(صفحه210)
الاُصول العمليّة
هي المرجع عند الشكّ بعد الفحص واليأس عن الدليل. قال صاحبالكفاية قدسسره (1): «إنّ المهمّ من الاُصول العمليّة هي البراءة والاحتياط والتخييروالاستصحاب»، ولم يتعرّض لأصالة الطهارة، وقال: إنّ الوجه لعدم تعرّضهأوّلاً: أنّها من الاُصول المسلّمة، وثانياً: اختصاصها بباب الطهارة.
وقد يتوهّم أنّ الوجه في عدم ذكر أصالة الطهارة في علم الاُصول: أنّالطهارة والنجاسة من الاُمور الواقعيّة التي قد أخبر بهما الشارع، لا منالأحكام الشرعيّة، وكان الشكّ فيهما شكّاً في الانطباق، ومن المعلوم أنّ البحثعن الشبهات الموضوعيّة لا يكون من المسائل الاُصوليّة.
وفيه: أوّلاً: أنّه لا يلزم من كون الشيء أصلاً عمليّاً خلوّه بتمام المعنى عنالواقعيّة، بل عدم إدراك عقولنا يكفي لكونه أصلاً عمليّاً.
وثانياً: لا نسلّم كون الشكّ فيهما من الشبهة المصداقيّة؛ لأنّ الميزان في كونالشبهة مصداقيّة أن يكون المرجع فيها العرف لا الشارع، كما أنّ الأمر فيالشبهة الحكميّة بعكس ذلك، ولا إشكال في أنّ المرجع عند الشكّ في نجاسةشيء وطهارته ـ كالعصير العنبي بعد الغليان، وكعرق الجنب من الحرام، وعرقالإبل الجلاّل ونحوهما ـ هو الشارع، وبيانها من وظائفه، ولا يعلمها إلاّ هو.
- (1) كفاية الاُصول 2: 165.
(صفحه 211)
(صفحه212)
القول
في أصالة البراءة
(صفحه 213)
(صفحه214)
أصالة البراءة
أصالة البراءة
ينبغي تقديم مقدّمتين قبل الورود في أصل البحث وبيان الأدلّة:
الاُولى: أنّ الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره (1) جعل الشكّ في التكليف الذي هومجرى البراءة على أقسام ثمانية، باعتبار أنّ الشبهة تارةً تكون تحريميّة واُخرىوجوبيّة، وعلى كلا التقديرين إمّا أن يكون منشأ الشكّ فقدان النصّ أو إجمالهأو تعارض النصّين أو اشتباه الاُمور الخارجيّة، والثلاثة الاُولى راجعة إلىالشبهات الحكميّة، والرابع راجع إلى الشبهات الموضوعيّة، فهذه أقسام ثمانيةوعقد لكلّ منها مسألة خاصّة.
والمحقّق الخراساني قدسسره طوى البحث عن الكلّ في فصل واحد وذلك لوحدةمناط البحث في الجميع، فإنّ المناط في الكلّ هو الشكّ في التكليف،والاختلاف في منشأه لا يصحّح عقد فصول متعدّدة، بل يكفي عقد بحثواحد عام لمطلق الشكّ في التكليف، وما فعله قدسسره هو الأنسب.
المقدّمة الثانية: أنّ النزاع بين الاُصوليّين والأخباريّين في مسألة البراءة إنّميرجع إلى صغرى المسألة لا الكبرى، فإنّهما متّفقان على مفاد قاعدة قبحالعقاب بلا بيان، وأنّ العبد لا يستحقّ العقاب على مخالفة التكليف مع عدموصوله إليه، وإنّما الاختلاف في الصغرى حيث ذهب الأخباريّون إلى تماميّة