(الصفحة 125)
ثالثها : ضيق وقت المغرب .
رابعها : امتداده إلى طلوع الفجر ، وذهب إلى الأخير مالك ، وإلى الثالث الشافعي وإلى الثاني أبو حنيفة .
وامّا الخاصة فما نقل عنهم الشيخ أقوال ثلاثة :
أحدها : ما اختاره نفسه وهو امتداده إلى زمان غيبوبة الشفق بمعنى الحمرة .
ثانيها : القول بالامتداد إلى طلوع الفجر .
ثالثها : القول بالامتداد إلى ربع الليل(1) .
ولكنّه(قدس سره) لم يكن بصدد استقصاء أقوال الخاصة ، فإنّ القول بالامتداد إلى النصف إلاّ بمقدار أداء العشاء من الأقوال المشهورة بينهم(2) . هذا ولا يخفى أنّه ليس فينا من يقول بالضيق .
وأمّا الأخبار الواردة من طريق أهل البيت(عليهم السلام) في هذا الباب فعلى طوائف :
طائفة منها تدلّ على اعتبار الضيق . وطائفة اُخرى على امتداد وقته إلى زوال الشفق . وطائفة ثالثة على امتداده إلى ربع الليل . وطائفة رابعة على امتداده إلى النصف . وطائفة خامسة على امتداده إلى الفجر الثاني .
أمّا الطائفة الاُولى :
فمنها : رواية زيد الشحّام قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن وقت المغرب؟ فقال : «إنّ جبرئيل أتى النبيّ(صلى الله عليه وآله) لكلّ صلاة بوقتين غير صلاة المغرب ، فإنّ وقتها واحد ،
- (1) الخلاف 1 : 261 مسألة 6 ; المبسوط 1 : 74 ـ 75 .
- (2) المسائل الناصريات : 193 ; المسائل الميّافارقيات (رسائل المرتضى) 1 : 274 ; الغنية : 69 ـ 70 ; الكافي في الفقه : 137 ; السرائر 1 : 195 ; الجامع للشرائع : 60 ; شرائع الاسلام 1 : 51 ; المعتبر 2 : 40 ; وحكاه عن ابن الجنيد أيضاً في تذكرة الفقهاء 2 : 311 مسألة 31 ; نهاية الأحكام 1 : 311 ; الدروس 1 : 139 ; مسالك الأفهام 1 : 139 .
(الصفحة 126)
وأنّ وقتها وجوبها»(1) .
ومنها : رواية أديم بن الحرّ قال : سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول : «إنّ جبرئيل أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالصلوات كلّها ، فجعل لكلّ صلاة وقتين إلاّ المغرب ، فإنّه جعل لها وقتاً واحداً»(2) .
ولا يخفى أنّه حيث لا يوجد القائل بالتضييق بين الإمامية ، فيجب حمل ما يدلّ عليه على شدّة كراهة التأخير ، مضافاً إلى أنّ الأخبار الآتية ـ التي تدل على التوسعة إجمالا ، وإن اختلفت في مقدارها ـ صريحة في عدم التضييق ، فهي مانعة عن الأخذ بظهور ما يدلّ عليه ، فلا مجال للأخذ به معها .
وأمّا الطائفة الثانية : فهي كثيرة .
منها: مارواه حريز عن زرارة والفضيل قالا: قال أبوجعفر(عليه السلام): «إنّ لكلّ صلاة وقتين غيرالمغرب، فإنّوقتهاواحد، ووقتهاوجوبها،ووقت فوتها سقوط الشفق»(3).
ومنها : رواية إسماعيل بن مهران قال : كتبت إلى الرضا(عليه السلام) ـ إلى أن قال : ـ فكتب : «كذلك الوقت غير أنّ وقت المغرب ضيق ، وأنّ آخر وقتها ذهاب الحمرة ، ومصيرها إلى البياض في اُفق المغرب»(4) .
ومنها : رواية إسماعيل بن جابر عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن وقت المغرب؟ قال : «ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق»(5) .
- (1) الكافي 3 : 280 ح8 ; التهذيب 2 : 260 ح1036 ; الإستبصار 1 : 245 ح873 وص270 ح975 ; الوسائل 4 : 187 . أبواب المواقيت ب18 ح1 .
- (2) التهذيب 2 : 260 ح1035 ، الإستبصار 1 : 245 ح872 ، الوسائل 4 : 189 . أبواب المواقيت ب 18 ح11 .
- (3) الكافي 3 : 280 ح9 ; الوسائل 4 : 187 . أبواب المواقيت ب18 ح2 .
- (4) الكافي 3 : 281 ح16 ، التهذيب 2 : 260 ح1037 ، الإستبصار 1 : 270 ح976 ، الوسائل 4 : 188 . أبواب المواقيت ب18 ح4 .
- (5) التهذيب 2 : 258 ح1029 ; الاستبصار 1 : 263 ح950 ; الوسائل 4 : 190 . أبواب المواقيت ب18 ح14 .
(الصفحة 127)
ومنها : رواية بكر بن محمد عن أبي عبدالله(عليه السلام) : «إنّ آخر وقت المغرب غيبوبة الشفق»(1) .
وغير ذلك من الأخبار . هذا ، ولا يخفى انّ هذه الأخبار وإن كانت ظاهرة في أنّ آخر وقت المغرب زوال الشفق ، فينقضي وقته بذلك ، إلاّ أنّه يجب رفع اليد عن هذا الظهور ، بالحمل على كونها بصدد بيان الوقت الأوّل ، لظهور الأخبار الآتية بل صراحتها في امتداد وقت المغرب إلى الربع ، أو إلى النصف ، أو إلى الفجر . ومن هنا يظهر أنّه يجب حمل تلك الأخبار على كونها بصدد بيان الوقت الثاني .
