جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة النجاسات
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 309)

من كان مثل المشرك في صحّة إطلاق النجاسة والقذارة عليه ولم يثبت له مثل فيما نحن بصدده من النجاسات التي يراد إدخالها في المسجد.

والإنصاف: إنّ هذه المناقشة لا مفرّ عنها أصلاً، وامّا المناقشة الثانية فالجواب عنها واضح ضرورة انّ المتبادر من الآية كون سبب المنع نجاستهم ذاتاً لا تنجيسهم للمسجد الذي قد يتّفق أحياناً. وبعبارة اُخرى المستفاد منها كون السبب هي الجهة الموجودة في ذات المشرك بما هو مشرك لا أمراً عرضياً ربّما يتّفق نوعاً أو أحياناً فهذه المناقشة واضحة المنع كما انّ المناقشة الاُولى أيضاً كذلك لما عرفت في أوائل مباحث النجاسات من انّ النجاسة والقذارة لها مصداقان أحدهما حقيقي وهو الذي يكون قذراً عند العرف والعقلاء وثانيهما اعتباري جعلي وهو الذي لا يستقذره الناس لو خليت طباعهم وأنفسها وقد ألحق هذا المصداق الشارع بالقسم الأوّل موضوعاً واعتبر القذارة والنجاسة له كذلك ونجاسة المشرك المجعولة في الآية من هذا القبيل ولا مجال لدعوى كونها بالمعنى العرفي بعد عدم ثبوت القذارة له عند العرف أصلاً والحمل على القذارة المعنوية يحتاج إلى ارتكاب خلاف الظاهر.

الأمر الثاني: النبوي المرسل: «جنّبوا مساجدكم النجاسة» فانّ ظهور الاعمر في الوجوب وظهور المساجد في الأمكنة المعهودة المعروفة عند المتشرّعة المعدّة للعبادة والصلاة دون مساجد الجبهة أو المواضع السبعة وكذا ظهور النجاسة في النجاسة المصطلح عليها ممّا لا تنبغي المناقشة فيه أصلاً فمقتضاه ـ حينئذ ـ لزوم إيجاد التباعد والتفاصل بين المسجد والنجاسة فلا يجوز إدخالها فيه ولو لم تكن متعدّية.

ولكن يرد على الاستدلال به ـ مضافاً إلى إرسال الرواية بحيث نقلها صاحب الوسائل (قدس سره) عن جماعة من أصحابنا في كتب الاستدلال المشتملة على النقل بهذا

(الصفحة 310)

النحو ـ انّ المتبادر من الأمر بالتجنيب هو كون المراد حفظ المساجد عن أن تتنجّس ومراقبتها من أن تتلوّث بالنجاسة، فغاية مفاده النهي عن تنجيس المساجد ولا دلالة له على حرمة إدخال النجاسة غير المتعدية التي هي المفروض في المسألة.

وبعبارة اُخرى الاستدلال بالنبوي يبتني على أن يكون المراد بالنجاسة هي الأعيان النجسة التي تطلق عليها النجاسة أحياناً مسامحة وتجوّزاً من باب زيد عدل كما عرفت نظيره في الأمر الأوّل في إطلاق النجس ـ بالفتح ـ على المشركين في الآية الشريفة، وامّا لو كان المراد بها هي النجاسة المصدرية فمفاده ما ذكرنا من دلالته على حرمة التنجيس الخارج عن محلّ البحث وهذا الاحتمال لو لم تكن الرواية ظاهرة فيه كما هو الظاهر لا تكون ظاهرة في غيره الذي يبتنى عليه الاستدلال.

