جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 139)

إذ الواضع في مقام الوضع اشترط أنّ صحّة استعمال كلمة «من» في هذا المفهومالكلّي مشروطٌ بلحاظه آلة للغير، وصحّة استعمال كلمة «الابتداء» فيهمشروطٌ بلحاظه مستقلاًّ.

ولكن هذا الاحتمال مخدوشٌ من جهات: الاُولى: أنّه لا دليل لنا لوجود هذالشرط مع خلوّ كُتب اللغة عنه.

الثانية: أنّه على فرض وجوده لا دليل يدلّ على وجوب اتّباعه، فإنّ كوناللّه‏ تعالى واضعاً غير معلوم، وأمّا لزوم اتّباع الشرط في المعاملة فتكون لتعهّدالمتعاملين أوّلاً، ولقوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «المؤمنون عند شروطهم»(1) ثانياً.

وأمّا في باب الوضع مع فقدان المستعمل حين الوضع فلا دليل على لزوماتّباعه.

الثالثة: على فرض وجود هذا الشرط حين الوضع ولزوم اتّباعه فهذالتزام في التزام، ومطلوب في ضمن مطلوب آخر، وتخلّف الالتزام الثانيلا يوجب بطلان الالتزام الأوّل، كما أنّ تخلّف الشرط في المعاملة لا يوجببطلان المعاملة، بل يوجب الخيار كما هو واضح، مع أنّ استعمال كلمة «من»بدل كلمة «الابتداء» وبالعكس باطل بلا إشكال.

الثاني: أنّ الواضع لاحظ المفاهيم في مقام الوضع ورأى بينها اختلافاً منحيث الأصالة والتبعيّة، فإنّ مفهوم الإنسان ـ مثلاً ـ كان من المفاهيم الأصيلةغير الآليّة، فوضع لفظ الإنسان له بعنوان الوضع العامّ والموضوع له العامّ،بخلاف مفهوم الابتداء فإنّ الواضع رأى أنّ فيه يتحقّق نوعان من اللحاظ،وكلاهما مورد الاحتياج حين الاستعمال من حيث الاستقلاليّة والآليّة، فوضع


  • (1) بحار الأنوار 75: 96، الحديث 18.
(صفحه140)

لفظ «الابتداء» لهذا المفهوم، ولكنّه في صورة لحاظ المستعمل المفهوم استقلالووضع لفظ «من» لهذا المفهوم، ولكنّه في صورة لحاظ المستعمل المفهوم آلةًووصفاً للغير.

وبعبارة اُخرى: انحصر الواضع وحدّد مورد استعمالهما في هذا المفهوم، وهذالمعنى مناسب لكلامه قدس‏سره وهو: «الاختلاف بين الاسم والحرف في الوضع يكونموجباً لعدم جواز استعمال أحدهما في موضع الآخر وإن اتّفقا فيما له الوضع».

ولكن يرد عليه ما مرّ إجماله آنفاً، وهو: أنّ استعمال كلمة «أسد» في الرجلالشجاع استعمال مجازي بعلاقة المشابهة، ولا نشكّ في صحّته، مع كونه مباينلما وضع له الأسد، أي الحيوان المفترس.

وأمّا استعمال كلمة «من» في محلّ كلمة «الابتداء» وبالعكس مع أنّهممتّحدان في المراحل الثلاثة ـ أي الوضع والموضوع له والمستعمل فيه ـ فكيفيوجب البطلان؟! ولو أوجب الاختلاف في محدودة الوضع لبطلان الاستعمال،فالاختلاف في الموضوع له بطريق أولى يوجبه، مع أنّه لم يقل به أحد.

والحاصل: أنّ من توجيهه قدس‏سره لا يعلم دليل بطلان استعمال أحدهما محلّالآخر.

