جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 31)

ثمّ أشكل عليهما بقوله: ولا يخفى عليك ما في كلتي المقدّمتين من المنع، أمّا فيالاُولى فلأنّ المتعلّق هو الفعل الصادر عن إرادة واختيار، لا نفس الإرادةوالاختيار، فإنّ الإرادة والاختيار تكون مغفولاً عنها حين الفعل ولا يلتفتالفاعل إليها فلا يصلح لأن يتعلّق التكليف بها، فإذا كان متعلّق التكليف هوالشرب المتعلّق بالخمر الصادر عن إرادة واختيار فالمتجرّي لم يتعلّق شربهبالخمر.

وأمّا في الثانية فلأنّ الإرادة وإن كانت تنبعث عن العلم لكن لا بما أنّه علموصورة حاصلة في النفس، بل بما أنّه محرز للمعلوم، فالعلم يكون بالنسبة إلىكلّ من الإرادة والخمر طريقاً، بل العلم يكون في باب الإرادة من مقدّماتوجود الداعي، حيث إنّه تعلّق الإرادة بفعل شيء بداعي أنّه الشيء الكذائي،وهذا الداعي ينشأ عن العلم به، فدخله في الإرادة إنّما يكون على وجهالطريقيّة والكاشفيّة عن المراد، لا على وجه الصفتيّة والموضوعيّة.

ولكنّ المحقّق العراقي قدس‏سره (1) استشكل على مجموعة مقالته بأنّ بعد الاعترافبأنّ الخمر بوجوده الواقعي كان شرطاً للتكليف، فضمّ المقدّمة الاُخرى ـ أيدخالة العلم به في الانبعاث والإرادة ـ لا ينتج إلاّ فعليّة التكليف في ظرفالعلم المصادف لا المطلق، فاستنتاج هذه النتيجة ـ أي كون مفاد قوله: «لتشرب الخمر»: لا تختر شرب ما أحرزت أنّه خمرٌ ـ ينافي دخل الخمريّةالواقعيّة في شرط التكليف.

كما أنّ في جعل الاختيار والانبعاث تحت التكليف مسامحة اُخرى؛ إذ هذهباصطلاحه من الطوارئ اللاحقة للتكليف، فيلحق بالانقسامات اللاّحقة.

مضافاً إلى أنّ التكليف بشيء إذا كان من شأنه الدعوة فلا جرم يكون


  • (1) نهاية الأفكار 3: 31.
(صفحه32)

المدعو إليه عنواناً في طول عنوان المعروض وإن كان العنوانان متّحدين ذاتومنشئاً، فما هو المعروض لا يعقل أخذ الإرادة فيه ولو قيداً؛ لأنّ الإرادةالناشئة عن التكليف معلول التكليف، فكيف يكون قيد موضوعه؟! فما توهّمفي دفع المقدّمة الاُولى مندفع بهذا الكلام؛ إذ الفعل الصادر عن الإرادة الناشئةعن دعوة التكليف معلول التكليف لا معروضه، فلا محيص من تجريدالمعروض عن الإرادة رأساً، كما لا يخفى على الناظر الدقيق، وحينئذٍ هذالبرهان شاهد خروج الإرادة عن حيّز التكليف لا جهة الغفلة، كيف؟ وكثيرمّا نلتفت إلى إرادتنا حين الامتثال كما في العبادات، خصوصاً عند الإخطار فيالنيّة.

مع أنّ شمول الخطابات للعاصي والمتجرّي ببيان المحقّق النائيني قدس‏سره مستلزمللغويّة بحث التجرّي، مضافاً إلى اشتمال بعضها للتعليل، مثل: «لا تشرب الخمرلأنّه مسكر»، ومن المعلوم أنّ المسكريّة من شأن الخمر الواقعي، ومضافاً إلىاعتقاد العدليّة بتبعيّة الأوامر والنواهي للمصالح والمفاسد المتحقّقة في المتعلّق،ولاشكّ في تقوّمها بالواقعيّات لا بما قطع كونه خمراً ـ مثلاً ـ فلا طريق لإثباتالحرمة للتجرّي.

