(الصفحة 111)
القول الثاني(1) ويظهر من المحقق شهرة القولين ، غاية الأمر أنّ الثاني أشهر(2) ، ومنشأ الخلاف بينهم إختلاف الأخبار الواردة في هذا الباب .
أمّا الطائفة الاُولى من الأخبار التي ظاهرة في الاعتبار بالاستتار ، فكثيرة :
منها : رواية زرارة قال : قال أبو جعفر(عليه السلام) : «وقت المغرب إذا غاب القرص ، فإن رأيته بعد ذلك وقد صلّيت أعدت الصلاة . . .»(3) الحديث .
ومنها : رواية جابر عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «إذا غاب القرص أفطر الصائم ودخل وقت الصلاة»(4) .
ومنها : مرسلة عليّ بن الحكم عمّن حدّثه ، عن أحدهما(عليهما السلام) إنّه سئل عن وقت المغرب؟ فقال : «إذا غاب كرسيّها ، قلت : وما كرسيّها؟ قال : قرصها ، فقلت : متى يغيب قرصها؟ قال : إذا نظرت إليه فلم تره»(5) .
ومنها : رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «وقت المغرب حين تغيب الشمس إلى أن تشتبك النجوم»(6) .
ومنها : رواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يصلّي المغرب حين تغيب الشمس حيث تغيب حاجبها»(7) .
ومنها : رواية عمرو بن أبي نصر قال : سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول في المغرب :
- (1) المنتهى 1 : 203 ; تذكرة الفقهاء 2 : 310 ; جامع المقاصد 2 : 17 ; المعتبر 2 : 51 ; النهاية : 59 ; الدروس 1 : 139 ; مسالك الأفهام 1 : 139 ; مفتاح الكرامة 2 : 35 ; جواهر الكلام 7 : 109 .
- (2) المعتبر 2 : 51 .
- (3) الكافي 3 : 279 ح5 ; التهذيب 4 : 271 ح818 و ج2 : 261 ح1039 ; الاستبصار 2 : 115 ح376 ; الوسائل 4 : 178 . أبواب المواقيت ب16 ح17 .
- (4) الفقيه 2 : 81 ح358 ; الوسائل 4 : 179 . أبواب المواقيت ب16 ح20 .
- (5) التهذيب 2 : 27 ح79 ; الإستبصار 1 : 262 ح942 ; الوسائل 4 : 181 . أبواب المواقيت ب16 ح25 .
- (6) التهذيب 2 : 257 ح1023 ; الإستبصار 1 : 263 ح948 ; الوسائل 4 : 182 . أبواب المواقيت ب16 ح26 .
- (7) التهذيب 2 : 258 ح1025 ; الإستبصار 1 : 263 ح946 ; الوسائل 4 : 182 . أبواب المواقيت ب16 ح27 .
(الصفحة 112)
«إذا توارى القرص كان وقت الصلاة ، وافطر»(1) .
ومنها : مرسلة الصدوق قال : قال الصادق(عليه السلام) : «إذا غابت الشمس فقد حلّ الافطار ووجبت الصلاة ، وإذا صلّيت المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل»(2) .
ومنها : رواية داود بن أبي يزيد قال : قال الصادق جعفر بن محمّد(عليهما السلام) : «إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب»(3) .
ومنها : رواية عبيدالله بن زرارة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سمعته يقول : «صحبني رجل كان يمسي بالمغرب ويغلس بالفجر ، وكنت أنا أُصلّي المغرب إذا غربت الشمس وأُصلّي الفجر إذا استبان الفجر . فقال لي الرجل : ما يمنعك أن تصنع مثل ما أصنع؟ فإنّ الشمس تطلع على قوم قبلنا وتغرب عنّا وهي طالعة على مرقد آخرين بعد. قال: فقلت: انّما علينا أن نصلّي إذا وجبت الشمس عنّا، وإذا طلع الفجر عندنا ليس علينا إلاّ ذلك وعلى اُولئك أن يصلّوا إذا غربت الشمس عنهم»(4) .
ومنها : رواية عبيد بن زرارة أيضاً عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف اللّيل ، إلاّ أنّ هذه قبل هذه»(5) .
