الظلمات إلى النور كما بيّنه نفسه ؟

والجواب عن ذلك: أنّه لا يشترط في المعجز أن يدرك إعجازه الجميع ، بل المعتبر فيه هو ثبوت المعجز عندهم ، بحيث لا يبقى لهم ارتياب في ذلك ، وأنّه قد أتى النبيّ (صلى الله عليه وآله) بما يعجز الناس عن الإتيان بمثله ، وإن لم يكن حاضراً عن الإتيان به ، أو لم يكن ممّن يحتمل في حقّه الإتيان بالمثل ; لعدم اطّلاعه على اللغة العربيّة ، أو

(الصفحة 90)

لقصور معرفة بخصائصها ، فإذا ثبت لنا بالنقل القطعي تحقّق الانشقاق للقمر بيد النبيّ (صلى الله عليه وآله) (1) تتمّ الحجّة علينا عقلاً ، وإن لم نكن حاضرين عند تحقّقه ، مشاهدين ذلك بأبصارنا ، وكذا إذا ثبت إخضرار الشجر بأمره ، أو تكلّم الحجر بإشارته(2) .

وفي المقام نقول: بعدما لاحظنا أنّ القرآن نزل في محيط بلغت البلاغة فيه الغاية القصوى ، والعناية بالفصاحة وشؤونها الدرجة العليا ، بحيث لم يروا لغيرها قدراً ، ولا رتّبوا عليه فضيلةً وأجراً ، ولعلّ السرّ في ذلك واقعاً هو: أنّه عند نزول القرآن لايكاد يبقى مجال للارتياب في تفوّقه واتّصافه بأنّه السلطان والحاكم في الدولة الأدبيّة ، والحكومة العلميّة ، وبعد ملاحظة أنّ القرآن تحدّاهم إلى الإتيان بمثله(3) ، أو بعشر سور مثله(4) ، أو بسورة مثله(5) ، ولم يقع في جواب ذلك النداء إلاّ إظهار العجز ، والاعتراف بالقصور .

ولذا اختاروا المبارزة بالسنان على المعارضة بالبيان ، ورجّحوا المقابلة بالسيوف على المقاومة بالحروف ، وآثروا بذل الأبدان على القلم واللسان ، مع أنّه كان من الجدير للعرب إذا كان ذلك في مقدرتهم أن يجيبوه ، ويقطعوا حجّته ، ويأتوا ولو بسورة واحدة مثل القرآن في البلاغة ، فيستريحوا بذلك عن تحمّل مشاقّ كثيرة ، وإقامة حروب مهلكة ، وبذل أموال خطيرة ، وتفدية نفوس محرّمة .

  • (1) تفسير القمّي: 2 / 341 ، إعلام الورى: 1 / 84 ، مناقب ابن شهرآشوب: 1 / 122 ، مجمع البيان: 9/277 ـ 278 ، وعنها بحار الأنوار: 17 / 347 ـ 358 ح1 ، 11 و 13 ، ورواه البخاري في صحيحه: 6 / 62 ب1 ح4864ـ 4868 ، والترمذي في سننه: 5 / 397 ـ 398 ب54 ح3296 ـ 3300 ، ويراجع ص62 .
    (2) الخرائج والجرائح: 1 / 98 ح 159، مناقب آل أبي طالب (عليهم السلام) : 1 / 37 ـ 38، العدد القويّة: 122 ، الرقم 24 ، التفسير المنسوب إلى الإمام أبي محمّد العسكري(عليه السلام) : 599 ، وعنها بحار الأنوار: 15/336 قطعة من ح5 وص340 ح12، و ج16 / 226 ح32، وج17 / 379 ح47 وص383 ح51 .
    (3) سورة البقرة 2: 23 ، وسورة الإسراء 17: 88  .
    (4) سورة هود 11: 13 .
    (5) سورة يونس 10: 38 .

(الصفحة 91)

ولكنّهم ـ مع أنّه كان فيهم الفصحاء النابغون والبلغاء المتبحِّرون ـ خضعوا عند بلاغة القرآن ، وأذعنوا بقصورهم ، بل قصور من لم يكن له ارتباط إلى مبدإ الوحي ، ومنبع الكمال من جميع أفراد البشر ، فعند ملاحظتنا ذلك تتمّ الحجّة علينا عقلاً وإن لم نكن من تلك الطبقة النابغة في الفصاحة ، والجماعة الممتازة في الفصاحة ، بل وإن لم نكن عارفين باللغة العربيّة أصلاً ، كما هو واضح من أن يخفى .

شبهة التناقض والاختلاف

إنّ القرآن مع أنّه قد وصف نفسه بعدم وجود الاختلاف فيه(1) ، وعدم اشتماله على المناقضة بوجه ـ ولابدّ من أن يكون كذلك ـ فإنّ الاختلاف لا يتناسب مع كونه من عند الله الذي لا يغيب عنه شيء ، والمناقضة لا تتلاءم مع كونه من عند من هو عالم بكلّ شيء ، قد وقعت فيه المناقضة في موردين:

أحدهما: قوله ـ تعالى ـ : (قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَـثَةَ أَيَّام إِلاَّ رَمْزًا) (2) ; فإنّه يتناقض مع قوله ـ تعالى ـ : (قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّى ءَايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَـثَ لَيَال سَوِيًّا ) (3) .