وقد تحصّل ممّا ذكرنا انّه لم ينهض الدليل لإثبات حرمة إدخال النجاسة في المسجد فالأظهر هو الجواز كما ذهب إليه كثير من المتأخّرين بل لعلّه هو المشهور بينهم ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى الأصل بعد عدم قيام الدليل على الحرمة ـ الروايات الدالّة على جواز مرور الحائض والجنب مجتازين في المساجد وحملها على كون المراد بيان الجواز من حيث حدثي الحيض والجنابة ودفع التوهّم من ناحيتهما مدفوع بغلبة مصاحبتهما للنجاسة خصوصاً في مثل الحائض التي لا تتصدّى للتطهير نوعاً قبل تمامية الحيض، ومثله ما دلّ على جواز دخول المستحاضة في المسجد من الروايات التي منها موثقة عبد الرّحمن التي وقع فيها السؤال عن المستحاضة وانّه أيطأها زوجها وهل تطوف بالبيت؟ إلى أن قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): فإن ظهر ـ أي الدم ـ على الكرسف فلتغتسل ثمّ تضع كرسفاً آخر ثمّ

(الصفحة 311)

تصلّي فإذا كان دماً سائلاً فلتؤخّر الصلاة إلى الصلاة ثمّ تصلّي صلاتين بغسل واحد، وكل شيء استحلّت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت. ولا وجه لتوهّم الاختصاص بالطواف الواجب لأجل الضرورة بعد إطلاق السؤال وشموله للطواف المندوب أيضاَ فمفادها جواز دخول المستحاضة المسجد الحرام والطواف بالبيت وإن كانت مستحاضة كثيرة ودمها سائلاً.

هذا مضافاً إلى استقرار السيرة خلفاً عن سلف على دخول من كان على بدنه قرح أو جرح المساجد لحضور الجماعات ونحوه وكذلك من كان بدنه أو ثيابه متنجّساً بغير دم القروح والجروح أيضاً كذلك استقرّت السيرة على عدم منع دخول الأطفال المساجد مع العلم بنجاستهم غالباً لأنّهم لا يستنجون ولا يتطهّرون غالباً وعليه فلا يبقى مجال للإشكال في جواز إدخال النجاسة فضلاً عن المتنجّس في المسجد. نعم يمكن أن يقال بانّ إدخال نفس النجاسة لعلّه لا يخلو عن الهتك إذا لم يكن هناك غرض عقلائي وضرورة عرفية وقد عرفت انّ صورة الهتك خارجة عن محلّ الكلام لأنّه لا مجال للإشكال في الحرمة فيها.

والمستفاد من المتن أيضاً الجواز حيث اقتصر فيه على وجوب الإزالة وحرمة التنجيس ولم يتعرّض لتحريم الإدخال أصلاً.

المقام الرابع: في أنّه يلحق بالمساجد في الحكمين المذكورين ـ وجوب الإزالة وحرمة التنجيس ـ المشاهد المشرّفة والضرائح المقدّسة وكل ما علم من الشرع وجوب تعظيمه على وجه ينافيه التنجيس كالتربة الحسينية بل وتربة الرسول وسائر الأئمّة (عليهم السلام) والمصحف الكريم حتّى جلده وغلاه بل وكتب الأحاديث عن النبي أو الأئمّة ـ صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ـ مع الهتك على الأقوى في جميعها وبدونه أيضاً في بعضها على ما وقع به التصريح في المتن. ولكنّه أفاد السيّد (قدس سره)في

(الصفحة 312)

«العروة» انّ المشاهد المشرّفة كالمساجد في حرمة التنجيس بل وجوب الإزالة إذا كان تركها هتكاً بل مطلقاً على الأحوط لكن الأقوى عدم وجوبها مع عدمه ويظهر منه التفكيك في المشاهد بين حرمة التنجيس ووجوب الإزالة بثبوت الأولى مطلقاً والثاني في خصوص صورة الهتك وقد تصدّب بعض الأعلام في الشرح لتوجيهه بما يرجع إلى انّ حرمة تنجيس المشاهد لا تكون من جهة تبعيتها للمساجد بل هي ثابتة ولو لم يكن تنجيس المساجد محرماً وذلك لأنّها ـ بما تشتمل عليه من آلاتها وأسبابها ـ امّا أن تكون ملكاً للإمام قد وقفت لأن يزار فيها وامّا أن تكون ملكاً للمسلمين قد وقفت لأن يكون مزاراً لهم ولوحظ في وقفها نظافتها وطهارتها والوقوف حسب ما يقفها أهلها فالتصرّف فيها في غير الجهة الموقوفة لأجلها محرّم شرعاً. نعم التنجيس فيما لا تنافي نجاسته جهة الوقف ممّا لا محذور فيه كالخانات الموقوفة للزوّار والمسافرين في مسيرهم وعليه فحرمة التنجيس في المشاهد على القاعدة ولا تحتاج إلى دليل كالمساجد.