ومنها : رواية اُخرى لعبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سمعته يقول : «وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها»(6) .
- (1) التهذيب 2 : 27 ح77 ; الإستبصار 1 : 262 ح940 ; الوسائل 4 : 183 . أبواب المواقيت ب16 ح30 .
- (2) الفقيه 1 : 142 ح662 ; الوسائل 4 : 179 . أبواب المواقيت ب16 ح19 .
- (3) أمالي الصدوق : 74 ح11 ; الوسائل 4 : 179 . أبواب المواقيت ب16 ح21 .
- (4) امالي الصدوق : 75 ح15 ; الوسائل 4 : 179 . أبواب المواقيت ب16 ح22 .
- (5) التهذيب 2 : 27 ح78 ; الاستبصار 1 : 262 ح941 ; الوسائل 4 : 181 . أبواب المواقيت ب16 ح24 .
- (6) الكافي 3 : 279 ح7 ; التهذيب 2 : 28 ح81 ; الإستبصار 1 : 263 ح944 ; الوسائل 4 : 178 . أبواب المواقيت ب16 ح16 .
(الصفحة 113)
ومنها : رواية ربيع بن سليمان وأبان بن أرقم وغيرهما قالوا : أقبلنا من مكّة حتّى إذا كنّا بوادي الأخضر إذا نحن برجل يصلّي ونحن ننظر إلى شعاع الشمس ، فوجدنا في أنفسنا ، فجعل يصلّي ونحن ندعو عليه ونقول : هذا من شباب أهل المدينة ، فلمّا آتيناه إذا هو أبو عبدالله جعفر بن محمّد(عليهما السلام) ، فنزلنا فصلّينا معه وقد فاتتنا ركعة ، فلمّا قضينا الصلاة قمنا إليه فقلنا له : جعلنا فداك هذه الساعة تصلّي؟! فقال(عليه السلام) : إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت(1) . وغير ذلك من الأخبار الظاهرة في تحقّق الغروب بمجرّد استتار القرص عن الأنظار .
وأمّا الطائفة الثانية من الأخبار ، الدالّة على المذهب المشهور أو الأشهر بين الامامية ، فهي أيضاً كثيرة .
منها : رواية بريد بن معاوية عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : «إذا غابت الحمرة من هذا الجانب ـ يعني من المشرق ـ فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها»(2) . وذكر هذه الرواية في الوسائل في ثلاثة مواضع من باب واحد(3) وظاهره كونها ثلاث روايات مع وضوح أنّها ليست إلاّ رواية واحدة ، ثمّ إنّ الرواية وإن لم يكن فيها ذكر من الصلاة فضلا عن خصوص المغرب إلاّ أنّ الظاهر كونها بصدد بيان ما به يتحقّق الغروب الذي يترتّب عليه أحكام كثيرة في الشرع ، كجواز الافطار عند تحقّقه وجواز الدخول في صلاة المغرب ، وغيرهما من الأحكام المترتبة عليه .
والظاهر أيضاً أنّ المراد بمشرق الأرض ومغربها ، هو مجموع الأرض التي تكون بحسب الحسّ متساوية السطح لأرض المصلّي ; وحينئذ فيستفاد من الرواية
- (1) أمالي الصدوق : 75 ح16 ; الوسائل 4 : 180 . أبواب المواقيت ب16 ح23 .
- (2) الكافي 3 : 278 ح2 و ج4 : 100 ح2 ; التهذيب 2 : 29 ح84 ; الاستبصار 1 : 265 ح956 ; الوسائل 4 : 172 . أبواب المواقيت ب16 ح1 .
- (3) الوسائل 4 : 175 ، 176 . أبواب المواقيت ب16 ح7 و 11 .
(الصفحة 114)
أن الاعتبار إنّما هو بغيبوبة الشمس عن جميع الأرض المتساوية السطح لأرض المصلّي ، بحيث لا يراها أحد من ساكني تلك الأرض ، لا بغيبوبتها عن نظر المصلّي فقط .
ومنها : ما رواه عليّ بن أحمد بن أشيم عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : سمعته يقول : «وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق ، وتدري كيف ذلك؟ قلت : لا . قال : لأنّ المشرق مطلّ على المغرب هكذا ـ ورفع يمينه فوق يساره ـ فإذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا»(1) .
