جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 147)

التفصيل بين الأحكام التكليفيّة والوضعيّة وتحقيق ماهيّته

الحكم الشرعي إمّا تكليفي وإمّا وضعي، والحكم التكليفي: ما هو مجعولمن قِبَل الشارع بعنوان وظيفة المكلّف، وهو منحصر بالأحكام الخمسةالتكليفيّة وإن لم‏يتحقّق في بعضها كلفة ومشقّة كالإباحة بالمعنى الأخصّ،ولكن يعبّر عن جميعها بالأحكام التكليفيّة من باب التغليب، ومعلوم أنّالوجوب ـ مثلاً ـ لايكون بمعنى علم المولى بالمصحلة المتحقّقة في الواجب، بلالوجوب أمر مجعول من الشارع بهيئة «افعل» أو الجملة الخبريّة، وهكذسائر الأحكام التكليفيّة.

وأمّا الحكم الوضعي: فهو كلّ ما كان مجعولاً ومقرّرا من ناحية الشارعولم‏يكن من الأحكام الخمسة التكليفيّة، ولا دليل على انحصاره في الثلاثة ـ أيالسببيّة والمانعيّة والشرطيّة ـ أو الخمسة ـ أي الثلاثة المذكورة مع العلّيّةوالعلاميّة ـ أو التسعة ـ أي الخمسة المذكورة مع الصحّة والفساد، والعزيمةوالرخصة ـ بل يشمل مصاديق كثيرة كالزوجيّة والملكيّة والحرّيّة والرقّيّةوأشباه ذلك.

وأمّا المجعولات المخترعة الشرعيّة ـ كالصلاة والصوم والحجّ وهكذا الرسالةوالإمامة والقضاوة ـ فقد اختلف سيّدنا الإمام قدس‏سره والمحقّق النائيني رحمه‏الله في أنّهسنخٌ من الأحكام التكليفيّة أو الوضعيّة أو قسم ثالث غيرهما.

(صفحه148)

وقال المحقّق النائيني رحمه‏الله : وقد شنّع على القائل بذلك بأنّ الصوم والصلاةوالحجّ ليست من مقولة الحكم، فكيف تكون من الأحكام الوضعيّة؟ ولكنيمكن توجيهه بأنّ عدّ الماهيّات المخترعة الشرعيّة من الأحكام الوضعيّة إنّمهو باعتبار كونها مركّبة من الأجزاء والشرائط والموانع، وحيث كانتالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة من الأحكام الوضعيّة فيصحّ عدّ جملة المركّب منالأحكام الوضعيّة، وليس مراد القائل بأنّ الماهيّات المخترعة من الأحكامالوضعيّة كون الصلاة ـ مثلاً ـ بما هي هي حكما وضعيّا، فإنّ ذلك واضحالفساد لايرضى المنصف أن ينسبه إلى من كان من أهل العلم(1).

وأجاب عنه اُستاذنا السيّد الإمام قدس‏سره : بأنّ الماهيّة المخترعة كالصلاة قبلتعلّق الأمر بها وإن لم‏تكن من الأحكام الوضعيّة، لكنّها لم‏تكن قبله منالماهيّات المخترعة أيضا؛ لعدم كونها حينئذٍ من المقرّرات الشرعيّة، وإنّما تصيرمخترعات شرعيّة بعد ما قرّرها الشارع في شريعته بجعلها متعلّقة للأوامر،وحينئذٍ تصير كالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة للمأمور به من الأحكام الوضعيّة.

ولا فرق بين الجزئيّة والكلّيّة في كونهما أمرين منتزعين عن تعلّق الأمربالطبيعة، فيكون نحو تقرّرهما في الشريعة بكونهما منتزعين من الأوامرالمتعلّقة بالطبائع المركّبة، فمن جعل الجزئيّة للمأمور به من الأحكام الوضعيّةمع اعترافه بكونها انتراعيّة، فليجعل الكلّيّة أيضا كذلك.

وعلى هذا فلا مانع من جعل الماهيّات الاختراعيّة من الأحكام الوضعيّة،أي من المقرّرات الشرعيّة والوضعيّات الإلهيّة، ولكن إطلاق الحكم عليهكإطلاقه على كثير من الوضعيّات يحتاج إلى تأويل(2).


  • (1) فوائد الاُصول 4: 385.
  • (2) الاستصحاب: 67.
(صفحه 149)

وقال المحقّق النائيني رحمه‏الله أيضا: «نعم، عدّ الولاية والقضاوة من الأحكامالوضعيّة لايخلو عن تعسّف خصوصا الولاية والقضاوة الخاصّة التي كانيتفضّل بهما الإمام عليه‏السلام لبعض الصحابة، كولاية مالك الأشتر، فإنّ الولايةوالقضاوة الخاصّة حكمها حكم النيابة والوكالة لاينبغي عدّها من الأحكامالوضعيّة، وإلاّ فبناءً على هذا التعميم كان ينبغي عدّ الإمامة والنبوّة أيضا منالأحكام الوضعيّة، وهو كماترى(1).

وقال الإمام قدس‏سره في مقام الجواب عنه: «فمثل الرسالة والخلافة والإمامةوالحكومة والإمارة والقضاء من الأحكام الوضعيّة، قال تعالى: «وَ كُلاًّ جَعَلْنَنَبِيًّا»(2)، وقال تعالى: «إِنِّى جَاعِلٌ فِى الاْءَرْضِ خَلِيفَةً»(3)، وقال تعالى: «إِنِّىجَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَ مِن ذُرِّيَّتِى قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِى الظَّــلِمِينَ»(4)، فقدنصب رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أميرالمؤمنين عليه‏السلام إماما وأميرا على الناس يوم الغديروجعل القضاة من ناحية السلطان ـ كجعل الأمير والحاكم ـ معروف ومعلوم.