والجواب عن هذه الشبهة واضح ; فإنّ لفظ «اليوم» قد يستعمل ويراد منه النهار ، وهو ما يقابل الليل ، وقد يطلق ويراد به المجموع منهما ، وكذلك لفظ «الليل»; فإنّه أيضاً قد يطلق ويراد به ما يقابل النهار ، وقد يستعمل ويراد منه المجموع من النهار والليل ، ولا يختصّ هذا الإطلاق والاستعمال بالكتاب العزيز ،

  • (1) سورة النساء 4: 82  .
    (2) سورة آل عمران 3 : 41 .
    (3) سورة مريم 19 : 10 .

(الصفحة 92)

بل هو استعمال شائع في لغة العرب (1) ، بل لا ينحصر بتلك اللغة ; فإنّ ما يرادف اليوم في الفارسيّة مثلاً قد يطلق ويراد به بياض النهار ، وقد يطلق ويراد به المجموع منه ومن مدّة مغيب الشمس وإشراقها على القارّة الاُخرى ، وكذلك ما يرادف الليل .

ومن الموارد التي استعمل فيها لفظ «اليوم» . وكذا «الليل» واُريد بكلّ واحد ما يقابل الآخر ما جمع فيه بين اللّفظين ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَال وَ ثَمَـنِيَةَ أَيَّام حُسُومًا) (2) .

وممّا استعمل فيه لفظ اليوم واُريد به المجموع قوله ـ تعالى ـ : (تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَـثَةَ أَيَّام) (3) .

وكذا الآية المبحوث عنها في المقام ، المشتملة على لفظ «اليوم» .

وممّا استعمل فيه لفظ الليل واُريد به المجموع قوله ـ تعالى ـ : (وَ إِذْ وَ عَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) (4)، وكذا الآية المبحوث عنها في المقام المشتملة على كلمة «الليل» .

فانقدح أنّه لا منافاة بين الآيتين ، ولا مناقضة بين الكريمتين ، فلا موقع للشبهة في البين .

ثانيهما: أنّ الكتاب كثيراً ما يسند الفعل إلى العبد واختياره ، فيدلّ ذلك على عدم كونه مجبوراً في أفعاله ، وقد يسنده إلى الله تبارك وتعالى ، وهذا ظاهر في أنّ العبد مجبور في أفعاله ، وأنّه ليس له اختيار إلاّ اختياره تعالى .

  • (1) لسان العرب : 6 / 525 .
    (2) سورة الحاقة 69 : 7 .
    (3) سورة هود 11 : 65 .
    (4) سورة البقرة 2 : 51 .

(الصفحة 93)

فمن الأوّل: قوله ـ تعالى ـ : (فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَ مَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ) (1) . وقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا هَدَيْنَـهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَ إِمَّا كَفُورًا ) (2) .

ومن الثاني: قوله ـ تعالى ـ : (وَ مَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ) (3) قالوا: وهذا تناقض صريح وتهافت محض .

والجواب: أمّا كون الإنسان مختاراً في أفعاله الاختياريّة ، غير مجبور بالإضافة إليها ، قادراً على الفعل والترك ، فممّا يدركه الإنسان بالفطرة السليمة ، ولا يشكّ فيه عند استقامتها ، وعدم الانحراف عنها ، وهذا الأمر ـ أي كون العبد مختاراً غير مجبور ـ ممّا أطبق عليه العقلاء كافّة ، وبنوا عليه اُموراً كثيرة ; فإنّ القوانين الوضعيّة عندهم لغرض التنفيذ والموافقة لا يكاد يمكن فرض صحّتها ، وواجديّتها للشرائط المعتبرة في التقنين إلاّ مع مفروغيّة اختيار الإنسان في أفعاله وأعماله; ضرورة أنّه لا معنى لسنّ القانون بالإضافة إلى غير المختار ; فإنّ القانون إنّما يكون الغرض منه الانبعاث والموافقة ، وهو لا يعقل تحقّقه بدون الإرادة والاختيار .

وكذا الأوامر والنواهي الصادرة من الموالي العرفيّة بالنسبة إلى عبيدهم ، إنّما تتفرّع على كون اتّصاف العبيد بالقدرة والاختيار أمراً ضروريّاً عند العقلاء ، ولا ارتياب فيه عندهم أصلاً .

وكذا التحسين والتقبيح العقلائيّان اللّذان هما من الموضوعات المسلّمة عند العقلاء ، والأحكام الضروريّة لديهم ، إنّما يتفرّعان على هذا الأمر الذي ذكرناه ، بداهة أنّه لا وجه لاتّصاف العمل غير الاختياري بالحسن أو القبح ، ومن عدم الاتّصاف لا يبقى موقع للمدح أو الذمّ .

  • (1) سورة الكهف 18 : 29 .
    (2) سورة الإنسان 76 : 3 .
    (3) سورة الإنسان 76 : 30 .