ومنها : مرسلة ابن أبي عمير عمّن ذكره عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «وقت سقوط القرص ووجوب الافطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة ، وتتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق ، فإذا جازت قمّة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الافطار وسقط القرص»(2) .
ومنها : ما رواه الصدوق باسناده عن بكر بن محمّد ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) إنّه سأله سائل عن وقت المغرب؟ فقال : «إنّ الله يقول في كتابه لإبراهيم :
{فلمّا جنّ عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربّى}(3) فهذا أوّل الوقت ، وآخر ذلك غيبوبة الشفق ، وأوّل وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة ، وآخر وقتها إلى غسق الليل يعني نصف الليل»(4) .
ومنها : رواية شهاب بن عبد ربّه قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام) «يا شهاب! إنّي
- (1) الكافي 3:278 ح1 ; علل الشرائع : 349 ب60 ح1 ; التهذيب 2:29 ح83 ; الإستبصار 1:265 ح959 ; الوسائل 4:173 . أبواب المواقيت ب16 ح3 .
- (2) الكافي 3:279 ح4 وج4: 100 ح1; التهذيب 4 : 185 ح516 ; الوسائل 4 : 173 . أبواب المواقيت ب16 ح4.
- (3) الأنعام : 76 .
- (4) الفقيه 1 : 141 ح657 ; التهذيب 2 : 30 ح88 ; الإستبصار 1 : 264 ح953 ; الوسائل 4 : 174 . أبواب المواقيت ب16 ح6 .
(الصفحة 115)
اُحبّ إذا صلّيت المغرب أن أرى في السماء كوكباً»(1) .
ومنها : رواية عمّار الساباطي عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إنّما أمرت أبا الخطاب أن يصلّي المغرب حين زالت الحمرة من مطلع الشمس ، فجعل هو الحمرة التي من قبل المغرب ، وكان يصلّي حين يغيب الشفق»(2) .
ومنها : رواية محمد بن شريح عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن وقت المغرب؟ فقال : «إذا تغيّرت الحمرة في الاُفق ، وذهبت الصفرة ، وقبل أن تشتبك النجوم»(3) .
وليس في الرواية ما يدلّ على كون المراد بالحمرة هي الحمرة المشرقية ، وحينئذ فيحتمل أن يكون المراد بها هي الحمرة المغربية ، وعليه فيكون المقصود بيان آخر وقت فضيلة المغرب ، ولو سلّم أنّ المتبادر منها هي الحمرة المشرقية فلا شبهة في أنّ ذيلها يكون بصدد بيان آخر الوقت ، وحينئذ فتكون الرواية متعرّضة لبيان وقت المغرب أوّلا وآخراً .
هذا ، والمراد بتغيّر الحمرة هل هو تغيّرها إلى السواد ، أو إلى الصفرة ، أو إلى الضعف؟ وجوه ، الأظهر هو الوجه الأول .
ومنها : رواية عبدالله بن وضّاح قال : كتبت إلى العبد الصالح(عليه السلام)يتوارى القرص ويقبل الليل ثمّ يزيد الليل ارتفاعاً ، وتستتر عنّا الشمس ، وترتفع فوق الجبل حمرة ، ويؤذّن عندنا المؤذّنون ، أفأُصلّي حينئذ وأفطر إن كنت صائماً أو أنتظر حتى تذهب الحمرة التي فوق الجبل؟ فكتب إليّ : «أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب
- (1) التهذيب 2 : 261 ح1040; الإستبصار 1 : 268 ح971 ; علل الشرائع : 350 ب60 ح2 ; الوسائل 4 : 175 . أبواب المواقيت ب16 ح9 .
- (2) التهذيب 2 : 259 ح1033 ، الإستبصار 1 : 265 ح960 ; السرائر 3 : 602 ; الوسائل 4 : 175 . أبواب المواقيت ب16 ح10 .
- (3) التهذيب 2 : 257 ح1024 ; الوسائل 4 : 176 . أبواب المواقيت ب16 ح12 .