(الصفحة 353)
فمنها :
صحيح الحلبي المتقدّم .
ومنها :
رواية قتيبة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إذا كنت خلف إمام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءَته فاقرأ أنت لنفسك ، وإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ»(1) .
ومنها :
رواية عبدالرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الصلاة خلف الإمام ، أقرأ خلفه؟ فقال : «أمّا الصلاة التي لا تجهر فيها بالقراءة فإنّ ذلك جعل إليه فلا تقرأ خلفه ، وأمّا الصلاة التي يجهر فيها فإنّما أُمر بالجهر لينصت من خلفه ، فإن سمعت فأنصت وإن لم تسمع فاقرأ»(2) .
وأمّا ما يدلّ على النهي بالاطلاق فهي صحيحة زرارة عن أحدهما(عليهما السلام) ، قال : «إذا كنت خلف إمام تأتمّ به فأنصت وسبّح في نفسك»(3) ورواية زرارة ومحمد بن مسلم المتقدّمة ، ورواية يونس المتقدّمة أيضاً .
وأمّا ما يدلّ على التخيير فهي رواية عليّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن الأوّل(عليه السلام) عن الرجل يصلّي خلف إمام يقتدي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة؟ قال : «لابأس إن صمت وإن قرأ»(4) .
وروى الشيخ هذه الرواية في التهذيب والاستبصار معاً في باب صلاة الجماعة ، ولكنّه رواه في الاستبصار عن سعد بن عبدالله ، عن أبي جعفر ، عن
- (1) الكافي 3 : 377 ح4; التهذيب 3 : 33 ح 117; الاستبصار 1 : 428 ح1652; الوسائل 8 : 357 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح7 .
- (2) الكافي 3 : 377 ح1; التهذيب 3 : 32 ح 114; الاستبصار 1 : 427 ح1649; علل الشرائع : 325 ح1; الوسائل 8 : 356 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح5 .
- (3) الكافي 3 : 377 ح3; التهذيب 3 : 32 ح 116; الاستبصار 1 : 428 ح1651; الوسائل 8 : 357 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح6 .
- (4) التهذيب 3 : 34 ح122; الاستبصار1 : 429 ح1657 ; الوسائل 8 : 358 ، أبواب صلاة الجماعة ب31 ح11 .
(الصفحة 354)
الحسن بن عليّ بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه عليّ بن يقطين . وفي التهذيب عن سعد بن عبدالله ، عن أبي جعفر ، عن الحسن بن عليّ بن يقطين ، عن أبي الحسن الأوّل(عليه السلام) ولكنّه مضطرب ، والصحيح ما في الاستبصار .
وحيث إنّ هذه الرواية معمول بها عند الأصحاب فتصير قرينة على تقييد المطلقات الناهية بما إذا سمع قراءة الإمام ، وعلى أنّ المراد بالأمر الوارد في الروايات الآمرة هي الإباحة ، لكونها واردة في مقام توهّم الحظر ، كما يظهر بالتأمّل في بعضها كرواية الحلبي وشبهها ، وإن أبيت عن ذلك فلا محيص عن الحمل على الاستحباب ، ودعوى كون القراءة في هذه الصورة مستحبّة ، كما لايخفى .
وأمّا ما ورد في الصلاة الإخفاتيّة :
فمنها :
المطلقات الناهية المتقدّمة(1) .
ومنها :
إطلاق صدر رواية الحلبي المتقدّمة ، فإنّ الاستثناء فيها قرينة على شمول الصدر للصلاة الاخفاتية أيضاً .
ومنها :
إطلاق رواية زرارة المتقدّمة عن أبي جعفر(عليه السلام) .
ومنها :
رواية سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : أيقرأ الرجل في الاُولى والعصر خلف الإمام وهو لا يعلم أنه يقرأ؟ فقال : «لا ينبغي له أن يقرأ يكله إلى الإمام(2)» .
ومنها :
رواية عبدالرحمن بن الحجّاج المتقدّمة ، الظاهرة بصدرها في النهي عن القراءة في الصلاة التي لا تجهر فيها بالقراءة .
ومنها :
رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إذا كنت خلف إمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ ، وكان الرجل مأموناً على القرآن فلا تقرأ
- (1) راجع الوسائل 8 : 355 . أبواب صلاة الجماعة ب31 .
- (2) التهذيب 3 : 33 ح 119; الاستبصار1 : 428 ح1654 ; الوسائل 8 : 357 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح8 .
(الصفحة 355)
خلفه في الأوّلتين» ، وقال : «يجزيك التسبيح في الأخيرتين» ، قلت : أيّ شيء تقول أنت؟ قال : «أقرأ فاتحة الكتاب»(1) .
ومنها :
رواية عليّ بن جعفر عن أخيه(عليه السلام) قال : سألته عن رجل يصلّي خلف إمام يقتدي به في الظهر والعصر ، يقرأ؟ قال : «لا ، ولكن يسبّح ويحمد ربّه ويصلّي على نبيّه(صلى الله عليه وآله)» .
ومنها :
رواية بكر بن محمّد الأزدي عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال : «إنّي أكره للمرأ أن يصلّي خلف الإمام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنّه حمار» ، قال : قلت : جعلت فداك فيصنع ماذا؟ «قال : يسبّح»(2) .
وهنا روايتان ظاهرتان في التخيير :
1 ـ
رواية المرافقي المتقدّمة(3) .
2 ـ
رواية عليّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن الركعتين اللّتين يصمت فيهما الإمام ، أيقرأ فيهما بالحمد وهو إمام يقتدى به؟ فقال : «إن قرأت فلا بأس ، وإن سكت فلا بأس»(4) .
