(صفحه386)
اللّه صلىاللهعليهوآله ، فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه، فلم يبق غيريوغيره، وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم تقم من عندنا فاطمة ولا أحد من ابنيّ، وإذسألته أجابني، وإذا سكت اُو نفدت مسائلي ابتدأني، فما نزلت عليه آية منالقرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليّ، فكتبتها بخطّي، ودعا اللّه أن يفهّمني إيّاهويحفّظني، فما نسيت آية من كتاب اللّه منذ حفظتها، وعلّمني تأويلها فحفظته،وأملاه عليّ فكتبته، وما تَرك شيئا علّمه اللّه من حلال وحرام، أو أمر ونهي، أوطاعة ومعصيّة، كان أو يكون إلى يوم القيامة، إلاّ وقد علّمنيه وحفظته، ولم أنسمنه حرفا واحدا...»(1)، إلى آخر.
والمستفاد من الرواية ـ بعد كون سليم بن قيس وكتابه موردا للاعتماد بيان رسول اللّه صلىاللهعليهوآله جميع المسائل المربوطة بالحلال والحرام إلى يوم القيامةوضبطها في صحيفة على حدة غير القرآن بواسطة أمير المومنين عليهالسلام ، والقرآنالمكتوب بيده عليهالسلام واجد لجميع الخصوصيّات المربوطة بكلّ آية من البدو إلىالختم من شأن النزول والتأويل والتفسير، ولكنّه لا يكون زائدا ولا ناقصعن القرآن الموجود في أيدينا. نعم، يمكن أن يكون متفاوتا في ترتيب السور.
والمستفاد من الرواية قريب من الاحتمال الثاني المذكور في كلام الشيخ قدسسره إلأنّه يتحقّق الفرق بينهما بأنّ مفاد هذا الاحتمال أن تكون المخصّصات المنفصلةكاشفة عن اتّصال كلّ عام بمخصّصه، سواء صدر عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله أو عنسائر الأئمّة عليهالسلام ، وقد خفيت علينا ووصلت إلينا منفصلة، وما استفدناه منالرواية هو صدور جميع العمومات والمخصّصات من لسان رسول اللّه صلىاللهعليهوآله فيزمانه، وما ذكره سائر الائمّة هو بيان ثانٍ لما صدر عنه صلىاللهعليهوآله أوّلاً.
مضافا إلى تحقّق المخصّصات المنفصلة أيضا بلسان رسول اللّه مع رعاية
- (1) كتاب سليم بن قيس الكوفي: 181.
(صفحه 387)
شرطها ـ أي قبل وقت العمل بالعامّ ـ ومنشأ الاختلاف وعدم إيصالالأحكام إلينا بتمامها هو سدّ باب العلم وحرمان الناس من معدن الوحيوالحكمة.
وعلى هذا لا يلزم من الالتزام بالتخصيص في تلك المخصّصات الكثيرةتأخير البيان عن وقت العمل أصلاً.
إذا عرفت ذلك: يقع الكلام في تقديم التخصيص على النسخ أو العكس فيمإذا دار الأمر بينهما، وقد ذهب إلى كلٍّ فريق، ولا بدّ قبل الورود في البحث منبيان أنّ محلّ النزاع يختصّ بمجرّد دوران الأمر بينهما مع قطع النظر عن وجودما يدلّ بظاهره على ترجيح أحدهما.
فما أفاده المحقّق النائيني قدسسره ـ من تقدّم التخصيص على النسخ؛ نظرا إلى أنّالنسخ يتوقّف على ثبوت حكم العامّ لما تحت الخاصّ من الأفراد، ومقتضىحكومة أصالة الظهور في طرف الخاصّ على أصالة الظهور في طرف العامّ هوعدم ثبوت حكم العامّ لأفراد الخاصّ، فيرتفع موضوع النسخ(1) ـ موردللإشكال:
أوّلاً: بأنّ هذاالأمر مبنائيّ، وقد ذكرنا في مسألة علّة تقدّم الدليل الخاصّعلى الدليل العامّ نظر أعاظم أهل الفنّ وما التزم به المحقّق النائيني قدسسره ـ منكونهما من مصاديق القرينة وذي القرينة، وحكومة أصالة الظهور في طرفالقرينة على أصالة الظهور في طرف ذي القرينة بعنوان القاعدة الكلّيّة ـ وقلنا:إنّ علّة تقدّمه عليه عدم التنافي والتعارض بينهما عند العرف والعقلاء في محيطالتقنين، ولا يرتبط بمسألة القرينة وذي القرينة.
وثانياً: أنّ البحث فيما إذا دار الأمر بين النسخ والتخصيص قبل إحراز
- (1) فوائد الاُصول 4: 738.
(صفحه388)
المخصّصيّة، بل كون كلّ منهما طرف الاحتمال. نعم، هذا الكلام صحيح فيما إذكان عنوان المخصّص محرزا.
وثالثاً: سلّمنا صحّة ماذكره قدسسره ونتيجته أنّ هذا ليس من الدوران بينالنسخ والتخصيص، ولكن نسأل أنّ التكليف في صورة الدوران بينهماماهو؟وما أفاده قدسسره لا يكون مبيّنا له، ولا يوجب التخلّص من التحيّر.
(صفحه 389)
(صفحه390)
موارد الدوران بين النسخ والتخصيص
وكيف كان، فصور الدوران ثلاث:
الاُولى: ما إذا كان العامّ متقدّما والخاصّ متأخّرا بعد حضور وقت العملبالعامّ، ودار الأمر بين كون المتأخّر ناسخا أو مخصّصا؛ لاحتمال كون العمومحكما ظاهريّا، والخاصّ حكما واقعيّا، فلا محذور في تأخير بيانه عن وقتالعمل.
الثانية: ما إذا كان الخاصّ متقدّما والعامّ متأخّرا، ودار الأمر بين تخصيصالعامّ وكونه ناسخا للخاصّ، بأن يكون صدور المخصّص بعنوان البيان قبلصدور العامّ وقبل حضور وقت العمل به، فيكون مخصّصا، أو يكون صدورالعامّ بعد حضور وقت العمل بالخاصّ، فيكون ناسخا، فيكون إكرام العالمالفاسق ـ مثلاً ـ على القول بالنسخ واجبا، وعلى القول بالتخصيص حراما.
الثالثة: ما إذا ورد عامّ وخاصّ ولم يعلم المتقدّم منهما من المتاخّر ودارالأمر بين النسخ والتخصيص.
ثمّ إنّ النسخ عبارة عن انتهاء أمَدَ الحكم وزوال استمراره المستفاد منظهور دليل الحكم المنسوخ، فيكون تعارض الدليل الناسخ في الحقيقة معظهور الدليل المنسوخ في الاستمرار من حيث الزمان لامع أصل الدليل،بخلاف التعارض الابتدائي في العامّ والخاصّ؛ إذ التعارض فيهما يكون في أصل