(الصفحة 383)
لأنّه مضافاً إلى أنّه يحتمل أن يكون الاعتبار في باب عمل النائب أن يكون عملاً للمنوب عنه ويحسب فعلاً له تنزيلاً ، يدلّ على عدم الجواز أنّه ليس لنا في باب الجماعة دليل مطلق حتّى يؤخذ باطلاقه ، بل العمدة هي السيرة التي مبدؤها قدوم النبيّ(صلى الله عليه وآله) المدينة المنوّرة ، بل قبله كما عرفت سابقاً ، واستمرار السيرة بعده ، ولم ينقل لنا انعقاد جماعة كان الإمام فيها مؤدّياً للصلاة عن الغير(1) .
هذا ، وأنّه لا محيص في مسألة النيابة الاستيجاريّة من أن يقال : إنّ عمل الأجير منطبق عليه عنوانان :
أحدهما :
عنوان الوفاء بعقد الاجارة الذي هو متعلّق للأمر الوجوبيّ المتوجّه إلى الأجير بسبب الاجارة ، ولا محالة يحسب الفعل بهذا الاعتبار فعلاً للأجير ، لأنّه يحبّب عليه الوفاء بعقد الاجارة ، ولا يتحقّق الوفاء إلاّ باتيان العمل المستأجر عليه .
ثانيهما :
العنوان الذي يكون متعلّقاً للأمر الوجوبيّ المتوجّه إلى المنوب عنه ، ولا محالة يحسب فعل الأجير بهذا الاعتبار فعلاً للمنوب عنه ، وإلاّ لما كان مسقطاً للتكليف المتوجّه إليه ، ففعل الأجير ينطبق عليه عنوانان ، نظير سائر الموارد التي يكون الفعل الواحد منطبقاً عليه عنوانان متعلّقان لحكمين متماثلين أو مختلفين .
والفرق بين المقام وبين تلك الموارد أنّ في تلك الموارد يكون الحكمان المتعلّقان بالعنوانين المتغايرين مفهوماً متوجّهين إلى شخص واحد هو الموجد للفعل ، وهنا يكون أحد الحكمين متوجّهاً إلى المنوب عنه والآخر إلى النائب ، وقد تحقّق متعلّقاهما في فعل واحد صادر من الأجير ، فلا محالة لابدّ من أن يحسب فعلاً
- (1) ولذا قال سيّدنا العلاّمة الاُستاذ (أدام الله أظلاله على رؤوس المسلمين) : إنّه قد كان الحكم بالجواز مشكلاً عندنا من أوّل الأمر ، ولذا استشكلنا فيه في حاشية كتاب منتخب الرسائل للمرحوم المحقّق اليزدي صاحب العروة الذي هو أوّل كتاب علّقنا عليه . «المقرّر» .
(الصفحة 384)
للأجير والمستأجر معاً .
فباعتبار كونه وفاء لعقد الاجارة يحسب فعلاً للأجير ، وباعتبار كونه صلاة أو صياماً أوحجّاً أو نحوها يحسب فعلاً للمستأجر ، والذي يعتبر فيه قصد التقرّب هو متعلّق الأمر الوجوبيّ المتوجّه إلى المستأجر ، وأمّا الوجوب المتوجّه إلى الأجير فلايكون تعبّدياً .
هذا آخر ما أفاده سيّدنا العلاّمة الاُستاذ ـ دام ظلّه الوارف ـ في مبحث الصلاة ، وقد وقع الفراغ من تسويده في شهر جمادى الاُولى من شهور سنة 1378 من الهجرة النبويّة ، بيد الفقير إلى الله الغني ، محمّد الموحدي اللنكراني عفى عنه ، والحمد لله ربّ العالمين والصلاة على نبيّنا وعترته أجمعين .
(الصفحة 385)
مصادر التحقيق
القرآن الكريم .
أ
الإتقان في علوم القرآن،
جلال الدين عبد الرحمن السيوطي. تحقيق: محمد أبو الفضل ابراهيم، ط1378هـ. افست: منشورات الشريف الرضي ـ بيدار ـ عريزي ـ قم.
الاحتجاج (1 ـ 2)
، أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، تحقيق: السيد محمد باقر الخرسان، دار النعمان، النجف الأشرف ـ 1386هـ .
أحكام القرآن (1 ـ 3)
، أحمد بن علي الرازي الجصّاص،دار الكتاب العربي، بيروت.
اختيار معرفة الرجال ( = رجال الكشي)،
شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي(رحمه الله)، نشر: جامعة مشهد ـ 1384هـ .
الأربعون حديثاً،
محمد بن الحسين العاملي «الشيخ البهائي»، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، قم، ط الاُولى، 1415هـ .