و اُخرى يكون الأثر الشرعي مترتّبا على وجودهما بنحو خاصّ منها،مثلاً: تقدّم موت الوالد يكون موضوعاً لإرث الولد، وتقدّم موت الولد يكونموضوعاً لإرث الوالد، وفي صورة تحقّق الأثر لوجود أحدهما قد يتحقّق لكلّنحو من أنحاء وجوداته الثلاثة أثر خاصّ.
أمّا إذا كان الأثر الشرعي لوجود أحدهما بنحو خاصّ منها بنحو كانالتامّة، مثل: تقدّم موت الوالد على موت الولد، فيكون جريان استصحابعدم التقدّم بلا معارض فينتفي الأثر الشرعي المترتّب على التقدّم.
لاستصحاب العدم في واحد؛ للمعارضة باستصحاب العدم في آخر لتحقّقأركانه في كلّ منها، مع أنّا نعلم إجمالاً ببطلان أحد الاستصحابات؛ إذ لايمكننفي تقدّم هذا الحادث وتقارنه وتأخّره بالنسبة إلى الحادث الآخر.
و هكذا إذا كان الأثر لوجود كلّ من الحادثين بنحو خاصّ، فلا مجاللاستصحاب العدم.
و أمّا إذا كان الأثر لتقدّم أحد الحادثين وتأخّره دون تقارنه مع الحادثالآخر فلا مانع من جريان استصحاب تقدّمه وتأخّره معاً؛ إذ لايتحقّق العلمالإجمالي بكذب أحد الاستصحابين.
و أمّا إذا كان الأثر لتقدّم أحد الحادثين وتقارن الآخر فيجري كلالاستصحابين وينفى تقدّم الحادث الأوّل وتقارن الحادث الثاني، فيستفاد تقدّمالحادث الثاني مثلاً.
فالمعيار لعدم جريان الاستصحاب وجريانه في مجهولي التاريخ تحقّق العلمالإجمالي بالكذب أو العلم بعدم قابليّة الاجتماع في الخارج، وعدمه.
و أمّا إن كان الأثر مترتّباً على ما إذا كان متّصفاً بالتقدم أو بأحد ضدّيهالذي كان مفاد كان الناقصة، مثل قولنا كان موت الوالد المفروض تحقّقهمتقدّما على موت الولد موضوعاً للأثر الشرعي، فلا مورد ههنللاستصحاب؛ لعدم اليقين السابق فيه بلا ارتياب؛ إذ اليقين بأنّ موت زيد كانمتّصفا بالتقدّم، أو غير متّصف به لايمكن تحقّقه حتّى يجري استصحاب العدمأو الوجود، إلاّ على القول بصحّة جريان استصحاب العدم في القضيّة السالبةبانتفاء الموضوع، كقولنا: ليس موت الوالد متقدّما على موت الولد قبل تحقّقالحادثة وعدم الموت، ونستصحب بعد تحقّق الموضوع ـ أي الموت ـ وزمانالشكّ في التقدّم والتأخّر عدم التقدّم السابق الآن.
(صفحه270)
كما قال صاحب الكفاية رحمهالله في باب العامّ والخاصّ بجريان استصحاب عدمقرشية المرأة على هذا الأساس، لكنّه في ما نحن فيه عدل عن هذا المبنىواختار عدم جريانه في مفاد كان الناقصة والقضيّة السالبة بانتفاء الموضوع؛لعدم صدق اتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة، كما هو التحقيق.
هذا كلّه بالنسبة إلى الأثر المترتّب على وجود خاصّ لأحد الحادثين أوكليهما.
وأمّا إذا كان الأثر الشرعي لعدم أحد الحادثين في زمان وجود الآخر،وكان العدم موضوعاً للأثر بنحو مفاد ليس الناقصة الذي يعبّر عنه بالعدمالنعتي كقولنا: ليس موت الوالد متّصفاً بالتقدّم على موت الولد، فلا يجريالاستصحاب فيه؛ لفقدان الحالة السابقة المتيقّنة، وإن كان بنحو مفاد ليسالتامّة الذي يعبّر عنه بالعدم المحمولي، وحينئذ قد يكون عدم كلّ من الحادثينموضوعاً لأثر في زمان حدوث الآخر، وقد يكون عدم أحدهما موضوعللأثر، فإن كان عدم كليهما موضوعاً للأثر فلا يجري استصحاب العدم أصلاً؛لتحقّق التعارض بين الاستصحابين والتساقط عند الشيخ الأنصاري رحمهالله ، وعدمتماميّة أركان الاستصحاب عند صاحب الكفاية رحمهالله .
وأمّا إن كان عدم أحدهما موضوعاً للأثر في زمان وجود الآخر فيجريالاستصحاب؛ لعدم المعارضة عند الشيخ رحمهالله ، ولا يجري؛ لعدم تماميّة الأركانعند صاحب الكفاية رحمهالله .
وأمثلته كثيرة:
منها: مالو علمنا بكرّيّة الماء القليل وملاقاته النجس، وشككنا في تقدّمالكرّيّة على الملاقاة وتأخّرها عنها، وما هو موضوع للأثر الشرعي عبارة عنعدم الكرّيّة في زمان الملاقاة من الانفعال والنجاسة، ولا أثر لعدم الملاقاة في