(الصفحة 411)
التي كانت باختياره وإرادته. نعم لو اخبر المملوك بنجاسة ثوبه أو غيره ممّا في يده وتحت سلطانه واستيلائه يكون قوله معتبراً، كما انّك عرفت اعتبار قول المملوكة بالإضافة إلى ثياب المولى أيضاً. نعم لو أقرّ المولى بكون العبد أو ثوبه لزيد ـ مثلاً ـ فمقتضى جواز إقرار العقلاء على أنفسهم نفوذ هذا الإقرار وثبوت العبد أو ثوبه لزيد المقرّ له به، ولكن الإقرار غير الإخبار بالنجاسة والملاك فيهما مختلف وإن كان يظهر من بعض الأعلام تبعاً للمحقّق الهمداني (قدس سره) فيما لو اخبر ذو اليد بنجاسة ما كان في يده بعد خروجه عن يده المناقشة في ترتيب الأثر عليه ـ حينئذ ـ نظراً إلى عدم إحراز سيرة العقلاء على قبول قوله في أمثال المقام واحتمال أن تكون السيرة هي مدرك القاعدة المعروفة: «من ملك شيئاً ملك الإقرار به» حيث إنّه يكشف عن انّ اعتبار قول ذي اليد يدور مدار ملكه واستيلائه ومع انتفائهما لا ينفذ قوله ولا يعتمد عليه قال: «وقد يدعى قيام السيرة على قبول خبره في المقام وبالأخص فيما إذا كان اخباره قريباً من زمان استيلائه كما إذا باع ثوباً من أحد وبعد تسليمه إليه اخبر عن نجاسته، ولا يمكن المساعدة على هذا المعنى لأنّ سيرة العقلاء وإن جرت على قبول اخبار البائع عن نجاسة المبيع إلاّ انّ المستكشف بذلك ليس هو اعتبار قول ذي اليد بعد انقطاع سلطنته ويده وانّما المستكشف هو اعتبار خبر الموثق في الموضوعات الخارجية كما هو معتبر في الأحكام، والذي يدلّنا على ذلك انّ البائع في مفروض المثال لا يعتمد على اخباره عن نجاسة المبيع فيما إذا لم تثبت وثاقته عند المشتري لاحتمال انّ البائع يريد أن يصل بذلك إلى غرضه وهو فسخ المعاملة حيث يبدي للمشتري نجاسته حتّى يرغب عن تملّكه وإبقائه، ومع هذا الاحتمال لا يعتمد على اخباره عند العقلاء».
وأنت خبير بعدم ارتباط قاعدة «من ملك» بالمقام أصلاً وذلك لما عرفت من
(الصفحة 412)
اعتبار إقرار المولى ونفوذه بالإضافة إلى متعلّقات مملوكه وعدم اعتبار اخباره بنجاستها، كما انّ إقرار المملوكة لا تنفذ بالنسبة إلى ثياب المولى ولكن إخبارها بنجاستها معتبر بلا إشكال فالإقرار لا يرتبط بالاخبار في المقام بوجه فلا مجال لاحتمال كون السيرة هنا هي مدرك القاعدة المعروفة، وامّا السيرة القائمة على اعتبار قول البائع واخباره بنجاسة المبيع بعد تحقّق البيع فالظاهر انّها هي السيرة المتحقّقة في المقام التي يكون موضوعها اخبار ذي اليد أعمّ ممّا إذا كان موثقاً لا السيرة القائمة على اعتبار خبر الموثق في الموضوعات الخارجية والوجه في ذلك مضافاً إلى ما عرفت من عدم اعتبار تلك السيرة وعدم حجّية قول الواحد في الموضوعات وإن كان عادلاً فضلاً عمّا إذا كان موثقاً وضوح وجود الفرق بين البائع وغيره في الاخبار بنجاسة المبيع ولو كان المدرك ما أفاده لم يكن فرق بينهما أصلاً .
(الصفحة 413)
مسألة 7 ـ لو كان شيء بيد شخصين كالشريكين يسمع قول كلّ منهما في نجاسته، ولو أخبر أحدهما بنجاسته والآخر بطهارته تساقطا، كما انّ البيّنة تسقط عند التعارض، وتقدّم على قول ذي اليد عند التعارض، هذا كلّه لو لم يكن اخبار أحد الشريكين أو إحدى البيّنتين مستنداً إلى الأصل والآخر إلى الوجدان، وإلاّ فيقدّم ما هو مستند إلى الوجدان، فلو أخبر أحد الشريكين بالطهارة أو النجاسة مستنداً إلى أصل والآخر أخبر بخلافه مستنداً إلى الوجدان يقدّم الثاني، وكذا الحال في البيّنة، وكذا لا تقدّم البيّنة المستندة إلى الأصل على قول ذي اليد 1.
