المجعول الواقعي ـ وهو المركّب التامّ ـ يكون ثابتا لكلّ أحد، ولكن نسيانالحكم أو الغفلة عنه أو القطع بعدمه بالجهل المركّب صار سببا لحدوثمصلحة في المركّب الناقص على حدّ المصلحة في التامّ، فيكون الإتيان به فيتلك الحالة مجزيا عن الواقع، فيصحّ إطلاق التماميّة في مقام الامتثال علىالناقص المأتي به، وهذا الإحتمال مضافا إلى ظهور كونه خلاف الإجماع ينافيهبعض الأخبار أيضا.
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ الأقسام المتوهّم دخولها في عموم الصحيحة بعضهخارج عن مصبّ الرواية، وبعضها خارج من جهة اُخرى، ولا يبقى فيه إلالسهو والنسيان والجهل المركّب بالنسبة إلى الموضوع(1). إنتهى ملخّص موضعالحاجة من كلامه زيد في علوّ مقامه.
ويرد على ما ذكره في المقدّمة الاُولى: منع ظهور الحديث في الصحّةالواقعيّة، وكون الناقص مصداقا واقعيّا للصلاة المأمور بها، وذلك لاشتمالالحديث على التعليل بأنّ القراءة سنّة، والتشهّد سنّة، والسنّة لاتنقضالفريضة، ومعنى السنّة هنا هو ما ثبت وجوبه بعمل النبيّ صلىاللهعليهوآله وهذا التعليلظاهر في أن الصلاة الفاقدة لمثل القراءة أو التشهّد وإن كانت ناقصة من جهةفقدانـها لبعض السنن المعتبرة فيها أو جميعها، إلاّ أنّه لايجب إعادتها مع ذلك،لأنّ السنّة لاتصلح لنقض الفريضة، فهي مع كونها ناقصة إلاّ أنّه لايمكنإعادتها تامّة.
وحينئذ فلا يلزم من شمول الحديث للجاهل أو للناسي بالحكم التصويبالغير المعقول ولا التصويب الذي أجمع على خلافه؛ لأنّ المفروض كونصلاتهما ناقصة فاقدة لبعض الأجزاء المعتبرة فيها في جميع الحالات.
نعم، ما أفاده في المقدّمة الثانية من عدم شمول الحديث للعامد الملتفتوعدم إمكان كونه مستندا لجواز الدخول في الصلاة حقّ لاشبهة فيه.
وبالجملة، فالظاهر أنّه لا مانع من شمول الحديث لجميع الأقسام بالنسبةإلى من دخل في الصلاة على وفق القواعد الاُخر التي جوّزت له الدخول فيالصلاة.
نعم، قد ادّعي الإجماع على خروج الجاهل المقصّر في الحكم عن الحديث،ولكن لميثبت الإجماع، ومع ذلك الراجح عندنا خروجه؛ إذ يتحقّق الشكّ فيإمكان قصد الامتثال والقربة من الجاهل بالعمل الفاقد للجزء، مع احتمالجزئيّته وإمكان إحراز الواقع بالسؤال، كما ذكرنا في العالم العامد.
الثالثة: في شمول الحديث للزيادة أو اختصاصه بالنقيصة
وقد يقال بإمكان أن تدخل الزيادة في المستثنى منه؛ لأنّها نقيصة في الصلاةمن جهة اعتبار عدمها فيها، فمرجعه إلى أنّ كلّ نقيصة تدخل في الصلاة، سواءكان من جهة عدم الإتيان بجزء أم قيد، وجودي أو عدمي، فلا يضرّ بالصلاةإلاّ من نقص الخمسة المذكورة، فيكون زيادة الركوع والسجود داخلة فيالمستثنى منه.
هذا، ولكن لا يخفى أنّ المتفاهم بنظر العرف هو دخول الزيادة في كلتالجملتين، وكون مرجع إخلال الزيادة إلى النقصان المأمور به بسببها لايوجبأن يكون كذلك بنظر العرف أيضا وإن كان كذلك عند العقل، فالزيادة في نظرالعرف مضرّة بما أنّها زيادة، لا بما أنّ مرجعها إلى النقيصة، فالإنصاف شمولالحديث للزيادة في كلتا الجملتين.
ودعوى: أنّ مثل الوقت والقبلة المذكورين في جملة الاُمور الخمسة لاتعقلفيه الزيادة، فلابدّ من كون المراد من الحديث هي صورة النقيصة.
(صفحه 489)
مدفوعة؛ بأنّ عدم تعقّل الزيادة في مثلها لايوجب اختصاص الحديثبصورة النقيصة بعد كون الظاهر منه عند العرف هو عدم وجوب الإعادة منقبل شيء من الأجزاء والشرائط، زيادة أو نقصانا، إلاّ من قبل تلك الاُمورالخمسة كذلك، كما هو واضح.
فاتّضح من جميع ما ذكرنا أنّ الحديث لا يشمل العمد، ولا يختصّ بناسيالموضوع ولا بالنقيصة.
النسبة بين حديثي «لا تعاد» و«من زاد»:
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ النسبة بين حديث «لا تعاد» ـ بناء على ما ذكرنفي بيان مدلوله ـ وبين قوله عليهالسلام في رواية أبيبصير المتقدّمة: «من زاد في صلاتهفعليه الإعادة»(1) هي العموم من وجه لو قلنا بأنّ المستثنى والمستثنى منه فيالحديث جملتان مستقلّتان، لابدّ من ملاحظة كلّ واحدة منهما مع غيرها؛ لأنّهيصير المستثنى منه بعد ورود الاستثناء عليه مختصّا بغير الاُمور الخمسةالمذكورة في المستثنى، فمقتضاه حينئذ عدم الإعادة من ناحية غير تلك الاُمور،بلافرق بين الزيادة والنقصان.
وقوله: «من زاد في صلاته» وإن كان منحصرا بخصوص الزيادة، إلاّ أنّهيشمل زيادة الركن وغيره عمدا أو سهوا، فيجتمعان في زيادة غير الركنسهوا أو جهلاً مركّبا، ويفترقان في نقيصة غيرالركن وفي زيادة غير الركنعمدا أو زيادة الركن سهوا.
هذا، ولو قلنا بأنّ المستثنى والمستثنى منه مرجعهما إلى جملة واحدة وقضيّةمردّدة المحمول أو ذات محمولين، فتصير النسبة بين الحديث وبين قوله: «منزاد» العموم من وجه أيضا؛ لأنّ «من زاد» يشمل العمد والسهو معا، ويختصّ
- (1) وسائل الشيعة 8 : 231، الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 2.