(الصفحة 369)
وَاَنْتَ الّذِي بِجُودِكَ اَغْنَيْتَنِي ، وَاَنْتَ الَّذِي لا اِلهَ غَيْرُكَ ، تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيء فَما جَهِلَكَ شَيءٌ ، وَاَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ اِلَيَّ فِي كُلِّ شَيء فَرَأَيْتُكَ ظاهِراً في كُلِّ شَيء ، وَأَنْتَ الظاهِرُ لِكُلِّ شَيء .
يا مَنِ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَيْباً فِي ذاتِهِ ، مَحَقْتَ الاْثارَ بِالاْثارِ وَمَحَوْتَ الاَْغْيارِ بِمُحيطاتِ اَفْلاكِ الاَْنْوارِ ، يا مَنِ احْتَجَبَ فِي سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ اَنْ تُدْرِكَهُ الاَْبْصارُ ، يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ ]مِنَ[الاِْسْتِوآءِ ، كَيْفَ تَخْفى وَاَنْتَ الظّاهِرُ ، اَمْ كَيْفَ تَغيبُ وَاَنْتَ الرَّقيبُ الْحاضِرُ ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ وَحْدَهُ .
(الصفحة 370)
(الصفحة 371)
دعاء الموقف لعليّ بن الحسين (عليهما السلام)
اَللّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ، وَ أَنْتَ اللّهُ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، وَ أَنْتَ اللّهُ الدّائِبُ فِي غَيْرِ وَصَب وَلا نَصَب ، وَلا تَشْغَلُكَ رَحْمَتُكَ عَنْ عَذابِكَ ، وَلا عَذابُكَ عَنْ رَحْمَتِكَ .
خَفَيْتَ مِنْ غَيْرِ مَوْت ، وَ ظَهَرْتَ فَلا شَيءَ فَوْقَكَ ، وَتَقَدَّسْتَ فِي عُلُوِّكَ ، وَتَرَدَّيْتَ بِالْكِبْرِياءِ فِي الاَْرْضِ وَفِي السَّماءِ ، وَقَويتَ فِي سُلْطانِكَ ، وَدَنَوْتَ مِنْ كُلِّ شَيء فِي ارْتِفاعِكَ ، وَخَلَقْتَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِكَ ، وَقَدَّرْتَ الاُمُورَ بِعِلْمِكَ ، وَقَسَمْتَ الاَْرْزاقَ بِعَدْلِكَ .
وَنَفَذَ فِي كُلِّ شَيء عِلْمُكَ ، وَحارَتِ الاَْبْصارُ
(الصفحة 372)
دُونَكَ ، وَقَصُرَ دُونَكَ طَرْفُ كُلِّ طارِف ، وَكَلَّتِ الاَْلْسُنُ عَنْ صِفاتِكَ ، وَغَشِيَ بَصَرَ كُلِّ ناظِر نُورُكَ ، وَمَلاَْتَ بِعَظَمَتِكَ أَرْكانَ عَرْشِكَ .
وَابْتَدَأْتَ الْخَلْقَ عَلى غَيْرِ مِثال نَظَرْتَ إِلَيْهِ مِنْ أَحَد سَبَقَكَ إِلى صَنْعَةِ شَيء مِنْهُ ، وَلَمْ تُشارَكْ فِي خَلْقِكَ ، وَلَمْ تَسْتَعِنْ بِأَحَد فِي شَيء مِنْ أَمْرِكَ ، وَلَطُفْتَ فِي عَظَمَتِكَ ، وَانْقادَ لِعَظَمَتِكَ كُلُّ شَيء ، وَذَلَّ لِعِزِّكَ كُلُّ شَيء .
اُثْنِي عَلَيْكَ يا سَيِّدِي وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ فِي مِدْحَتِكَ ثَنائِي مَعَ قِلَّةِ عَمَلِي وَقِصَرِ رَأْيِي ، وَأَنْتَ يا رَبِّ الْخالِقُ وَأَنَا الْمَخْلُوقُ ، وَأَنْتَ الْمالِكُ وَأَنَا الْمَمْلُوكُ ، وَأَنْتَ الرَّبُّ وَأَنَا الْعَبْدُ ، وَأَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الْفَقِيرُ ، وَأَنْتَ الْمُعْطِي وَأَنَا السَّائِلُ ، وَأَنْتَ الْغَفُورُ وَأَنَا الْخاطِئُ ، وَأَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، وَأَنَا خَلْقٌ أَمُوتُ .
(الصفحة 373)
يا مَنْ خَلَقَ الْخَلْقَ وَدَبَّرَ الاُمُورَ ، فَلَمْ يُقايِسْ شَيْئاً بِشَيء مِنْ خَلْقِهِ ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلى خَلْقِهِ بِغَيْرِهِ .
ثُمَّ أَمْضَى الاُمُورَ عَلى قَضآئِهِ وَأَجَّلَها إِلى أَجَل قَضَى فِيها بِعَدْلِهِ ، وَعَدَلَ فِيها بِفَصْلِهِ ، وَفَصَلَ (بِفَضْلِهِ ، وَفَضَلَ خ ل) فِيها بِحُكْمِهِ ، وَحَكَمَ فِيها بِعَدْلِهِ ، وَعَلِمَها بِحِفْظِهِ ، ثُمَّ جَعَلَ مُنْتَهاها إِلى مَشِيئَتِهِ ، وَمُسْتَقَرَّها إِلى مَحَبَّتِهِ ، وَمَواقِيتَها إِلى قَضائِهِ .
لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ ، وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ، وَلا رادَّ لِقَضائِهِ (لِفَضْلِهِ خ ل) ، وَلا مُسْتَراحَ (مُسْتَزاحَ خ ل) عَنْ أَمْرِهِ ، وَلا مَحِيصَ لِقَدَْرِهِ ، وَلا خُلْفَ لِوَعْدِهِ ، وَلا مُتَخَلِّفَ عَنْ دَعْوَتِهِ ، وَلا يُعْجِزُهُ شَيءٌ طَلَبَهُ ، وَلايَمْتَنِعُ مِنْهُ أَحَدٌ أَرادَهُ ، وَلا يَعْظُمُ عَلَيْهِ شَيءٌ فَعَلَهُ ، وَلا يَكْبُرُ عَلَيْهِ شَيءٌ صَنَعَهُ ، وَلا يَزِيدُ فِي سُلْطانِهِ طاعَةُ مُطِيع ، وَلا يَنْقُصُهُ مَعْصِيَةُ عاص ، وَلا يَتَ
|