(الصفحة 18)
العلمية التي كانت همّه الأوّل، ويقيم أعمدتها على اُسس متينة واُصول ثابتة، فنظم شؤونها ووحَّد كلمتها ودفع عنها السوء.
فكان لوجوده المبارك، ونشاطه الحثيث، وعمله الدؤوب الذي ما عرف التوقّف أو التردّد، وأيضاً التفاف أهل العلم والفضل حوله الذين وجدوه عالماً، وشخصاً صادقاً... أعظم الأثر لا في تطوّر حوزة قم العلمية فحسب، بل تطوّر الحوزات العلمية الاُخرى في مختلف البلاد الإسلامية. فكان فكره الثاقب، ويده المباركة، ونظراته البعيدة ترقب الأحداث في تلك الحوزات وإن بعدت، فتحظى باهتمامه ورعايته الأبوية.
وكيف لا يكون كلّ هذا وغيره من شأنه ، وهو المعروف بأنّه صاحب الأفكار الخلاّقة التي منها فكرة التقريب بين المذاهب، ودارها في القاهرة، والمبادرات العلمية وصاحب المشاريع الكبيرة الرائدة العملاقة التي تتصف بالإبداع والتجديد؟! وما خلّفه من آثار ومؤلّفات ومساجد ومدارس ومؤسسات دينية هنا وهناك في ايران والنجف الأشرف ، وفي بلدان اُخرى إسلامية وغير إسلامية ، منها: المسجد الذي اُسس بأمره في هامبورغ آلمانيا، كما ان المسجد الأعظم في قم عاصمة التشيّع اليوم ، يعدّ من أروع مآثره التاريخية. وأن إرساله المبلِّغين من الأعلام لنشر مذهب أهل البيت (عليهم السلام) في شتّى أقطار العالم ولا سيّما أروبا لخير دليل على وعيه واُفقه الواسع وخبرته وتجاربه.
فكان بحقّ من العمالقة القلّة، الذين عرفتهم الحوزات العلمية في بروجرد ، وفي اصفهان، وفي النجف، وفي مشهد وفي قم. وشهد له بذلك الكثيرون من أعلامها ورجالها. وقد ارتبط بها ارتباطاً وثيقاً طيلة عمره المديد.
ولَكَم وجدنا ونحن نطالع حياته هنا وهناك الشبه الكبير بينه وبين غيره من علمائنا الأفذاذ وإن اختلف في رؤاه وفي منهجه العلمي والتربوي والاجتماعي. وهذا أمر طبيعي ، فلكلّ شيخ طريقة. فقد اختطّ لنفسه هذه المنهجية منذ أوّل خطوة
(الصفحة 19)
خطاها في سُلَّم العلم والمعرفة وفي تدريسه وتعليمه وتأليفه ، وحتى في حياته الشخصية كما نلاحظ ذلك في معالم حياته، حتى غدت كلّها مدرسةً متكاملةً، سعيدٌ من نال حظّاً وفيراً منها.
أعماله في بروجرد:
في أطول فترة علمية قضاها ـ قرابة الخمسين سنة باستثناء طفولته ـ في حوزتها التي كان مغرماً بعلومها وشغوفاً بدروسها، ومستوعباً لبحوثها، وكانت حقّاً منهلاً سلسبيلاً، لم يذق شربه أنقع لغليله منها. وراحت هذه المرحلة من عمره الشريف تدقّ في شخصه الكريم أعمدة العلم، وتجذّرها في مداركه، وتفتح له من كلّ باب يرده أبواباً اُخر، ومن كلّ نشاط يخطو نحوه خطواته الرصينة أنشطة اُخر أكثر نفعاً وأعظم استيعاباً لعلوم أهل البيت (عليهم السلام); التي نذر نفسه منذ صغره لخوض غمارها، تدريساً وبحثاً. ومعالم حياته المباركة الفكرية منها والقيادية كانت نتيجة هذه السنين الطويلة وثمرة لجهود عظيمة تتجلّى عبر ما بحثه وما تركه من آثار تدلّنا بوضوح على ما كان يتمتّع به الرجل من فكر ثاقب ، ونشاط لا يعرف التوقّف في التحقيق والبحث.
ومَن أراد الاطّلاع على قدراته الفائقة وخدماته الجليلة ، فليرجع وليحتكم إلى أعماله ومؤلّفاته وإلى ما شهد به أساتذته وتلامذته.
لقد كان ذا باع طويل وإلمام بكلّ جوانب العلوم الحوزوية، وكان على تبحّر واسع بعلمي الرجال والحديث ، فهو فيهما صاحب مدرسة خاصة، ألَّف في هذين العلمين كتباً قيّمة. حقّاً إن الفقيه لا يكون فقيهاً ما لم يكن متبحراً بعلم الرجال وملمّاً به أيّما إلمام. وفعلاً نضجت عنده في بروجرد فكرة تأليف أعماله الجبارة والتي احتضنت ما بين لابتيها: الموسوعة الرجالية وجامع أحاديث الشيعة والأضابير الفقهية الاُخرى.
