جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 37)

أنّه يوجبه؛ لشهادة الوجدان بصحّة مؤاخذة المتجرّي وذمّه على تجرّيه، وهتكحرمته لمولاه، وخروجه عن رسوم عبوديّته، وكونه بصدد الطغيان وعزمهعلى العصيان، ولا تفاوت بين المعصية والتجرّي من هذه الناحية؛ إذ الوجدانيشهد بوحدة مناط استحقاق العقوبة فيهما.

وقال المحقّق الأصفهاني قدس‏سره (1) توضيحاً لذلك: إنّ مناط استحقاق العقوبة فيمورد المعصية وارتكاب الحرمة، هل يكون صرف مخالفة التكليف التحريمي،أو تفويت غرض المولى، أو اشتمال الشيء الحرام على مفسدة لازمةالاجتناب؟ ومعلوم أنّ الجميع لا يصلح أن يكون مناطاً له، فإنّها تتحقّق فيمورد ارتكاب الحرام جهلاً، ولكن مع ذلك لا خلاف في أنّ الجاهل ليستحقّ العقوبة، ومن هنا نستكشف أنّه يتحقّق في المعصية الواقعيّة مناط آخرلاستحقاق العقوبة، وهو الطغيان في مقابل المولى والخروج عن رسم العبوديّةوالعزم على العصيان، وهتك حرمة المولى، وتتحقّق هذه العناوين في المتجرّيأيضاً من دون فرق بينهما.

ولكن لابدّ لنا من ذكر أمرين بعنوان المقدّمة للبحث:

الأوّل: أن يكون وحدة الملاك لاستحقاق العقوبة في المعصية الواقعيّةمفروغاً عنه، ومن الاُمور المسلّمة.

الأمر الثاني: أن يكون الملاك في باب التجرّي لاستحقاق العقوبة عين مهو الملاك له في المعصية الواقعيّة، فيتوقّف إثبات استحقاق العقوبة في موردالتجرّي على إحراز المناط في المعصية وجريانه بعينه في التجرّي.

إذا عرفت ذلك فنقول: لا شكّ في عدم صلاحية تصوّر شرب الخمرـ مثلاً ـ لأن يكون مناطاً لاستحقاق العقوبة في المعصية، كما أنّ التصديق


  • (1) نهاية الدراية 3: 29.
(صفحه38)

بفائدته لا يصلح لذلك، وهكذا إرادته والعزم على ارتكابه؛ إذ العقل حاكمبعدم استحقاق العقوبة بمجرّد نيّة المعصية قبل تحقّقها خارجاً.

ولكن تدلّ عدّة روايات على تحقّق استحقاق العقوبة في مورد نيّة المعصية،وعدّة منها على عدم تحقّقه فيه، ولابدّ من حمل الروايات النافية على نفيالعقوبة الفعليّة، والمثبتة على استحقاق العقوبة بعد فرض تماميّتها سنداً ودلالةً،إلاّ أنّه مستلزم لتحقّق العقوبتين في مورد المعصية؛ إذ لا شكّ في الفرق شرعبين من عزم على ارتكاب المعصية ولكنّها لم تتحقّق منه لمانع خارجي ومنعزم وارتكبها، مع أنّه لم يلتزم أحدٌ بتعدّد العقوبة في المعصية.

وهذا يهدينا إلى عدم قابليّة الروايات للاستناد، فلا تكون إرادة المعصيةأيضاً مناطاً لاستحقاق العقوبة.

ينبغي الالتفات إلى أنّ العناوين الثلاثة قد تقدّمت عند نقله قدس‏سره عبارة المحقّقالأصفهاني حيث جاء فيها: «إنّ مناط استحقاق العقوبة في مورد المعصيةوارتكاب الحرمة، هل يكون صرف مخالفة التكليف التحريمي، أو تفويتغرض المولى، أو اشتمال الشيء الحرام على مفسدة لازمة الاجتناب».

