(الصفحة 186)
احتمال زوال العذر فيما بعد هذه الحالة ، إلى أنّ الصلاة المأتيّ بها في حال الجلوس مثلا مع ذلك الاحتمال هل تكون مصداقاً لعنوان الصلاة وطبيعتها المأمور بها أم لا؟ فالشكّ في فرديّة المأتيّ بها في ذلك الحال .
وأمّا الأدلّة الدالّة على شرطية هذه الاُمور المفروض تعذّرها ، فغاية مفادها لزوم مراعاة الطبيعة بمرتبتها العالية عند التمكّن منها ، والانتقال إلى الحالات التي بعد هذه الحالة مع عدم التمكّن ، ومرجعها إلى أنه عند إرادة الإتيان بالمأمور بها لابدّ من مراعاة هذه المراتب .
ومن المعلوم أنّ إرادة الإتيان بمثل الصلاة من الأمور العبادية لا تكون ناشئة إلاّ من قبل أمر المولى وإلزامه ، ضرورة أنّها ليست مثل الأفعال غير العبادية الناشئة إرادة كلّ منها من وجود حالة مخصوصة وتحقق مبدأ خاص ، فالأمر بالقضاء الحادث عند حدوث الذكر ، يصلح لأن يكون داعياً للمكلّف إلى الإتيان بمتعلّقه ، وتلك الأدلّة الدالّة على شرطية الاُمور المفروض تعذّرها ، لا دلالة لها إلاّ على مراعاة المراتب المذكورة فيها عند إرادة الإتيان بالمأمور به الناشئة من تعلّق الأمر به ، فمن ذلك يستفاد جواز البدار وعدم لزوم الانتظار ، فافهم واغتنم .
الخامسة: لو كان القصر لأجل الخوف كيف يقضى؟
قد عرفت أنّ المسافر حال الفوات يقضي قصراً ، وأنّ الحاضر حال الفوات يقضي تماماً ، لتطابق النصوص والفتاوى عليه(1) ، لكن يقع الكلام في حكم ما إذا كان الاختلاف في الكمية لا لأجل السفر والحضر ، بل لأجل الخوف وعدمه ، فإن قلنا باختصاص جواز القصر لأجل الخوف بالسفر ، فلا إشكال في لزوم
(الصفحة 187)
قضائها قصراً .
وإن قلنا بعدم اختصاصه به ، وإنّه يجوز القصر عند الخوف في الحضر أيضاً فيشكل الحكم فيما إذا فاتت في الحضر ، والظاهر بعد عدم شمول الروايات الواردة في قضاء الحاضر والمسافر لهذا المقام ، لاختصاص موردها بما إذا كان الاختلاف في الكمّية لأجل السفر والحضر ، إنّه يجب في هذه الصورة مراعاة حال القضاء والإتيان بالفائتة تماماً ، لأنّه المتبادر من أدلّة وجوب تدارك الفائتة عند العرف .
وذلك لأنّ تجويز الشارع الاقتصار على الأقلّ ، إنّما كان لأجل ضرورة الخوف ، وإلاّ فالمطلوب الأصلي في تلك الحال أيضاً هو التمام . هذا ، مضافاً إلى أنّ الخوف قد يبلغ إلى مرتبة لا يجب على المكلّف فيها إلاّ الإتيان بتكبيرتين بدل الركعتين ، وهل يمكن الالتزام حينئذ مع الاخلال بالتكبيرتين وفوتهما ، بأنّه لا يجب عليه عند القضاء إلاّ ما وجب عليه حال الأداء؟
(الصفحة 188)
(الصفحة 189)
المطلب السادس
في
صلاة الجماعة
(الصفحة 190)