(الصفحة 20)
يقول المحقّق الجلالي:
إن بروجرد كانت مجمعاً علمياً نفّذ فيه السيد كلّ طموحاته واُطروحاته العلمية، مستنفداً كلّ وسعه، ومستفيداً من كلّ إمكاناته، ومتمتّعاً من كلّ الفرص المؤاتية.
فهناك طرح فكرته عن تكميل الموسوعة الحديثية والرجالية، التي تبلورت عن وجود «جامع أحاديث الشيعة في أحكام الشريعة» أحدث موسوعة حديثية شيعية، وأوسعها وأجمعها وأحسنها ترتيباً وتنظيماً(1).
لقد كان سيدنا يأمل من موسوعته هذه أن تكون جامعةً حاويةً لجميع الفوائد ، وافيةً بجملة المقاصد ، مشتملةً على الآيات الدالة على الأحكام والأحاديث الباحثة حول الفروع ، وما يحتاج إليه في الفقه من الاُصول، خاليةً عن التكرار والتقطيع والفضول، مراعىً فيها تسهيل طرق الاطلاع والعثور ، بحيث لا يحتاج معه الفقيه إلى غيره، ويستغني به عمّا سواه(2). وهكذا كان، فقد وفّقه الله تعالى للنهوض بهذا العبء مع ثلّة مؤمنة من العلماء والفضلاء.
وهناك نظّم السيد فكرة «الموسوعة الرجالية» العظيمة بقسميها «ترتيب الأسانيد»، و «طبقات الرجال».
كما بدأ أيضاً مشروع الأضابير الفقهية، المؤسَس على فكرة إفراز كل فرع فقهي في ملفٍّ يضبط كلّ ما يتعلّق بالفروع من أدلة وأحكام ومناقشات وشؤون.
معجم بأعماله العلميّة:
وهنا نكتفي بما وقف عليه السيّد الجلالي بنفسه من أعمال لسيدنا
- (1) المنهج الرجالي: 21 .
- (2) جامع أحاديث الشيعة 1 : 10.
(الصفحة 21)
البروجردي، معتمداً في هذا على ما أعدّه الشيخ رضا الاستادي.
قال: المؤلفات التي كانت نتاج قلمه الشريف، فهي بين كتب علميّة مؤلّفة، وبين رسائل عمليّة وكتب حقّقها، واُخرى قدّمَ لها، وثالثة ما أمر بطبعه باعتباره من تُراث القدماء.
1 ـ ترتيب أسانيد الكافي.
2 ـ ترتيب أسانيد التهذيب.
3 ـ ترتيب أسانيد الخصال.
4 ـ ترتيب أسانيد معاني الأخبار.
5 ـ ترتيب أسانيد علل الشرائع.
6 ـ ترتيب أسانيد ثواب الأعمال.
7 ـ ترتيب أسانيد عقاب الأعمال.
8 ـ ترتيب أسانيد كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه، للصدوق.
9 ـ ترتيب أسانيد الأمالي، للصدوق.
10 ـ رجال أسانيد الكافي، أو طبقات رجال الكافي.
11 ـ رجال أسانيد التهذيب، للشيخ الطوسيّ أو طبقات رجاله.
12 ـ رجال أسانيد كتاب الكشيّ، أو طبقات رجاله.
13 ـ رجال أسانيد كتاب الفهرست، للشيخ الطوسي.
14 ـ رجال أسانيد الفهرست، للشيخ النجاشي.
15 ـ طبقات الرواة.
16 ـ تعليقة على رجال النجاشيّ.
17 ـ تعليقة على عُمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، لابن عِنَبة.
18 ـ تعليقة على منهج الرجال، للميرزا محمد الاستراباديّ.
19 ـ مستدرك فهرست منتجب الدين الرازيّ.
(الصفحة 22)
20 ـ الفهرستان.
21 ـ رسالة حول سند الصحيفة السجّادية.
22 ـ تعليقة على رجال الطوسيّ.
23 ـ رسالة في ترجمة بعض أعاظم اُسرته وأجداده.
24 ـ بيوتُ الشيعة.
25 ـ جامع أحاديث الشيعة.
26 ـ حاشية على وسائل الشيعة، للحرّ العاملي.
27 ـ تحقيق كتاب «النهاية» للشيخ الطوسي.
28 ـ تحقيق كتاب «المبسوط» للشيخ الطوسي.
29 ـ تحقيق كتاب «الخلاف» للشيخ الطوسي.
30 ـ الفقه الاستدلالي.
31 ـ رسالة في المواسعة والمضايقة.
32 ـ رسالة في منجّزات المريض.
33 ـ الحاشية على العروة الوثقى.
34 ـ تعليقة على منهج الرشاد، للشيخ جعفر التستري.
35 ـ التعليقة على مبحث «السهو» من كتاب جواهر الكلام.
36 ـ المسائل الفقهية.
37 ـ مجمع الفروع.
38 ـ توضيح المسائل.
39 ـ مناسك الحجّ.
40 ـ توضيح المناسك.
41 ـ التعليقة على مجمع الرسائل.
42 ـ التعليقة على منتخب الرسائل.