ثمّ إنّ المتجرّي بعدما لم يكن مشمولاً للخطابات الأوّليّة هل يمكن توجّهالخطاب إليه من الشارع باستناد القبح الفاعلي أم لا؟ وأشار المحقّق النائيني قدس‏سره إلى طريقين لإمكانه:

الأوّل: أن يقول: أيّها المتجرّي أو العالم المخالف علمه للواقع، يجب عليكالاجتناب عن معلوم الخمريّة.

ويرد عليه: أوّلاً: بأنّه لا يعقل؛ لأنّ الالتفات إلى العنوان الذي تعلّق بهالخطاب ممّا لابدّ منه، والمتجرّي لا يمكن أن يلتفت إلى أنّه متجرّ؛ لأنّه بمجرّد

(صفحه 33)

الالتفات يخرج عن كونه متجرّيّاً، فلا يمكن توجيه الخطاب على وجه يختصّبالقبح الفاعلي فقط.

وثانياً: أنّه لا موجب إلى هذا الاختصاص، فإنّ القبح الفاعلي مشترك بينالمصادفة للواقع والمخالفة، بل هو في صورة المصادفة أتمّ وأكمل، فلو كان القبحالفاعلي مناطاً للخطاب فلابدّ وأن يكون الخطاب على وجه يعمّ صورةالمصادفة والمخالفة.

ومن هنا أشار إلى الطريق الثاني بأن يتحقّق هنا مضافاً إلى الخطاب الأوّليالذي موضوعه العناوين الواقعيّة خطاب آخر على وجه يعمّ العاصيوالمتجرّي؛ بأن يقال: لا تشرب معلوم الخمريّة، ففي صورة إصابة القطعللواقع يتحقّق العصيان بالنسبة إلى الحكمين، وفي صورة عدم الإصابة يتحقّقالتجرّي بالنسبة إلى الخطاب الأوّل ويتحقّق العصيان بالنسبة إلى الخطابالثاني.

ثمّ استشكل عليه: أوّلاً: بأنّ الخطاب على هذا الوجه لا يمكن، لا لمكان أنّالعلم لا يكون ملتفتاً إليه غالباً، فإنّ العلم عين الالتفات ولايحتاج إلى التفاتآخر، فلو لم يمكن أخذ العلم موضوعاً في المقام فكيف يعقل أخذه موضوعلحكم آخر؟! فهذا لا يصلح أن يكون مانعاً لتوجيه الخطاب كذلك، كما ليصلح عدم ثبوت المصلحة والمفسدة في المتعلّق في صورة المخالفة لأن يكونمانعاً عن الخطاب بعدما كان القبح الفاعلي مناطاً للخطاب، بل المانع من ذلكهو لزوم اجتماع المثلين في نظر القاطع دائماً، وإن لم يلزم ذلك في الواقع؛ لأنّالنسبة بين حرمة الخمر الواقعي ومعلوم الخمريّة هي العموم من وجه وفيمادّة الاجتماع يتأكّد الحكمان، إلاّ أنّهما بالنسبة إلى المتجرّي عامّ وخاصّمطلق، فإنّه يرى دائماً علمه مطابقاً للواقع، ففي مادّة الاجتماع إمّا يكون اجتماع

(صفحه34)

المتضادّين أو المثلين.

وثانياً: بأنّه لو فرض أنّ للخمر حكماً ولمعلوم الخمريّة أيضاً حكماً،فبمجرّد العلم بخمريّة شيء يعلم بوجوب الاجتناب عنه، الذي فرض أنّهرتّب على ذات الخمر، فيكون هو المحرّك والباعث للاجتناب، والحكم الآخرالمترتّب على معلوم الخمريّة لا يصلح لأن يكون باعثاً ويلزم لغويّته، وليس لهمورداً آخر يمكن استقلاله في الباعثيّة.

