جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه256)

الحديث معارضاً لدليل الاحتياط، ومع عدم وصول النهي الواقعي يكونالحكم هو الإطلاق.

ثمّ لا يخفى أنّه ليس المراد من الإطلاق اللا حظر العقلي حتّى تكون الآيةبصدد بيان حكم عقلي؛ لأنّ ذلك خلاف ظاهر مولويّة الخطاب الصادر منالشارع.

فتحصّل: أنّ دلالة الرواية على البراءة ممّا لا إشكال يعتريه، بل تكونالبراءة المستفادة منها معارضة مع دليل الاحتياط.

الرواية الثالثة: قوله عليه‏السلام : «الناس في سعة ما لم يعلموا»(1).

ولاشكّ في دلالته على البراءة، وإنّما الكلام في أنّ المستفاد منه براءة محكومةلدليل الاحتياط أم معارضة له.

فذهب المحقّق النائيني قدس‏سره (2) إلى أنّ كلمة «ما» إن كانت موصولة فالبراءةالمستفادة من الحديث تعارض أدلّة الاحتياط؛ إذ مفاده: أنّ الناس من جهةالجهل بالحكم الشرعي يكونون في سعة، فيعارض به أخبار الاحتياط الدالّةعلى كون الناس في الضيق من جهة الحكم الشرعي المجهول.

وأمّا إن كانت مصدريّة زمانيّة فيكون مفاد الحديث: أنّ الناس ما داموا ليعلمون يكونون في سعة، فيكون دليل الاحتياط حاكماً عليه؛ لأنّه بيان، وهوشبيه حكومة دليل الاحتياط على قاعدة قبح العقاب بلا بيان.

والتحقيق: أنّ القسم الأوّل من كلامه قدس‏سره صحيح ولا يكون قابلاً للمناقشة،وأمّا القسم الثاني من كلامه قدس‏سره فلا يكون قابلاً للمساعدة، فإنّ المراد من «ليعلمون» هو الجهل بالواقع، فلابدّ ممّا يرد في مقابله بعنوان البيان أن يرفعه


  • (1) المستدرك 18: 20، الباب 12 من أبواب مقدّمات الحدود، الحديث 4.
  • (2) أجود التقريرات 2: 181.
(صفحه 257)

وينقلب إلى العلم، ومعلوم أنّ وجوب الاحتياط ليس بياناً للواقع حتّى يكونكذلك، فإنّ مجرى الاحتياط ومورد دليل وجوب الاحتياط هو الشكّ فيالحكم الواقعي، ولايمكن أن يكون الأصل العملي بعنوان البيان والعلم ورافعللشكّ، وعليه فالبراءة المستفادة من الحديث معارضة لأدلّة الاحتياط، سواءكانت كلمة «ما» مصدريّة أو موصولة.

ثمّ إنّ المحقّق الخراساني قدس‏سره (1) ذهب إلى تفصيل آخر، وتوضيحه: أنّ وجوبالاحتياط المستفاد من الأدلّة إمّا يكون طريقيّاً، بمعنى أنّ وجوب الاحتياطإنّما يكون طريقاً إلى الحكم الواقعي المجهول، فيكون الملاك في جعل وجوبالاحتياط من قبل الشارع مجرّد الاحتفاظ بالواقع في ظرف الجهل به، ومنالواضح أنّه لا ثواب ولا عقاب لهذا الأمر الاحتياطي.

وإمّا يكون نفسيّاً بأن يكون الاحتياط واجباً في نفسه من دون نظر إلىالواقع المجهول وذلك لجعل المكلّف أشدّ مواظبة وأقوى إرادة على تركالمحرّمات وإتيان الواجبات، ومن الواضح ترتّب الثواب والعقاب على هذالأمر الاحتياطي.

ثمّ إذا كان وجوب الاحتياط طريقيّاً فتكون البراءة معارضة له؛ إذ حديثالسعة ظاهر في الترخيص في مورد الحكم الواقعي المجهول، ودليل وجوبالاحتياط الطريقي ظاهر في أنّ إيجابه إنّما هو لأجل التحفّظ على الحكمالواقعي المجهول، فيكون المكلّف في ضيق منه، وهذا هو التعارض.

وأمّا إن كان إيجاب الاحتياط نفسيّاً فحينئذٍ يكون رافعاً لموضوع حديثالسعة ويقدَّم عليه، وذلك لأنّ المكلّف بعد العلم بوجوب الاحتياط النفسي لمحالة يقع في ضيق من ناحية هذا الوجوب، ولكن لا يقع في ضيق من ناحية


  • (1) كفاية الاُصول 2: 177.
(صفحه258)

الحكم الواقعي المجهول حتّى يعارض حديث السعة؛ إذ وجوب الاحتياط ـ كمهو المفروض ـ حكم نفسي ناشٍ عن ملاكه، ولا علاقة له بالواقع المجهول.

وفيه: أوّلاً: أنّ التعارض ثابت على كلا التقديرين، أمّا بناءً على الطريقيّةفواضح، وأمّا بناءً على النفسيّة فلأنّ مفاد حديث السعة هو التوسعة علىالناس ورفع الضيق عنهم في ظرف الشكّ والجهل بالواقع، ومعلوم أنّ جعلالاحتياط ولو بملاك نفسي في هذا الظرف يوجب الضيق على الناسفيتعارضان.

وثانياً: أنّه لو كان دليل الاحتياط بالوجوب النفسي رافعاً لموضوع حديثالسعة لكان جعل الترخيص والسعة لغواً؛ إذ لا ينفكّ موضوعه عن موضوعالاحتياط ولو في مورد مّا.

الرواية الرابعة: قوله عليه‏السلام : «ما حجب اللّه‏ علمه عن العباد فهو موضوععنهم»(1).

