جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 39)

العنوان الخامس الذي يصلح للمناطيّة: هو مخالفة تكليف عن علمٍ وعمدٍواختيار، ولا يفيد إضافة هذا القيد إلى العنوان الرابع؛ لعدم شموله للنواهيالاختياريّة؛ إذ لا مفسدة في متعلّقها أصلاً، كما ذكره اُستاذنا السيّدالبروجردي قدس‏سره .

وهذا العنوان ممّا يصلح للمناطيّة بنظر العقل كما يشهد به الوجدان وعليهآراء العقلاء، فمخالفة تكليف المولى عن عمدٍ والتفات ملاك لاستحقاقالعقوبة، سواء كان التكليف ناشئاً عن المصلحة أو المفسدة في المتعلّق، أم صدرلأغراض اُخر ولكنّه مختصٌّ بالمعصية.

العنوان السادس الذي يمكن أن يكون الملاك: هو الطغيان على المولىوهتك حرمته والخروج عن رسم العبوديّة وإن كان العاصي والمتجرّيمشتركين فيه، ولكن لا يمكن جعله مناطاً مستقلاًّ لاستحقاق العقوبة، فإنّهمستلزمٌ لتعدّد العقوبة على معصية واحدة بعد فرض كون العنوان الخامسملاكاً بنظر العقل والعقلاء، ففي معصية واحدة يتحقّق الملاكان ويترتّب عليهمعقابان، مع أنّه ليس بصحيح، كما ذكرناه في مقدّمة البحث.

فالمستفاد ممّا ذكرناه أنّ ما يصلح للمناطيّة هو العنوان الخامس الذييختصّ بالمعصية الواقعيّة، وبهذا يظهر ضعف ما ذكره المحقّق الإصفهاني قدس‏سره ، فإنّعدم صلاحية العنوان الرابع للملاكيّة لا يستلزم لأن يكون العنوان السادسملاكاً للعقاب، فلا يتحقّق في التجرّي مناطاً لاستحقاق العقوبة كعدم تحقّقالحرمة الشرعيّة فيه.

ولكنّ القائلين باستحقاق العقوبة في التجرّي اختاروا طرقاً متعدّدة للتفصّيمن تعدّد العقوبة في معصية واحدة، وقال المحقّق العراقي قدس‏سره (1): إنّ الملاك


  • (1) نهاية الأفكار 2: 31.
(صفحه40)

لاستحقاق العقوبة هو الطغيان على المولى والجرأة عليه، وهذه جهة مشتركةبين العاصي والمتجرّي، بلا فرق بينهما حتّى في الشدّة والضعف والنقصوالكمال، فكما أنّ العاصي يكون طاغياً على المولى وخارجاً عن رسمالعبوديّة، كذلك المتجرّي يكون طاغياً عليه، فلا مجال لتعدّد العقوبة فيالمعصية.

ولكن بعد مراجعة الوجدان يتّضح كمال الفرق بين العاصي والمتجرّي كمذكرناه، وهذا يقتضي عدم تحقّق العقوبة في التجري أو تعدّدها في المعصية.

وقال صاحب الفصول قدس‏سره (1) بتداخل العقابين في المعصية.

وأجاب عنه الشيخ الأعظم الأنصاري قدس‏سره (2) بأنّه إن اُريد بتداخل العقابينوحدة العقاب فلا وجه له، مع كون التجرّي عنواناً مستقلاًّ في استحقاقالعقاب؛ لأنّه ترجيح بلا مرجّح.

وإن اُريد عقاب زائد على عقاب محض التجرّي فهذا ليس تداخلاً؛ لأنّ كلّفعل اجتمع فيه عنوانان من القبح يزيد على ما كان فيه أحدهما.

والتحقيق في المسألة: أنّ التجرّي بالمعنى الاصطلاحي لا يكون قابلللاجتماع مع المعصية؛ إذ العمل الخارجي إمّا يكون تجرّياً، وإمّا يكون معصية،فينتفي موضوع مسألة التداخل، ولا تصل النوبة إلى البحث من أنّ المقصودمن التداخل ما هو، فعلى فرض مناطيّة الطغيان لاستحقاق العقوبة يكونلكليهما عنوانان مستقلاّن للعقاب، ولايمكن اجتماعهما في مورد، فلا مجال لهذالبحث، من دون فرق بين القول باستحقاق العقوبة في باب التجرّي وعدمه.

ولا وجه لكون الفعل المتجرّى به موجباً لاستحقاق العقوبة؛ إذ لا قبح فيه،


  • (1) الفصول الغروية: 89.
  • (2) الرسائل: 7.
(صفحه 41)

والاعتقاد المخالف للواقع لا يوجب تبديل عنوان حسنه بعنوان القبح؛ لعدمتأثير جهل المكلّف وخطأه الاعتقادي في الواقعيّة الخارجيّة عقلاً، ولا نرىوقوع مقطوع الخمريّة منهيّ عنه في الأدلّة، وبالتالي لا يكون حراماً، فلا دليلعلى استحقاق العقوبة في الفعل المتجرّى به بعد ما لم يكن قبيحاً ولا محرّماً.