وامّا وجوب الإزالة فيما إذا لم يكن بقاء النجاسة فيها مستلزماً للهتك فلم يقم عليه دليل وتعظيم شعائر الله لا دليل على وجوبه على إطلاقه ولا يمكن الالتزام بوجوبه بما له من المراتب وإلاّ يلزم وجوب إزالة القذارات الصورية أيضاً.

ويرد عليه ـ مضافاً إلى عدم جريان ما أفاده من الدليل في مثل الصفا والمروة اللذين هما من شعائر الله والمشاهد المشرّفة إذا لم يكن التنجيس في مورد موجباً للهتك لعدم كون مثلهما من مصاديق: الوقوف على حسب ما يقفها أهلها وإلى انّه لم يعلم كون الطهارة والنظافة ملحوظة للواقف أصلاً ـ انّه على تقدير الملاحظة لا سبيل إلى إثبات حرمة التنجيس بعنوانه الذي هو ظاهر المدعى فانّ الوقوف على حسب ما يقفها أهلها انّما يقتضي وجوب رعاية الجهات الملحوظة للواقف

(الصفحة 313)

المنظورة له، وامّا حرمة الجهات المخالفة فلا يقتضيه سيّما إذا اُريد إثبات الحرمة للجهة المخالفة بعنوانها لا بعنوان المخالفة للجهة الملحوظة كما عرفت انّه ظاهر المدعى.

وبعبارة اُخرى الظاهر انّ المراد حرمة التنجيس بعنوانه المغاير للاحترام والتعظيم والدليل لا يفي بإثبات ذلك، مع انّ الحرمة لو كانت من الجهة المذكورة لكان مقتضاها وجوب الإزالة أيضاً فانّه كما تجب رعاية الجهات الملحوظة للواقف كذلك تجب إعادتها على تقدير المخالفة ولو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرورة انّه كما انّ احداث النجاسة مخالف لنظر الواقف كذلك إبقائها بعد حدوثها فاللازم سدّ باب الإبقاء أيضاً ولو بالإزالة فتدبّر. فالإنصاف انّ ما أفاده لا يرجع إلى محصّل وانّ التفصيل بين الحكمين ممّا ليس إليه سبيل بل الظاهر ثبوت الحكمين في خصوص ما إذا تحقّق الهتك والإهانة لعدم وجود الدليل على أزيد من ذلك فانّ القدر المتيقّن من التعظيم الواجب الذي علم من الدين ثبوته ومنافاته للنجاسة انّما هو ما إذا كان تركه محقّقاً للإهانة والاستخفاف، وامّا إذا لم يكن كذلك فلم يثبت وجوبه. هذا كلّه بالإضافة إلى غير المصحف.

وامّا المصحف الكريم الذي هو أساس الدين وأكبر الأمرين اللذين تركهما النبي في المسلمين حينما اختار لقاء ربّ العالمين فلا إشكال في وجوب إزالة النجاسة عن ورقه وخطّه بل عن جلده وغلافه فيما إذا كان بقاء النجاسة فيه مستلزماً للهتك وموجباً للمهانة وكذلك لا إشكال في حرمة التنجيس في هذه الصورة بعد العلم بكونه أكمل الكتب السماوية وهتكه هتك الله سبحانه بل مطلق الهتك بالإضافة إليه محرم ولو لم يكن بالتنجيس أو ترك الإزالة بل ربّما يبلغ إلى حدّ الكفر والارتداد كما لا يخفى.