بالشكّ اليقين المشكوك فيها والمتيقّنة، أي أضاف الركعتين إلى الركعتينالمحرزتين، والركعة إلى الثلاث المحرزة، لكن لايدخل المشكوك فيها في المتيقّنة،ولا يخلط إحداهما بالاُخرى بأن يأتي بالركعة والركعتين منفصلة لامتّصلة؛لئلاّ يتحقّق الاختلاط وإدخال المشكوك فيها في المتيقّنة.
ولا يخفى أنّ هذا الاحتمال أظهر من الاحتمال الأوّل، حيث إنّ الظاهر منالنهي عن الإدخال والخلط أنّهما تحت اختيار المصلّي، فيمكنه الإدخالوالخلط وتركهما، والركعة المشكوك فيها إمّا هي داخلة بحسب الواقع فيالمتيقّنة أو لا، وليس إدخالها فيها وخلطها بها باختياره، بخلاف الركعة التييريد إضافتها إليها، فإنّ له الإدخال والخلط بإتيانها متّصلة، وعدمهما بإتيانهمنفصلة.
الفقرة الاُولى من قوله: «يركع ركعتين بفاتحة الكتاب»، فإنّ ظاهرها ـ بقرينةتعيين الفاتحة ـ إرادة ركعتين منفصلتين، أعني: صلاة الاحتياط، فتعيّن أنيكون المراد به القيام ـ بعد تسليم في الركعة المردّدة ـ إلى ركعة مستقلّة كما هومذهب الإماميّة.
فالمراد بـ «اليقين» ـ كما في «اليقين» الوارد في الموثّقة الآتية على ما صرّح بهالسيّد المرتضى قدسسره (1)، واستفيد من قوله في أخبار الاحتياط: «إن كنت قدنقصت فكذا، وإن كنت قد أتممت فكذا»(2) ـ هو اليقين بالبراءة، فيكون المرادوجوب الاحتياط وتحصيل اليقين بالبراءة، بالبناء على الأكثر وفعلِ صلاةٍمستقلّةٍ قابلةٍ لتدارك ما يحتمل نقصه.
وقد اُريد من «اليقين» و«الاحتياط» في غير واحد من الأخبار هذا النحومن العمل، منها قوله: في الموثّقة الآتية: «إذا شككت فابن على اليقين».
فهذه الأخبار الآمرة بالبناء على اليقين وعدم نقضه، يراد منها البناء على مهو المتيقّن من العدد، والتسليم عليه مع جبره بصلاة الاحتياط، ولهذا ذكر فيغيرواحد من الأخبار ما يدلّ على أنّ هذا العمل محرز للواقع، مثل قوله عليهالسلام :«ألا اُعلّمك شيئا إذا صنعته، ثمّ ذكرت أنّك نقصت أو أتممت لميكن عليكشيء»(3).
وعلى هذا المعنى لاربط للرواية بالاستصحاب أصلاً.
ومنها: مايستفاد من كلام صاحب الكفاية رحمهالله (4) وهو: أنّ الاستدلال بهعلى الاستصحاب مبنيٌّ على إرادة اليقين بعدم الإتيان بالركعة الرابعة سابق
- (2) الوسائل 5: 381، الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 3.
- (4) كفاية الاُصول 2: 294.
(صفحه 129)
والشكّ في إتيانها، وقوله: «قام فأضاف إليها اُخرى» مطلق لايدلّ على إتيانالركعة المشكوكة متّصلة أو منفصلة، ولا مانع من تقييده بالروايات الواردة فيباب الشكّ من الاحتياط بالبناء على الأكثر والإتيان بالمشكوك بعد التسليممفصولة، فدلالة الرواية على الاستصحاب وموافقتها مع مذهب الخاصّةلاإشكال فيها.
ويرد عليه: أنّ معنى دلالة قوله: «لاينقض اليقين بالشكّ» علىالاستصحاب هو عدم الإتيان بالركعة المشكوكة في صورة الشكّ، فلابدّ منالإتيان بها متّصلة، وهو موافق لمذهب العامة، فكيف يمكن الجمع بين الروايةالصحيحة والروايات الواردة في الباب بالإطلاق والتقييد بعد منافاتهما منحيث الدلالة بالاتّصال والانفصال؟
ومنها: ما ذكره اُستاذنا السيّد الإمام قدسسره بقوله: «وهو أن يراد من اليقينوالشكّ في جميع الجمل نفس حقيقتهما الجامعة بين الخصوصيّات والأفراد كمهو ظاهرهما، ولا ينافي ذلك اختلاف حكمهما باختلاف الموارد.
فيقال: إنّ طبيعة اليقين لاتنقض بالشكّ، ولعدم نقضها به فيما نحن فيهمصداقان:
الأوّل: عدم نقض اليقين بالركعات المحرزة وعدم إبطالها لأجل الشكّ فيالركعة الزائدة.
والثاني: عدم نقض اليقين بعدم الركعة الرابعة بالشكّ في إتيانها، وكلاهمداخلان تحت حقيقة عدم نقض اليقين بالشكّ.
وعدم إدخال حقيقة الشكّ في اليقين، وعدم خلط أحدهما بالآخر له أيضمصداقان:
أحدهما: عدم الاكتفاء بالركعة المشكوك فيها من تدارك.