واستشكل عليه أيضاً بأنّ المستفاد من كلامه قدس‏سره أنّ المعاني الاسميّة مقصودةبالأصالة وبالذات، والمعاني الحرفيّة مقصودة بالتبع، مع أنّا نرى أنّ كلاًّ منهممنقوض في موارد كثيرة، كما في الآية الشريفة: «وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَلَكُمُ الْخَيْطُ الاْءَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الاْءَسْوَدِ»(1)، أي حتّى تعلم، والتبيّن ههنطريق وآلة للعلم بالفجر ولا يكون مقصوداً بالأصالة، والأصالة والاستقلال


  • (1) البقرة: 187.
(صفحه 141)

تكون لذي الطريق، مع كون التبيّن من المعاني الاسميّة. ولا يخفى أنّ المراد منالمعاني الاسمّية ههنا ما يقابل المعاني الحرفيّة، فتشمل الفعل أيضاً.

ولكن هذا الإشكال مدفوع بأنّ الموضوعيّة والأصالة ههنا تكون للتبيّن،فتبيّن الفجر ملاك الحكم بالامساك عن الأكل والشرب، لا أنّه طريق لتحقّقالملاك وهو الفجر، وذو الطريق بيان له، وعبارة اُخرى عنه؛ إذ لا معنى للفجربدون التبيّن كما قال به اُستاذنا السيّد الإمام ـ دام ظلّه ـ هذا أوّلاً.

وثانياً: أنّه على فرض كون التبيّن طريقاً للفجر لا يلزم أن يكون معناهأيضاً طريقيّاً، بل لوحظ معناه استقلاليّاً، كما في جملة: «إذا قطعت بحياة ولدكفتصدّق»، فإنّ كلمة «قطعت» من حيث المعنى لوحظت مستقلّة وإن كانت منحيث المتعلّق طريقاً إلى وجوب التصدّق، وهكذا فوقوع القطع الطريقيموضوعاً للحكم دليلٌ على أنّه لوحظ مستقلاًّ حين الاستعمال، فالتبيّن وإنكان دخله في الحكم طريقيّاً إلاّ أنّه في مقام الاستعمال لوحظ مستقلاًّ.

وأشكل أيضاً بأنّ المعاني الحرفيّة أيضاً تكون مقصودة بالإفادة في كثير منالموارد، كما في جملة: «زيدٌ قائمٌ»؛ إذ المقصود من هذه الجملة الإخبار عنالنسبة الموجودة بين الموضوع والمحمول، مع أنّها من المعاني الحرفيّة، وكما إذكان ذات الموضوع والمحمول معلومين عند شخص ولكنّه جاهل بخصوصيّتهمفيسأل عنها.

مثلاً: إذا كان مجيء زيد معلوماً، ولكن كانت كيفيّة مجيئه مجهولة عنده منحيث المعيّة والوحدة، فيسئل عنها، ثمّ يقال له: أنّه جاء مع عمرو، فالمنظوروالملحوظ بالاستقلال في الإفادة والاستفادة إنّما هو هذه الخصوصيّة التي هيمن المعاني الحرفيّة، بل الغالب في موارد الإفادة والاستفادة عند العرف النظر

(صفحه142)

الاستقلالي بإفادة الخصوصيّات والكيفيّات المتعلّقة بالمفاهيم الاسميّة، كما هوواضح، وهذا البيان لبعض الأعلام على ما في كتاب المحاضرات(1).

وهذا أيضاً مدفوع بأنّه خلطٌ بين عنوان المقصود بالذات وعنوان الملحوظبالاستقلال، وبينهما بونٌ بعيد، والممتنع في المعاني الحرفيّة هو الثاني بخلافالأوّل؛ إذ لا يمكن لحاظ أحد الخصوصيّات ـ كالمعيّة أو النسبة القائمة بينالموضوع والمحمول ـ استقلالاً، مع أنّها يمكن أن تكون مقصودة بالذات.