العنوان الرابع(1) الذي يمكن أن يكون ملاكاً لاستحقاق العقوبة في بابالمعصية: هو ارتكاب ما فيه المفسدة، وما هو مبغوض للمولى واقعاً، ولكن قدعرفت النقض فيه بأنّ الجاهل الذي يشرب الخمر اعتماداً على أصالة الحلّية أوفي صورة القطع بمائيّته يرتكب ما فيه المفسدة اللازمة الاجتناب وما فيهمبغوض للمولى، مع أنّ استحقاق عقوبة الجاهل لا يكون قابلاً للالتزام، ومنهنا يستفاد أنّ هذا العنوان أيضاً لا يكون مناطاً لاستحقاق العقوبة.


  • (1) ينبغي الالتفات إلى أنّ العناوين الثلاثة قد تقدّمت عند نقله قدس‏سره عبارة المحقّق الأصفهاني حيث جاء فيها:إنّ مناط استحقاق العقوبة في مورد المعصية وارتكاب الحرمة هل يكون صرف مخالفة التكليفالتحريمي، أو تفويت غرض المولى، أو اشتمال الشيء الحرام على مفسدة لازمة الاجتناب.
(صفحه 39)

العنوان الخامس الذي يصلح للمناطيّة: هو مخالفة تكليف عن علمٍ وعمدٍواختيار، ولا يفيد إضافة هذا القيد إلى العنوان الرابع؛ لعدم شموله للنواهيالاختياريّة؛ إذ لا مفسدة في متعلّقها أصلاً، كما ذكره اُستاذنا السيّدالبروجردي قدس‏سره .

وهذا العنوان ممّا يصلح للمناطيّة بنظر العقل كما يشهد به الوجدان وعليهآراء العقلاء، فمخالفة تكليف المولى عن عمدٍ والتفات ملاك لاستحقاقالعقوبة، سواء كان التكليف ناشئاً عن المصلحة أو المفسدة في المتعلّق، أم صدرلأغراض اُخر ولكنّه مختصٌّ بالمعصية.

العنوان السادس الذي يمكن أن يكون الملاك: هو الطغيان على المولىوهتك حرمته والخروج عن رسم العبوديّة وإن كان العاصي والمتجرّيمشتركين فيه، ولكن لا يمكن جعله مناطاً مستقلاًّ لاستحقاق العقوبة، فإنّهمستلزمٌ لتعدّد العقوبة على معصية واحدة بعد فرض كون العنوان الخامسملاكاً بنظر العقل والعقلاء، ففي معصية واحدة يتحقّق الملاكان ويترتّب عليهمعقابان، مع أنّه ليس بصحيح، كما ذكرناه في مقدّمة البحث.

فالمستفاد ممّا ذكرناه أنّ ما يصلح للمناطيّة هو العنوان الخامس الذييختصّ بالمعصية الواقعيّة، وبهذا يظهر ضعف ما ذكره المحقّق الإصفهاني قدس‏سره ، فإنّعدم صلاحية العنوان الرابع للملاكيّة لا يستلزم لأن يكون العنوان السادسملاكاً للعقاب، فلا يتحقّق في التجرّي مناطاً لاستحقاق العقوبة كعدم تحقّقالحرمة الشرعيّة فيه.

ولكنّ القائلين باستحقاق العقوبة في التجرّي اختاروا طرقاً متعدّدة للتفصّيمن تعدّد العقوبة في معصية واحدة، وقال المحقّق العراقي قدس‏سره (1): إنّ الملاك


  • (1) نهاية الأفكار 2: 31.
(صفحه40)

لاستحقاق العقوبة هو الطغيان على المولى والجرأة عليه، وهذه جهة مشتركةبين العاصي والمتجرّي، بلا فرق بينهما حتّى في الشدّة والضعف والنقصوالكمال، فكما أنّ العاصي يكون طاغياً على المولى وخارجاً عن رسمالعبوديّة، كذلك المتجرّي يكون طاغياً عليه، فلا مجال لتعدّد العقوبة فيالمعصية.

ولكن بعد مراجعة الوجدان يتّضح كمال الفرق بين العاصي والمتجرّي كمذكرناه، وهذا يقتضي عدم تحقّق العقوبة في التجري أو تعدّدها في المعصية.

