جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه100)

مباحث الظنّ

مباحث الظنّ

هل يمكن للشارع جعل المظنّة أو الظنّ الخاصّ حجّة أم لا؟ أو أنّ التعبّدبالظنّ مستلزم للاستحالة وقوعاً أم لا مع عدم استحالته في نفسه؟ والمسألةاختلافيّة، والمشهور قائل بإمكانه، وابن قبة وتابعيه يقولون بامتناعه،واستدلّ المشهور على ذلك بأنّا نقطع بأنّه لا يلزم من التعبّد بالظنّ محال ذاتيأو عرضي.

وأشكل على هذا التقريب الشيخ الأعظم الأنصاري قدس‏سره (1) بأنّ القطع بعدملزوم المحال في الواقع موقوفٌ على إحاطة العقل بجميع الجهات المحسّنةوالمقبّحة، وعلمه بانتفاء الجهات المقبّحة في التعبّد بالظنّ، وهو غير حاصل فيمنحن فيه، فالأولى أن يقرّر دليل الإمكان هكذا: إنّا لانجد في عقولنا بعد التأمّلمايوجب الاستحالة، وهذا طريق يسلكه العقلاء في الحكم بالإمكان.

وأورد عليه صاحب الكفاية قدس‏سره (2) باُمور:

الأوّل: عدم ثبوت سيرة العقلاء على ترتيب آثار الإمكان عند الشكّ فيإمكان شيء وامتناعه، والإمكان في كلام الشيخ الرئيس قدس‏سره «كلّ ما قرع سمعكمن الغرائب فذره في بقعة الإمكان» يكون بمعنى الاحتمال، لا في مقابلالامتناع، ولايرتبط بما نحن فيه.


  • (1) الرسائل: 24.
  • (2) كفاية الاُصول 2: 43.
(صفحه 101)

الأمر الثاني: أنّ على تقدير ثبوت السيرة لا حجّيّة لها؛ لعدم قيام دليلقطعي على اعتبارها، والظنّ باعتبارها لو كان لا يفيد، فإنّ الكلام في اعتباره،ولا يمكن إثبات حجّيّة الظنّ بالظنّ بالحجّيّة.

الأمر الثالث: أنّه لا يترتّب على هذا النزاع ثمرة عمليّة، فإنّ على فرضإثبات إمكان التعبّد بالظنّ وقوعاً لا يكون ملازماً لوقوعه في الخارج،فيحتاج وقوعه في الخارج إلى دليل مستقلّ. نعم، مع قيام الدليل على وقوعهلا حاجة إلى إثبات إمكانه؛ لأنّ الدليل القائم على وقوعه دليل على إمكانه،حيث يستكشف منه عدم ترتّب تالٍ فاسد عليه.

وأضاف المحقّق النائيني قدس‏سره (1) إشكالاً آخر على صاحب الكفاية قدس‏سره حاصله:أنّ الإمكان المبحوث عنه في المقام إنّما هو الإمكان التشريعي، حيث يبحثعن أنّ التعبّد بالأمارات هل يستلزم محذوراً في عالم التشريع من اجتماعالحكمين أو تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة أو غير ذلك من التواليالفاسدة، أو لا يستلزم شيئاً من ذلك؟ ومورد ثبوت بناء العقلاء على إمكانالشيء عند عدم وجدان مايوجب استحالته على فرض تسليمه إنّما هوالإمكان التكويني دون التشريعي.

ولكنّه ليس بتام، فإنّ الإمكان التشريعي لا يكون في مقابل الإمكان الذاتيوالإمكان الوقوعي وقسيماً لهما، بل يكون مصداقاً للإمكان الوقوعي، كما أنّالإمكان التكويني يكون مصداقاً له، إلاّ أنّ دائرة الاستحالة في الشرع تكونأوسع من التكوين؛ لدوران الاستحالة في التكوينيّات مدار اجتماع النقيضينوالضدّين والمثلين، بخلاف الشرع فإنّ تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدةونحو ذلك من الأعمال القبيحة يمتنع أن يصدر عن الحكيم على الإطلاق


  • (1) فوائد الاُصول 3: 88.
(صفحه102)

شرعاً، مع أنّها ممكنة تكويناً.

والتحقيق: أنّه لا يترتّب على البحث عن الإمكان وعدمه ثمرة عمليّة، كمذكر صاحب الكفاية قدس‏سره فلانحتاج إليه، والمهمّ هنا إبطال ما استدلّ به القائلبالامتناع، فإن لم يكن صالحاً لإثبات الاستحالة صارت الاستحالة موردالشكّ والترديد، فتصل النوبة إلى البحث في أنّه هل قام دليل قطعي على التعبّدبالأمارات الظنّية كلّها أو بعضها، أو لا؟ وعلى فرض قيامه يدلّ بالمطابقة علىحجّيّة الخبر الواحد ـ مثلاً ـ وبالالتزام على إمكان التعبّد بالظنّ وقوعاً.

فلابدّ لنا من ملاحظة أدلّة القائلين بالاستحالة، واستدلّ لها ابن قبةبوجهين:

الأوّل: أنّه لو جاز التعبّد بخبر الواحد في الإخبار عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لجاز التعبّدبه في الإخبار عن اللّه‏ تعالى، والتالي باطلٌ إجماعاً فالمقدّم مثله.