ولكن ذكر صاحب الكفاية قدس‏سره (1) دليلاً آخر لعدم القبح والحرمة واستحقاقالعقوبة فيه، وهو: أنّ الفعل المتجرّى به بما هو مقطوع الحرمة لايكوناختياريّاً، فإنّ القاطع لا يقصده إلاّ بما قطع أنّه عليه من عنوانه الواقعيالاستقلالي ـ كعنوان الخمريّة ـ لا بعنوانه الطارئ الآلي ـ أي عنوان مقطوعالخمريّة ـ بل لا يكون غالباً بهذا العنوان ممّا يلتفت إليه، فكيف يكون منجهات الحُسن أو القبح عقلاً ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعاً معكونه مغفولاً عنه؟! ولا يكاد تكون صفة موجبة لذلك إلاّ إذا كانت اختياريّة.

ثمّ ذكر في ذيل كلامه بعد القول بعدم إراديّة الإرادة وذاتيّة الكفر والعصيانوعدم اختياريّة السعادة والشقاوة، أنّه لم يصدر من المتجرّي فعل اختياري،فإنّ ما أراده من شرب الخمر لم يتحقّق في الخارج، وما تحقّق فيه من شربالماء لم يكن مقصوداً له.

ونصّ كلامه أنّه: بل عدم صدور فعل منه في بعض أفراده بالاختيار ـ كمفي التجرّي ـ بارتكاب ما قطع أنّه من مصاديق الحرام، فلا معنى للحكم بقبحالفعل المتجرّى به، أو حرمته أو استحقاق العقوبة عليه.

ولكن لاشكّ في بطلان هذا الكلام؛ إذ الوجدان حاكم بأنّه ليس كالمكره؛لصدور شرب المائع عنه عن اختيار، وإن لم يصدر شرب الماء منه اختياراً،ولازم كلامه قدس‏سره عدم بطلان الصوم من شرب مقطوع الخمريّة إذا كان في الواقع


  • (1) حاشية الرسائل: 13، كفاية الاُصول 2: 14 ـ 16.
(صفحه42)

ماءً؛ لعدم صدور أيّ فعلٍ اختياري منه، وهذا ليس قابلاً للالتزام، فلايصحّهذا الاستدلال.

والحاصل: أنّه لا يتحقّق في الفعل المتجرّى به جهة مقبّحة، ولا يدلّ دليلعلى حرمته الشرعيّة، ولا محالة تنتفي مسألة استحقاق العقوبة.

إلى هنا تمّ البحث في باب التجرّي، وجميع ما ذكرناه فيه يجري في بابالانقياد أيضاً، طابق النعل بالنعل.

(صفحه 43)

الإرادة اختياريّة أم لا؟

الإرادة اختياريّة أم لا؟

ثمّ إنّ صاحب الكفاية قدس‏سره (1) قد تعرّض لمسألة الإرادة وعدم إراديّتها، ولابدّلنا من ذكرها إجمالاً، ونقول: الكلام هنا يقع في مسائل:

الاُولى: أنّه تتحقّق هنا قاعدة كلّية، وهي: أنّ كلّ فعلٍ اختياريّ ـ سواءكان من الأفعال الجوارحيّة أم الجوانحيّة ـ لابدّ وأن يكون مسبوقاً بالإرادةوالاختيار.

ثمّ وقع البحث في نفس الإرادة من حيث كونها اختياريّة أم لا، والالتزامبعدم اختياريّتها مستلزم لعدم اختياريّة أساس جميع الأفعال الاختياريّة،فلامجال لترتّب الآثار من الثواب والعقاب عليها؛ إذ كيف يمكن تعلّق التكليفبما كان أساسه اضطراريّاً، فلا يمكن القول بعدم اختياريّة الإرادة.

وإن قلنا باختياريّتها فتحتاج إلى إرادة اُخرى؛ إذ لابدّ في كلّ فعلاختياري أن يكون مسبوقاً بالإرادة، وينقل الكلام إلى الإرادة الثانية، وهي إنكانت اختياريّة تحتاج إلى إرادة اُخرى للقاعدة المذكورة، فإن كانت هذهالإرادة هي الاُولى لزم الدور، وإن كانت إرادة ثالثة فيلزم التسلسل إلى ما لنهاية، بعد عدم إمكان الالتزام باضطراريّة الإرادة الثانية كالاُولى؛ إذ لا يبقىمجال لاستحقاق العقوبة على المخالفة واستحقاق المثوبة على الموافقة.


  • (1) كفاية الاُصول 2: 14.