فتدلّ على أنّ التكليف المجهول ممّا حجب اللّه‏ علمه عن العباد فهو مرفوعوموضوع عنهم، وهذا الحديث يعارض أدلّة الاحتياط؛ لأنّها تدلّ على عدمرفع ما حجب اللّه‏ علمه، أي التكليف المجهول عن العباد.

وقد اُورد على الاستدلال بالحديث بأنّ ظاهر إسناد الحجب إلى اللّه‏ تعالىهو الأحكام التي لم يبيّنها اللّه‏ تعالى أصلاً، إمّا لأجل التسهيل والتوسعة علىالاُمّة، أو لأجل مانع من البيان مع وجود المقتضي لها، فلايشمل الأحكام التيبيّنها اللّه‏ تعالى ولكن خفيت على العباد لظلم الظالمين ومنع المانعين، فيكونمفاد هذا الحديث هو مفاد قوله عليه‏السلام : «اسكتوا عمّا سكت اللّه‏ عنه»(2) ويكون


  • (1) الوسائل 27: 163، الباب 12 من أبواب صفات القاضي، الحديث 33.
  • (2) عوالي اللئالي 3: 166، الحديث 61.
(صفحه 259)

أجنبيّاً عن أصل البراءة.

وجوابه: أوّلاً: أنّ هذا الظهور يعارضه ظهور آخر، وتوضيحه: أنّ كلمة«وضع» إن تعدّت بحرف الاستعلاء دلّت على جعل شيء على شيء وإثباتهله، وإن تعدّت بحرف المجاوزة دلّت على معنى الإسقاط كقوله تعالى: «وَيَضَعُعَنْهُمْ إِصْرَهُمْ»(1)، أي أسقطها ورفعها عنهم، ومن الواضح أنّ إسقاط شيءعن شيء فرع استقراره فيه.

وعليه فالظاهر من قوله عليه‏السلام : «موضوع عنهم» رفع ما هو مجعول بحسبالواقع، لا ما لم يجعل أصلاً وكان مسكوتاً عنه من أوّل الأمر، فإنّ ما لم يجعلمن البداية لا يتعلّق به الرفع والإسقاط كما هو واضح، فليس مفاد الحديثمفاد قوله عليه‏السلام : «اسكتوا عمّا سكت اللّه‏».

وثانياً: أنّ إسناد الحجب إليه تعالى، فلأجل ما برهن عليه في المباحثالكلامية من أنّ الأفعال الاختياريّة كما يصحّ إسنادها إلى فاعلها كذلك يصحّإسنادها إلى اللّه‏ تعالى بعدما كان ممكن الوجود مرتبطاً بالعلّة، بل هو عينالربط بها، ولا استقلال له لاحتياجه في كلّ آن إلى العلّة، فلا مانع من إسنادالحجب إليه تعالى، وإن كان المانع عروض العوارض من ظلم الظالمين ومنعالمانعين وضياع الكتب.

ولكنّ التحقيق: أنّ إسناد الأفعال الاختياريّة إليه تعالى وإن كان صحيحمع توجّه التحسين والتوبيخ إلى الفاعل المباشر، إلاّ أنّ إسناد أفعال غيرحسنة إليه تعالى أمرٌ غير معهود في الكتاب والسنّة.

الرواية الخامسة: قوله عليه‏السلام : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرامبعينه»(2).


  • (1) الأعراف: 157.
(صفحه260)

وقد استدلّ المحقّق الخراساني قدس‏سره (1) بالرواية على البراءة في الشبهات الحكميّةكالشبهات الموضوعيّة، بدعوى أنّها تدلّ على حلّيّة ما لم يعلم حرمته مطلقاً،ولو كان من جهة عدم الدليل على حرمته.

والصحيح عدم صحّة الاستدلال بها على البراءة في الشبهات الحكميّة،فتختصّ بالشبهات الموضوعيّة، وذلك لقرينة «بعينه» فإنّ الظاهر من الكلمةهو الاحتراز عن العلم بالحرام لا بعينه، ولا ينطبق ذلك إلاّ على الشبهةالموضوعيّة؛ إذ لا يتصوّر العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكميّة، فإنّه معالشكّ في حرمة شيء وحلّيته لا علم لنا بالحرام لا بعينه.

والحاصل: أنّ الرواية تفصّل بين نوعين من العلم بالحرام: أحدهما: العلمبالحرام بعينه كالعلم بخمريّة هذا المائع، فيجب الاجتناب حينئذٍ.

الثاني: العلم بالحرام لا بعينه كما إذا شككنا في أنّ المائع الخارجي خمر أوخلّ، فإنّ الحرام ـ وهو الخمر ـ معلوم لا بعينه، فلا يجب الاجتناب حينئذٍ بلهو حلال، وهذا التعبير لا ينطبق إلاّ على الشبهة الموضوعيّة كما عرفت.

نعم، ذكر اُستاذنا السيّد الإمام قدس‏سره (2) بأنّه يمكن منع قرينيّة كلمة «بعينه»وذلك بجعلها تأكيداً للعلم والمعرفة لا للحرام، فيكون كناية عن وقوف المكلّفعلى الأحكام وقوفاً علميّاً لا يشوبه شكّ، وعليه فيتمّ الاستدلال بالحديث فيالشبهات الحكميّة.

ولكن قد عرفت أنّ الظاهر من الكلام أنّه احتراز عن العلم بالحرام لبعينه لا تأكيداً للمعرفة، خصوصاً مع اشتمال لفظ «بعينه» على الضمير الراجعإلى الحرام لا إلى المعرفة.


  • (1) الوسائل 17: 89، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4.
  • (2) كفاية الاُصول 2: 175.
  • (3) تهذيب الاُصول 2: 175.