(الصفحة 374)
الَّذِي مَلَكَ الْمُلُوكُ بِقُدْرَتِهِ ، وَاسْتَعْبَدَ الاَْرْبابَ بِعِزِّهِ (بِعِزَّتِهِ خ ل) ، وَسادَ الْعُظَمآءَ بِجُودِهِ ، وَعَلاَ السَّـادَةَ بِمَجْدِهِ ، وَانْهَدَّتِ الْمُلُوكُ لِهَيْبَتِهِ ، وَعَلا أَهْلَ السُّلْطانِ بِسُلْطانِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ ، وَأَبادَ الْجَبابِرَةَ بِقَهْرِهِ ، وَأَذَلَّ الْعُظَماءَ بِعِزِّهِ ، وَأَسَّسَ الاُمُورَ بِقُدْرَتِهِ ، وَبَنَى الْمَعالِيَ بِسُؤْدَدِهِ ، وَتَمَجَّدَ بِفَخْرِهِ ، وَفَخَرَ بِعِزِّهِ ، وَعَزَّ بِجَبَرُوتِهِ ، وَوَ
إِيَّاكَ أَدْعُو ، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ ، وَمِنْكَ أَطْلُبُ ، وَإِلَيْكَ أَرْغَبُ .
يا غايَةَ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، يا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، وَمُعْتَمَدَ الْمُضْطَهِدِينَ ، وَمُنْجِيَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمُثِيبَ الصَّابِرِينَ ، وَعِصْمَةَ الصَّالِحِينَ ، وَحِرْزَ الْعارِفِينَ ، وَأَمانَ الْخائِفِينَ ، وَظَهْرَ اللاَّجِينَ ، وَجارَ الْمُسْتَجِيرِينَ ، وَطالِبَ (طَلَبَ خ ل) الْغادِرِينَ ، وَمُدْرِكَ الْهارِبِينَ ، وَأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَخَيْرَ النَّاصِرِينَ ، وَخَيْرَ الْفاصِلِينَ ،
(الصفحة 375)
وَخَيْرَ الْغافِرِينَ ، وَأَحْكَمَ الْحاكِمِينَ ، وَأَسْرَعَ الْحاسِبِينَ .
لا يُمْتَنَعُ مِنْ بَطْشِهِ (شيءٌ نسخة) ، وَلا يُنْتَصَرُ مِنْ عُقُوبَتِهِ (مَنْ عاقَبَهُ خ ل) ، وَلا يُحْتالُ لِكَيْدِهِ ، وَلا يُدْرَكُ عِلْمُهُ ، وَلا يُدْرَأُ مُلْكُهُ ، وَلا يُقْهَرُ عِزُّهُ ، وَلا يُذَلُّ اسْتِكْبارُهُ ، وَلا يُبْلَغُ جَبَرُوتُهُ ، وَلا تَصْغُرُ عَظَمَتُهُ ، وَلا يَضْمَحِلُّ فَخْرُهُ ، وَلا يَتَضَعْضَعُ رُكْنُهُ ، وَلا تُرامُ قُوَّتُهُ ، الْمُحْصِي لِبَرِيَّتِهِ ، الْحافِظُ أَعْمالَ خَلْقِهِ .
لا ضِدَّ لَهُ وَلا نِدَّ لَهُ ، وَلا وَلَدَ لَهُ وَلا صاحِبَةَ لَهُ ، وَلا سَمِيَّ لَهُ ، وَلا قَرِيبَ لَهُ ، وَلا كُفْوَ لَهُ ، وَلا شَبِيهَ لَهُ ، وَلا نَظِيرَ لَهُ ، وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمـاتِهِ ، وَلا يُبْلَغُ مَبْلَغُهُ ، وَلا يَقْدِرُ شَيءٌ قُدْرَتَهُ ، وَلا يُدْرِكُ شَيءٌ أَثَرَهُ ، وَلا يَنْزِلُ شَيءٌ مَنْزِلَتَهُ ، وَلا يُدْرَكُ شَيءٌ أَحْرَزَهُ ، وَلا يَحُولُ دُونَهُ شَيءٌ .
بَنَى السَّماواتِ فَأَتْقَنَهُنَّ وَما فِيهِنَّ بِعَظَمَتِهِ ، وَدَبَّرَ أَمْرَهُ فِيهِنَّ بِحِكْمَتِهِ ، وَكانَ (فَكانَ خ ل) كَما هُوَ أَهْلُهُ لا
(الصفحة 376)
بِأَوَّلِيَّة قَبْلَهُ وَلاَ بِآخِريَّة بَعْدَهُ ، وَكانَ كَما يَنْبَغِي لَهُ ، يَرى وَلا يُرى وَهُوَ بِالْمَنْظَرِ الاَْعْلى ، يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلانِيَةَ ، وَلا يَخْفَى عَلَيْهِ خافِيَةٌ ، وَلَيْسَ لِنَقِمَتِهِ واقِيَةٌ ، يَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى ، وَلا تُحَصِّنُ مِنْهُ الْقُصُورُ ، وَلا تُجِنُّ مِنْهُ السُّتُورُ ، وَلا تَكِنُّ مِنْهُ الْخُدُورُ ، وَلا تُوارِي مِنْهُ الْبُحُورُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيء عَلِيمٌ .