القول الثاني: ما عن نجم الأئمّة(2) الشيخ الرضي قدس‏سره : من أنّ الحروف لا معنىلها أصلاً، إنّما وضعت لتكون علامة على كيفيّة إرادة مدخولاتها، كما يكونالرفع علامة لفاعليّة زيد ـ مثلاً ـ في قولنا: «قام زيدٌ»، كذلك يكون «في»علامة لظرفيّة مدخوله في مثل قولنا: «زيدٌ في الدار»، من دون أن يكون لهمعنى مخصوص بعنوان الموضوع له.

ولكن هذا القول مخدوشٌ بل ممنوعٌ، فإنّا نرى: أوّلاً: أنّ اللّغويّين يذكرونللحروف معاني في لغات اُخرى كالأسماء، وهذا دليل على أنّ لها موضوعيّة فيجميع اللّغات مثل اللّغة العربيّة.

وثانياً: أنّ الأماريّة والعلاميّة في الحركات الإعرابيّة لا تكون ذاتيّة، بل هيبجعل الواضع والجاعل، وذلك في الحقيقة وضعٌ، وإن عبّر عنه بالعلاميّة.

وثالثاً: أنّ الخصوصيّات التي دلّت عليها الحروف والأدوات هي بعينهالمعاني التي وضعت الحروف بإزائها؛ إذ «البصرة» وضعت لذات معناها، وهيالبلد الموجود خارجاً، والخصوصيّة الابتدائيّة خارجة عنها، فإن لم يكن


  • (1) محاضرات في اُصول الفقه 1: 58.
  • (2) شرح الكافية 1: 10 و 2: 319.
(صفحه 143)

حينئذٍ لكلمة «من» معنى الابتدائيّة يلزم التجوّز في الاستعمال، وهو كما ترى،فانحصر أن يكون الدال عليها هي الحروف، ومعلوم أنّ دلالتها عليها ليستإلاّ من جهة وضعها بإزائها، فبطلان هذا القول من الواضحات الأوّليّة.

القول الثالث: ما اختاره المحقّق النائيني قدس‏سره (1) وهو: أنّ المعاني الحرفيّةوالمفاهيم الاسميّة متباينان بالذات والحقيقة؛ إذ المفاهيم الاسميّة مفاهيمإخطاريّة لها تقرّر وثبوت في عالم المفهوميّة، ولها استقلال ذاتاً في ذلك العالم،وأمّا المعاني الحرفيّة فهي معان إيجاديّة حين الاستعمال، ولا تقرّر لها في عالمالمفهوميّة ولا الاستقلال.

بيان ذلك: أنّه كما أنّ الموجودات في عالم العين على نوعين ـ أحدهما: ميكون له وجود مستقلّ بحدّ ذاته كالجواهر بأنواعها، فإنّ وجودها لا يحتاجإلى موضوع محقّق في الخارج. وثانيهما: ما يكون له وجود غير مستقلّ ومتقوّمبالموضوع كالمقولات التسع العرضيّة؛ إذ لا يعقل تحقّق عرض بدون موضوعيتقوّم به ـ فكذلك الموجودات في عالم الذهن على نوعين:

أحدهما: ما يكون له استقلال بالوجود في عالم المفهوميّة والذهن كمفاهيمالأسماء بجواهرها وأعراضها، فإنّ مثل مفهوم الإنسان والسواد والبياضيحضر في الذهن بلا حاجة إلى معونة خارجيّة.

وثانيهما: ما لا استقلال له، بل هو متقوّم بالغير في ذلك العالم كمعانيالحروف؛ إذ لا استقلال لها في أيّ وعاء من الأوعيّة التي فرض وجودها فيهلنقصانها في حدّ ذاتها، ولذا إن أطلقت كلمة «من» وأمثال ذلك وحدها مندون ذكر متعلّقاتها لا يحضر منها شيء في الذهن.


  • (1) فوائد الاُصول 1: 37.