شرعاً، مع أنّها ممكنة تكويناً.
وعدم تعرّضه لأخبار الأئمّة عليهمالسلام واكتفائه بأخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله فقط لعلّه كانلكونه من علماء أهل السنّة، والمراد من الخبر الواحد فيالدليل هو ما كانمتضمّناً لبيان الحكم الفرعي، لا ما هو متضمّن لبيان المسائل الاعتقاديّة؛ إذ لأثر للظنّ فيها كما أشار إليه في قوله تعالى: «إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ الْحَقِّشَيْـءًا»(1)، وهذا يرتبط بالاعتقادات وسياقه آبٍ عن التخصيص.
ولكنّ التحقيق أنّ هذا الدليل ليس بتام، فإنّ الإخبار عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ سواءكان مع الواسطة أو بلا واسطة ـ يكون عن حسٍّ ويقول المخبر في مقامالإخبار: رأيت أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله فعل كذا، أو سمعت أنّه قال كذا، أو يقول:رأى فلان أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله فعل كذا، أو سمع فلان أنّه قال كذا.
أنّ الوحي منقطع وخاتميّة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله محرزة، وإمّا أن يكون بالاستماع منشجرة ونحو ذلك مثلاً، وهو مختصّ بالأنبياء، فالملازمة في القضيّة الشرطيّةالمذكورة محلّ إشكال.
وعلى فرض قبول الملازمة إن كان المراد من بطلان التالي عدم إمكانالإخبار عن اللّه تعالى واستحالته عقلاً فلا معنى لأن يكون الإجماع دليلعليه؛ لعدم صحّة التمسّك بالإجماع في المسائل العقليّة، وإن كان المراد منه عدموقوع الإخبار عن اللّه تعالى فهو خارج عن محلّ البحث ومغاير لمدّعاه.
ومع غض النظر عمّا ذكرناه يكون الإجماع لمدّعيه إجماعاً محصّلاً ولكنّه لنمنقول، وهو على فرض كونه حجّةً يكون اعتباره بعنوان شعبة من الخبرالواحد، فاتّصافه بالحجّيّة يكون بعنوان كونه خبراً واحداً، فكيف يمكن إثباتاستحالة التعبّد بخبر الواحد بنفس الخبر الواحد؟! فهذا الدليل ليس تامّاً.
الوجه الثاني: أنّ العمل بخبر الواحد موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال؛إذ لايؤمن أن يكون ما أخبر بحلّيّته حراماً وبالعكس.
وهذا الدليل على فرض تماميّته لا يختصّ بالخبر الواحد بل يجري في مطلقالأمارات الظنّيّة، خلافاً للدليل الأوّل حيث إنّه يختصّ بالخبر الواحد.
ولكن لأهميّة هذا الدليل لابدّ من توضيحه وتكميله، فإنّ المحذوراتالمحتملة في المقام أربعة:
الأوّل: ما يرتبط بنفس الخطاب، وهو محذور اجتماع المثلين في صورةمطابقة الأمارة للحكم الواقعي، أو الضدّين في صورة مخالفتها له، حيث إنّجعل الحجّيّة للأمارة يكون بمعنى جعل الحكم على طبقها.
وجوابه: أوّلاً: أنّ التضادّ والتماثل كما عرفت لا يجري في الاُمور الاعتباريّةكالأحكام الخمسة التكليفيّة.
(صفحه104)
وثانياً: أنّه على فرض جريان التضادّ والتماثل فيها أيضاً لا يتحقّق المحذورالمذكور في المقام، فإنّ جعل الحجّيّة لا يكون بمعنى جعل الحكم، بل يكونبمعنى منجّزيّة الحكم في صورة الإصابة، ومعذّريّة المكلّف في المخالفة في صورةالخطأ كما ذكرناه مراراً.
المحذور الثاني: ما يرتبط بلازم الخطاب، وكلام ابن قبة ناظرٌ إليه، وهوأنّ التعبّد بالمظنّة مستلزم للإلقاء في المفسدة فيما إذا أدّت الأمارة إلى إباحةشيء ـ مثلاً ـ وكان حراماً في الواقع، أو لتفويت المصلحة فيما إذا أدّت إلىإباحته وكان واجباً بحسب الواقع.
ولايخفى أنّ تماميّة هذا الدليل يتوقّف على تحقّق أمرين:
الأوّل: أن تكون الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد كما قال به المعتزلة، فعلىالقول بعدم التبعيّة ـ كما هو المنسوب إلى الأشاعرة ـ لا تتحقّق هنا مصلحة أومفسدة حتّى يلزم تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة.
الأمر الثاني: أن يكون المجعول في باب الأمارات محض الطريقيّة كما هوالحال في باب القطع، ولازم ذلك تفويت المصلحة الواقعيّة وعدم جبرانها فيصورة مخالفة الأمارة للواقع أحياناً.
أمّا على القول بإنكار أصل وجود المصلحة والمفسدة أو تغيير الواقع بقيامالأمارة وصيرورته على طبق الأمارة فلا يستلزم التعبّد بالمظنّة تفويتالمصلحة والإلقاء في المفسدة، كما إذا قلنا بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد، إلأنّ السلوك على طبق الأمارة يوجب حدوث المصلحة ويتدارك بها مصلحةالواقع، فلا يلزم محذور تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة، فهذا الدليلمتوقّف على تماميّة الأمرين المذكورين، ولاشكّ في تماميّتهما عندنا.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني قدسسره (1) أضاف أمراً ثالثاً، وهو: أنّ المحذور إنّما يتمّ في