يَعْلَمُ هَماهِمَ الاَْنْفُسِ وَمـا تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَوَساوِسَها وَنِيَّاتِ الْقُلُوبِ ، وَنُطْقَ الاَْلْسُنِ وَرَجْعَ الشِّفاهِ ، وَبَطْشَ الاَْيْدِي ، وَنَقْلَ الاَْقْدامِ ، وَخائِنَةَ الاَْعْيُنِ ، وَالسِّرَّ وَأَخْفى ، وَالنَّجْوى وَما تَحْتَ الثَّرى ، وَلا يَشْغَلُهُ شَيءٌ عَنْ شَيء ، وَلا يُفَرِّطُ فِي شَيء ، وَلا يَنْسى شَيْئاً لِشَيء .
أَسْأَلُكَ يا مَنْ عَظُمَ صَفْحُهُ ، وَحَسُنَ صُنْعُهُ ، وَكَرُمَ عَفْوُهُ ، وَكَثُرَتْ نِعَمُهُ ، وَلا يُحْصى إِحْسانُهُ وَجَمِيلُ
(الصفحة 377)
بَلائِهِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَأَنْ تَقْضِيَ حَوآئِجِي الَّتِي أَفْضَيْتُ بِها إِلَيْكَ ، وَقُمْتُ بِهـا بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَأَنْزَلْتُها بِكَ ، وَشَكَوْتُها إِلَيْكَ ، مَعَ ما كانَ مِنْ تَفْرِيطِي فِيما أَمَرْتَنِي بِهِ ، وَتَقْصِيرِي فِيما نَهَيْتَنِي عَنْهُ .
يا نُورِي فِي كُلِّ ظُلْمَة ، وَيا اُنْسِي فِي كُلِّ وَحْشَة ، وَيا ثِقَتِي فِي كُلِّ شَدِيدَة (شِدَّة خ ل) ، وَيا رَجائِي فِي كُلِّ كُرْبَة ، وَيا وَلِيِّي فِي كُلِّ نِعْمَة ، وَيا دَلِيلِي فِي الظَلاَمِ ، أَنْتَ دَلِيلِي إِذَا انْقَطَعَتْ دِلالَةُ الاَْدِلاَّءِ ، فَاِنَّ دِلالَتَكَ لا تَنْقَطِعُ ، لا يَضِلُّ مَنْ هَدَيْتَ وَلا يَذِلُّ مَنْ والَيْتَ .
أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَأَسْبَغْتَ ، وَرَزَقْتَنِي فَوَفَّرْتَ ، وَوَعَدْتَنِي فَأَحْسَنْتَ ، وَأَعْطَيْتَنِي فَأَجْزَلْتَ ، بِلاَ اسْتِحْقاق لِذلِكَ بِعَمَل مِنِّي ، وَلكِنِ ابْتِداءً مِنْكَ بِكَرَمِكَ وَجُودِكَ ، فَأَنْفَقْتُ نِعْمَتَكَ فِي مَعاصِيكَ ، وَتَقَوَّيْتُ بِرِزْقِكَ عَلى سَخَطِكَ ، وَأَفْنَيْتُ عُمْرِي فِيما لا تُحِبُّ ،
(الصفحة 378)
فَلَمْ تَمْنَعْكَ جُرْأَتِي عَلَيْكَ ، وَرُكُوبِي ما نَهَيْتَنِي عَنْهُ ، وَدُخُولِي فِيما حَرَّمْتَ عَلَيَّ أَنْ عُدْتَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي عَوْدُكَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ أَنْ عُدْتُ فِي مَعاصِيكَ .
فَأَنْتَ الْعائِدُ بِالْفَضْلِ ، وَأَنَا الْعائِدُ فِي الْمَعاصِي ، وَأَنْتَ يا سَيِّدِي خَيْرُ الْمَوالِي لِعَبِيدِهِ وَأَنَا شَرُّ الْعَبِيدِ ، أَدْعُوكَ فَتُجِيبُنِي ، وَأَسْأَلُكَ فَتُعْطِيِنِي ، وَأَسْكُتُ عَنْكَ فَتَبْتَدِئُنِي ، وَأَسْتَزِيدُكَ فَتَزِيدُنِي .
فَبِئْسَ الْعَبْدُ أَنَا لَكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ . أَنَا الَّذِي لَمْ أَزَلْ أُسِيءُ وَتَغْفِرُ لِي ، وَلَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّضُ لِلْبَلآءِ وَتُعافِينِي ، وَلَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّضُ لِلْهَلَكَةِ وَتُنْجِينِي ، وَلَمْ أَزَلْ أَضِيعُ (أُضَيِّعُ خ ل) فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ فِي تَقَلُّبِي فَتَحْفَظُنِي ، فَرَفَعْتَ خَسِيسَتِي ، وَأَقَلْتَ عَثْرَتِي ، وَسَتَرْتَ عَوْرَتِي ، وَلَمْ تَفْضَحْنِي بِسَرِيرَتِي ، وَلَمْ تُنَكِّسْ بِرَأْسِي عِنْدَ إِخْوانِي ، بَلْ سَتَرْتَ ع
|