هذا ، ويحتمل أن يكون المراد بالركعتين اللتين يصمت فيهما الإمام ، الركعتين الأخيرتين من الصلاة الجهرية ، بل لعلّه الظاهر ، وذلك لأنّ التعبير بالركعتين لايلائم مع إرادة الصلاة الاخفاتية التي يجب الاخفات في جميع ركعاتها .
هذا ، ولكن رواية المرافقي صريحة في جواز القراءة فيما يخافت فيه الإمام ، وهي تصير قرينة على تقييد المطلقات وحمل النهي في غيرها على كونه وارداً في
- (1) التهذيب3 : 35 ح124; الوسائل 8 : 357 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح9 .
- (2) قرب الاسناد : 47 ح 112; الفقيه1 : 256 ح 1161 التهذيب3 : 276 ح 806; الوسائل 8 : 360 . أبواب صلاة الجماعة ب32 ح1 .
- (3) الوسائل 8 : 359 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح15 .
- (4) التهذيب 2 : 296 ح1192; الوسائل 8 : 358 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح13 .
(الصفحة 356)
مقام توهّم الوجوب كما لايخفى .
نعم، لاينبغي المناقشة في أنّ مقتضى الاحتياط بملاحظة الروايات الناهية الترك.
وأمّا ورد في الركعتين الأخيرتين :
فمنها :
رواية زرارة المتقدّمة(1) ، والظاهر اختصاصها بأخيرتي الجهرية ، وقد حكم فيها بالنهي عن القراءة لأجل التبعيّة للأوليين .
ومنها :
رواية عبدالله بن سنان المتقدّمة أيضاً(2) ، الظاهرة في إجزاء التسبيح في الأخيرتين ، والظاهر عدم كون الملحوظ في هذه الفقرة فيها خصوص حال الجماعة ، بل أعمّ منه ومن حال الإنفراد ، فلا دلالة لها حينئذ بالمنطوق على حكم الأخيرتين خلف الإمام .
ومنها :
رواية زرارة الواردة في المأموم المسبوق ، وأنّه كان مسبوقاً بركعتين في الظهر أو العصر أو العشاء ، قرأ في كلّ ركعة ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه باُمّ الكتاب وسورة ـ إلى أن قال : ـ «فإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعتين لا يقرأ فيهما(3)» ، هذا ، والمستفاد منها مجرد الفرق بين الأخيرتين والأوّلتين من دون دلالة على كيفية الفرق .
وقد انقدح أنه لا دليل على النهي عن القراءة في الأخيرتين ، أمّا في الاخفاتية من الصلاة فواضح ، وأمّا في الجهرية فمقتضى رواية زرارة وإن كان هو النهي ، إلاّ أنّها لا تنهض دليلا عليه بعد عدم كون النهي ثابتاً في الأوّلتين منها مع سماع صوت الإمام ، فالأقوى الجواز والتخيير بينها وبين التسبيح .
- (1) الوسائل 8 : 355 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح3 .
- (2) الوسائل 8 : 357 . أبواب صلاة الجماعة ب31 ح9 .
- (3) الفقيه 1 : 256 ح 1162; التهذيب 3 : 45 ح158; الاستبصار 1 : 436 ح 1683; الوسائل 8 : 388 . أبواب صلاة الجماعة ب47 ح4 .
(الصفحة 357)موارد إدراك الجماعة وتحقّقها
لا إشكال في تحقّق الجماعة فيما لو اقتدى بالإمام بعد فراغه عن تكبيرة الاحرام ، ولكنّ الظاهر أنه لا دليل على لزوم ذلك ، والرواية النبويّة المتقدّمة(1)الظاهرة في الأمر بالتكبير بعد تكبير الإمام لا دلالة لها على لزوم كون شروع المأموم بالتكبير بعد فراغ الإمام من تكبيره ، وإلاّ لكان اللازم الالتزام بذلك في مثل الركوع والسجود المذكورين في الرواية بعد التكبير ، مضافاً إلى أنّ الرواية كما عرفت سابقاً لا تدلّ على أزيد من حكم نفسي مستقلّ ، ولا دلالة فيها على اعتبار شيء في الجماعة .
وكيف كان ، فلا إشكال في عدم لزوم ذلك ، كما أنه لا إشكال في عدم تحقّق الجماعة فيما لو تلبّس المأموم بالصلاة قبل أن يتلبّس الإمام بها ، لا لأجل وجوب المتابعة واعتبارها ، بل لأجل كون الاقتداء بالإمام إنّما هو في صلاته ولم تتحقّق منه صلاة بعد ، كما هو المفروض .
إنّما الاشكال في أنه هل تكفي المقارنة عند الشروع أو يعتبر التأخّر؟ وعلى التقديرين هل يكفي الفراغ من التكبير قبل الإمام أو يعتبر عدم الفراغ قبله؟ والمنسوب إلى المشهور بل المعظم عدم جواز المقارنة الحقيقية في التكبير(2) .
ولكنّ الظاهر أنه لا فرق بين التكبيرة وغيرها من أفعال الصلاة ، فكما أنه
- (1) راجع 3 : 314 .
- (2) المنتهى 1 : 379; الذكرى 4 : 445; الروضة البهيّة 1 : 384 ; الدروس 1 : 221; البيان : 138; مدارك الاحكام4 : 327; الذخيرة : 398; مستند الشيعة 8 : 96 ـ 97; جواهر الكلام 13 : 207 ـ 208 .