1 ـ في هذه المسألة فروع:
1 ـ لو كان شيء بيد شخصين أو أزيد كالشريكين أو الشركاء فهل يسمع قول كلّ واحد منهما أو منهم في نجاسته أم لا؟ الظاهر نعم لاتّصاف الجميع بكونه صاحب اليد واتّصاف الشيء بكونه تحت استيلاء الجميع وإن شئت قلت: ثبوت السيرة العقلائية القائمة على ترتيب الأثر على قول ذي اليد في هذه الصورة أيضاً كما يظهر بمراجعة العقلاء في ذلك.
2 ـ لو اختلف الشريكان في الاخبار بالنجاسة فأخبر أحدهما بثبوتها والآخر بالطهارة فتارة يكون مستند كليهما الأصل والاُخرى الوجدان وثالثة يكون الاختلاف في المستند أيضاً ففي الأوّلين يتساقطان لعدم إمكان اتّصاف كلّ منهما بالحجّية بعد ثبوت التضادّ أو التناقض بين مدلولهما ولا مرجح لأحدهما على الآخر فلا مناص من التساقط وفي الأخير يكون الترجيح مع ما يكون مستنداً إلى الوجدان لأنّ الوجدان لا يكاد يزاحمه الأصل في الحقيقة لا تعارض في البين لأنّ المخبر الذي يكون مستنده الأصل معترف بكونه شاكّاً. غاية الأمر انّ الحكم الظاهري الثابت في مورد الشكّ كقاعدة الطهارة أوجب الحكم بالطهارة مثلاً، وامّا
(الصفحة 414)
المخبر الذي يكون مستنده الوجدان يدعى العلم بكون الواقع مطابقاً لما أخبر به ومن الواضح عدم ثبوت المنافاة بين الشكّ من أحد وبين العلم من آخر فتدبّر.
3 ـ لو وقع التعارض بين البيّنتين فقامت واحدة منهما على النجاسة والاُخرى على الطهارة فتارة يكون مستند كليهما الأصل، واُخرى الوجدان وثالثة يكون الاختلاف في المستند أيضاً والحكم فيه ما ذكر في الفرع الثاني من التساقط في الفرضين وتقدّم ما يكون مستنداً إلى الوجدان في الفرض الأخير.
4 ـ لو وقع التعارض بين البيّنة وبين قول ذي اليد فقد حكم في المتن أولاً بتقدّم البيّنة عليه واستثنى من ذلك في الذيل ما لو كانت البيّنة مستندة إلى الأصل وظاهره عدم ثبوت التعارض والتساقط ـ حينئذ ـ بل يقدّم قول ذي اليد على البيّنة بعكس ما اُفيد أولاً.
أقول: امّا وجه تقدّم البيّنة بنحو الإجمال على قول ذي اليد انّ مستند حجّية قول ذي اليد ـ على ما عرفت ـ هو بناء العقلاء واستمرار سيرتهم على ذلك ومن الظاهر انّه لا يكون بناء منهم على ترتيب الأثر على قوله فيما إذا قامت أمارة شرعية على خلافه كما انّ الأمر يكون كذلك في اليد التي هي أمارة على الملكية حيث إنّها امارة فيما لم تقم بيّنة على خلافها فاليد في المقام حجّة ـ بمقتضى السيرة ـ فيما لا يكون هناك حجّة غيرها من بيّنة ونحوها من الأمارات.
وامّا الاستثناء الواقع في الذيل فالوجه فيه ما عرفت من انّ البيّنة المستندة إلى الأصل لا تكاد تعارض قول ذي اليد أصلاً لعدم المنافاة بين جهل الشاهدين بالحكم الواقعي وبين ادّعاء العلم به من ذي اليد فاللازم الأخذ بقوله وترتيب الأثر عليه.
نعم لو كان قول ذي اليد أيضاً مستنداً إلى الأصل وجوّزنا الاخبار له في هذه
(الصفحة 415)
الصورة وقلنا بجريان السيرة أيضاً على العمل به فيها لكان اللازم الالتزام بوقوع المعارضة وتحقّق التساقط فتدبّر. وكان اللازم التعرّض لهذه الصورة خصوصاً بعد التصريح بإمكان أن يكون قول ذي اليد مستنداً إلى الأصل كما قد فرض في تعارض خبري الشريكين، إلاّ أن يقال: إنّ الذيل مشتمل على التعرّض لكلا الفرضين نظراً إلى انّ المذكور فيه هو نفي التقدّم للبيّنة فيما لو كانت مستندة إلى الأصل وهذا يجتمع مع تقدّم قول ذي اليد في أحد الفرضين ووقوع التساقط في الفرض الآخر فتدبّر جيّداً.