(صفحه124)
الإتيان بها متّصلة.
والحاصل: أنّه يظهر من هذه الصحيحة آثار التقيّة، مع عناية الإمام عليهالسلام ببيان المذهب الحقّ في سترة وحجاب كما سيأتي بيانه.
(صفحه 125)
(صفحه126)
بيان احتمالات الرواية
ثمّ إنّ في الرواية احتمالات:
منها: أنّ قوله: «لاينقض اليقين بالشكّ» يعني به لايبطل الركعات المحرزةبسبب الشكّ في الزائدة، بأنّ يستأنف الصلاة، بل يعتدّ بالمتيقّنة، ولا يدخلالشكّ في اليقين، أي لايعتدّ بالمشكوك فيها، بأن يضمّها إلى المحرزة، ويتمّ بهالصلاة من غيرتدارك.
«ولا يختلط أحدهما بالآخر» عطف تفسير للنهي عن الإدخال.
«ولكنّه ينقض الشكّ باليقين» أي الشكّ في الركعة الزائدة؛ بأن لايعتدّ بها،بل يأتي بالزيادة على الإيقان.
«ويتمّ على اليقين» أي يبني على المتيقّن فيها، وعلى هذا لميتعرّض لذكرفصل الركعة ووصلها في الفرعين، وهذا الاحتمال ممّا أبدأه المحدّثالكاشاني قدسسره (1).
ومنها: أنّ قوله «لا ينقض اليقين بالشكّ» كما أفاده المحقّق المحدّث المتقدّم،ولكن قوله: «لايدخل الشكّ في اليقين»، وقوله: «لايخلط أحدهما بالآخر»يعني بهما فصل الركعتين أو الركعة المضافة للاحتياط، بأن يراد بهما عدمإدخال المشكوك فيها في المتيقّنة، وعدم خلط إحداهما بالاُخرى، فيكون المراد
- (1) الوافي 2: 147، السطر 1، باب الشكّ فيما زاد على الركعتين.
(صفحه 127)
بالشكّ اليقين المشكوك فيها والمتيقّنة، أي أضاف الركعتين إلى الركعتينالمحرزتين، والركعة إلى الثلاث المحرزة، لكن لايدخل المشكوك فيها في المتيقّنة،ولا يخلط إحداهما بالاُخرى بأن يأتي بالركعة والركعتين منفصلة لامتّصلة؛لئلاّ يتحقّق الاختلاط وإدخال المشكوك فيها في المتيقّنة.
ولا يخفى أنّ هذا الاحتمال أظهر من الاحتمال الأوّل، حيث إنّ الظاهر منالنهي عن الإدخال والخلط أنّهما تحت اختيار المصلّي، فيمكنه الإدخالوالخلط وتركهما، والركعة المشكوك فيها إمّا هي داخلة بحسب الواقع فيالمتيقّنة أو لا، وليس إدخالها فيها وخلطها بها باختياره، بخلاف الركعة التييريد إضافتها إليها، فإنّ له الإدخال والخلط بإتيانها متّصلة، وعدمهما بإتيانهمنفصلة.
كما أنّه على هذا الاحتمال يكون ظهور قوله: «ولا يدخل الشكّ في اليقين وليخلط أحدهما بالآخر» محكّما على ظهور الصدر في أنّ الركعة أو الركعتين لابدّأن يؤتى بها متّصلة، فكأنّه قال: «قام فأضاف إليها اُخرى من غيرخلط الركعةالمضافة المشكوك في كونها الرابعة أوالخامسة بالركعات المتيقّنة»، ولا يكونهذا من قبيل تقييد الإطلاق كما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره (1) وتبعه غيره(2)، بلمن قبيل صرف الظهور البدوي.
ومنها: ما ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره (3) في جواب صاحب الوافية بقوله: «إنكان المراد بقوله: «قام فأضاف إليها اُخرى» القيام للركعة الرابعة من دونتسليم في الركعة المردّدة بين الثالثة والرابعة حتّى يكون حاصل الجواب هوالبناء على الأقل، فهو مخالفٌ للمذهب، وموافق لقول العامّة، ومخالف لظاهر
- (2) فوائد الاُصول 4: 362 و 363.
(صفحه128)
الفقرة الاُولى من قوله: «يركع ركعتين بفاتحة الكتاب»، فإنّ ظاهرها ـ بقرينةتعيين الفاتحة ـ إرادة ركعتين منفصلتين، أعني: صلاة الاحتياط، فتعيّن أنيكون المراد به القيام ـ بعد تسليم في الركعة المردّدة ـ إلى ركعة مستقلّة كما هومذهب الإماميّة.
فالمراد بـ «اليقين» ـ كما في «اليقين» الوارد في الموثّقة الآتية على ما صرّح بهالسيّد المرتضى قدسسره (1)، واستفيد من قوله في أخبار الاحتياط: «إن كنت قدنقصت فكذا، وإن كنت قد أتممت فكذا»(2) ـ هو اليقين بالبراءة، فيكون المرادوجوب الاحتياط وتحصيل اليقين بالبراءة، بالبناء على الأكثر وفعلِ صلاةٍمستقلّةٍ قابلةٍ لتدارك ما يحتمل نقصه.
وقد اُريد من «اليقين» و«الاحتياط» في غير واحد من الأخبار هذا النحومن العمل، منها قوله: في الموثّقة الآتية: «إذا شككت فابن على اليقين».
فهذه الأخبار الآمرة بالبناء على اليقين وعدم نقضه، يراد منها البناء على مهو المتيقّن من العدد، والتسليم عليه مع جبره بصلاة الاحتياط، ولهذا ذكر فيغيرواحد من الأخبار ما يدلّ على أنّ هذا العمل محرز للواقع، مثل قوله عليهالسلام :«ألا اُعلّمك شيئا إذا صنعته، ثمّ ذكرت أنّك نقصت أو أتممت لميكن عليكشيء»(3).
وعلى هذا المعنى لاربط للرواية بالاستصحاب أصلاً.
ومنها: مايستفاد من كلام صاحب الكفاية رحمهالله (4) وهو: أنّ الاستدلال بهعلى الاستصحاب مبنيٌّ على إرادة اليقين بعدم الإتيان بالركعة الرابعة سابق
- (2) الوسائل 5: 381، الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 3.
- (4) كفاية الاُصول 2: 294.