وقال صاحب الفصول قدس‏سره (1) بتداخل العقابين في المعصية.

وأجاب عنه الشيخ الأعظم الأنصاري قدس‏سره (2) بأنّه إن اُريد بتداخل العقابينوحدة العقاب فلا وجه له، مع كون التجرّي عنواناً مستقلاًّ في استحقاقالعقاب؛ لأنّه ترجيح بلا مرجّح.

وإن اُريد عقاب زائد على عقاب محض التجرّي فهذا ليس تداخلاً؛ لأنّ كلّفعل اجتمع فيه عنوانان من القبح يزيد على ما كان فيه أحدهما.

والتحقيق في المسألة: أنّ التجرّي بالمعنى الاصطلاحي لا يكون قابلللاجتماع مع المعصية؛ إذ العمل الخارجي إمّا يكون تجرّياً، وإمّا يكون معصية،فينتفي موضوع مسألة التداخل، ولا تصل النوبة إلى البحث من أنّ المقصودمن التداخل ما هو، فعلى فرض مناطيّة الطغيان لاستحقاق العقوبة يكونلكليهما عنوانان مستقلاّن للعقاب، ولايمكن اجتماعهما في مورد، فلا مجال لهذالبحث، من دون فرق بين القول باستحقاق العقوبة في باب التجرّي وعدمه.

ولا وجه لكون الفعل المتجرّى به موجباً لاستحقاق العقوبة؛ إذ لا قبح فيه،


  • (1) الفصول الغروية: 89.
  • (2) الرسائل: 7.
(صفحه 41)

والاعتقاد المخالف للواقع لا يوجب تبديل عنوان حسنه بعنوان القبح؛ لعدمتأثير جهل المكلّف وخطأه الاعتقادي في الواقعيّة الخارجيّة عقلاً، ولا نرىوقوع مقطوع الخمريّة منهيّ عنه في الأدلّة، وبالتالي لا يكون حراماً، فلا دليلعلى استحقاق العقوبة في الفعل المتجرّى به بعد ما لم يكن قبيحاً ولا محرّماً.

ولكن ذكر صاحب الكفاية قدس‏سره (1) دليلاً آخر لعدم القبح والحرمة واستحقاقالعقوبة فيه، وهو: أنّ الفعل المتجرّى به بما هو مقطوع الحرمة لايكوناختياريّاً، فإنّ القاطع لا يقصده إلاّ بما قطع أنّه عليه من عنوانه الواقعيالاستقلالي ـ كعنوان الخمريّة ـ لا بعنوانه الطارئ الآلي ـ أي عنوان مقطوعالخمريّة ـ بل لا يكون غالباً بهذا العنوان ممّا يلتفت إليه، فكيف يكون منجهات الحُسن أو القبح عقلاً ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعاً معكونه مغفولاً عنه؟! ولا يكاد تكون صفة موجبة لذلك إلاّ إذا كانت اختياريّة.

ثمّ ذكر في ذيل كلامه بعد القول بعدم إراديّة الإرادة وذاتيّة الكفر والعصيانوعدم اختياريّة السعادة والشقاوة، أنّه لم يصدر من المتجرّي فعل اختياري،فإنّ ما أراده من شرب الخمر لم يتحقّق في الخارج، وما تحقّق فيه من شربالماء لم يكن مقصوداً له.

ونصّ كلامه أنّه: بل عدم صدور فعل منه في بعض أفراده بالاختيار ـ كمفي التجرّي ـ بارتكاب ما قطع أنّه من مصاديق الحرام، فلا معنى للحكم بقبحالفعل المتجرّى به، أو حرمته أو استحقاق العقوبة عليه.

ولكن لاشكّ في بطلان هذا الكلام؛ إذ الوجدان حاكم بأنّه ليس كالمكره؛لصدور شرب المائع عنه عن اختيار، وإن لم يصدر شرب الماء منه اختياراً،ولازم كلامه قدس‏سره عدم بطلان الصوم من شرب مقطوع الخمريّة إذا كان في الواقع


  • (1) حاشية الرسائل: 13، كفاية الاُصول 2: 14 ـ 16.