وعدم تعرّضه لأخبار الأئمّة عليهم‏السلام واكتفائه بأخبار النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فقط لعلّه كانلكونه من علماء أهل السنّة، والمراد من الخبر الواحد فيالدليل هو ما كانمتضمّناً لبيان الحكم الفرعي، لا ما هو متضمّن لبيان المسائل الاعتقاديّة؛ إذ لأثر للظنّ فيها كما أشار إليه في قوله تعالى: «إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ الْحَقِّشَيْـءًا»(1)، وهذا يرتبط بالاعتقادات وسياقه آبٍ عن التخصيص.

ولكنّ التحقيق أنّ هذا الدليل ليس بتام، فإنّ الإخبار عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ـ سواءكان مع الواسطة أو بلا واسطة ـ يكون عن حسٍّ ويقول المخبر في مقامالإخبار: رأيت أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فعل كذا، أو سمعت أنّه قال كذا، أو يقول:رأى فلان أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فعل كذا، أو سمع فلان أنّه قال كذا.

وأمّا الإخبار عن اللّه‏ تعالى فإمّا أن يكون بوساطة جبرئيل عليه‏السلام والمفروض


  • (1) يونس: 36.
(صفحه 103)

أنّ الوحي منقطع وخاتميّة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله محرزة، وإمّا أن يكون بالاستماع منشجرة ونحو ذلك مثلاً، وهو مختصّ بالأنبياء، فالملازمة في القضيّة الشرطيّةالمذكورة محلّ إشكال.

وعلى فرض قبول الملازمة إن كان المراد من بطلان التالي عدم إمكانالإخبار عن اللّه‏ تعالى واستحالته عقلاً فلا معنى لأن يكون الإجماع دليلعليه؛ لعدم صحّة التمسّك بالإجماع في المسائل العقليّة، وإن كان المراد منه عدموقوع الإخبار عن اللّه‏ تعالى فهو خارج عن محلّ البحث ومغاير لمدّعاه.

ومع غض النظر عمّا ذكرناه يكون الإجماع لمدّعيه إجماعاً محصّلاً ولكنّه لنمنقول، وهو على فرض كونه حجّةً يكون اعتباره بعنوان شعبة من الخبرالواحد، فاتّصافه بالحجّيّة يكون بعنوان كونه خبراً واحداً، فكيف يمكن إثباتاستحالة التعبّد بخبر الواحد بنفس الخبر الواحد؟! فهذا الدليل ليس تامّاً.

الوجه الثاني: أنّ العمل بخبر الواحد موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال؛إذ لايؤمن أن يكون ما أخبر بحلّيّته حراماً وبالعكس.

وهذا الدليل على فرض تماميّته لا يختصّ بالخبر الواحد بل يجري في مطلقالأمارات الظنّيّة، خلافاً للدليل الأوّل حيث إنّه يختصّ بالخبر الواحد.

ولكن لأهميّة هذا الدليل لابدّ من توضيحه وتكميله، فإنّ المحذوراتالمحتملة في المقام أربعة:

الأوّل: ما يرتبط بنفس الخطاب، وهو محذور اجتماع المثلين في صورةمطابقة الأمارة للحكم الواقعي، أو الضدّين في صورة مخالفتها له، حيث إنّجعل الحجّيّة للأمارة يكون بمعنى جعل الحكم على طبقها.

وجوابه: أوّلاً: أنّ التضادّ والتماثل كما عرفت لا يجري في الاُمور الاعتباريّةكالأحكام الخمسة التكليفيّة.

(صفحه104)

وثانياً: أنّه على فرض جريان التضادّ والتماثل فيها أيضاً لا يتحقّق المحذورالمذكور في المقام، فإنّ جعل الحجّيّة لا يكون بمعنى جعل الحكم، بل يكونبمعنى منجّزيّة الحكم في صورة الإصابة، ومعذّريّة المكلّف في المخالفة في صورةالخطأ كما ذكرناه مراراً.

المحذور الثاني: ما يرتبط بلازم الخطاب، وكلام ابن قبة ناظرٌ إليه، وهوأنّ التعبّد بالمظنّة مستلزم للإلقاء في المفسدة فيما إذا أدّت الأمارة إلى إباحةشيء ـ مثلاً ـ وكان حراماً في الواقع، أو لتفويت المصلحة فيما إذا أدّت إلىإباحته وكان واجباً بحسب الواقع.

ولايخفى أنّ تماميّة هذا الدليل يتوقّف على تحقّق أمرين:

الأوّل: أن تكون الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد كما قال به المعتزلة، فعلىالقول بعدم التبعيّة ـ كما هو المنسوب إلى الأشاعرة ـ لا تتحقّق هنا مصلحة أومفسدة حتّى يلزم تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة.

الأمر الثاني: أن يكون المجعول في باب الأمارات محض الطريقيّة كما هوالحال في باب القطع، ولازم ذلك تفويت المصلحة الواقعيّة وعدم جبرانها فيصورة مخالفة الأمارة للواقع أحياناً.

أمّا على القول بإنكار أصل وجود المصلحة والمفسدة أو تغيير الواقع بقيامالأمارة وصيرورته على طبق الأمارة فلا يستلزم التعبّد بالمظنّة تفويتالمصلحة والإلقاء في المفسدة، كما إذا قلنا بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد، إلأنّ السلوك على طبق الأمارة يوجب حدوث المصلحة ويتدارك بها مصلحةالواقع، فلا يلزم محذور تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة، فهذا الدليلمتوقّف على تماميّة الأمرين المذكورين، ولاشكّ في تماميّتهما عندنا.

ثمّ إنّ المحقّق النائيني قدس‏سره (1) أضاف أمراً ثالثاً، وهو: أنّ المحذور إنّما يتمّ في


  • (1) فوائد الاُصول 3: 90.