نعم يقع النزاع في أنّ اختلاف الوقتين هل هو بالاختيارية والاضطرارية ، أو بالفضيلة والإجزاء؟ وقد تقدّم أنّ الحقّ هو الثاني(2) .
الطائفة الثالثة : ما يدلّ على الربع ، فهو ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : «وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل»(3) . ورواه في الوسائل مكرّراً ، وفي خبره الآخر قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام) : «وقت المغرب في السفر إلى ثلث الليل»(4) . وعلى أيّ تقدير فيجب الحمل على مراتب الفضيلة ، لأنّ ذلك مقتضى الجمع بينه وبين الأخبار الآتية الصريحة في الامتداد إلى الانتصاف ، أو إلى الفجر .
وأمّا الطائفة الرابعة : فكثيرة .
منها : رواية داود بن فرقد المتقدمة الدالة على امتداد وقت المغرب إلى أن يبقى من انتصاف الليل مقدار أربع ركعات(5) .
- (1) الفقيه 1 : 141 ح657 ; الوسائل 4 : 174 . أبواب المواقيت ب16 ح6 .
- (2) راجع ص79 .
- (3) الكافي 3 : 281 ح14 ; الوسائل 4 : 194 . أبواب المواقيت ب19 ح2 .
- (4) الكافي 3 : 431 ح5 ; الوسائل 4 : 193 . أبواب المواقبت ب19 ح1 .
- (5) الوسائل 4 : 184 . أبواب المواقيت ب17 ح4 .
(الصفحة 128)
ومنها : ما رواه القاسم مولى أبي أيوب ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : «إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل»(1) .
ومنها : مرسلة الكليني قال : وروي أنّ وقت المغرب في السفر إلى نصف الليل(2) . وغير ذلك من الأخبار .
وأمّا الطائفة الخامسة : فبعضها تدلّ على الامتداد إلى الفجر مطلقاً ، كرواية عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة ، لا تفوت صلاة النهار حتّى تغيب الشمس ، ولا صلاة الليل حتّى يطلع الفجر ، ولا صلاة الفجر حتّى تطلع الشمس»(3) .
وبعضها واردة في خصوص النائم ، والساهي كرواية أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : «إن نام رجل ولم يصلّ صلاة المغرب والعشاء أو نسي ، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّيهما ، وإن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلّ الفجر ثمّ المغرب ثمّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس ، فإن خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدى الصلاتين فليصلّ المغرب ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ، ثمّ ليصلّها»(4) .
ورواية ابن مسكان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إن نام رجل أو نسي أن يصلّي
- (1) التهذيب 2 : 27 ح78 ; الاستبصار 1 : 262 ح941 ; الوسائل 4 : 181 . أبواب المواقيت ب16 ح24 .
- (2) الكافي 3 : 281 ح13 ; الوسائل 4 : 186 . أبواب المواقيت ب17 ح13 .
- (3) الفقيه 1 : 232 ح1030 ; التهذيب 2 : 256 ح1015 ; الاستبصار 1 : 260 ح933 ; السرائر 3 : 602 ; الوسائل 4 : 159 . أبواب المواقيت ب10 ح9 .
- (4) التهذيب 2 : 270 ح1077 ; الاستبصار 1 : 288 ح1054 ; الوسائل 4 : 288 . أبواب المواقيت ب62 ح3 .
(الصفحة 129)
المغرب والعشاء الآخرة ، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّيهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعد الفجر فليصلّ الصبح ثمّ المغرب ثمّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس» . وروى عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) مثله(1) .
وبعض تلك الروايات واردة في خصوص الحائض ، كرواية أبي الصباح الكناني عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر»(2) .
وكرواية عبدالله بن سنان «عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر والعصر ، وإن طهرت من آخر الليل فلتصل المغرب والعشاء»(3) .
ورواية داود الزجاجي عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : «إذا كانت المرأة حائضاً فطهرت قبل غروب الشمس صلّت الظهر والعصر ، وإن طهرت من آخر الليل صلّت المغرب والعشاء الآخرة»(4) .
ورواية عمر بن حنظلة عن الشيخ(عليه السلام) قال : «إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء ، وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر»(5) . فهذه ثمانية أخبار يستفاد منها الامتداد إلى طلوع الفجر ، ولأجل كثرتها لا مجال للخدشة فيها من حيث السند ، مضافاً إلى أنّ بعضها صحيح
- (1) الإستبصار 1 : 288 ح1053 ; التهذيب 2 : 270 ح1076 ، الوسائل 4 : 288 . أبواب المواقيت ب62 ح4 .
- (2) التهذيب 1 : 390 ح1203 ; الإستبصار1 : 143 ح489 ; الوسائل 2 : 363 . أبواب الحيض ب49 ح7 .
- (3) التهذيب 1 : 390 ح1204 ، الإستبصار 1 : 143 ح490 ; الوسائل 2 : 364 . أبواب الحيض ب49 ح10 .
- (4) التهذيب 1 : 390 ح1205 ; الاستبصار 1 : 143 ح491 ; الوسائل 2 : 364 . أبواب الحيض ب49 ح11 ; وفيه : «عن داود الدجاجي» بالدّال .
- (5) التهذيب 1 : 391 ح1206 ; الاستبصار 1 : 144 ح492 ; الوسائل 2 : 364 . أبواب الحيض ب49 ح12 .