وجواب الإشكال الأوّل: أنّ مقام الإنشاء وجعل الحكم لا يرتبط بمقامالامتثال كما مرّ في مسألة اجتماع الأمر والنهي، فإنّ متعلّق الأحكام في مقامالجعل عبارة عن الطبائع والماهيّات، ومقام الامتثال عبارة عن عالم الوجودالخارجي، ولذا قلنا بجواز الاجتماع في محلّه.

وفيما نحن فيه أيضاً لا منافاة بين الحكم بحرمة الخمر، والحكم بحرمة معلومالخمريّة في مقام الجعل والإنشاء؛ لكونهما عامّين من وجه، ومخالفة المكلّف فيمقام الامتثال وشربه معلوم الخمريّة بسوء الاختيار لا يرتبط بمقام الإنشاء،مع أنّ كون المكلّف متجرّياً لا يوجب تغيير النسبة بينهما، وهو أيضاً يعتقدبكون النسبة عامّين من وجه مع قطع النظر عن نفس هذه الواقعة، فلا يصحّالإشكال باجتماع المثلين.

وجواب الإشكال الثاني: أنّ إنشاء الحكم بحرمة معلوم الخمريّة يمكن أنيكون بداعي انبعاث العبد.

توضيح ذلك: أنّ غرض المولى عدم تحقّق المنهي عنه أصلاً، ولكنّه يلاحظعدم انبعاث العبد بحكم واحد وحرمة واحدة، وأمّا إذا تعدّد الحكم والعقابفيحصل له الانبعاث، فما ذكره من لغويّته وعدم ترتّب الأثر عليه ليسبصحيح، كما لا يخفى.

(صفحه 35)

واستدلّ صاحب الكفاية قدس‏سره (1) على عدم إمكان توجّه خطاب خاصّ إلىالمتجرّي بأنّ الخطاب بعنوان المتجرّي مستحيلٌ، وخطاب «لا تشرب معلومالخمريّة» وإن كان في نفسه صحيحاً، ولكنّه غير ملتفتٍ إليه، فإنّه يرى قطعهمطابقاً للواقع، ولذا يقول في مقام جواب: «ما ذا شربت؟» شربت الخمر، معأنّه لابدّ في الموضوع والمتعلّق من كونهما مورداً للالتفات.

وما ذكرناه عن المحقّق النائيني قدس‏سره من أنّ العلم عين الالتفات ولايحتاج إلىالتفات آخر... ناظر إلى الجواب عن صاحب الكفاية قدس‏سره .

والتحقيق: بعد تماميّة كلام النائيني قدس‏سره في الجملة: أنّ القطع ـ سواء كانموافقاً للواقع أو مخالفاً له ـ لا استقلال له وجداناً، بل يكون طريقاً وآلةً إلىالواقع، والآلة تكون مغفولاً عنها نوعاً.

ولكنّ الالتفات إلى العناوين الغير الملتفتة قد يكون مستلزماً لزوال هذهالعناوين، مثل: عنوان النسيان والتجرّي ونحو ذلك، وقد لا يكون كذلك، مثل:عنوان العلم؛ إذ العلم عين الالتفات، ولذا يقول المتجرّي في جواب سؤال: «مذا شربت؟»: شربت الخمر عن علمٍ وعمدٍ، فيلاحظه استقلالاً.

والحاصل: أنّ طريق حرمة التجرّي منحصر بثلاثة طرق:

الأوّل: توجيه الخطاب إلى نفس عنوان التجرّي، وقد عرفت أنّه ليسبصحيح؛ إذ لابدّ في كلّ المحرّمات من إحراز الموضوع، وهو هنا مستلزم لزوالالموضوع.

الطريق الثاني: ما ذكره المحقّق النائيني قدس‏سره وهو: أن يكون الخطاب بنحو يعمّالعاصي والمتجرّي، كقوله: «لاتشرب معلوم الخمريّة» وقد مرّ عن المحقّقالنائيني قدس‏سره (2) أنّه لغو بعد تحقّق الخطاب الأوّلي، أي «لا تشرب الخمر».


  • (1) كفاية الاُصول 2: 13.