(الصفحة 281)موقع المدينة المنوّرة
تقع المدينة المنوّرة في شمال مكّة و الشمال الشرقي لمدينة جدّة ، وتبعد عن مكّة 85 فرسخاً(1) ، وعن جدّة حوالي 73 فرسخاً .
وكانت تسمّى هذه المدينة المقدّسة قبل هجرة النبيّ (صلى الله عليه وآله) إليها بـ «يثرب» ، وبعد هجرته إليها أخذت تسمّى بـ «مدينة النبيّ» واشتهرت بهذا الاسم . وأصبحت محلاًّ لتجلّي الأنوار الإلهيّة ومركزاً لتأسيس التوحيد ، وثاني مدينة مقدّسة في الإسلام .
فالمدينة هي الأرض التي شهدت نزول جبرئيل
- 1 ـ الأعلاق النفيسة : 178 .
(الصفحة 282)
والوحي الإلهي مدّة عشر سنين ، ومنها شعّ نور الإسلام ليضي أرجاء المعمورة وينقذ البشرية من مستنقع الذلّ والهوان والشقاء ، ويرشدها نحو طريق الكرامة والسعادة .
ففي كلّ موضع من هذه المدينة قصص وخواطر ، ومواعظ وعِبر وذكريات جهاد للمظلومين الّذين قد واجهوا ظلماً لا يُطاق .
نعم ، في هذه المدينة مرقد مُنقذ البشريّة الأعظم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، ومرقد ابنته الصدِّيقة الطاهرة (عليها السلام) والإمام الحسن والإمام زين العابدين والإمام محمّد الباقر و الإمام جعفر الصادق سلام الله عليهم أجمعين ، وقد دفنوا بنحو مفجع ، كما أنّ هناك إضافة إلى هؤلاء العظام قبوراً لآل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) وأصحابه وأنصاره .
ولذا ينبغي على حجّاج بيت الله الحرام أن يغتنموا الفرصة ويستلهموا من فيوضات هذه المدينة المقدّسة ويتنعّموا من بركاتها المعنويّة ، وفي المدينة المنوّرة مواضع
(الصفحة 283)
مقدّسة كثيرة ، أهمّها مسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
مسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله)
ويُعدّ ثاني مسجد مشهور في العالم الإسلامي ، حيث إنّ الجزء الأصلي(1) منه قد بناه النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، وقد تمّت توسعته عدّة مرّات ليستوعب الحجّاج . فأصبحت مساحته الفعلية حوالي 16326متراً مربعاً ، وفيه عشرة أبواب(2) وعدد من الأُسطوانات أهمّها أُسطوانة التوبة(3)
- (1) القسم الأصلي لمسجد النبيّ من الشمال إلى الجنوب 35 متراً ، ومن الشرق إلى الغرب 30متراً . مرآة الحرمين: 1 /461 .
- (2) أشهر أبواب المسجد هي: باب السلام، باب الرحمة، باب النساء وباب جبرئيل.
- (3) أُسطوانة التوبة، ويُقال لها أيضاً: أُسطوانة أبو لبابة ، حيث يروى أنّ أبا لبابة بشيربن عبد المنذر كان مع جيش الإسلام في غزوة تبوك ، فارتكب معصية وندم منها فربط نفسه بهذه الأُسطوانة وأقسم أن لا يأكل ولا يشرب شيئاً حتّى يقبل الله توبته ، فكان على هذا الحال سبعة أيّام حتّى قبل الله توبته .
(الصفحة 284)
والمـَحرس والوفود .
الصفّة
في الجهة الشمالية للحجرة المطهّرة ، وبالقرب من باب جبرئيل توجد صفّة ارتفاعها 40 سانتيمتر وطولها 12متراً وعرضها 8 متراً ، وهي المكان المعروف بمحلّ أصحاب الصفّة; وهم جماعة من فقراء المهاجرين لم يكن لديهم مسكن ولا مأوى ، فكانوا يسكنون في هذا المكان المسقوف; وقد أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) القادرين على مساعدتهم ، وكان النبيّ يجلس إليهم ويتناول معهم الطعام ويعلّمهم القرآن ، وعددهم من 10 إلى 93 شخصاً ، وقال بعض: إنّ عددهم يصل إلى 400 شخصاً .
وقد جاء في الرواية أنّ كلّ ركعة في مسجد النبي أفضل من عشرة الآف ركعة في المساجد الاُخرى غير المسجد الحرام ، وأفضل مكان في المسجد ما بين القبر والمنبر ; كما
(الصفحة 285)
قال (صلى الله عليه وآله) : «مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة» . فعلى الحجّاج اغتنام الفرصة ما استطاعوا وأن يكثروا الصلاة في هذا المسجد; إذ أنّ زيارة هذا المكان الشريف لا تتيسّر للإنسان دائماً .
المرقد الشريف
في الجنوب الشرقي لمسجد النبي يوجد مرقد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، حيث أوصى أن يُدفن في داره .
وللقبر ضريح حديدي فيه أربعة أبواب وفوقه قبّة شمّـاء ، وفي سنة 1255 هـ .ق صبغت باللون الأخضر وصارت تسمّى بالقبّة الخضراء .
آداب الزيارة
ذكر العلماء والفقهاء كالعلاّمة ، والشهيد والمجلسي رضوان الله عليهم أجمعين للزيارة آداباً وأعمالا ، يُشار هنا