وبالجملة، لا إشكال في كون النبوّة والإمامة والخلافة من المناصب الإلهيّةالتي جعلها اللّه‏ وقرّرها، فهي من الأحكام الوضعيّة أو من الوضعيّات وإنلم‏يصدق عليها الأحكام.

فاستيحاش بعض أعاظم العصر رحمه‏الله من كون أمثال ذلك من الأحكامالوضعيّة في غير محلّه»(5).

والتحقيق: أنّ كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله بالنسبة إلى الولاية التي ترجع إلى
  • (1) فوائد الاُصول 4: 385.
  • (2) مريم: 49.
  • (3) البقرة: 30.
  • (4) البقرة: 124.
  • (5) الاستصحاب: 66.
(صفحه150)

النيابة والوكالة قريب إلى الذهن، وأمّا بالنسبة إلى القضاوة وسائر المواردفالحقّ مع اُستاذنا السيّد الإمام قدس‏سره .

كيفيّة جعل الأحكام الوضعيّة واحتمالاته

واختلف العلماء في أنّ جعلها استقلالي كالأحكام التكليفيّة، أو أنّها مجعولةلا بجعل إستقلالي، بل بتبع التكليف وتنتزع منه، كما يستفاد من كلام الشيخالأنصاري قدس‏سره ، ويستفاد من كلام صاحب الكفاية قدس‏سره التفصيل فيها، وقال:«والتحقيق: أنّ ماعُدّ من الوضع على أنحاء:

منها: ما لايكاد يتطرّق إليه الجعل تشريعا أصلاً، لا استقلالاً ولا تبعا، وإنكان مجعولاً تكوينا عرضا بعين جعل موضوعه كذلك.

ومنها: ما لايكاد يتطرّق إليه الجعل التشريعي إلاّ تبعا للتكليف.

ومنها: ما يمكن فيه الجعل استقلالاً بإنشائه، وتبعا للتكليف بكونه منشلانتزاعه وإن كان الصحيح انتزاعه من إنشائه وجعله، وكون التكليف منآثاره وأحكامه، على ما تأتي الإشارة إليه.

أمّا النحو الأوّل فهو كالسببيّة والشرطيّة والمانعيّة والرافعيّة لما هو سببالتكليف وشرطه ومانعه ورافعه، حيث إنّه لايكاد يعقل انتزاع هذه العناوينلها من التكليف المتأخّر عنها ذاتا، حدوثا أو ارتفاعا، كما أنّ اتّصافها بها ليسإلاّ لأجعل ما عليها من الخصوصيّة المستدعية لذلك تكوينا؛ للزوم أن يكونفي العلّة بأجزائها من ربط خاصّ، به كانت مؤثّرة في معلولها، لا في غيره، ولغيرها فيه، وإلاّ لزم أن يكون كلّ شيء مؤثرا في كلّ شيء، وتلك الخصوصيّةلايكاد يوجد فيها بمجرّد إنشاء مفاهيم العناوين، ومثل قول: دلوك الشمسسبب لوجوب الصلاة إنشاءً لا إخبارا؛ ضرورة بقاء الدلوك على ما هو عليه

(صفحه 151)

قبل إنشاء السّببيّة له، من كونه واجدا لخصوصيّة مقتضية لوجوبها أو فاقدلها، وأنّ الصلاة لاتكاد تكون واجبة عند الدلوك ما لم يكن هناك ما يدعو إلىوجوبها، ومعه تكون واجبة لامحالة وإن لم ينشأ السببيّة للدلوك أصلاً.

ومنه انقدح أيضا عدم صحّة انتزاع السببيّة له حقيقة من إيجاب الصلاةعنده؛ لعدم اتّصافه بها بذلك ضرورة.

نعم، لابأس باتّصافه بها عناية، وإطلاق السبب عليه مجازا، كما لابأس بأنيعبّر عن إنشاء وجوب الصلاة عند الدلوك ـ مثلاً ـ بأنّه سبب لوجوبها، فكنّىبه عن الوجوب عنده.

فظهر بذلك أنّه لامنشأ لانتزاع السببيّة وسائر ما لأجزاء العلّة للتكليف،إلاّ ما هي عليها من الخصوصيّة الموجبة لدخل كلّ فيه على نحو غير دخلالآخر، فتدبّر جيّدا.

وأمّا النحو الثاني: فهو كالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة والقاطعيّة، لما هو جزءالمكلّف به وشرطه ومانعه وقاطعه، حيث إنّ اتّصاف شيء بجزئيّة المأمور بهأو شرطيّته أو غيرهما لايكاد يكون إلاّ بالأمر بجملة اُمور مقيّدة بأمروجودي أو عدمي، ولا يكاد يتّصف شيء بذلك ـ أي كونه جزءً أو شرطللمأمور به ـ إلاّ بتبع ملاحظة الأمر بما يشتمل عليه مقيّدا بأمر آخر، وملم‏يتعلّق به الأمر كذلك لما كاد اتّصف بالجزئيّة أو الشرطيّة، وإن أنشأ الشارعله الجزئيّة أو الشرطيّة، وجعل الماهيّة واختراعها ليس إلاّ تصوير ما فيهالمصلحة المهمّة الموجبة للأمر بها، فتصوّرها بأجزائها وقيودها لايوجباتّصاف شيء منها بجزئيّة المأمور به أو شرطه قبل الأمر بها، فالجزئيّةللمأمور به أو الشرطيّة له إنّما ينتزع لجزئه أو شرطه بملاحظة الأمر به،بلاحاجة إلى جعلها له، وبدون الأمر به لا اتّصاف بها أصلاً وإن اتّصف